زاوية قانونية :«220» شــــروط الوصــــــي

22 يونيو 2021
22 يونيو 2021

د. محمد بن عبدالله الهاشمي - قاضي المحكمة العليا

[email protected]

يُشترط فيمن يلي أمر القاصر شروطا معيّنة تحقيقا لمصلحة القاصر، وقد أوضحنا سابقا الشروط التي أوجبها القانون في الولي على القاصر، وسنبين في هذه الحلقة -بمشيئة الله وتوفيقه - الشروط التي تشترط في الوصي على القاصر، وفق ما نصّت عليه المادة «172» من قانون الأحوال الشخصيّة، حيث اشترطت في الوصي الذي يلي مصلحة القاصر أن يكون:

مسلمًا إذا كان الموصى عليه مسلما، وهذا شرط لا بُدّ منه؛ إذا لا ولاية من غير المسلم على المسلم، يقول الله: {وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}، وإذا كان الموصى عليه غير مسلم فلا يُشترط أن يكون الوصي مسلما.

كامل الأهلية، وذلك بأن يكون الوصي بالغاً عاقلاً، أمّا البلوغ فإنّ الوصي لا يمكن أن يكون وصيّا لغيره؛ لأنه نفسه بحاجة إلى من يعتنى به ويحافظ على أمواله، وأمّا المجنون فليس لديه الإدراك لإدارة أمواله، فكيف يكون وصيًا لغيره؟!

أمينًا، يُشترط فيمن يكون وصيًا لغيره أن يكون أمينًا، لأنّ غير الأمين لا يؤمن منه أن يأكل أموال القاصر ويبددها، وأقل ما يُقال في الأمين أن يكون حسن السيرة طيب السمعة، محافظًا على أمور دينه، بعيدًا عن ارتكاب الكبائر.

قادراً على القيام بمقتضيات الوصاية، من شروط الوصي المقدرة على إدارة أموال القاصر وصيانتها وتنميتها، أمّا إذا كان عاجزًا عن القيام بذلك سواء كان عاجزًا بدنيًا أو غير كفؤ لإدارة أموال القاصر فيخشى عليها من التلف والضياع، وبالتالي لا يصح أن يكون وصيًا على القاصر.

غير محكوم عليه في جريمة من الجرائم المخلة بالآداب أو الشرف؛ كالسرقة أو خيانة الأمانة أو النصب «الاحتيال» أو التزوير.

من يلي أمر القاصر لا بُد أن يكون متحليًا بفضائل النفوس وكريم الأخلاق بعيدًا عن سفاسف الأمور، ولذا اشترط النص أن يكون غير محكوم عليه في جريمة من الجرائم التي تتنافي مع شرف الإنسان ونزاهته كالسرقة والسلب والزنا والاحتيال والتزوير؛ لأنّ هذه الأفعال تتنافى مع العدالة والأمانة، فلا يجوز أن يلي أمر القاصر من كان محكومًا عليه في جريمة مخلة بالشرف ولو كان رد إليه اعتباره لأنّ النّص ورد عامًا فيبقى على عمومه.

وعبارة النص «غير محكوم عليه» يخرج منها من كان متهما في جريمة مخلة بالشرف إلا إنه لم يصدر عليه حكم بعد، أو حُكم ببراءته فلا يضر أن يكون وصيا للقاصر، لأنّ الجريمة لم تثبت في حقه.

غير محكوم عليه بالإفلاس، يشترط فيمن يلي أمر القاصر أن يكون غير محكوم عليه بالإفلاس، إذ المفلس ليس له وسيلة مشروعة للعيش، والحكم عليه بالإفلاس قد يعرض أموال القاصر للضياع والتبديد بسبب ملاحقة الدائنين له.

غير محكوم عليه بالعزل من وصاية، فلا يجوز أن يلي أمر القاصر من صدر عليه حكم بسلب ولايته، سواء كان على نفس القاصر أو غيره، فلو كان الوصي ــ مثلا ــ عن أحد القصر وحُكم بسلب ولايته لفقده شرطا من شروط الوصاية؛ فلا يجوز أن يكون وصيًا لقاصر آخر.

غير خصم في نزاع قضائي مع القاصر، ولا توجد بينهما عداوة، ولا خلاف عائلي يخشى منه على مصلحة القاصر، وهذا الشرط من الأهميّة بمكان؛ لأنّ الخلاف بينهما أو العداوة قد تؤدّي بأموال القاصر إلى الخطر.

وهذا الشروط كلّها تنصب في مصلحة القاصر حفاظًا على أموال القاصر وحسن إدارتها وصيانة لها من الضياع والتبديد والهلاك.

ونلحظ أنّ القانون لم يقصر الوصاية على الرجل فقط، فلم يشترط في الوصي أن يكون ذكراَ، بل أجاز للمرأة أن تكون وصية في أموال القاصر إذا انطبقت عليها الشروط المذكورة، وأيضًا لم يشترط القانون أن يكون الوصي شخصًا طبيعيًا، فيجوز أن يكون اعتباريًا، حيث نصّت الفقرة «أ» من المادة «174» من قانون الأحوال الشخصيّة على أنه: «يجوز أن يكون الوصي ذكراً أو أنثى، شخصًا طبيعيًا أو اعتباريًا منفردًا أو متعددًا، مستقلاً أو معه مشرف».

فقد أفاد هذا النـّص: أنّ الوصاية لا تقتصر على الذكورة، كما لا تنحصر في الشخص الطبيعي فحسب، بل يجوز أن يكون الوصي امرأةً أو شخصًا اعتباريًا كمؤسسة مثلاً، وأيضًا يمكن أن يكون الوصي منفردًا مستقلا بنفسه، أو متعددًا بأن يكون أكثر من وصي واحد، ويتأكد تعدد الأوصياء في حالة إذا ما كان للقاصر أموال كثيرة وفي بلدان متباعدة فيتعيّن وجود أكثر من وصي لسهولة الحفاظ عليها وحسن الاعتناء بها وصيانتها من الضياع وتنميتها.

،،، وللحديث بقيه ،،،