نوافذ: الإسكان.. وحلم البيت

10 مايو 2021
10 مايو 2021

سالم بن حمد الجهوري -

[email protected] -

أثارت لائحة ضوابط وشروط منح الأراضي الحكومية التي أصدرتها وزارة الإسكان والتخطيط العمراني أمس الأول، تباينًا في الساعات الماضية وما زال، حول العديد من بنودها التي تضمنتها، وسواء اتفقنا مع بعضها أو اختلفنا مع أخرى، فإنه جاء لضبط وتنظيم آلية التوزيع والاستحقاق للمواطن والمواطنة، وقد يأخذ بعض الوقت حتى يمكن استيعابه والعمل به خلال المرحلة المقبلة.

هذا القانون

يراد منه تحقيق عدة أهداف، أبرزها تسريع الحصول على الأرض ومنع تكدس الطلبات، والعدالة والمساواة في ذلك، وتلبية توفير المسكن للأسرة العمانية في أقرب وقت، وإيجاد تنمية عمرانية في المحافظات تقلل من عمليات البيع والشراء التي سادت فيها، خاصة مع الرقم الذي ذكره معالي الدكتور الوزير في اللقاء أن 334 ألف أرض وزعت خلال السنوات العشر الماضية، وأن 78% منها للنساء، وهذا حقهن في ذلك، والرقم الصادم فعلًا، أن 7% فقط من هذا المجموع تم بناؤه، وهنا تكمن المشكلة، لماذا لم يتم التعمير في 93% منها؟ وهل المشكلة في عدم توفر الخدمات التي منعت من ذلك، أم احتفاظ الكثير ممن حصلوا على الأرض كعقار يمكن التصرف فيه وقت الحاجة، هنا نحتاج إلى فهم المزيد من الأسباب!.

أضف إلى أن القانون يسعى إلى تحديد الأولويات للمحتاجين وهذه الفئة يجب التركيز عليها بشكل كبير حتى يمكن تغطية احتياجاتها من المسكن في أقرب وقت، على ضوء المعطيات المتوفرة عن حالة كل مقدم طلب.

ناهيك أن الوزارة لديها أكثر من 447 ألف طلب متراكم تحتاج إلى التخلص منها، وذلك عبر فرزها ومعرفة الأولوية للمستحقين وهذا أيضًا بدوره يحتاج إلى عملية ذات جهد كبير.

لكن القانون فيه بعض النقاط التي تحتاج إلى التوقف عندها، وهي مسألة مشاركة الزوج والزوجة في تملك قطعة الأرض السكنية، لكن لم يحدد لمن تؤول الأرض والبيت بعد انفصالهما إذا وقع، خاصة إذا كان الزوج هو من تحمل تكاليف البناء، فإذا البيت للزوجة، هل يعود الزوج في هذه الحالة للبحث من جديد عن قطعة أرض لبنائها، فهل يتحمل مرة أخرى تكاليف بيت جديد! والتبعات التي قد تظهر في طريقه، ثم نقطة أخرى وهي مسألة تحديد العمر بـ40 سنة.

لذلك كانت هناك أفكار أخرى يمكن أن تسند هذا المشروع، أبرزها أن الوزارة يمكنها أن تحقق استثمارًا وعائدًا جيدًا وعاليًا من الأراضي السكنية لو أنها أضافت طريقة عصرية أكثر جاذبية، وهي طرح المدن السكنية للمطورين العقاريين العالميين، تكون المنازل ذات فئات متعددة من الثلاث غرف إلى العشر غرف والمرافق الخاص بها، وتجعلها خيارات متاحة تطرح لطالبي الأراضي الذين سيجدون منزلا جاهزًا بمواصفات عالمية متقدمة يمكن أن تكون كمدن ذكية تحقق أقل تكلفة في البناء وتشغيل المنازل كالاعتماد على الطاقة النظيفة، ذات الخدمات المتكاملة من طرق وصرف صحي ومياه وكهرباء ومواقف بشكل عصري جذاب، فبدل حصول المواطن على قطعة أرض وإشكالية المقاول وتوفر الخدمات التي 90% منها تنتهي في المحاكم وللتخفيف عليها أيضًا، يوفر لهذا المواطن الطالب للأرض قرضًا من بنك الإسكان لشراء المنزل الذي يناسب إمكانياته وبفائدة مخفضة وقسط يتناسب مع دخله، وهذا ما تعمل به العديد من الدول في المنطقة مع بقاء خيار الأرض قائمًا إذا ما أراد ذلك مع تفاوت في الوقت.

اليوم مشروعات الإسكان تحولت من توزيع أراضٍ تبقى لعشرات السنين دون أي تعمير وتعطيل للموارد، إلى حركة تنموية دائمة من خلال إنشاء المدن الذكية المتكاملة الخدمات عبر شركات قادرة على التنفيذ حتى نتجنب الشركات المتعثرة، وهذا سيحقق عدة أهداف وهي توفير المسكن الملائم للمواطن والمواطنة، وإنشاء مدن حضرية متكاملة الخدمات ذات تقنية مستقبلية، وتخفيف الضغط على الطلبات، وتوفير استقرار للعائلة العمانية، والتقليل من ارتفاع عدد الشكاوى والمنازعات بين المالك والمقاول في المحاكم، سينشئ مدنًا متناسقةً ومتناغمةً ذات عمارة جذابة وتصاميم منطقية ونظيفة، مدن تنشأ لها إدارات تدير كل مدينة، سيدفع هذا سوق العقار إلى الازدهار من خلال حركة البناء، ستوجد منازل ذات أسعار مخفضة، وستوجد قدرة للشراء، مع ضرورة دعم رأسمال بنك الإسكان، وإتاحة الفرصة للبنوك التجارية أن تقدم قروضًا بنفس فائدة بنك الإسكان، مما سينعش الحالة الإسكانية والدفع نحو التوسع في المحافظات التي تعاني من إشكالية التخطيط العشوائي في كثير من أحيائها، لنجد أنفسنا عند 2040 أن لدينا مدنًا حديثةً نفاخر بها.