No Image
الاقتصادية

قطاعات التنويع تقود النمو .. ونتائج إيجابية لسياسات وبرامج التحفيز

23 مارس 2023
ارتفاع القيمة المضافة للأنشطة النفطية وغير النفطية بما يزيد عن 10 مليارات خلال العام الماضي .. وإجمالي الناتج يتخطى 44 مليار ريال
23 مارس 2023

تظهر بيانات نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022 التي أعلنتها سلطنة عمان خلال الأيام القليلة الماضية العديد من النتائج الإيجابية لسياسات وبرامج التحفيز الاقتصادي الموجهة نحو تحقيق المستهدفات المحددة في الخطة الخمسية العاشرة وكذلك البرامج الوطنية المسرعة لتحقيق أهداف التنمية في ظل الخطة الخمسية العاشرة والرؤية المستقبلية عمان 2040، مع سعي جاد نحو التغلب على عدد من التحديات التي ما زالت تواجه آفاق النمو المستدام وبشكل خاص الحفاظ على زيادة مستمرة لمعدلات النمو الحقيقي للاقتصاد عبر مزيد من تعزيز القيمة المضافة للأنشطة غير النفطية.

وحتى الآن أسفرت جملة السياسات والبرامج الاقتصادية للخطة الخمسية العاشرة عن العديد من المؤشرات العامة الإيجابية على صعيد تعافي الاقتصاد ووضعه على طريق النمو رغم التحديات المحلية والعالمية، مع تحقيق صعود في حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وتسجيل قفزة كبيرة في حجم الصادرات غير النفطية ونجاح ملموس في تقليص تبعات التحديات المتصاعدة في بيئة الاقتصاد العالمي والسيطرة على معدلات التضخم وإبقائها عند مستويات منخفضة مع اتجاه التضخم المحلي للتراجع بحلول نهاية العام الماضي في وقت ما زالت غالبية دول العالم تخوض معركة صعبة للسيطرة على التضخم دون نتائج ملموسة حتى الآن.

وحسب بيانات الناتج المحلي الإجمالي، حققت القطاعات غير النفطية نموا بنسبة 16.9 بالمائة بالأسعار الجارية خلال العام الماضي مع معدل نمو حقيقي بالأسعار الثابتة للقطاعات غير النفطية بنحو 1.6 بالمائة، وأشارت البيانات إلى ارتفاع القيمة المضافة للاقتصاد غير النفطي إلى ما يقرب من 29 مليار ريال عماني بنهاية العام الماضي مقارنة مع 24.7 مليار ريال عماني بنهاية العام الأسبق وقد تخطى حجم الناتج المحلي الإجمالي 44 مليار ريال عماني، ويشمل القطاعات النفطية وغير النفطية، وهو مستوى غير مسبوق يتم تسجيله للمرة الأولى وكان حجم الناتج المحلي الإجمالي قد سجل نحو 34 مليار ريال عماني في نهاية عام 2021، كما سجل إجمالي النمو للقطاعات النفطية وغير النفطية مقوما بالأسعار الثابتة 4.3 بالمائة بحلول نهاية 2022 وهو ما يعني ارتفاع القيمة المضافة لمختلف الأنشطة الاقتصادية النفطية وغير النفطية بما يزيد عن 10 مليارات ريال عماني خلال العام الماضي.

وعلى مستوى الأداء القطاعي للاقتصاد في سلطنة عمان، ترصد البيانات استمرار النمو بمعدل جيد للغاية في قطاعات التنويع الاقتصادي خاصة الصناعة والزراعة والثروة السمكية والتعدين والنقل والتخزين، كما حقق قطاع الخدمات نموا بدعم من أنشطة المال والإقامة واللوجستيات فضلا عن تجارة الجملة والتجزئة وغير ذلك من الخدمات، وانضمت صناعة الإنشاءات خلال العام الماضي للقطاعات ذات الأداء الإيجابي بعد أن ساد التراجع في هذا القطاع لسنوات طويلة تأثرا بالانخفاض الحاد في أسعار النفط منذ عام 2014, وعلى الرغم من نسبة النمو الطفيف للقطاع بنحو 0.2 بالمائة خلال عام 2022 إلا أن مجرد الانتقال من التراجع إلى النمو يعد متغيرا مهما نظرا للمساهمة الملموسة لقطاع الإنشاءات في رفد عدد من الصناعات والأنشطة وكذلك تشابكه مع قطاعات مهمة مثل السياحة وكونه يعد من أهم القطاعات المولدة لفرص العمل.

وكان من أهم الملامح التي اتسم بها النمو خلال العام الماضي الارتفاع الكبير في مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي في استمرار لزخم النمو للقطاع على مدار عامين، حيث سجل القطاع نموا بنسبة 23.5 بالمائة وزادت مساهمته في الناتج المحلي إلى 8.5 مليار ريال عماني بنهاية 2022 مقارنة مع 6.8 مليار ريال عماني بنهاية عام 2021، وجاء زخم النمو في قطاع الصناعة من زيادة ملموسة للقيمة المضافة للصناعات التحويلية التقليدية التي حققت نموا بنسبة تتخطى 49 بالمائة كما انعكست قوة أداء صناعات تكرير النفط إيجابا على مسار النمو الاقتصادي خلال العام الماضي، وسجلت هذه الصناعات نسبة النمو الأعلى بين كافة أنشطة وقطاعات الاقتصاد عند 157 بالمائة وقفزت مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي من 195 مليون ريال عماني إلى 504 ملايين ريال عماني بنهاية العام الماضي، ومن ضمن أنشطة الصناعة يواصل قطاع التعدين والمحاجر تحقيق معدل جيد للنمو بنسبة تتخطى 19 بالمائة مع زيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 261 مليون ريال عماني بنهاية 2022 مقارنة مع 218 مليون ريال بنهاية 2021، كما سجل قطاع النقل والتخزين قفزة في النمو أدت إلى مضاعفة القيمة المضافة للقطاع بنسبة 83 بالمائة لترتفع مساهمته من 1.2 مليار ريال عماني بنهاية 2021 إلى 2.3 مليار ريال عماني بنهاية 2022.

وبينما تواصل القطاعات النفطية تسجيل نمو كبير بدعم من الارتفاع الحالي في الإنتاج وأسعار الطاقة العالمية، مما يعزز أداء قطاعات التنويع التوسع المنهجي في مختلف القطاعات واستهداف التكامل فيما بينها مع تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد، وتجد أنشطة القطاع الخاص وريادة الأعمال دعما إضافيا بعد التوجيهات السامية بتعزيز المحتوى المحلي في مختلف القطاعات، وإطلاق جهاز الاستثمار العُماني 4 برامج لتعزيز القيمة المحلية المضافة والمحتوى المحلي ضمن مشروع "قمم"، تمثلت في برنامج القائمة الإلزامية وبرنامج تطوير الموردين وبرنامج تخصيص المنتجات والخدمات للسوق المحلي وبرنامج المبادئ التوجيهية للبحث والتطوير والابتكار، وتستهدف البرامج الأربعة دعم السوق المحلي من مقدمي المنتجات والخدمات وإعطاء الأولوية للمنتجات المحلية والتشجيع على تصنيع المنتجات بدلا من استيرادها وتحفيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على الدخول في المنافسة وبناء قدرات الموردين المحليين وزرع ثقافة البحث والتطوير والابتكار لدى الشركات التابعة للجهاز.

وتشير تقديرات وزارة الاقتصاد والمؤسسات الدولية إلى استمرار نمو اقتصاد سلطنة عمان على المدى المتوسط، فيما تعمل الخطة الخمسية على مواجهة تحديات مهمة لتعزيز آفاق النمو خلال الخطة العاشرة وما يليها من خطط تنموية أهمها ما يعكسه نمو الاقتصاد من تأثيرات على توفير فرص العمل ومعدلات توظيف المواطنين، وحجم الاستثمار المحلي ومساهمة القطاع الخاص في النمو، وتحقيق زيادة مطردة في نمو القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي، وساهمت بنحو 62 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022، وتسعى سلطنة عمان لرفع مساهمتها إلى ما يتراوح بين 85 بالمائة و90 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الخطط الخمسية المصاحبة لتنفيذ الرؤية المستقبلية.

ومن المؤمل أن تشهد حلحلة هذه التحديات نقلة كبيرة في ظل الوتيرة المتسارعة لجهود تحفيز مختلف القطاعات الاقتصادية وتشجيع الاستثمارات والتحسن المتواصل في بيئة الأعمال وتطوير التشريعات واللوائح التنفيذية ذات الصلة بالشأن الاقتصادي، مع التوجه المتزايد والجدي نحو إفساح الطريق لمزيد من فرص الشراكة والأعمال للقطاع الخاص. والمضي قدما في خطة التخارج التي ينفذها جهاز الاستثمار العماني وتتضمن تخارجا من عشرات الحصص والشركات الحكومية على مدار عدة سنوات، وذلك بهدف رفد المالية العامة وتمكين القطاع الخاص، كما يظل من أهم التطورات الأخيرة لجهود تشجيع الاستثمار وتحسين بيئة الأعمال افتتاح صالة "استثمر في عمان" كنافذة تسهل وتشجع الاستثمار وتعرض أهم الفرص المتاحة في سلطنة عمان والأهم أنها تزيد بشكل كبير من شفافية بيئة الأعمال عبر تعزيز التحول الإلكتروني لخدمات المستثمرين بما يواكب التوجه الحكومي نحو التحول الرقمي لكافة الخدمات المقدمة للمستفيدين والمستثمرين.