نوافذ :راجعنا بعد العيد

28 مارس 2023
28 مارس 2023

Ashuily.com

رمضان شهر الرحمة، وبلا شك هو شهر المغفرة والعبادة والطاعات، ولكونه الشهر الفضيل فإن الكثير من مؤسسات الأعمال قلصت ساعات العمل فيها مراعاة للصائمين لمنحهم الفرصة للعبادة والتهجد والصلاة حتى الهزيع الأخير من الليل، ومع ذلك تجد أن الكثير من الأعمال يتم تأجيلها حتى انقضاء الشهر الفضيل والعودة للعمل بعد إجازة العيد.

قد لا يكون هذا السلوك صحيحا، ومنافيا لما عرف عن فضائل رمضان الصحية والبدنية والنفسية، حيث إن الصيام كما يقول الأطباء له فضائل كثيرة في إنقاص الوزن والحمية والتخلص من السموم في الجسم وحرق الدهون، ويسهم في تعديل الحالة النفسية والمزاجية للصائم، ويعزز من العادات الصحية في الأكل والشرب وغيرها من العادات التي يهذبها الصيام في الجوانب الاجتماعية كالتكافل، ومساعدة الآخرين، والصدقات، وغيرها من فضائل الصيام التي لن نفيها حقها في هذه الزاوية.

ومن منظور اقتصادي بحت، تشتكي منظومة الأعمال لا سيما الحديثة منها من تكاسل بعض الموظفين عن أداء أعمالهم والتعذر بالصيام كسبب لتأجيل الأعمال وتأخيرها حتى انقضاء الشهر الفضيل، حيث أشارت بعض استطلاعات الرأي التي نشرت في مجلة هارفارد بزنس ريفو إلى أن إنتاجية الموظف العربي تنخفض بنحو 35-50٪ خلال شهر رمضان، برغم تأكيد كثير ممن شملهم هذا الاستطلاع إلى أن معنوياتهم تكون مرتفعة خلال الشهر الفضيل. إذن يبقى هنالك خلل ما في بعض السلوكيات الخاطئة التي نتبعها خلال فترة الصيام النهارية وفترة الفطر الليلة التي هي بحاجة إلى تعديل كثير من السلوكيات ومراقبة بعض العادات غير السلبية التي يتبعها كثير من الصائمين خلال نهار رمضان وليله.

وفي القرآن الكريم والتاريخ الإسلامي هنالك دلائل كثيرة من الهدي النبوي وسير التابعين تدل على أن شهر الصيام كان شهر عمل وإنتاج، وفيه تتضاعف الأعمال، سواء الأعمال الربانية أو الدنيوية، وفيه ضرب المسلمون أروع الأمثلة في العمل والتفاني، حيث إن كثيرا من الحروب والغزوات حدثت في هذا الشهر الفضيل، وفيه أنزل القرآن على الرسول الكريم، وفي العلوم الحديثة تتحدث الدراسات العلمية عن إمكانية الاستفادة مما يسمى بالصيام المتقطع كممارسة مهنية لرفع إنتاجية العمل في الشركات والمؤسسات، وهذا ما بدأت في تنفيذه بعض المؤسسات مع موظفيها وحققت نجاحات جيدة في زيادة إنتاجية العمل اليومي لتلك الشركات.

كما قلنا سابقا نحن بحاجة إلى تعديل بعض الأنماط السلوكية الخاطئة التي نتبعها خلال شهر رمضان كعدم السهر الطويل في الليل، وأخذ قسط كبير من النوم، ومراقبة التغذية لما بعد الإفطار، والتقليل من السكريات والنشويات والمنبهات التي ترهق الصائم، ومحاولة اكتساب عادات جديدة خلال رمضان كممارسة الرياضة والمشي والقراءة.. إلى غيرها من العادات التي يمكن التكيف معها خلال فترة الصوم أو ما بعد الإفطار.

وقد لا يكون الأمر سهلا أو بسيطا في ترك عادة واستبدالها بعادات أخرى، لكن الأمر يبقى حريا بالتجربة كون أن هذا الشهر يبقى شهرا تتضاعف فيه الأعمال عند الله، ويفترض به أيضا أن تتضاعف فيه الأعمال في المؤسسات، وتزيد معه إنتاجية الموظف في عمله، وتتحسن فيه الصحة البدنية والنفسية، ويزيد فيه الإحسان وعمل الخير، وتختفي منه كثير من الممارسات الإدارية غير السليمة في التسويف والتأجيل بحجة الصيام.