No Image
الاقتصادية

كيف غيرت موجات الحرارة شبكة الغذاء في المحيطات ؟

10 أبريل 2024
10 أبريل 2024

سياتل «د.ب.ا»: أسفرت موجات الحرارة البحرية مؤخرا، عن جرف المياه لملايين من الكائنات الجيلاتينية التي تتغذى بالترشيح، إلى شواطئ الساحل الغربي للولايات المتحدة. وتعد الكائنات التي تتغذى بالترشيح، مجموعة فرعية من الحيوانات المتوقفة عن الطعام (حيث إنها لا تتغذى عن طريق الأكل)، إنما تتغذى عن طريق تصفية المحتويات العالقة في المياه بطرق مختلفة.

وبحسب ما ورد في تقرير لصحيفة «ذا سياتل تايمز» الأمريكية، لم يُفهم سوى القليل بشأن كيفية تأثير التكاثر الضخم لأعداد المخلوقات التي تبدو غريبة، والتي تسمى «البيروسومات»، على حياتها في المحيط الهادي.

إلا أن هناك دراسة جديدة أظهرت أنه من الممكن أن يكون تكاثر الحيوانات قد امتص طاقة ثمينة من شبكة الغذاء، مما يؤثر على الأرجح على الأسماك والحيوانات الأعلى في السلسلة الغذائية.

وحللت الدراسة، التي أجراها باحثون من جامعة ولاية أوريجون يعملون مع الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، كيف تغير نموذج لشبكة الغذاء في المحيطات، قبل وبعد تعرضها لموجات الحرارة البحرية الأخيرة.

وتوصلت الدراسة إلى أن موجة الحرارة كانت لها تأثيرات واسعة النطاق على حركة الكائنات التي تتغذى بالترشيح والطاقة في المحيط الهادي، حيث تمتص البيروسومات الكثير من الطاقة. وتعتبر النتائج مهمة، حيث تشير النماذج إلى أن معظم الطاقة المعاد توجيهها إلى البيروسومات، لم تذهب لتغذية أنواع أخرى من المخلوقات.

وكان النظام البيئي البحري لتيار شمال كاليفورنيا -الذي يمتد من جزيرة فانكوفر في كندا إلى كيب ميندوسينو في كاليفورنيا- شهد في العقد الماضي فترة من درجات الحرارة الدافئة بقدر غير طبيعي.

وفي عام 2014، أدت موجة حرارة بحرية شديدة بشكل خاص، إلى ارتفاع درجات الحرارة بواقع نحو 5 درجات فهرنهايت فوق المعدل الطبيعي، وتم إطلاق اسم «ذا بلوب» عليها لظهورها على خرائط درجات الحرارة عبر الأقمار الصناعية. ووفقا لـ«الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي»، فقد استمرت موجة الحر هذه حتى منتصف عام 2016، ما أدرى إلى حدوث درجات حرارة دافئة بصورة غير طبيعية في شمال المحيط الهادي، كل عام تقريبا منذ عام 2019.

ومنذ ذلك الحين، وثّقت الأبحاث والدراسات الإقليمية وجود انخفاض في موجات هجرة أسماك السلمون، وحالات نفوق للطيور البحرية، وتكاثر كبير للطحالب الضارة التي أدت إلى إغلاق مصايد سرطان البحر، وهي كلها أمور مرتبطة بموجة الحرارة البحرية.

ومن جانبه يقول ديلان جوميز، الذي شارك في إعداد الدراسة التي أجرتها جامعة ولاية أوريجون: إن الدراسة تعد واحدة من أولى الدراسات التي قدمت تحليلا شاملا لتأثيرات موجة الحرارة عبر شبكة الغذاء بأكملها، بداية من أصغر العوالق النباتية والفُتات في قاع البحر، وصولا إلى الحيتان والأسماك والطيور البحرية.

وأوضح جوميز أن «ما أظهره لنا هذا هو أن موجات الحرارة هذه تؤثر على كل مفترِس وفريسة في النظام البيئي، من خلال مسارات مباشرة وغير مباشرة».

وقارن الباحثون نموذجين للنظام البيئي «من البداية إلى النهاية»، أحدهما مليء بالبيانات منذ عام 1999 وحتى عام 2012، والآخر بعد بداية موجة الحرارة البحرية في عام 2014 وحتى عام2022، وأعطى الباحثون تقديرا للكتلة الحيوية لـ86 مجموعة مختلفة من الكائنات، باستخدام بيانات من عينات «الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي» ومصايد الأسماك التجارية والترفيهية، والمعلومات الواردة عبر الأقمار الصناعية بشأن العوالق النباتية، وغيرها من الدراسات.

وأظهرت المقارنة بين النموذجين الكائنات الحية التي تلقت قدرا أكبر أو أقل من الطاقة، ووجدت أن البيروسومات كانت -إلى حد كبير- الداعم الأكبر، بينما خسرت الأنواع الأخرى، مثل قنديل البحر والسردين وسمك القد، بالإضافة إلى أنواع معينة من القواقع البحرية والرخويات.

وقال جوميز: إنه حتى بداية موجة الحرارة في عام 2014، لم يكن قد تم اكتشاف البيروسومات مطلقا خلال 25 عاما من الدراسات التي أجرتها الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي. وأوضح أن كل بيروسوم أسطواني، والذي وُجد أن طوله يصل إلى 3 أقدام، هو مستعمرة من الغلالات (وهي حيوانات بحرية تقضي حياتها ملتصقة بجسم ثابت في قاع المحيط) التي يبلغ طولها بضعة ملليمترات. وعادة ما يتم العثور على البيروسومات في أقصى الجنوب، وهي عبارة عن كائنات عائمة تتغذى على العوالق النباتية.

وقال جوميز: «لقد تحولت من كونها صفرا -حيث كانت غير موجودة على الإطلاق بحسب ما يعلمه الجميع- إلى كونها واحدة من أكثر الأشياء وفرة في النظام البيئي بأكمله».

وبحسب الدراسة، فقد تم اعتبار البيروسومات «غذاء مسدود الطريق»، وذلك بسبب احتوائها على محتوى منخفض من الطاقة، كما ينتهي الأمر بمعظمها على صورة مخلفات. وأوضح جوميز أنه ليس من الواضح مدى قيمتها الغذائية بالنسبة للأنواع التي استهلكتها خلال الأعوام الأخيرة، مما يعني أنه من المحتمل أن الأنواع التي تقع في أعلى السلسلة الغذائية، قد تأثرت بالمقارنة مع الأسماك التي يتم صيدها تجاريا ووصلت إلى الثدييات البحرية.