السهم الوقفي من منظور اقتصادي

03 مايو 2021
03 مايو 2021

يعتبر السهم الوقفي صدقة جارية أو وقفا خيريا ينتفع به المسلم بعد موته مصداقًا لقول الرسول صل الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له»، والأسهم الوقفية يتم تشغيلها في إقامة مشروعات استثمارية تخصص أرباحها لأوجه الخير المختلفة والتي يحددها أصحابها لتكون صدقة جارية لهم أو لذويهم، وعندما ننظر إلى الوقف بشكل عام فهو موجود في السلطنة منذ عشرات السنين فلا تخلو قرية أو مدينة إلا بها أوقاف مخصصة سواء كانت أموال (مزارع) أو مباني أو أراضي.

وأطلقت العديد من الوزارات وهيئات الأوقاف وبعض الجمعيات الخيرية الخليجية فكرة الأسهم الوقفية منذ سنوات عديدة وقد انتقلت هذه الفكرة من الخليج إلى مناطق أخرى حول العالم، وتعتبر السلطنة ودول الخليج رائدة في تبني الأسهم الوقفية - ومنذ عام 1999 أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في السلطنة عن مشروع الأسهم الوقفية، وحددت الوزارة في حينه مقدار السهم الوقفي بعشرة ريالات عمانية وتبنت العديد من الجمعيات والمراكز الخيرية المنتشرة في مختلف ولايات ومحافظات السلطنة السهم الوقفي وأقامت مشروعات وقفية تدر دخل على المحسنين المساهمين فيها.

والفكرة بسيطة جدًا وتتمثل في نقل القدرة على الوقف إلى عموم المسلمين عبر المساهمة في وقف خيري بشراء سهم أو عدة أسهم حسب القدرة، وحسب الفئات المحددة في مشروع معين ينفق ريعه على أوجه الخير المحددة وفقًا للسهم وحسب رغبة المساهم.

وتقوم وزارة الأوقاف والشؤون الدينية باستثمار هذا المال في مشروعات وقف ثابتة ينفق ريعها على بناء المساجد، وترميمها، وإقامة مدارس لتحفيظ القرآن الكريم ومساعدة ذوي الحاجة وخدمة كتاب الله الكريم، وتأثيث منازل الأسر المحتاجة، والمطلقات والأرامل واليتامى والمساهمة في وقفية فطرة صائمي شهر رمضان والقرض الحسن وغيرها من أوجه الخير.

وعندما ننظر إلى هذه العملية من ناحية اقتصادية نجد أنها تنسجم مع النظرية الاقتصادية الإسلامية والتي تقوم على العدالة في توزيع الثروة والتكافل والتعاون بين أفراد المجتمع بحيث يعطي الغني جزءًا من ماله الذي هو مال الله إلى الفقير المحتاج، والزكاة والصدقة والأسهم الوقفية والهبات كلها أعمال جليلة تؤدي إلى التوازن في توزيع الأموال بحيث يستفيد منها الجميع وتساعد في التنمية الاقتصادية من خلال تبني أصحاب الأموال إقامة مشروعات ذات بعد اجتماعي واقتصادي تخدم المجتمع بشكل عام حيث أن تلك المشروعات كانت ستقوم الدولة بتنفيذها لو لم يتبناها أهل الخير من هنا فسوف ستتوفر مبالغ يمكن تخصيصها الأعمال أخرى.

ويبقى أن نقول إن هذه التجارب الوقفية تحتاج إلى تعميم وترويج لها في مجتمعاتنا العربية والإسلامية فهي إحدى الوسائل المهمة لمكافحة الفقر، وتشجيع روح المبادرة والتكافل بين أفراد المجتمع المسلم وكذلك تحيي سنة نبوية تنفع الإنسان في آخرته، فهي استثمار دنيوي وأخروي في آن واحد فكرتها جدا طيبة ومثمرة ومفيدة في الدنيا والآخرة بإذن الله تعالى كما أنها أنها غير مكلفة ولا ننسى أنها صدقة وقفية جارية لا تنقطع في الحياة وبعد الممات وهذا أجمل ما في الأعمال الوقفية فلنبادر في هذه الأيام المباركة للمساهمة في شراء أسهم وقفية لتنفعنا في آخرتنا.