نوافذ :ما يخشاه العالم
في كل منعطف يمر به العالم يضع العلماء والدارسون والمحللون عددا من المخاوف في قمة هرم المخاطر التي يخشى على العالم منها، ويتنبأ هؤلاء بأن بعض القضايا العالمية التي تهم الإنسان والبيئة والمستقبل والتكنولوجيا وحتى الأسرة والمجتمع يمكن أن تكون من المخاطر والقضايا التي تهدد الأمن والسلم والانسجام في العالم بأجمعه إن كتب لهذه القضايا أن تتطور وتتفاقم وتتعاظم لتصبح مشكلة عالمية تقض مضجع المجتمع العالمي.
هذا العام تنبأ تقرير المخاطر العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي بحدوث مخاطر على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والصناعي مبتدأ بتعريف مصطلح المخاطر العالمية بأنه "حدث أو حالة غير مؤكدة يمكن في حالة حدوثها أن تتسبب في تأثير سلبي كبير على عدد من البلدان أو الصناعات في غضون العشر سنوات القادمة".
على سلم هذه المخاطر جاء وباء كورونا كأبرز خطر عالمي يخشاه العالم ويهدد سلمه واستقراره ويزعزع أمنه ويهز اقتصاداته ويتسبب في كثير من العلل والأمراض والأوبئة وتدهور الصحة النفسية والعقلية، ويضيف التقرير إلى أن مخاطر هذا الوباء تسببت في خيبة أمل للشباب وطموحاتهم وتزعزع نظرتهم إلى المستقبل من حيث تأمين الفرص الوظيفية والمعيشية للكثير منهم في ظل شح أو انعدام الكثير من فرص العمل التي قلت بسبب انتشار هذا الوباء.
عديدة هي المخاطر والكوارث التي يخشى العالم وقوعها سواء على المدى البعيد أو المدى القريب وباستثناء المخاطر والكوارث الطبيعية التي قد يمتلك أو لا يمتلك الإنسان قدرًا كبيرًا من العلم والمعرفة للتنبؤ بها فإنَّ التقرير آنف الذكر حدد عشرًا من تلك المخاوف أو المخاطر أبرزها أزمات التوظيف والباحثين عن عمل وعدم المساواة الرقمية والركود الاقتصادي والأضرار البيئية المتمثلة في الاحتباس الحراري وضعف التماسك الاجتماعي في المجتمعات لا سيما الحديثة منها والهجمات الإرهابية وعدم المساواة الرقمية والخوف من أسلحة الدمار الشامل وأزمات الدين العام للدول والمجتمعات والمخاطر الجيوسياسية بما فيها الصراعات بين الدول والحروب للاستيلاء على الموارد وغيرها من المخاطر التي تلامس الإنسان والبيئة والطبيعة والاقتصاد والسياسة.
وكما هو الحال في كل المخاوف والمخاطر بشأن حدوث كوارث وأزمات فإنه لا بد من وضع خطط واستراتيجيات لإدارة هذه الأزمات قبل وقوعها في محاولة لتلافي البعض منها ولتجنب الأضرار السلبية للبعض الآخر ولمحاولة التقليل من الخسائر في حال حدوث أيا منها لا سيما تلك المتعلقة بالطبيعة والبيئة وبعض المخاطر التي قد تنشأ فجاءة من دون سابق إنذار.
وكما فند تقرير المخاطر العالمية بعض المخاطر وحدد إمكانية حدوثها ووقت حدوثها المتوقع فإنه كذلك أشار إلى عدد من التوصيات والنصائح التي يمكن للمخططين وصناع القرار في الدول والمجتمعات الانتباه إليها عند وضعهم لسيناريوهات التعامل مع هذه المخاطر والمخاوف منها على سبيل المثال ضرورة أن تتضمن السياسات الحكومية خططًا استباقيةً لمواجهة احتمالية التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة أو انخفاضها بصورة غير طبيعية وما قد ينتج عن ذلك من تهديدات للأفراد والبنى الأساسية، كذلك ضرورة استعداد الدول والحكومات لمخاطر انتشار الأوبئة والأمراض المعدية وغيرها بوضع خطط تتبنى سياسات صحية تحافظ على صحة المجتمعات، إضافة إلى تبني صناع القرار لخطط قصيرة وطويلة المدى لحل مشاكل التوظيف وتوفير فرص عمل لائقة للباحثين عن عمل من فئة الشباب خصوصًا، إضافة إلى دعم برامج الدعم الاجتماعي وتوفير الحماية الاجتماعية للمستحقين للدعم من فئات المجتمع، وينصح التقرير في خاتمته بالتركيز على فئة الشباب ودعمها والاهتمام والعناية بها لأن كثير من المخاوف قد تبدأ من هذه الفئة وكثير منها قد ينتهي بهذه الفئة.
لا ندري إلى أين يتجه العالم بكل هذه المخاوف والمخاطر، ولا ندري في أين تكمن أعظم مخاوف ومخاطر العالم هل في البشر ذواتهم وما يقومون به من تدمير لذواتهم وللطبيعة من حولهم أم من المخاوف الأخرى المتمثلة في الحروب النووية أو الذرية أو حروب التكنولوجيا المستعرة نارها أو في مخاطر الأسرة وتفككها أو الأمراض المعدية والفتاكة أو في الجوانب الاقتصادية التي باتت هي المحرك الأول للعالم وتنشأ كثير من الحروب والمشاكل بسببها أو من المناخ وارتفاع حرارة الأرض وبرودتها أو من الكثير من المشاكل التي لا ندري عنها شيئا إلى يومنا هذا بعد.
ما تنبأ به العلماء والخبراء من مخاوف قد تكون ممكنة الحدوث وربما قد تتغير لتحل محلها مخاوف وخشيات جديدة فمخاوف العالم متجددة كل عام ويبقى أن ننظر إلى العالم وإلى الحياة بكل إيجابية وحب بعيدًا عن مخاوفنا الداخلية والخارجية.
