كلام فنون .. القلب يعشق كل جميل

17 أبريل 2022
17 أبريل 2022

هذا عنوان واحدة من روائع الغناء الإسلامي العربي في القرن العشرين، قدمتها سيدة الغناء العربي أم كلثوم قبيل وفاتها في منتصف السبعينيات من القرن العشرين، ولحنها الملحن الكبير رياض السنباطي، وكتب كلماتها الشاعر الكبير بيرم التونسي- رحمة الله عليهم جميعا.

القلب يعشق كل جميل.. وياما شفتِ جمال يا عين

واللي صدق في الحب قليل.. وإن دام يدوم يوم والا يومين

واللي هويته اليوم.. دايم وصاله دوم

لا يعاتب اللي يتوب.. ولا بطبعه اللوم

واحد ما فيش غيره.. ملا الوجود نوره

دعاني لبيته.. لحد باب بيته

ولما تجلى لي.. بالدمع ناجيته.

لن أكتب تحليلا موسيقيا شاملا عن هذه العمارة الفنية العظيمة، ولا عن سيرة حياة أم كلثوم أو الشاعر بيرم التونسي ولا عن الملحن العبقري رياض السنباطي، ولن أتطرق كذلك في هذه الزاوية القصيرة إلى قصة كتابة كلماتها أو قصة التلحين ولا التاريخ الذي غنت فيه أم كلثوم «القلب يعشق كل جميل»، حيث يمكن إدراجها ضمن آخر أغانيها وختام مشوارها الفني الثري الذي شمل كذلك أغاني «يامسهرني، وليلة حب، وحكم علينا الهوى»، فقد كُتب عن تلك الموضوعات الكثير، ولن أضيف الجديد بشأنها حيث يجدها القارئ الكريم في مختلف مواقع الإنترنت وحتى على قنوات اليوتيوب، وسيكون بمقدوره أيضا أن يستمع إلى غناء أم كلثوم الرائع، بل وحتى ينزّل في هاتفه هذه التحفة الموسيقية والأدبية التي لو تجسدت في لوحة فنية تشكيلية كما جسدها الملحن العبقري رياض السنباطي وأم كلثوم والفرقة الموسيقية المصاحبة لعُلقت في أعظم المتاحف.

كنت ابتعد عنه، وكان يناديني.. ويقول مصيرك يوم تخضع لي وتجيني

طاوعني يا عبدي، طاوعني أنا وحدي.. ما لك حبيب غيري قبلي ولا بعدي

أنا اللي أعطيتك من غير ما تتكلم.. وأنا اللي علمتك من غير ما تتعلم

واللي هديته إليك، لو تحسبه بإيديك.. تشوف جمايلي عليك، من كل شيء أعظم

سلم لنا تسلم

اخترت الكتابة عن هذه الأغنية الجميلة في هذه الأوقات الرمضانية إلى جانب تسجيل بعض الملاحظات عن الأغاني الإنشادية العُمانية التي استمعت إليها تُبث في إذاعاتنا هذه الأيام بكثرة، وأقول: إن الأعمال الموسيقية والغنائية تكتمل باكتمال عناصرها الفنية، والعازفون البارعون على الآلات الموسيقية في مقدمة هذه العناصر. ومع أن الصوت البشري أكمل الآلات، إلا إنه في الغناء بحاجة دائما إلى ضابط معياري من قبل آلة موسيقية للتدرب أو المصاحبة، ولكن الأسلوب الذي لم استحسنه في الأغاني الإنشادية هو كثرة استعمال الآهات والترنمات بأصوات المنشدين وهم يحاولون بذلك الاستعاضة عن دور الآلات الموسيقية في أداء المقدمات واللزم الموسيقية بمناسبة أو غير مناسبة. وحسب معلوماتي إن الإنشاد ليس فنا حديثا في عُمان فقد كان معروفا في مجالس الشعر منذ القدم ولهم فيه طرق وأساليب قديمة.

وللحقيقة، فقد استمعت إلى عدد رائع من الأعمال الإبداعية يؤديها أفراد ومجموعات إنشادية عُمانية التي أقل ما يمكن أن أوصفها بالرائعة. ولكن طالما قد اختار معظم المنشدين الاعتماد على أصواتهم والتقليل من استعمال الآلات الموسيقية، أنوه في هذه المناسبة إلى أهمية دراسة التجويد والتلاوة والمقامات العربية، وكذلك الغناء الكورالي، وتأسيس مجموعات للتدريب عليها، ودراسة طرقها وأساليبها الفنية في التأليف والأداء الفني، بما في ذلك تعدد الأصوات.

وبالعودة إلى موضوعنا الرئيسي، لابد أن المستمع إلى رائعة أم كلثوم «القلب يعشق كل جميل» لاحظ معي دور آلة القانون البارز من خلال أداء الأستاذ محمد عبده صالح الذي يكاد أن يكون ثاني المؤدين بعد أم كلثوم نفسها، فيما يشترك في الصولو الأخير معهما عازف الكمان الشهير الأستاذ أحمد الحفناوي على ما أعتقد كثالث الأثافي إن جاز التعبير. فالأعمال الموسيقية ليس يقدمها المطرب فقط بل وكذلك العازفون الماهرون الذين يلاقون أيضا التكريم بالتصفيق من الجمهور تقديرا لحسن أدائهم.

مكة وفيها جبال النور طالّة على البيت المعمور

دخلنا باب السلام غمر قلوبنا السلام.. بعفو رب غفور

فوقنا حمام الحمى عدد نجوم السما.. طاير يهني الضيوف بالعفو والمرحمة

واللي نظم سيره واحد ما فيش غيره.. جينا على روضة هلة من الجنة

فيها الأحبة تنول كل اللي تتمنى.. فيها طرب وسرور وفيها نور على نور

وكأس محبة يدور واللي شرب غنى.. وملايكة الرحمن كانت لنا ندمان

بالصفح والغفران جاية تبشرنا.. يا ريت حبايبنا ينولوا ما نلنا

يا رب توعدهم يا رب يا رب واقبلنا.. دعاني لبيته لحد باب بيته

...

وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال..

مسلم بن أحمد الكثيري

موسيقي وباحث