العرب والعالم

استمرار البحث عن ناجين في المناطق المنكوبة وقفزة في أعداد الضحايا

08 فبراير 2023
الأمم المتحدة تدعو إلى "وضع السياسة جانباً" لتسهيل إيصال المساعدات لسوريا
08 فبراير 2023

عواصم "أ.ف.ب": يواصل عمال الإنقاذ البحث عن ناجين تحت الأنقاض رغم تضاؤل الأمل، بعد يومين من الزلزال المروع الذي ضرب تركيا وسوريا وتجاوز عدد ضحاياه 11700 قتيل.

وأوضح مسؤولون وأطباء أن 9057 شخصًا قضوا في تركيا و 2662 في سوريا. واصيب 50 ألف شخص بجروح في تركيا و5000 في سوريا.

وفي أجواء البرد القارس، يواصل عناصر الإغاثة سباقهم مع الزمن لمحاولة إنقاذ الناجين من الزلزال الذي بلغت قوته 7,8 درجات وضرب فجر الاثنين جنوب شرق تركيا وسوريا المجاورة وتلاه هزات ارتدادية.

ويؤدي سوء الأحوال الجوية إلى تعقيد عمليات الإنقاذ، فيما أن الساعات الـ72 الأولى "حاسمة" للعثور على ناجين، بحسب رئيس الهلال الأحمر التركي كرم كينيك.

في محافظة هاتاي التركية (جنوب) التي تضررت بشدة من الزلزال، تم إخراج أطفال وفتية من تحت أنقاض أحد المباني.

وقال احد عمال الانقاذ، ألبرين سيتينكايانوس، لوكالة فرانس برس "فجأة سمعنا أصوات وبفضل الحفارة ... تمكنا على الفور من سماع ثلاثة اشخاص في وقت واحد"، واضاف "نتوقع وجود المزيد ... إن فرص إخراج الناس أحياء من هنا عالية للغاية".

في هذه المحافظة، دُمرت مدينة انطاكية بالكامل وغرقت في سحابة كثيفة من الغبار بسبب الآليات العاملة في إزالة الأنقاض.

ويقول السكان "أنطاكية انتهت". وعلى مد النظر، مبان منهارة كليا أو جزئيا. وحتى تلك الصامدة تبدو متصدعة ولا يجرؤ أحد على البقاء فيها.

في غازي عنتاب القريبة جدا من مركز الزلزال، قالت سيدة من السكان إنها فقدت الأمل في العثور على خالتها العالقة تحت الأنقاض، على قيد الحياة. واضافت "فات الأوان. الآن نحن ننتظر موتانا".

"يموتون كل ثانية"

قضى أكثر من تسعة آلاف شخص في تركيا، بحسب رئيسها رجب طيب أردوغان الذي زار مدينة كهرمان مرعش، مركز أسوأ زلزال يضرب المنطقة منذ ذلك الذي حصل في 17 أغسطس 1999 وبلغت قوته 7,4 درجات وتسبب بمقتل 17 ألف شخص في تركيا بينهم ألف في اسطنبول.

ووقع آخر زلزال بلغت قوته 7,8 درجات على مقياس ريشتر في عام 1939 وتسبب بمقتل 33 ألف شخص في مقاطعة إرزينجان الشرقية.

في سوريا، تم حتى الآن انتشال 2662 جثة من تحت الانقاض، بحسب السلطات والخوذ البيضاء (متطوعو الدفاع المدني) في مناطق خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة.

من جهتها، قدرت منظمة الصحة العالمية أن يبلغ 23 مليونًا عدد المتضررين بالزلزال بينهم نحو خمسة ملايين من الأكثر ضعفًا".

أعلن المفوض الأوروبي يانيز ليناركيتش اليوم أن سوريا تقدّمت بطلب مساعدة من الاتحاد الأوروبي. وشجع دول الاتحاد الأوروبي على دعم هذا البلد المتضرر من العقوبات الدولية منذ بداية نزاع عام 2011 الذي أدى إلى تدمير بنيتها التحتية، خاصة في الشمال.

في المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق، ناشدت منظمة الخوذ البيضاء المجتمع الدولي ارسال مساعدات.

وقال متحدث إعلامي باسم المنظمة محمّد الشبلي لوكالة فرانس برس "هناك أناس يموتون كل ثانية تحت الأنقاض".

في حلب الخاضعة للسلطات الحكومية، تمكن جنود روس ليل الثلاثاء إلى الأربعاء من اخراج رجل كان عالقاً تحت الأنقاض، وفقاً لوزارة الدفاع الروسية. وأنقذ الجنود الروس الذين يشارك 300 منهم في عمليات الإنقاذ، 42 شخصا منذ وقوع الزلزال، بحسب الجيش الروسي.

بدأت المساعدات الدولية منذ الثلاثاء بالوصول إلى تركيا حيث تم اعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر في المحافظات العشر المتضررة من الزلزال.

وعرضت عشرات الدول مساعدتها على أنقرة، من بينها دول من الاتحاد الاوروبي والخليج والولايات المتحدة والصين وأوكرانيا التي أرسلت رغم الحرب، 87 عامل انقاذ.

وفي ختام اجتماعه الأسبوعي في الفاتيكان، قال البابا فرنسيس إنه صلى من أجل ضحايا "هذه الكارثة المدمرة" وحث "الجميع على إظهار التضامن مع هذه الأراضي التي شهد قسم منها بالفعل حرباً طويلة". في المناطق التي لم تصلها مساعدات، يشعر الناجون بالعزلة.

في جندريس، الخاضعة لفصائل المعارضة في سوريا، قال حسن، وهو أحد السكان الذي فضل عدم الكشف عن هويته، "حتى المباني التي لم تنهار تعرضت لأضرار بالغة".

واضاف "هناك ما بين 400 و500 شخص عالقون تحت كل مبنى منهار، بينما يحاول 10 أشخاص فقط إخراجهم. ولا توجد معدات".

ولم تصل أي مساعدة أو عمال إنقاذ الثلاثاء إلى مدينة كهرمان مرعش، المدمرة والمغطاة بالثلوج ويزيد عدد سكانها عن مليون نسمة.

وتساءل علي "مر يومان ولم نر أحدًا. تجمد الأطفال حتى الموت"، مؤكدا أنه ينتظر تعزيزات وما زال يأمل في رؤية شقيقه وابن أخيه العالقين تحت أنقاض المبنى الذي يقيمان فيه.

"وضع السياسة جانباً"

ودعت الأمم المتحدة اليوم إلى "وضع السياسة جانباً" وتسهيل إيصال المساعدات الى المناطق المنكوبة بفعل الزلزال في شمال غرب سوريا، وفق ما قال مسؤول أممي بارز في مقابلة مع وكالة فرانس برس.

وصرّح المنسق المقيم للأمم المتحدة في سوريا المصطفى بن المليح "ندائي هو.. ضعوا السياسة جانباً ودعونا نقوم بعملنا الإنساني"، مشدداً على أنه "لا يمكننا تحمل الانتظار والتفاوض. في الوقت الذي نتفاوض فيه، يكون قُضي الأمر".

وقال "نحتاج لإمكانية الوصول الكامل والى الدعم للوصول" الى شمال غرب سوريا، في إشارة الى مناطق تحت سيطرة فصائل معارضة في إدلب ومحيطها، تضررت بشدة جراء الزلزال الذي ضرب سوريا ومركزه تركيا المجاورة.

وتُنقل المساعدات الإنسانية المخصصة لشمال غرب سوريا عادة من تركيا عبر باب الهوى، نقطة العبور الوحيدة التي يضمنها قرار عن مجلس الأمن. لكن الطرق المؤدية الى المعبر تضررت جراء الزلزال، ما يؤثر مؤقتاً على قدرة الأمم المتحدة على استخدامه.

ولم يتم إرسال مساعدات من داخل سوريا منذ نحو ثلاثة أسابيع، وفق المسؤول الذي حذّر من أن مخزون الأمم المتحدة يكفي لإطعام مئة ألف شخص لمدة أسبوع واحد.

وتابع "بمجرّد نضوبها، نحتاج إلى تجديدها وهذا هو ندائي، ليس لدينا متسع من الوقت للتحدّث في السياسة أو التفاوض".

وقال "الدمار في حلب وحمص واللاذقية وفي مناطق أخرى وفي أرياف هذه المحافظات هائل، لكننا نعرف أيضاً أن الدمار في شمال غرب البلاد هائل أيضاً وعلينا الوصول إلى هناك من أجل تقييمه".

وشدد على "اننا نحتاج دعم الأطراف المعنية لتسهيل الوصول سواء الى شمال غرب سوريا أو الى بقية أنحاء البلاد لأنهم هناك يعانون أيضاً، مؤكداً أنه "لا يمكن تجاهل" احتياجاتهم.

من جهته، أقر الرئيس رجب طيب أردوغان اليوم بوجود "ثغرات" في الاستجابة للزلزال. وقال إردوغان الذي زار محافظة هاتاي الأكثر تضررا والواقعة على الحدود السورية "بالطبع هناك ثغرات، من المستحيل الاستعداد لكارثة كهذه".