الصراع في البحر الأحمر ودور الكيان الصهيوني

16 يناير 2024
16 يناير 2024

الصراع العسكري في البحر الأحمر بين أنصار الله الحوثيين والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا هو جزء من صراع سببه الكيان الصهيوني، والذي يشن عدوانًا غاشمًا على قطاع غزة مسببًا توترًا إقليميًا ودوليًا.

ومن هنا فإن المشهد السياسي والعسكري في المنطقة دخل مرحلة تنذر بحرب إقليمية بدأت مشاهدها على سواحل البحر الأحمر وباب المندب. وبعد الهزيمة العسكرية المدوية التي تلقاها الجيش الإسرائيلي يوم السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ على أيدي المقاومة الفلسطينية والعجز الذي أظهرته الآلة الصهيوينة، لجأت إسرائيل كالعادة إلى توسيع الصراع وإدخال الدول الغربية في صراع أكبر من خلال افتعال الأزمات. كما أن محاصرة الكيان الإسرائيلي قانونيًا من خلال المحاكمة في محكمة العدل الدولية، وكشف الجريمة الإنسانية والأخلاقية التي ارتكبها بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وعموم فلسطين، بدا الكيان الصهيوني يبحث عن آليات عدوانية جديدة من خلال إدخال أطراف غربية لعسكرة البحر الأحمر.

إن منطق أنصار الله الحوثيين صحيح عندما تم منع السفن المتجهة إلى الكيان الإسرائيلي بهدف الضغط لإيقاف الحرب البربرية التي يشنها الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني الأعزل وقتل آلاف الأطفال والنساء وكبار السن وتدمير المستشفيات ورجال الإسعاف وكل ما يمت للحياة الإنسانية بصلة.

ومن هنا فإن الكيان الإسرائيلي ومن خلال حملته العسكرية البرية في قطاع غزة تلقى هزيمة مدوية في العتاد والضباط والجنود، وأصبحت معنويات الجيش الإسرائيلي في أدنى مستوى، وذهبت أسطورة الجيش الذي لا يقهر أدراج الرياح. إن إدارة الرئيس الأمريكي بايدن ارتكبت حماقة واضحة بشن العدوان العسكري ضد اليمن وبدون مسوغ قانوني من مجلس الأمن وينسحب الأمر كذلك على بريطانيا من خلال إدارتها المتهورة. ومن هنا، فإن البحر الأحمر ومن خلال الهجمات المتبادلة سوف ينتقل إلى حرب إقليمية مدمرة إذا لم يتدخل العقلاء من خلال الدبلوماسية ووقف العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، خاصة وأن رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي ليس أمامه مخرج سوى استمرار الحرب؛ لأن وقف تلك الحرب تعني نهاية حياته السياسية وربما دخوله السجن، حيث يواجه عددا من تهم الفساد. كما أن القيادات العسكرية سوف تخضع للمحاكمة والتحقيق.

ومن هنا أصبحت المصالح الشخصية لقيادات الكيان الإسرائيلي هي التي تتصدر المشهد وتصر على تحقيق أهداف عسكرية لا يمكن تحقيقها من خلال الضربات التي توجهها المقاومة الفلسطينية الباسلة لقوات الاحتلال الإسرائيلي.

الولايات المتحدة الأمريكية وإدارة بايدن تقامر بمستقبلها السياسي، حيث إن استطلاعات الرأي تعطي الرئيس الأمريكي السابق ترامب أفضلية واضحة خلال السباق إلى البيت الأبيض في نوفمبر القادم، وكل مؤشرات السياسية والإعلامية تتحدث عن وقوع إدارة بايدن في مأزق سياسي بسب الدعم العسكري والاقتصادي والاستخباراتي للكيان الصهيوني، رغم المعارضة الشعبية الكبيرة من الأمريكيين، والذين خرجوا في تظاهرات حاشدة في كبرى المدن الأمريكية وكذلك الحال في بقية العواصم الغربية.

إن الملاحة البحرية في البحر الأحمر تدخل مرحلة خطيرة خاصة وأن المواجهات العسكرية وإطلاق الصواريخ انطلقت من اليمن وإيران ولبنان والعراق، وأصبحت المواجهة العسكرية الشاملة قاب قوسين أو أدنى كما يقال، ولعل المحرض الأساسي على هذا التصعيد هو الكيان الصهيوني وخاصة نتنياهو وقادة الكيان الإسرائيلي في محاولة لخلط الأوراق ونجاتهم من التحقيقات في حال وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتبادل الأسرى والمحتجزين بين الكيان الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية.

وعلى ضوء ذلك، فإن الكيان الإسرائيلي يدفع بالمنطقة وأمنها واستقرارها إلى أتون حرب مدمرة وهنا لا بد للولايات المتحدة الأمريكية تحديدًا أن تعيد التفكير في سلوكها السياسي والعسكري، كما أن الانتخابات الأمريكية القادمة لها حسابات دقيقة من خلال مصالح الحزب الديموقراطي، الذي قد يواجه خسارة مذلة في تلك الانتخابات، ليس فقط على صعيد السباق إلى البيت الأبيض، ولكن على صعيد انتخابات الكونجرس وحكام الولايات. ومن هنا يمكن تفسير استقالة عدد من المسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية ومن البيت الأبيض احتجاجًا على سياسة بايدن وإدارته خاصة وزير الخارجية بلينكن الذي تحدث عن يهوديته متناسيًا أنه وزير الخارجية الأمريكي وعليه التزامات دبلوماسية وأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني الذي تعرض ولا يزال لإبادة جماعية، وهو الملف القانوني الذي قدمته دولة جنوب إفريقيا، ومن خلال مرافعة قانونية مميزة في قاعة محكمة العدل الدولية في لاهاي وتابعها العالم ليعرف مدى بشاعة الجريمة الإنسانية الكبرى في هذا العصر الذي ارتكبها الجيش الإسرائيلي وقيادته في حق الشعب الفلسطيني، ومن خلال شواهد حية تابعها العالم بفضل التقنية الحديثة ووسائل الإعلام خاصة شبكات التواصل الاجتماعي، التي جعلت شعوب العالم تشاهد سلوك الكيان الصهيوني المشين في حق الإنسانية والشعب الفلسطيني الذي حظي بمساندة شعبية عالمية كبيرة وجعل الكيان الإسرائيلي منبوذا حتى من بعض اليهود أنفسهم.

ومن خلال تحليل المشهد السياسي والعسكري فإن الدبلوماسية لابد أن تؤدي دورها، ومن هنا فإن الدبلوماسية العمانية تؤدي دورًا كبيرًا من خلال المواقف المشهودة ومن خلال الاتصالات ومن خلال عدد من البيانات الصادرة من وزارة الخارجية التي تدعو إلى أهمية وقف التصعيد ووقف نزيف الدم ودعوة الدول الغربية إلى وقف التصعيد في البحر الأحمر.

وهناك أمل كبير أن تنجح تلك المساعي النبيلة في وقف الكارثة والتي سوف تخلق أوضاعا أمنية خطيرة على صعيد المنطقة والشرق الأوسط كما أن لجم الكيان الصهيوني وخططه الشيطانية كفيل بإنقاذ البشرية من هذا الكيان الصهيوني الخبيث الذي يريد إشعال الحروب والصراعات في كل مكان.