في تسويق الأفكار

07 ديسمبر 2022
07 ديسمبر 2022

عمليات تسويق الأفكار أصبحت اليوم لها تعبيرات لامتناهية للتأثير على الآخرين من خلال شعارات، أو مفاهيم، يتم عرضها بطريقة جاذبة ومغرية لكي تبدو هذه الفكرة أو ذاك الشعار أمام المتلقي جدير بأن يكون في قائمة اهتمامه.

ولعل من أهم الوسائل التي يمارسها البعض عبر السوشيال ميديا هي تسويق الأفكار من خلال القدرة على استعراض أساليب فيها من الجاذبية والإغراء والإبهار تماما كتلك الجاذبية التي نشاهدها في عروض الدعاية والإعلانات للمنتجات التي نستخدمها في حياتنا.

لهذا تحرص الكثير من الجهات الإعلامية على التركيز في جانب الدعاية للفكرة أو المنتج بصورة قد تكون أكبر من أي شيء آخر يتعلق بذلك المنتج.

والحقيقة أن الدعاية الجاذبة ودورها في جذب وعي المتلقي تعتبر من أهم وسائل التأثير والنجاح في إقناع الآخرين للقبول بفكرة معينة أو موقف محدد يراد الترويج له.

وتكمن أهمية الدعاية في كونها إحدى أهم الوسائل الحديثة التي تستخدمها العديد من الدوائر والمؤسسات في مختلف جوانب الحياة، وهي مجال للتنافس الحيوي الذي يمكن من خلاله كسب أعضاء جديد للفكرة المراد تسويقها، أو غير ذلك من وسائل الدعاية الإيجابية لخدمة الغايات التي يراد تحقيقها من وسائل الدعاية. وكلما كانت قدرة التأثير أكثر إقناعا، وأسلوب العرض أقوى جاذبيةً، عندها تتحول عملية الدعاية إلى أن تكون أكثر فاعلية وتأثيرا.

لقد أصبح العالم اليوم أكثر اهتماما بوسائل الترويج لعرض كافة الأفكار والمفاهيم التي تتنافس للتأثير على البشر وكسب ثقتهم وتجنيدهم في خدمة الأهداف والغايات استنادا على عمليات قوية لجذب أفكارهم وتوظيفها في خدمة مختلف القضايا التي تسعى إليها مؤسسات المجتمع والدولة، ولهذا فمن الضروري أن يكون لعنصر الجاذبية أثر قوي في أساليب عرض الأفكار والمفاهيم فذلك جزء مهم لخدمة الأهداف المشروعة لعنصر الدعاية.

لكن ليس مجرد الدعاية هي فقط ما سيسمح للفكرة المسوق لها بأن تكون ذات قيمة تأثيرية كبرى، فأسلوب الدعاية وإن بدا جاذباً وقوياً ، فهو سيظل جانبا إطاريا ترويجيا ، في حاجة إلى محتوى وموضوع يكمل إطاره ذاك ويمنحه مضمونا ذا قيمة.

ولهذا فإن عملية ترويج الأفكار ، عملية غالباً، ما تمارسها وسائط بث على الأنترنت تتبنى بعض الأفكار التي توظفها ضد البعض ؛ فتمنحها إطاراً نظرياً ومحتوى خاصاً كما تفعل بعض وسائل الإعلام .

إن مناخ الدعاية الذي يسوق للأفكار بطريقة لا تقوم على المعرفة أو العلم سيؤدي بالضرورة إلى عواقب وخيمة وسيكشف عن الطريق الخطير الذي تجر إليه تلك العمليات. ذلك أن عمليات ترويج الأفكار التي تعج بها السوشيال ميديا ووسائل للاتصال الحديثة تشبه تماما عمليات غسيل الأموال التي تمارسها العصابات من خلال التمويه والخداع في عناوينها وشعاراتها ، فيما هي تمارس نشاطات غير مشروعة.

لابد للمرء أن يكون حريصاً في إدراكه لخطورة عملية الترويج للأفكار في وسائل التواصل الاجتماعي، لأن تلك العمليات عادة ما تنطلي على الأغرار والبسطاء الذين يتم غسل أدمغتهم بالشعارات الرنانة، فيكونوا مهيئين للانسياق وراء تلك الشعارات دون أن يدركوا حقيقتها ومضامينها فيقعوا للأسف في مشكلات خطيرة.

لقد أصبح سوق الدعاية والتسويق للأفكار وممارسات اختطاف الوعي من خلال الشعارات والدعايات اليوم في عصرنا الراهن، سوقاً منفتحا على آفاق إلكترونية وإعلامية واسعة عبر شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بصورة خطيرة، وهي صورة تمارس تسويقا بشتى الوسائل لاستثمار الدعاية ترويج الأفكار والمبادئ بصورة مضللة لكن ما يكتنف عرضها من سحر وجاذبية هو الذي يسوق لفهم خاطئ وضار فتكون النتيجة وخيمة . ولهذا من المهم أن تكون لدينا معرفة تحصننا من الوقوع في شراك الدعاية والتسويق للمبادئ السامية عبر نوايا غير سامية .

إن التأثير بالأفكار اليوم تجاوز حتى الخطاب المباشر، الذي لم يعد مجدياً، إلى الأشكال الفنية والقوالب الإبداعية التي تتولى بجاذبتيها مخاطبة جانب المتعة في المتلقي، وهنا أكبر الخطر ففي التأثر غير المباشر بالأفكار ما يشبه عملية التنويم المغناطيسي.

اليوم، في ظل السماوات المفتوحة لا يجدي التقوقع والانغلاق لأن ذلك سيعني التوقف، وإنما يجب التفاعل الذكي مع مواد البث في وسائل السوشيال ميديا ولكن عبر بصيرة ناضجة.