No Image
الاقتصادية

ندوة عالمية ترسم توجهات التكنولوجيا المالية وتستعرض أهم المبادرات المحلية

08 فبراير 2023
08 فبراير 2023

  • العمري لـ"عمان": المركزي العماني منح موافقات مبدئية لمجموعة من تطبيقات التكنولوجيا المالية.. ونعمل حاليا على إتاحة خدمة الدفع بـ"الأبل باي"
  • العبري: مستقبل واعد للقطاع في سلطنة عمان في ظل الخطط الوطنية لتسريع التحول الرقمي ومبادرات تمكين الشركات الناشئة
  • ديب شانا: يمكن للجيل القادم من الـ"فنتك" أن يسرع تحقيق تكافؤ الفرص واستتباب الأمن العالمي أو إعادته مائة عام أخرى إلى الوراء
  • خوليو غوثمان: المفتاح لتوفير خدمات مالية ناجحة يتمثل في دراسة السوق من خلال تحليل البيانات والاحتياجات الفعلية للمجتمع

منذ بدأ تساؤل عالم الرياضيات الإنجليزي آلان تورنج في 1950 م حول ما إذا كان بإمكان الآلات أن تفكر وحتى يومنا هذا والذكاء الاصطناعي في تقدم متسارع لمحاكاة العقل البشري وتقديم أفضل خدمات ممكنة في جميع القطاعات، ومن أبرزها القطاع المالي والمصرفي، وهو ما ركزت عليه الندوة الدولية حول التكنولوجيا المالية في نسختها الأولى اليوم الأربعاء في فندق آفاني السيب، حيث أجمع الخبراء المشاركون على أن التكنولوجيا وتقنيات الذكاء الاصطناعي باتت ممكنة لأنواع جديدة من التعاقدات المالية الآمنة التي يمكن إبرامها عن بعد إضافة إلى خلق صكوك وعملات رقمية وشركات افتراضية متكاملة، وتحسين تجربة عملاء البنوك من خلال اختصار العمليات المصرفية لنقرة زر واحدة.

وعرّجت الندوة الدولية التي نظمتها جامعة السلطان قابوس بالتعاون مع البنك المركزي العماني، وجامعة إمبريال لندن تحت رعاية صاحبة السمو السيدة الدكتورة منى بنت فهد آل سعيد، مساعدة رئيس الجامعة للتعاون الدولي على أهم التجارب المحلية والعالمية والتحديات التي تواجه قطاع التكنولوجيا المالية وأهم التوجهات المستقبلية.

وقال سعادة طاهر بن سالم العمري الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني في كلمته الترحيبية خلال المؤتمر: إن ظهور التكنولوجيا المالية "الفنتك" أدى إلى تغيير الطريقة التي تقدم بها المؤسسات المالية والمصرفية منتجاتها وخدماتها للزبائن، وقد كان لهذه التغييرات تأثير إيجابي على القطاع، إلا أنها عملت على تعطيله في بعض الأحيان. وأضاف: إن مع التقدم التكنولوجي المستمر ارتفعت توقعات الزبائن وأصبحت هناك مطالبات بجودة خدمات عالية مقابل أوقات إنجاز أقصر مما رفع معدل المنافسة حول العالم. ويُتوقع أن تشهد صناعة التكنولوجيا المالية نموًا أكبر خلال السنوات، حيث تم تقدير حجم سوق التكنولوجيا المالية العالمية بحوالي 110 مليارات دولار أمريكي في عام 2020 ومن المتوقع أن ينمو بمعدل نمو سنوي مركب من 15 إلى 20 في المائة على مدى السنوات العشر القادمة.

وأشار إلى أنه يتم في الوقت الراهن العمل على استراتيجية للخدمات المصرفية المفتوحة، وإعداد إطار عمل خاص بها، بالإضافة تحديد المواصفات الأمنية والفنية الأنسب، وقال إن هذه المبادرة لديها القدرة على تمكين الابتكار وتحسين المنافسة في تطوير الخدمات المصرفية والمالية في الاقتصاد المحلي، وبالتالي المساهمة في تعزيز الشمول المالي، وتعزيز الكفاءة في الخدمات المالية المقدمة وتعزيز النمو الاقتصادي.

وعرج سعادته على دور البنك المركزي في تشجيع المؤسسات المالية المحلية على تبني أحدث التقنيات لتقديم خدماتهم، ومبادرات البنك في تطوير أنظمة داعمة وممكنة لخدمات التكنولوجيا المالية والمدفوعات مع ضمان بيئة مستقرة وآمنة للمستخدمين في سلطنة عمان. وقال: إن البنك المركزي العماني قام بتطوير بيئة تجريبية لتبني المنتجات والخدمات المالية المبتكرة في بيئة خاضعة للرقابة، وأوضح في تصريحات لـ"عمان" على هامش الندوة أن البنك قد منح بالفعل موافقات وتراخيص مبدئية لمجموعة من مشاريع وتطبيقات التكنولوجيا المالية التي يشرف عليها، كما أن هناك مشاريع ومبادرات قيد التجربة، وأن البنك يحاول العمل مع بعضها لتجاوز تحديات تتعلق بالبيئة الأساسية والتشريعات اللازمة لضمان فاعليتها.

وفيما يتعلق بإتاحة الدفع عن طريق نظام "الأبل باي" في سلطنة عمان. أجاب العمري: إتاحة خدمة الدفع بهذا النظام يعد مطلبًا مجتمعيًا، ونعمل حاليًا على إتاحته محليًا، حيث إننا مع احتضان أحدث التقنيات ولكن تم تأجيل فتح الباب للتقنيات العالمية لنشر وتمكين المبادرات الشبابية والمحلية أولا.

نمو متسارع

وأكد الدكتور المختار بن سيف العبري، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن التكنولوجيا المالية أحدثت ثورة من خلالِ تقديمِ خدماتٍ ماليةٍ مبتكرةٍ وفعّالة، يمكن الوصولُ إليها لشريحةٍ واسعةٍ من المستهلكين والشركات، حيث تستمرُّ صناعةُ التكنولوجيا الماليةِ بشكلٍ متسارعٍ في تقديم منتجاتٍ وخدماتٍ ماليةٍ جديدةٍ في مجالاتٍ عدة مثل: المدفوعاتِ الرقمية، وإدارةِ الثرواتِ، والتأمينِ والإقراض. وأصبحَ من الواضحِ أن التكنولوجيا الماليةَ تقوم بتحويلٍ سريعٍ للقطاعِ الماليِّ من حيثُ رفعِ الكفاءةِ وتقليلِ التكلفةِ وتحسينِ الأمانِ، والأهمُّ من ذلك زيادةُ الشمولِ الماليِّ من خلالِ تقديمِ الخدماتِ الماليةِ لملايين الأشخاصِ الذين لا يشتركون في النظام المصرفيِّ التقليدي. كما أنها تخلقُ فرصًا واعدةً لتنشيطِ قطاعاتٍ اقتصاديةٍ جديدة.

وقال إنه ومن اللافتِ أن استثمارَ التكنولوجيا المالية وتوظيفَها يتم بوتيرةٍ أسرعَ في الاقتصاداتِ الناشئة؛ حيثُ تظهرُ الإحصاءاتُ الدَّولية: الصين، والهند، وجنوبُ شرقِ آسيا هي أكبرُ الأسواقِ وأسرعُها نموًا؛ حيث إن الصينَ تستحوذُ على أكثرِ من نصفِ استثماراتِ التكنولوجيا الماليةِ العالمية، وتأتي الهندُ كثاني أكبرِ سوقٍ لاستثماراتِ التكنولوجيا المالية. وتُظهِرُ مجموعةٌ من دولِ جنوبِ شرقِ آسيا مثل: إندونيسيا وتايلاند نموًا كبيرًا في قطاعِ التكنولوجيا المالية، حيث يأتي هذا النموُّ في توظيفِ التكنولوجيا الماليةِ مدفوعًا بعواملَ مثل زيادةِ انتشارِ الهواتفِ الذكية، ووجودِ طبقةٍ متوسطةٍ عريضة. كما أثبتت تجربةُ جائحة كورونا أن الدولَ التي تبنت التكنولوجيا الماليةَ أكثرَ صمودًا في تقليلِ تداعياتِ الجائحةِ الاقتصاديةِ والاجتماعية.

وتوقع العبري مستقبلا واعدًا للتكنولوجيا المالية في منطقة الخليج العربي وسلطنة عمان بوجه الخصوص، خاصةً معَ الاستخدامِ الواسعِ للإنترنت، ووجودِ الفئةِ العمريةِ الشابة، والخططِ الوطنيةِ لتسريعِ التحولِ الرقمي، ودعمِ الابتكار، حيث سارعت الجهاتُ التنظيميةُ في السلطنةِ إلى تطويرِ عددٍ من المبادراتِ لتعزيزِ التكنولوجيا المالية، كذلك قدم البنكُ المركزيُّ العماني مبادرةً لمساعدةِ الشركاتِ الناشئةِ في مجالِ التكنولوجيا المالية، وتتخذُ العديدُ من المؤسساتِ الخاصةِ إجراءاتٍ لتبني حلول التكنولوجيا المالية والترويجِ لها.

وقال عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية: إن هذه الندوة تأتي لتبادلِ وجهاتِ النظرِ والرؤى لاستكشافِ إمكاناتِ تبني التكنولوجيا الماليةِ محليًا، ومناقشةِ التحدياتِ التي يجبُ التغلب عليها، ونوعِ الاستثماراتِ المطلوبةِ من أجلِ أن تحققَ السلطنةُ فوائدَ التكنولوجيا المالية. وأضاف: كما نسعى من خلالِ هذا الملتقى إلى الاستفادةِ من رؤى صانعي السياساتِ والتنفيذيين لتحديثِ البرامجِ والمقرراتِ الدراسية بما يتلاءَمُ معَ الاتجاهاتِ المستقبلية، وتحديدِ مجالاتِ البحثِ ذاتِ الأولوية.

مستقبل الصناعة

وناقشت أوراق العمل الأخرى في الندوة تطور مفهوم التكنولوجيا المالية "الفنتك"، وأهم التحديات العالمية التي تواجهها. وحول ذلك، قال البروفيسور ديب شانا من جامعة إمبريال لندن البريطانية: مكنتنا التكنولوجيا من تخليص معاملاتنا المالية عن بعد، وإيجاد صكوك وعملات رقمية بل وبناء مساحة رقمية قابلة لتطوير أنشطة اقتصادية مختلفة وإقامة شركات افتراضية. وأضاف: يمكن للجيل القادم أن يسرع تحقيق تكافؤ الفرص في التكنولوجيا المالية واستتباب الأمن العالمي، أو إعادته مائة عام أخرى إلى الوراء، وعلينا أن نسعى أن نحقق التوجه الأول.

وللحديث حول التوجه المستقبلي للتكنولوجيا المالية ألتقت "عمان" خوليو غوثمان، باحث في جامعة إمبريال لندن الذي أكد على أهمية تطوير آليات جمع وتحليل البيانات لتقـصي الاهتمامات والتوجهات الحقيقية للمجتمعات وتوفير تقنيات وتطبيقات مالية أكثر ملائمة لهم. وقال: المفتاح الحقيقي لتوفير أنظمة "فنتك" ناجحة هو الدراسة الفعلية للسوق من خلال البيانات، وفي المستقبل أتوقع أن يتولى الذكاء الاصطناعي مهمة جمع المعلومات من مختلف التقارير والتعاملات البنكية للزبائن وتحليلها لفهم توجهاتهم واحتياجاتهم الفعلية، وهذا أمر مهم لرواد الأعمال والشركات الناجحة لبناء تطبيقات الدفع وغيرها.