حتى لا تحاصرنا الحياة

24 نوفمبر 2025
24 نوفمبر 2025

لا يختلف اثنان على أن قضيتَي المسرّحين عن العمل من بعض شركات القطاع الخاص والباحثين عن العمل، تشكلان أهمية كبيرة لصون المجتمع واستقراره الاجتماعي ونموه وتطوره، وتعظيم عائدات إنتاجه في شتى المجالات.

ولنكن واقعيين أن الحكومة لوحدها لا تستطيع وأي حكومة أخرى استيعاب مخرجات التعليم في مؤسساتها بشكل سنوي - نظرا لاعتبارات عدة- فكل ما يمكنها استيعابه هو احتياجاتها في القطاعات المختلفة من خلال طرح فرص التعيين السنوية وفق المطلوب.

ولا يستطيع القطاع الخاص كذلك أن يقوم بنفس الدور؛ نظرًا لأن حجم هذا القطاع أقل من أن يلبي ويستوعب 100 ألف باحث عن عمل، بمعدل سنوي قرابة الـ50 ألفا من الخريجين؛ كونه أيضا يعاني من جوانب متعددة تحتاج إلى معالجات جذرية.

لكن الرهان الأوحد على هذا القطاع الذي يواجه عديد التحديات، وعلينا أن ندرك أن توسعة السوق بات أمرًا ملحًّا من خلال تخفيف الإجراءات وجعلها أكثر مرونة والنظر في تخفيف الأعباء المالية على كل الخدمات التي يحتاجها، وابتكار إجراءات مشجعة وعصرية ومتدرجة، وحتى في مسألة التعمين التي يجب أن تكون مرنة لندعم الجادين من أصحاب هذه الشركات في النمو والتطور بشكل مريح وآمن، وكذلك قضية الغرامات المالية التي لا بد أن تكون لها نظرة أقل صرامة، بدل أن تغلق مؤسسة ناشئة عليها التزامات مالية يمكن تجاوزها، إلى جانب توفير الفرص خاصةً للشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل عمود الاقتصاد في أي مجتمع في العالم، وإيجاد الحلول مع الشركات المتعثرة التي تفرض أرقامًا لواقع المسرّحين عن العمل شهريًّا لإيجاد حل مع القطاعات الأخرى بخلاف وزارة العمل لضمان استمرارها.

القطاع الخاص أولوية قصوى ويحتاج لكي ينمو ويكون قادرًا على استيعاب الأعداد المتزايدة من الخريجين، خطوات خارج الصندوق وتكاملية مع المؤسسات الحكومية والعمل في مسار واحد، من خلال توسعة السوق التي تهدف إلى تقوية الاقتصاد لإيجاد حالة تدوير يستفيد منها الجميع، بزيادة استقطاب الشركات العالمية والسياح وجعل بيئة الأعمال أكثر جاذبية ومرونة للداخل والخارج.

لا أحد يُنكر أن هناك جهودا كبيرة تُبذل لتعزيز دور القطاع الخاص لكن مع المراحل التي نقطعها لا تحقق الأثر الاقتصادي المطلوب؛ لأننا تأخرنا كثيرا في بناء منظومة اقتصادية مؤثرة في المنطقة رغم ما يتوفر لدينا من إمكانيات كبيرة تحتاج إلى خطوات أكبر في استغلالها.

وجود قطاع خاص قادر على استيعاب تقلبات السوق يعني وجود فرص عمل، وبناء هذا الكيان المهم سيخفف العبء عن الحكومة، ووجود قطاع فاعل ومؤثر سيقلل من عملية تعثر الشركات والتسريح لأبنائنا الذين يحتاجون إلى معالجة أوضاعهم من خلال إعفاءات من الكهرباء والماء ودعم حكومي مادي لتوفير الحد الأدنى للمستلزمات الأساسية للعيش لهذه الفئة حتى يحصل على فرصة عمل أخرى يبدأ معها تحمّل نفقاته دون أثر رجعي، فانهيار أي أسرة في المجتمع تحت وقع متطلبات الحياة اليومية أمر يحتاج إلى إعادة نظر فاحصة ودقيقة.