الوحدة التربوية بين الاستراتيجية والتكتيك

16 أبريل 2024
16 أبريل 2024

من خلال عملي لسنوات طويلة في التربية، فقد تعلمت أن الوحدة التربوية هي الأولى من بين كل الوحدات بأن تكون لديها استراتيجية تتضمن كافة أهدافها الإنسانية والتربوية والتعليمية والصحة والسلامة، وذلك لأهمية وحساسية دورها في حياة الأطفال والمتعلمين.

لقد حددت اليونسكو للوحدات التربوية أربعة أبعاد مهمة للتعليم، وهي أن يتعلم الطفل ليكون، ويتعلم ليعرف، ويتعلم ليعمل، ويتعلم ليعيش.

وكذلك حددت اليونسكو في مؤتمر داكار أن رعاية الطالب -وليس فقط تعليمه- هو أحد أهم أهداف التعليم المهمة.

عندما نفقد أرواح الأطفال، مرة اختناقًا في الحافلات المقفلة، ومرة في حوادثها، ومرات في الأودية وهم في طريقهم من وإلى المدرسة، فالوحدة التربوية هنا يتساقط منها بعد التعلم للكينونة، وكذلك يسقط منها هدف رعاية وسلامة المتعلم، ففقد الطفل أو المتعلم هو من أشد خسارات الوطن، فكل شيء يمكن أن تصلحه التربية أو تسترجعه إلا من فقدت روحه.

ومن هنا، يأتي تحدي الاستراتيجية والتكتيك للوحدة التربوية، فالحفاظ على روح الطالب ورعايته هو الهدف الاستراتيجي الأول والأهم والأشد إلحاحًا من بين الأهداف الاستراتيجية للوحدة التربوية، ولا يمكن أن يترك هذا الهدف الاستراتيجي المهم ذو الأولوية القصوى للتكتيكات الفردية وليدة اللحظة والموقف.

نحن في بلد متنوع التضاريس، وحيث تباغتنا العواصف والأودية كمتلازمة لجغرافية ومناخ البلد، فإن وضع الخطة الاستراتيجية للحفاظ على سلامة أرواح الأطفال والطلبة ورعايتهم هو من أولى الأولويات، وأن توفر وتوضح الخطط والعناصر والأدوات الأساسية والاحتياطية والتكتيكات على مستوى المدارس والأفراد العاملين في أقرب وأبعد وأقصى مدرسة، حسب المهددات الجغرافية والمناخية القريبة من المدارس من جبال وشطآن ووديان وغيره، فلا يمكن أن يترك هذا الهدف الاستراتيجي لتخمينات المعلمين وتكتيكاتهم الفردية وليدة اللحظة أو لسائقي الحافلات والمركبات وتوقعاتهم الشخصية وقتها.

الموضوع صعب ومعقد في بدء التخطيط الاستراتيجي لهذا الهدف المهم، لكنه يصبح سهلا مع وضع الخطط والأدوات وعناصر العمل المختلفة، مثل بقية الأهداف الاستراتيجية الأخرى التي تقوم بها الوحدة التربوية كالتدريس، والامتحانات، والتقويم والتقييم، والإشراف، وسلامة المباني والأدوات وغيره.

ربما أكثر ما يؤخذ على الوحدة التربوية لدينا عدم وضع نقل الطلبة الآمن كهدف استراتيجي، فقد شهدنا العديد من الحوادث المؤسفة في الباصات، إلى أن بدأ الاهتمام الجدي والحثيث بعملية النقل المنضبط.

لكن هل أخذت الوحدة التربوية موضوع النقل الآمن من كل خطر، ومنه خطر الأمطار والأودية كهدف استراتيجي يحتاج خطط وعمل وأدوات، أم ترك لاجتهادات الأفراد والعاملين لحظتها، والتي قطعا تكون قاصرة وغير كافية أمام خطورة الأودية والسيول ومباغتاتها غير المتوقعة؟

د. طاهرة اللواتية إعلامية وكاتبة