نتانياهو ينقلب على بايدن

20 يناير 2024
20 يناير 2024

ترجمة: أحمد شافعي -

يبدو أن الرئيس بايدن يخوض سباقين في عامه هذا: واحد في أمريكا ضد دونالد ترامب والثاني في إسرائيل ضد بنيامين نتانياهو. وقد يكون بوسع ترامب أن يعلن نتانياهو شريكا له في السباق، فندخر كثيرا من الوقت. إن دعم بايدن لإسرائيل يكلفه من قاعدته التقدمية، في حين أن نتانياهو ينقلب على بايدن بطرق قد تكسب ترامب دعما طازجا من اليهود الأمريكيين اليمينيين. وهكذا فإن لعبارة (ترامب-نتانياهو-2024) وقعا معينا، ناهيكم عن نصيبها من الحقيقة.

ما الذي يحملني على قول هذا؟ يحملني عليه أن نتانياهو أوضح في مؤتمر صحفي أذاعته شاشات التلفزيون على المستوى الوطني أمرا لم يكن يذكره في الأسابيع الأخيرة إلا تلميحا. فعلى الرغم من أن هجمات حماس «المأساوية» في السابع من أكتوبر قد جرت تحت سمعه وبصره، فإنه في طريقه إلى أن يضع حملة بقائه في السلطة داخل هذا الإطار الحجاجي: يريد الأمريكيون والعرب أن يفرضوا إقامة دولة فلسطينية رغم أنف إسرائيل، وأنا الزعيم الإسرائيلي الوحيد القوي بما يكفي لمقاومتهم. فصوِّتوا لي حتى لو أنني أخفقت في السابع من أكتوبر وحتى لو أن حرب غزة لا تجري على نحو رائع، فأنا الوحيد القادر على حمايتكم من خطط بايدن لجعل غزة جزءا من دولة فلسطينية بجانب الضفة الغربية الخاضعة لحكم السلطة الفلسطينية.

أعرف السؤال الذي يدور بخلدكم: أتعني أن نتانياهو سيخوض انتخابات جديدة حقا بطرحه نفسه ضد الرئيس الأمريكي الذي سافر إلى إسرائيل فور وقوع هجمات السابع من أكتوبر وأحاط نتانياهو بذراعه الحامية بل وأحاط بها كامل الجسد السياسي الإسرائيلي بما أعطى إسرائيل ضوءا أخضر لمحاولة تدمير حماس في غزة، حتى لو أفضى ذلك إلى قتل آلاف المدنيين الفلسطينيين؟ تقصد أن نتانياهو لكي ينجو بجلده سياسيا يمكن أن يترشح فعلا على أساس برنامج سياسي يضمن ألا يكون لإسرائيل شركاء أمريكيون أو فلسطينيون أو عرب أو أوروبيون يساعدون إسرائيل في حكم غزة أو الخروج منها أو استعادة رهائنها؟

نعم، هذا ما أراه وما أقوله. برغم أن إسرائيل في حرب مع حماس منذ أكثر من مائة يوم ولم يزل أمامها أن تستعيد أكثر من مائة رهينة. فتركيز نتانياهو الأول منصب على نتانياهو.

هو يبحث عن الرسالة السياسية الأشد عاطفية لإعطائه الأصوات الكافية من اليمين المتطرف بحيث يبقى رئيسا للوزراء وناجيا من السجن في حالة خسارته أيا من قضايا الفساد الثلاث المرفوعة عليه.

دعوني أصطحبكم إلى جملة من الأحداث التي وقعت هذا الأسبوع وأفضت بي إلى هذا الاستنتاج إذ كنت شاهدا قريبا على طرف منها.

في يوم الأربعاء أجريت حوارا مع وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن، فكان في البداية على انفراد كمرجع لهذا العمود، ثم كان علنيا أمام جمهور كبير في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي. وقد طلبت منه في الجلسة العلنية أن يشرح بإيجاز أمرا ناقشته معه على انفراد: لماذا يبدو وكأن إسرائيل تخسر على ثلاث جبهات أساسية؟ ولماذا يمكن أن تغير إسرائيل الأوضاع على هذه الجبهات إن توافر لها شريك فلسطيني شرعي وفعّال؟

الجبهات الثلاث التي تخسر إسرائيل فيها هي هذه:

أولا: برغم أن حماس هي التي بدأت هذه الحرب باغتيال مدنيين إسرائيليين واختطافهم، يبدو أن حماس تنتصر في حرب الرواية العالمية على مواقع التواصل الاجتماعي حول آلاف الضحايا المدنيين في غزة بسبب قصف إسرائيل لمقاتلي حماس الذين تعمدوا التسلل إلى أنفاق بجوار منازل المدنيين الفلسطينيين.

ثانيا: لم يحدد نتانياهو بعد نتيجة سياسية لغزة، أو خطة لحفظ السلام والإشراف على الحكم والأمن، أو شريكا فلسطينيا شرعيا لمساعدته على تحقيق هذا كله. وبغير ذلك، قد تبقى إسرائيل عالقة في غزة إلى الأبد.

وثالثا: إسرائيل تتعرض لهجوم بعيد من فاعلين موالين لإيران وغير ممثلين لدول، وهم على وجه التحديد الحوثيون في اليمن وحزب الله في لبنان. وسبيل إسرائيل الوحيد إلى ردع ومواجهة هذين التهديدين، وبخاصة وهي لم تزل ملتزمة بالقتال في غزة، هو مساعدة حلفاء عالميين وإقليميين.

حل هذه التحديات جميعا، حسبما قلت لبلينكن في الجلسة العامة، هو أن تجد إسرائيل من يعينها على إقامة شريك فلسطيني فعّال وشرعي وذي مصداقية، سواء أهو نسخة معدلة من السلطة الفلسطينية القائمة في رام الله ـ التي تبنت اتفاقية أوسلو للسلام مع إسرائيل وعملت مع قوات الأمن الإسرائيلية ـ أو مؤسسة جديدة تماما تعينها منظمة التحرير الفلسطينية لتكون الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.

لو أن منظمة التحرير الفلسطينية ـ بعون من الأمريكيين والأوروبيين والدول العربية الموالية لأمريكا وتشجيع من إسرائيل ـ قادرة على المساعدة في إقامة وإدامة سلطة حاكمة فلسطينية فعّالة تحظى بالشرعية في أعين الفلسطينيين، فقد يكون هذا حلا لمشكلات إسرائيل الثلاث. وستكون فيها مصادرة لرواية حماس وحزب الله وداعمتهما الإيرانية بإثبات أن إسرائيل لم تدخل غزة ثأرا أو غزوا وحسب. وسيوفر هذا لإسرائيل سلطة سياسية لحكم غزة على المدى البعيد يمكن أن تعمل معها إسرائيل على ضمان ألا تقوم حماس من هزيمتها.

ومن شأن شريك فلسطيني شرعي أن يوفر غطاء لتحالف إقليمي من الأمريكيين والناتو والدول العربية الموالية للغرب ويتسنى لهذا التحالف أن يردع حزب الله ويواجه الحوثيين. في الوقت الراهن، لم يبدِ إلا الأمريكيون والبريطانيون عزما على مقاومة الحوثيين الذين قطعوا مسارات الشحن العالمية وأطلقوا صواريخ على إسرائيل، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الآخرين قلقون من أن يظهروا بمظهر من يعمل بإملاءات إسرائيل فيما تقصف غزة. كان رأيي أن إسرائيل إذا كان لها شريك فلسطيني، لصارت إيران وما تحرك من «دُمى» إقليمية في موقف دفاعي.

ردا على هذا الرأي، قال بلينكن في نقاشنا العلني: «إن لديك الآن شيئا لم يكن لديك من قبل، وذلك الشيء هو بلاد عربية بل وبلاد إسلامية من خارج المنطقة مستعدة لأن تقيم علاقات مع إسرائيل تتضمن الدمج والتطبيع والأمن، وهذا ما لم تكن هذه البلاد مستعدة قط من قبل للقيام به أو لضمانه أو للالتزام به، وبهذا لا تندمج إسرائيل وحسب، بل تكون أيضا آمنة».

ولكن السبيل الوحيد لتحقيق هذا التحالف المنتظر، حسبما أضاف بلينكن، هو احترام «القناعة المطلقة لدى هذه البلاد ـ والتي نشاركهم إياها ـ بأن هذا يجب أن يتضمن مسارا إلى دولة فلسطينية، إذ ما من سبيل ـ في غياب ذلك ـ إلى الاندماج الحقيقي اللازم، والأمن الحقيقي اللازم. وبالطبع، وصولا إلى هذه النتيجة أيضا، لا بد أن تشترك في الأمر سلطة فلسطينية معدَّلة وقوية وقادرة أن تخدم شعبها بفعالية».

لو أن الولايات المتحدة وحلفاءها العرب سوف يتبنون هذا النهج الإقليمي، حسبما قال بلينكن «فعلى حين غرة، سنجد لدينا منطقة اجتمعت على نحو يحل أعمق المشكلات التي حاولت إسرائيل أن تحلها منذ سنين، وإذا بإيران -وهي أكبر تخوف أمني لإسرائيل حتى الآن- وقد باتت معزولة هي ووكلاؤها ويتعين عليها أن تتخذ قرارات حيال طبيعة المستقبل الذي تريده».

تحقيقا لهذه الغاية، تعمل الولايات المتحدة على عملية من مرحلتين لتوفير هذه الفرصة لإسرائيل حسبما أوضح لي العديد من المسؤولين.

ستكون المرحلة الأولى وقفا قصير المدى لإطلاق النار في غزة يحقق عودة جميع الرهائن الإسرائيليين الذين يتجاوز عددهم المائة لدى حماس في مقابل ضمان حماس سجناء فلسطينيين في إسرائيل مع السماح بظهور فلسطينيين محليين لتولي وظائف الحكم الإداري هناك. يقول مسؤولون أمريكيون إن الأمل هو أنه مع خروج القوات الإسرائيلية ـ مع الوعد بسيطرة فلسطينية في نهاية المطاف ـ ستكون قوة ما عربية متعددة الجنسيات مستعدة للدخول. غير أن أمورا كثيرة تعتمد على حالة قوات حماس العسكرية وما لو أنه سوف يسمح للباقين من قادة حماس وربما بعض كبار المقاتلين بالذهاب إلى بلد ثالث حسبما قال لي مسؤول أمريكي رفيع.

في المرحلة الثانية، سوف يخوض فلسطينيون ـ من خلال منظمة التحرير الفلسطينية ـ عملية تعيين سلطة حكم انتقالية، قبل إجراء الانتخابات لتكوين سلطة دائمة، وتساعد دول غربية وعربية هذه السلطة على تأسيس مؤسسات لائقة، منها قوة أمن لغزة والضفة الغربية. في الوقت نفسه، تبدأ المملكة العربية السعودية عملية تطبيع العلاقات مع إسرائيل فتصل إلى الذروة عند تحقيق حل الدولتين. ولو أن ذلك كله يبدو سائلا بعض الشيء، فالسبب هو أن الكثير يعتمد على توازن القوى لحظة بداية أي وقف لإطلاق النار.

ولضمان أن الإسرائيليين يفهمون مدى جدية هذه الفكرة، أعلن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في دافوس يوم الثلاثاء أن المملكة العربية السعودية ستكون «يقينا» مستعدة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل في حال توصل إسرائيل والفلسطينيين إلى تسوية تنتهي بـ«دولة فلسطينية».

كل هذه الدبلوماسية العلنية جزء من استراتيجية بايدن لعدم الإطاحة بنتانياهو بل لتوفير خيار له، وهو خيار يمكن أن يراه كل الشعب الإسرائيلي: بوسع نتانياهو أن يرفض أي تعاون مع الفلسطينيين لإنهاء صراع غزة وينتهي في التاريخ إلى أن يكون القائد الذي وقعت هجمات السابع من أكتوبر في عهده، أو أن يعمل مع الولايات المتحدة وأوروبا والمملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى ويكون القائد الإسرائيلي الذي قدم دولة فلسطينية قادرة على ضمان أمن إسرائيل وفتح الطريق للسلام مع السعوديين والعالم الإسلامي الأوسع.

وإذن فقد كان هذا هو السياق المهم لتصريحات نتانياهو في مؤتمر مساء الخميس الصحفي. لقد طرح نفسه بوصفه القائد الوحيد القادر على حماية إسرائيل من خطة الولايات المتحدة التي تنتهي بدولة فلسطينية، ولم يطرح استراتيجية بديلة للتعامل مع مشكلة الرواية الإسرائيلية، ومشكلة غزة في ما بعد الحرب، والمشكلة الإقليمية. فقد قال إن «كل من يتكلم عن اليوم التالي بعد نتانياهو هو جوهريا يتكلم عن إقامة دولة فلسطينية بالسلطة الفلسطينية» وهو بالنسبة له أمر مرفوض.

وردا على قول بلينكن إن إسرائيل لن تحظى بـ«أمن حقيقي» دونما مسار إلى دولة فلسطينية، قال نتانياهو: «في أي اتفاقية مستقبلية أو في غياب أي اتفاقية» لا بد أن تبقى إسرائيل «مسيطرة على الأمن» في جميع الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن، أي إسرائيل والضفة الغربية وغزة. «وهذا شرط حيوي». وقال إنه لو أن هذا يناقض فكرة السيادة للفلسطينيين «فماذا في أيديكم؟ إنني أقول هذه الحقيقة لأصدقائنا الأمريكيين».

أعلن نتانياهو أنه «سيكون من دواعي سروره أن يجد مواطنين من غزة» يتولون الشؤون المدنية الصحية والإدارية في غزة ويستعينون بدول عربية لإعادة تأهليها، ولكن ذلك غير محتمل الحدوث لأن حماس لم تنته، ولأن أي فلسطيني يعمل مع إسرائيل سوف يخشى «أن يتلقى رصاصة في رأسه».

إن رؤية الولايات المتحدة، والرؤية المتصاعدة في إسرائيل، هي أن إسرائيل بعيدة عن القضاء على حماس ولا يرجح أن تفعل ذلك عما قريب أو بثمن من مدنيي غزة يمكن أن يتسامح معه العالم أو واشنطن. ومن ثم فالمفتاح لأن لا تظل غزة تهديدا وعبئا دائمين لإسرائيل هو وجود هيكل فلسطيني حاكم بديل يحظى بالشرعية لكونه جزءا من حل الدولتين ويتسم بالفعالية لأنه يحظى بدول عربية تموله وتدعمه، وليس قتل كل مقاتل باق من حماس في غزة.

أما رؤية نتانياهو فهي هذه: «نحن نكافح من أجل تحقيق نصر شامل، وليس محض «ضربة لحماس» أو «إضرار بحماس» أو «جولة أخرى مع حماس»، وإنما تحقيق نصر كامل على حماس».

ولأكن واضحا: بعض الأمور حقيقي، حتى لو أن نتانياهو يصدقها.

حماس منظمة رهيبة تكرس نفسها لتدمير الدولة اليهودية. والسلطة الفلسطينية مؤسسة عاجزة منذ أمد بعيد (برغم أن نتانياهو بذل كل ما في وسعها لعرقلتها). وهي بحاجة إلى تنظيم أمورها، والإسرائيليون لديهم مبررات للتخوف من الثقة فيها لحكم غزة. ومن أسباب فقدان إسرائيل للرواية العالمية أن بلادا من قبيل جنوب إفريقيا مستعدة لاقتياد إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية في حين تتجاهل حقيقة أن فلاديمير بوتين يحاول محو أوكرانيا من الخريطة وأن إيران تقتل المعارضين كل يوم وتحتل بصفة غير مباشرة عواصم عربية هي بغداد وبيروت ودمشق وصنعاء.

حينما يرى الإسرائيليون بلدهم مستهدفا بهذه الطريقة، يتجاهل كثيرون جميع الثغرات في حجج «نتانياهو» ـ وما يعد به من احتلال أبدي لغزة ـ بل إنهم أثنوا عليه حينما قال يوم الخميس إن «على رئيس الوزراء أن يكون قادرا على قول لا، حتى لأفضل أصدقائنا».

لكنكم لستم بحاجة إلى أن تكونوا من علماء السياسة لتنفذوا إلى جوهر ما يفعله نتانياهو. إنه يشير إلى مستوطني الضفة الغربية اليمينيين في ائتلافه الحاكم قائلا: ابقوا معي، سأحرص ألا تكون للفلسطينيين دولة في غزة أو في الضفة الغربية أبدا». وهو يشير إلى الشعب الإسرائيلي الأعم قائلا: لقد كنت أسعى إلى نصر كامل في غزة، فإن لم يتحقق، فذلك لأن بايدن والسياسيين الإسرائيليين أوقفوني قبل أن يتسنى لي إكمال المهمة.

وهذه سياسات مقيتة تماما من زعيم يعرف أنه بدأ حربا بلا نهاية ولا يعرف كيف يخرج منها بسلام دائم يضمن الرهائن الإسرائيليين ولا يقوم على احتلال إسرائيلي دائم لغزة وضار معنويا بإسرائيل.

ولا تخفى دلالة أن نتانياهو قد تنبه أمس علنيا إذ قال عضو أساسي في ائتلافه الحربي الحاكم، هو رئيس أركانه السابق جادي أيزنكوت، إن إسرائيل الآن بحاجة إلى انتخابات وحكومة إسرائيلية يمكن الوثوق فيها بدرجة أكبر. لقد قال أيزنكوت ـ الذي لقي ابنه مصرعه في قتال غزة ـ إن كل من يتكلم عن «هزيمة مطلقة» لحماس «لا يقول الحق... ولا يجب أن نحكي حكايات».

لكل هذه الأسباب، سرني أن رأيت إدارة بايدن ترد على الفور بأنه لكي تكون لأي رئيس للولايات المتحدة مصداقية ولكي يتوافر له حلفاء إقليميون لحماية إسرائيل من إيران، فإنه يحتاج إلى القدرة على أن يقول لا لأصدقائنا الإسرائيليين أيضا. أو كما قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر في رد فوري على تصريحات نتانياهو: بالنسبة للإسرائيليين «ما من سبيل إلى حل التحديات القديمة، وإلى توفير الأمن الدائم، وما من سبيل إلى حل التحديات قريبة المدى المتعلقة بإعادة بناء غزة وإقامة حكم فيها وتوفير الأمن لها دونما إقامة دولة فلسطينية».

إنني أتفهم تماما السبب الذي يجعل أغلب الإسرائيليين ـ في ما بعد السابع من أكتوبر ـ غير راغبين حتى في الاستماع لكلمتي «دولة فلسطينية».

وأتفهم تماما السبب الذي يجعل بايدن ـ وهو الصديق الحقيقي لإسرائيل ـ مصرًّا على النطق بالكلمتين. لأن كل ما يتعلق بإسرائيل سوف يتدهور ـ فيزداد اللاعبون غير التابعين لدول، ويزداد الغاضبون شديدو القوة من ملاك الطائرات المسيرة يسيرة للشراء، وتزداد قوة إيران، ويزداد الكارهون في تيك توك ممن يستعملون فيديوهات الرضَّع الفلسطينيين الموتى في غزة.

قد يكون من المستحيل إيجاد شريك فلسطيني فعّال مستعد لصفقة تقوم على حل الدولتين مع إسرائيل وتنزع فتيل التهديدات، ولكن الاعتقاد بأن للدولة «اليهودية» مصلحة بعيدة المدى في عدم بذل أي جهد لتحقيق ذلك هو أيضا وهم خطير. وهذا على وجه التحديد ما يروجه نتانياهو لأغراضه المقيتة. فالعار عليه. والعار على من يساعدونه.

توماس فريدمان كاتب مقال في الشؤون الخارجية بصحيفة نيويورك تايمز ومؤلف كتاب «الطريق من بيروت إلى القدس».

خدمة نيويورك تايمز