عُمان والهند تفتحان آفاقا جديدة للتبادل التجاري عبر اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة
العُمانية: وضحت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (سيبا) بين سلطنة عُمان وجمهورية الهند تجسد متانة العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين الصديقين، وترسخ الشراكة التاريخية الممتدة بينهما، مؤكدة أن الاتفاقية تمثل محطة جديدة في مسار تعزيز التبادل التجاري، وتسهيل نفاذ السلع والخدمات، وجذب الاستثمارات النوعية، إلى جانب توسيع آفاق التعاون في القطاعات ذات الأولوية لدى الجانبين.
وأشارت الوزارة إلى أن التوقيع على الاتفاقية يأتي في إطار التقدم المستمر الذي تشهده العلاقات الثنائية، والمتابعة المباشرة لتنفيذ مخرجات الزيارة السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - إلى جمهورية الهند، والتي أسهمت في إرساء أسس راسخة لتوسيع التعاون الاقتصادي وفتح آفاق جديدة للشراكات التجارية والاستثمارية.
وبيّنت أن سلطنة عُمان باشرت، عقب الزيارة، بإعادة تفعيل مسار التفاوض وفق منهجية تكاملية شاملة، تضمنت تقييمًا اقتصاديًا وقانونيًا وفنيًا متكاملًا لضمان تحقيق أعلى مستويات الاستفادة من الاتفاقية.
وأكدت الوزارة أن المفاوضات استندت إلى دراسات متخصصة، من بينها دراسة اقتصادية أعدتها شركة «ديلويت آند توش» بتكليف من الوزارة، تناولت الآثار المتوقعة لتحرير الرسوم الجمركية ونمو الصادرات وتوسع الاستثمارات، وأثبتت جدوى الاتفاقية وقدرتها على تعظيم القيمة المضافة داخل الاقتصاد الوطني وتعزيز تنافسية الصادرات العُمانية في الأسواق الخارجية.
وبيّنت الوزارة أن المفاوضات مرّت بخمس جولات رئيسة امتدت بين عامي 2023م و2025م، وشملت مناقشة الأطر العامة والفصول القانونية والتنظيمية، والمراجعات الفنية لقواعد المنشأ، والتدابير الصحية والفنية، وتيسير التجارة، والتجارة في السلع والخدمات، والمعالجات التجارية، إضافة إلى فصول التعاون والملكية الفكرية وتسوية المنازعات، وأسفرت عن التوصل إلى صيغة نهائية متوازنة تراعي مصالح الطرفين وتحافظ على الالتزامات الخليجية والدولية لسلطنة عُمان.
وذكرت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار أن حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان وجمهورية الهند بلغ نحو 7 مليارات دولار أمريكي في عام 2024م، ما يجعل الهند أحد أبرز الشركاء التجاريين لسلطنة عُمان، خصوصًا في مجال الصادرات غير النفطية، التي تشمل منتجات البولي إيثيلين، واليوريا، والجبس، والإيثيلين، وعددًا من المنتجات الصناعية المرتبطة بقطاعي البتروكيماويات والمعادن، ومن المتوقع أن تشهد توسعًا أكبر في ضوء ما وفرته الاتفاقية من نفاذ تفضيلي متقدم إلى السوق الهندي.
وأشارت الوزارة إلى أن سلطنة عُمان حصلت بموجب الاتفاقية على معدل متقدم من تحرير التجارة بلغ 97.4 بالمائة من إجمالي السلع العُمانية وفق حجم الصادرات القائمة، فيما بلغ إجمالي النفاذ إلى الأسواق الهندية نحو 77.8 بالمائة، مع تحرير خاص لعدد من السلع ذات الأهمية الاستراتيجية للصناعات الوطنية. وفي المقابل، منحت سلطنة عُمان الجانب الهندي تحريرًا جمركيًا تدريجيًا وفق جداول زمنية واضحة، وصولًا إلى مستوى 99.22 بالمائة، وبما يتسق مع الأهداف الاقتصادية الوطنية وسياسات حماية الصناعات المحلية.
وأفادت الوزارة بأن الاتفاقية تضم 16 فصلًا رئيسًا ومجموعة من الملاحق الفنية، شملت تنظيم التجارة في السلع، والمعاملة الوطنية، وإلغاء أو تخفيض الرسوم الجمركية، وإجراءات الاستيراد والتصدير، وقواعد المنشأ، والمعالجات التجارية، والتدابير الصحية والفنية، وتيسير التجارة، إضافة إلى فصول الملكية الفكرية، وحركة الأشخاص الطبيعيين، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والتعاون الاقتصادي والتقني، إلى جانب فصل خاص بالتجارة في الخدمات ينظم النفاذ إلى الأسواق والمعاملة التفضيلية ومتطلبات الشفافية.
وأكدت الوزارة أن الاتفاقية أولت اهتمامًا خاصًا بحماية الصناعات الوطنية، من خلال تضمين أحكام تتعلق بتدابير مكافحة الإغراق، والتدابير التعويضية، والتدابير الوقائية، وآليات حماية ميزان المدفوعات، فضلًا عن التأكيد على استمرار تطبيق الأنظمة الوطنية الخاصة بالتعمين، بما في ذلك القوائم السلبية والمهن المحصورة على العُمانيين.
وفيما يتعلق بالاستثمارات المتبادلة، وضحت الوزارة أن جمهورية الهند تعد من بين أكبر عشر دول مستثمرة في سلطنة عُمان، بإجمالي استثمارات أجنبية مباشرة بلغ نحو 286 مليون ريال عُماني في الربع الأول من عام 2025م، وتشمل مشروعات في قطاعات الحديد والصلب، والأسمدة، والطاقة النظيفة، والرعاية الصحية، والصناعات البتروكيماوية، بما يسهم في دعم سلاسل القيمة الصناعية وتعزيز الطاقة الإنتاجية وتوفير فرص عمل.
وأضافت الوزارة: إن الاتفاقية يتوقع أن تسهم في تعزيز الأمن الغذائي والدوائي، ودعم التعاون في مجالات الزراعة والصحة والتقنيات الحيوية، إلى جانب التجارة الرقمية، والخدمات اللوجستية، والصناعات التعدينية، والابتكار، والفضاء، والسياحة، بما ينسجم مع مستهدفات "رؤية عُمان 2040".
وأكدت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار أن الاتفاقية لا تتعارض مع الالتزامات الخليجية الموحدة، ولا تؤثر على انسيابية التجارة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، موضحة أن فصل المشتريات الحكومية جرى استثناؤه حفاظًا على السيادة التشريعية الوطنية، وأن المراجعات القانونية أكدت على توافق الاتفاقية مع النظام الأساسي للدولة والقوانين والاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
وتشير التقديرات الاقتصادية إلى أن تحرير الرسوم الجمركية بين الجانبين سيسهم في زيادة تنافسية السلع العُمانية في السوق الهندي، الذي يتميز بمتوسط رسوم جمركية يبلغ نحو 17 بالمائة قبل الاتفاقية، وهو ما كان يمثل عائقًا تجاريًا يحد من تدفق بعض المنتجات العُمانية. ومع دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، ستفتح أمام الشركات الوطنية سوقًا تتجاوز قيمته 17 تريليون دولار أمريكي، وطبقة استهلاكية ضخمة يزيد عددها على 400 مليون نسمة، بما يعزز فرص النمو الصناعي وزيادة الطاقة الإنتاجية.
