2045088_201
2045088_201
الاقتصادية

التخطيط المالي السليم .. خطوة مهمة لتجاوز تقلبات الأسعار

03 يوليو 2022
دعوات لضبط القرارات المالية وفق أهداف تقلل من الحاجة للاقتراض
03 يوليو 2022

يتفق مواطنون وإداريون على أن مواجهة تقلبات الأسعار تبدأ بالتخطيط المالي السليم، وأن الوعي في تحديد أهدافه يبدأ من الفرد نفسه، وأن عملية الادخار تنقذ الفرد من الانزلاق خلف القروض والنكسات المالية، حيث يستطيع الفرد تحديد أهداف قصيرة المدى وأهداف بعيدة المدى لتحقيق احتياجاته، كما يستطيع بالتخطيط المالي ضبط الإنفاق والسيطرة على الالتزامات.

ودعا هؤلاء إلى ضبط القرارات المالية وفق أهداف محددة ومدروسة تقلل من فرص الاقتراض.

"عمان" التقت بمجموعة من المواطنين والإداريين حول آلية عمل التخطيط المالي، وتحديد الأهداف والعمل على انتهاج ثقافة الترشيد والادخار.

حيث قال محمد بن علي الشيزاوي: إن نجاح التخطيط المالي يتمثل من خلال تحديد أنواع الدخل وأنواع المصروفات وكمية الهدر المالي الذي ينفقه الفرد بدون وعي، فكلما حدد الفرد ذلك يستطيع أن يواكب تقلبات الأسعار.

وأوضح الشيزاوي أن تحديد المصاريف الأساسية كالإيجارات أو فواتير الكهرباء أو مستلزمات الحياة بشكل منتظم يكسب الفرد الحرية وعدم التشتت، كما أن تقنين المصاريف بأقل من مستوى الدخل قدر المستطاع يساعده على الحرية المالية، في حين يجب على الفرد أن يتقن آلية الادخار بشكل جدي بدون تساهل، وعلى الفرد أن يهيئ نفسه للادخار مهما بلغت المصاريف والظروف، وأن يعمل على جعل الادخار من أولويات مخططه المالي، وينصح الشيزاوي بتخصيص حساب خاص للادخار منفصلٍ عن حساب الدخل، ويتعامل بشكل مباشر عند استلام الدخل بنقل مبلغ الادخار إلى حساب آخر، وما تبقى من من مبالغ فهي لمصاريفه التي يحتاجها، وفكرة وضع مبلغ الادخار في حساب آخر يجبر الفرد على معايشة الوضع من خلال المبلغ المخصص للصرف.

الاقتراض هو الحل الأخير

كما أشار الشيزاوي إلى ضرورة تحديد أهداف قصيرة أو متوسطة أو بعيدة المدى، وعلى الفرد أن يبرمج احتياجاته من خلال تصنيف هذه الأهداف، موضحا بمثال عن هدف قصير المدى مثل السفر نهاية العام، حيث يستطيع الفرد أن يدخر مبلغا معيّنا حتى يصل نهاية السنة وقد اكتمل مبلغ حاجته للسفر، وأوضح بمثال آخر عن هدف بعيد المدى كشراء سيارة أو بناء منزل، بإمكان الفرد أن يحدد مبلغا من مستوى دخله لادخاره وحفظه في حساب خاص بعيد عن حسابه المعتاد حتى فترة اكتمال المبلغ، ومن خلال ذلك سينجح الفرد في تخطيط ميزانية مصروفاته ودخله وقضاء احتياجاته. وذكر الشيزاوي أن الحل الأساسي للتعود على الادخار هو تحويل مبلغ الادخار إلى حساب آخر من أجل تكييف النفس وتأقلمها على وضع المبلغ المتبقي للصرف.

ويرى الشيزاوي أن الاقتراض هو الحل الأخير، وإن حدث يجب أن يكون على فترات قصيرة حتى لا تتراكم الفوائد بشكل كبير على الفرد، والتركيز على قراءة العقد قبل الاقتراض بشكل مفصل ودقيق، مشيراً إلى أن أغلب الأخطاء التي تحدث مع البعض ترجع لكونهم يعدّون القرض هو الحل الأول، ثم يعملون على تسديده لفترات طويلة المدى بدون العلم أن الفترات الطويلة تؤدي إلى تراكم الفوائد، إذ يسدد في السنوات الأولى نسبة الفوائد فقط، لذلك ينصح الشيزاوي على من يرى القرض ضرورة لا بد منها؛ أن يجعل فترة السداد لسنوات قليلة ويسعى جاهدا وبشدة على الادخار وعدم التقليد والمباهاة مقارنة بالآخرين.

قيمة مالية

ومن جانبه قال الدكتور راشد بن سعيد العلوي، مدرب إداري: إن الخطة المالية يجب على أي شخص الالتفات لها وفي سن مبكرة، وذلك بإعداد خطة مالية طويلة المدى وتكون مجزأة تتواءم مع ما يريد تحقيقه وإنجازه في حياته؛ وتحديد الأهداف المرجوة بمدة زمنية محددة ومتابعة تحقيقها حتى يعي بنجاح الخطة المتبعة وأنه على الطريق الصحيح.

وأضاف العلوي: أن العمل في الخطة المالية المتبعة يتم وفق أهداف طويلة المدة وقصيرة المدى، حيث إن الأهداف بعيدة المدى تُستمد من الأهداف قريبة المدى، موضحا أن التخطيط للادخار أو دخول جمعية لفترة قصيرة المدى ولكن الغاية إنجاز هدف بعيد المدى، كشراء منزل أو سيارة أو عقار أو تجارة، كما ينصح العلوي على الادخار الطارئ ولو بالشيء البسيط حتى يكون داعما وقت الحاجة الطارئة، فهناك تحدث حالات طارئة غير محسوب لها ضمن المخطط المالي.

وينصح العلوي بعدم اللجوء إلى الاقتراض الاستهلاكي لتحقيق الرغبات عوضا عن تحقيق الحاجات، حيث إن المقترض يدخل في أعباء خارجة عن الحسبان، ويصبح القرض عائقا على الفرد وحياته وعائلته ويحرم نفسه على المدى البعيد من أبسط الاحتياجات.

كما ذكر الدكتور خلفان بن سالم البوسعيدي: أنه في ظل ارتفاع الأسعار لا بد من البحث عن بدائل أخرى للدخل حتى يكون عاملا ماليا مساعدا، فهناك الكثير من المشروعات يستطيع أي شخص الاشتغال بها عن طريق استخدام التقنية الإلكترونية، وذلك من أجل حماية الفرد نفسه وعائلته من الانزلاق خلف القروض والنكسات المالية.

خطة واضحة

وقالت سامية بنت سنان الجهوري، الرئيس التنفيذي لشركة المرزم للخدمات السياحية ومدرب معتمد: إن التخطيط المالي مهم جدا لضمان التوازن في الحياة، فالأموال لابد أن تعود وتتدفق داخليا مثلما يقوم الفرد بإنفاقها عندما تتدفق خارجيا حتى يستمر وضعه المالي مستقراً، وإن الوعي بالاستقرار المالي لابد أن يتبعه تخطيط مالي صحيح يقوم به الفرد بعد تقييم وضعه الحالي والمستقبلي ويشمل وضع خطة لإدارة نفقاته، وخطة للادخار، بالإضافة إلى خطة للاستثمار وخطة لما بعد التقاعد.

وأضافت الجهورية أن التخطيط في اتخاذ قرارات مالية صحيحة يساعد الفرد في التحكم بإدارته للمال وتقليل فرص الاقتراض أو اللجوء للآخرين، مبينة أن التخطيط عملية سهلة لا تحتاج إلى جهد ووقت كبير، ويستطيع الفرد فقط تحديد مصروفاته الشهرية والالتزامات الواجبة عليه مثل الفواتير والأقساط والديون ومستلزمات المنزل والعيش، بالإضافة إلى تحديد الدخل الشهري وأي مدخلات مالية أخرى، موضحة أن على الفرد أن يعرف كم المبالغ التي تدخل في حسابه وفي المقابل كم من المبالغ التي يصرفها على التزاماته، وذلك من أجل أن يكون واعيًا بالمبلغ المتبقي وكيفية استخدامه كيف ومتى.

وأشارت الجهورية إلى أن ارتفاع الأسعار التي يشهدها العالم في الوقت الحالي هي تحديات وقد تكون صعبة على الذين لا يستوعبون ضرورة خلق توازن صحي في مصدر دخلهم مقابل إنفاقهم، وقد يصل بهم الأمر إلى الاستقراض الذي لن ينتهي بمجرد سدادهم القرض، ولكن ستكون رغبة الحصول على الأموال بأي طريقة سريعة هي إدمان يستولي على تفكيرهم ويمارسونه بدون انتباه.

وبينت أن الطريق لتحقيق الأهداف المالية لابد أن تكون واضحة ويسيرة وفق خطة زمنية محددة، حيث إنها تتطلب خطة واضحة لإدارة الأموال كالديون والقروض والادخار والاستثمار والتزامات المعيشة، بالإضافة إلى الأقساط والفواتير وغيرها، وكل ذلك لابد أن يكون له خطة سواء قصيرة أو طويلة حسب إمكانيات الفرد.

موضحة أن الأهداف القصيرة هي تلك التي لا تزيد عن الأشهر ويمكن إدارتها من قبل الفرد بعد تحديدها، فمثلا سداد الفواتير وإدارة الالتزامات الشهرية، كذلك الرحلات العائلية وإكمال المؤهل الأكاديمي أو دراسة الأبناء وغيرها.

بينما الأهداف طويلة المدى وهي التخطيط لسداد قروض بمبالغ كبيرة مثل بناء المنزل، أو شراء سيارة أو أخذ قرض شخصي أو استثمار بعد التقاعد، حيث لابد للفرد أن يكون واعيا بقيمة القسط وما يترتب عليه وأن يضع خطة واضحة لسداده والتي قد تتطلب منه سنوات كثيرة بسبب قيمة القرض الكبيرة.

وتوصي الجهورية بأنه على الفرد أن يبحث عن طرق لزيادة دخله تساعده في خلق حلول جيدة لإدارة ماله بطريقة سليمة، كما أنه يستطيع الفرد كسب هواياته كمصدر دخل.

خطة السداد

وذكرت الجهورية أنها لا تنصح بالاقتراض إلا للضرورة القصوى، وفي حالة الاقتراض يجب أن يتم وضع خطة بمدة زمنية محددة لسداده مع تحديد إمكانية مصدر سداده، حيث لا يمكن أن يكون السعي لتغيير نمط الحياة بالضغط على القدرة المالية، ويراعي الفرد إمكانيات دخله حتى يستطيع التحكم فيه وإدارة مصاريفه ونفقاته. وتشير إلى أن القرض خيار مناسب عندما تكون الحاجة ملحة كامتلاك منزل أو تأسيس مشروع يكون له دخل آخر غير راتبه الشهري، كما أن القرض لابد أن يكون للاستثمار أو الإنتاج لزيادة الدخل.

وأشار عبدالله محمد علي البلوشي: أحرص دائما على التخطيط المالي، وأقوم بعمل جدول شهري لتدوين جميع مصاريفي كفواتير الكهرباء والماء، ومستلزمات المنزل وأمور الصيانة الدورية، بالإضافة إلى الترفيه، كذلك أحرص على الادخار عن طريق المشاركة في جمعيات أهلية سواء لفترات طويلة أو قصيرة المدى حتى تعود بالنفع لي وقت حاجتي.

وأضاف البلوشي: أتعامل مع الخطة المالية طويلة المدى بعمل روتين يتناسب مع أسلوب حياتي، الذي يتضمن متطلباتي اليومية والشهرية، بينما الخطة المالية قصيرة المدى تتغير نوعا ما بحكم تغير روتيني المعتاد، حيث أحرص بشدة على الادخار وعدم التبذير واتباع أسلوب الحكمة في الصرف.

وأوضح البلوشي أن الاقتراض أمر مستبعد من خططه المالية، حيث إنه دائما ما يتبع نظام الادخار، ويعي الظروف الطارئة التي تصيب الفرد أحيانا، إلا أنه ينصح بالاقتراض من الأفراد المقربون وعدم اللجوء إلى البنوك أو شركات التمويل بسبب تفاقم الفوائد المركبة، ويؤيد نظام الجمعيات الأهلية طويلة المدى وقصيرة المدى.