يوميات دفتر منسي 1-2

20 يونيو 2022
20 يونيو 2022

9/4/2016

على الأرجح أنّي بتّ أعرف أين مشكلتي: هي أنني أرغب في قراءة كل شيء .. وتلك مشكلة!

9/4/2016

أواجه مشكلة في إعداد القراءات النقدية على الأعمال الروائية، تتمثل في أنني أهمل تبييضها بعد تقديمها، وكلما طال الوقت أهملت إتمامها، حتى يصبح متعذرا معاودة الاشتغال عليها دون البدء من نقطة الصفر.

9/4/2016

لا أعرف كيف أقرأ بتسلسلٍ ما لم يُكتب متسلسلا أصلا، أو كُتب بتسلسلٍ وُضع متأخرا! لذلك فإني أعمد إلى قراءة المجموعة القصصية والكتب ذات الفصول (من غير الروايات) بتسلسل عكسي. هكذا أجد متعة أكبر، بل إنها طريقة مثلى تمنع احتمال عدم إكمال قراءة الكتاب.

9/4/2016

ما الذي أريده بالضبط؟ الجواب: الكتابة .........!!!!

9/4/2016

الكتابة بحبر ملوّن!

عندما بدأتُ أتعلم الكتابة في صفوفي الدنيا لم يكن مسموحا لنا استخدام أقلام الحبر في دفاتر المدرسة. وحده القلم الرصاص الذي كان يسمح به في تلك المرحلة التي تتطلب كثيرا من المحو والتصحيح، الأمر الذي طبع الانتقال إلى الصف الرابع الابتدائي ببهجة لا تضاهى، فهو يعني الانتقال للكتابة بأقلام الحبر، والخروج من روتين القلم الرصاص الذي هيمن على دفاترنا طوال سنواتٍ ثلاثٍ أولى، لنكون على موعد مع حياة جديدة تتلون مع لون القلم المستخدم في الكتابة.

وحرصت – وأنا أستقبل صفي الرابع – على اقتناء جميع ألوان الحبر تعبيرا عن سعادتي بتدشين مرحلة جديدة، كما حرصت على أن أمنح الألوان كلها حصة متساوية من سطور دفاتري، فعمدت إلى كتابة سطر بالأسود وآخر بالأخضر والذي يليهما بالأزرق وهكذا، ولكن المعلمة غضبت من شكل دفتري المزركش من كل الألوان. ولم يكن سهلا عليّ أن أفهم سبب غضبها من دفتر أراه أنا جميلا ومزينا بألوان زاهية وبراقة، وتراه هي أي شي إلا أن يكون دفتر مدرسة، وما لبثتْ أن قالت لي: "اكتبي بلون واحد فقط"!

أرجعتُ النظر بأسى وحسرة إلى محفظة أقلامي. كان لا بد من حل آخر يتيح لي حرية الكتابة بكل الألوان، فرُحت أكتب في دفاتر خاصة بي وحدي واجبات وفروضا مدرسية لن يراها أحد، وبألواني التي أحب، وأوليتها عنايتي الفائقة رغبةً في تلبية شغفي بكتابة ملونة. ولكني دفعت فاتورة الوقت مضاعفة بكتابة الواجبات مرتين: مرة بقلم واحد في دفاتر المدرسة، وثانية بألواني التي أحب في دفاتري التي صرتُ أصححها وحدي، وأكتب عليها عبارات الثناء على نظافة الدفتر وجماله كما لم تفعله المعلمة.

وقد لزمني وقت طويل حتى أكتشف أن الألوان ليست في شكل المكتوب بالضرورة، وإنما في روحه التي تلونه وتكسبه ألوانه الخاصة؛ فقد يحدث أن تكتب بكل الألوان بين يديك، ولكن المكتوب يبقى بلا لون، ولا حياة، ولا روح. وإذا بالسطور المزركشة أمامك عاجزة عن النفاذ إلى روحك، كما قد يحدث في المقابل أن تقع على كتابة رصّت بلون واحد، ولكنك تعثر فيها على ألوان تبهج النفس وتسعد الخاطر، تلك السعادة التي تحسها وأنت تقرأ كتابة ملونة في مادتها وأسلوبها، تلك التي أسماها حسن مدن (روح الكتابة).

تذكرت حكايتي مع الألوان منذ الوهلة الأولى التي أعلنت فيها دار مسعى البحرينية، والناقد البحريني حسن مدن على صفحتيهما في الفيسبوك عن صدور كتابه الأخير الموسوم بـ(الكتابة بحبر أسود)، ولم أكن لأتردد في اقتنائه من معرض الكتاب في الكويت في نوفمبر 2015م. ولكن الكتاب مر معي بمرحلتين من القراءة، مرحلة رحت أقرأه فيها بتسلسله، ومرحلة ثانية بتسلسل عكسي، بدءا من المقال الأخير فالذي قبله فالذي قبلهما، حتى بلغت المقال الأول الذي يتحدث عن روح الكتابة وإشكاليات كتابة الجملة الأولى والسطر الأول.

ضم كتاب حسن مدن مقالات نَشر عددا كبيرا منها في صحف مختلفة، استأثر ملحق (شرفات) الأسبوعي الصادر عن جريدة عُمان بالعدد الأكبر منها، وهي مقالات تناقش موضوعات الكتابة والقراءة، وفاعلَيْهما (الكاتب والقارئ)، ومادتهما التي هي (الكتب)، فجاءت فصول الكتاب الأربعة مقسمة على: الكتابة، والكاتب، والكتب، والقراءة. فهل لهذا التسلسل معنى؟

حسب التسلسل المنطقي للعملية برمتها فإن الكتابة فعل أول، ولأن ليس كل من كتب أصبح كاتبا، كان لها الأولوية التي متى ما تكرّست صار فاعلها كاتبا (الفصل الثاني)، ثم يأتي الناتج عنهما - أي الكتابة والكاتب - وهي الكتب (الفصل الثالث)، وهؤلاء الثلاثة لن يتحقق لهم الوجود في الحياة الفعلية ولا تأثيرهم بدون هذه الرابعة التي هي (القراءة) التي تمنح الكتابة أهميتها، والكاتب معناه، والكتب حياتها.

ولكن هل أكون أخللت بهذا الترتيب عندما رحت أقرأ بالعكس: القراءة فالكتب فالكاتب فالكتابة؟ طرحت على نفسي هذا السؤال، الذي بالضرورة ليس ارتكابه خطأ ما دامت المقالات كلها لم تكتب متسلسلة في فصولها التي انتظمت لاحقا، ولم يختر لها مدن هذا التبويب إلا بعد فراغه من كتابتها كلها، وقد نشرها من قبل مفرّقة، فلا يضير بعد ذلك أن أقرأها بتسلسل طبيعي أو عكسي، بل لن يضير أن أختار منها كيفما اتفق.

ولكن دعونا ننظر في الترتيب العكسي للفصول: القارئ (أو القراءة)، فالكتب، فالكاتب، فالكتابة، أليس ترتيبا منطقيا هو الآخر يجعل للقارئ أولويته؟ أو إن شئنا أن نقول: إن هذا الترتيب العكسي أكثر شمولية إذ يتجه من العام إلى الخاص؟ فكلنا قراء (مجازا بالضرورة) ولكن أقلنا كتّاب، وما بيننا توجد الكتب وكتابتها التي تقع بالنسبة إلى القارئ في الطرف الآخر منه.

بل دعوني أقول شيئا آخر: الترتيب الفعلي لفصول الكتاب يُعلم الكاتب حرفته، ويحدثه عن شجونها وهمومها ومكابداتها التي يعرفها بالضرورة، ولكنه يتعرف عليها عبر غيره من الكتّاب الذين يسوق حسن مدن حكاياتهم، وصولا إلى القراءة؛ بوصفها الأثر الذي ينتظره كل كاتب. بينما في الترتيب العكسي ثمة درس آخر، وهو الأخذ بيد القارئ من منطقته الآمنة التي يعرف (منطقة القراءة) ويطوف به في عالمها الذي يألفه بصفته قارئا، مرورا بالكتب التي يقرأها، ثم الكتّاب الذين أنتجوها، وصولا إلى عملية الكتابة التي تدخله في غرف المصنع المغلقة البعيدة عن عينيه، غرف الولادة ومكابداتها. والأهم أنه ترتيب يدله على طريقها، ويضعه في دربها، فيخبره عن أسرارها ويفتح له كنوزها .. أليس هذا تحريضا للقارئ على اقتراف الكتابة بشكل أو بآخر بصفتها نتيجة لفعل القراءة؟

وعلى الرغم من العنوان الذي اختاره حسن مدن لكتابه أخذا من عنوان إحدى مقالاته المدرجة في كتابه وهو "الكتابة بحبر أسود"، إلا أن القارئ يجد الألوان كلها في صفحات كتاب يرحل به في عوالم الكتب وكتابتها والكتّاب وقرائهم.

9/4/2016

الوقت ينسل من بين أصابعي، ولا أشعر بوطء عبوره إلا في ساعات الليل المتأخرة. في هذا الوقت أحس أن عليّ أن أفعل شيئا .. أن أبقى ساهرة لأصنع شيئا ذا بال، شيئا يسكت صراخ الضمير إلى حين.

10/4/2016

بعد الظهر تنقر زخات المطر نافذتي بينما أقرأ "حليب أسود" لألف شفق. أحسست أنني لطالما اشتهيت هذا الجو: أن يهطل المطر على النافذة وأنا مستمتعة بقراءة كتاب. ما ينقصني الآن هو كوب من الشاي بالحليب.

10/4/2016

في هذا العالم يصعب أن تبقى نقيا.

16/4/2016

عندما كتب حسن مدن مقاله "داخل الشبكة وخارجها" متحدثا عن أولئك الذين يقررون مغادرة مواقع التواصل الاجتماعي ليتفرغوا لأنفسهم وقراءاتهم وكتبهم ثم لا يلبثون أن يعودوا إليها، لأن الافتراضي أصبح داخلا في الواقعي بطريقة يصعب الفصل بينهما، أقول عندما كتب حسن مدن مقالته هذه في منتصف أبريل من عام 2016، صورت شاشة المقال المنشور على الفيسبوك وأرسلتها على الواتساب للمترجم العماني أحمد المعيني، الذي كان قبل ذلك الوقت بيومين قد غادر مواقع التواصل الاجتماعي لينكبّ على ترجمة كتاب مقالات عن الثقافة الإيرانية، وقد علقتُ على صورة المقال: "يقول الدكتور حسن إنك لا بد عائد!!"

رد أحمد المعيني ضاحكا قبل أن يقول: "ليست القضية هي تحول الافتراضي إلى واقعي، وإنما ما هي مساحة الحقيقي فينا؟!" كان سؤاله بمثابة ارتداد إلى العمق، ولم أملك سوى الرد بكلمة: "صدقت".

غادر أحمد المعيني مواقع التواصل الاجتماعي وبقي يرسل ترجماته تباعا على الواتساب، ومثله غادرت بشرى خلفان. كنت أعلم أنني سأتخذ خطوة مماثلة. وفي ليلة 16 أبريل 2016 ولجت الواتساب ووضعت رسالة في البروفايل تقول: تجدوني بصورة مؤقتة على هذا الرقم: xxxxxxxx، وأغلقت الهاتف ببرامجه كلها: الواتساب والفيسبوك وتويتر والانستغرام وغيرها، وأودعته الخزانة واعتمدت هاتف البلاك بيري خيارا وحيدا حيث لا برامج غير الرسائل النصية القصيرة والاتصالات.

هكذا سأبدأ العمل من جديد. فحتى وقت قريب أنجزت الماجستير قبل ثورة الواتساب وتوابعها، ولكنني مع الدكتوراه أجد كل هذه البرامج تلاحقني وتأخذ الوقت كله.

الأحلام طرق طويلة، ولا يجب أن يشغلنا عن السير فيها ملهيات تقود إلى الإدمان.

17/4/2016

ها قد مرت 24 ساعة على إغلاق الواتساب، والفيسبوك، وتويتر، والانستغرام. هل نجحت في كبح جماح الرغبة في العودة؟ هل أطل إطلالة سريعة فقط؟

هناك رغبة تحتدم في إلقاء نظرة سريعة، ولكن لا بد من السيطرة عليها. يوهمنا الإدمان بأن إطلالة سريعة لا تضر ولا تكسر نية التعافي، ولكن هذا الوهم ما يلبث أن يصبح عادة هو الآخر ولا بد من السيطرة عليها، والعيش مع صراع الرغبات حتى تنتصر أنت، وتوقف تعميق انفصالك عنك.

17/4/2016

مكمن الارتياح الأهم في غلق وسائل التواصل الاجتماعي هو الإحساس بأنك لم تعد مُراقبا بعد الآن!