مؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية تحتفل بيومها السنوي وتطلق شراكات مجتمعية
تغطية: ماجد الندابي تصوير: شمسة الحارثية
نظمت مؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية اليوم حفلها السنوي الرابع تحت رعاية معالي الدكتور هلال بن علي السبتي وزير الصحة، وبحضور عدد من أصحاب المعالي والسعادة، والرؤساء التنفيذيين والمهتمين بالقطاع الوقفي .
وجاء الحفل ليشكل محطة سنوية تستعرض فيها المؤسسة منجزاتها خلال عام كامل، وتقدم قراءة شاملة لتوجهاتها وخططها المستقبلية الرامية إلى تعزيز الدور التنموي للوقف في خدمة المجتمع، وإطلاق شراكات مجتمعية موسعة بما ينسجم مع رسالتها الإنسانية والعلمية والدعوية.
وقال سيف بن سالم البوسعيدي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية، أن المؤسسة تمضي بخطى ثابتة نحو ترسيخ العمل الوقفي المؤسسي وتعزيز أثره المجتمعي، مستلهمة رؤيتها من سيرة الإمام جابر بن زيد رحمه الله، الذي جمع بين العلم والعمل، وأسهم في إصلاح المجتمع وبناء الإنسان، وأوضح أن فلسفة المؤسسة تقوم على تكامل الجهود وتضافر القدرات من أجل الإسهام في صلاح الإنسان وتنمية المجتمع، من خلال الجمع بين إدارة الوقف بكفاءة عالية، وتنفيذ برامج نوعية تُعنى ببناء الإنسان في مختلف المجالات المتقاطعة مع أهداف المؤسسة.
وأشار البوسعيدي إلى أن المؤسسة اعتمدت منذ انطلاقتها نموذجا مؤسسيا قائما على الحوكمة، والفصل بين مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية، وفق الأطر التي أرستها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، مبينا أن هذا النهج أسهم في تعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة، وضبط إدارة المخاطر، إلى جانب الالتزام الكامل بالتوافق الشرعي في جميع أعمال المؤسسة وبرامجها.
وبين الرئيس التنفيذي أن المؤسسة أعدت خطتها الاستراتيجية الأولى بعد دراسة معمقة لواقع القطاع الوقفي، وعلى الرغم من التحديات التي فرضتها جائحة كورونا في تلك المرحلة، فإن العمل استمر بوتيرة متصاعدة، وأضاف أنه تم لاحقا إعداد خطة استراتيجية جديدة تمتد لخمسة أعوام، ترتكز على مراحل واضحة تبدأ بتعزيز الأساس، ثم النمو والتوسع، وصولا إلى التحسين والابتكار، وتتضمن أربعة أهداف استراتيجية وأكثر من ثلاثين مشروعا موزعة على مختلف مجالات عمل المؤسسة.
وأوضح البوسعيدي أن المؤسسة حققت نموا ملحوظا في عوائدها الوقفية، حيث تضاعفت الإيرادات بنحو ستة أضعاف منذ عام 2013 وحتى عام 2025، مؤكدا أن سياسة المؤسسة تقوم على عدم المساس بالأصول الوقفية، والاكتفاء بإنفاق عوائدها، مع توزيع تلك العوائد بنسبة 70% للبرامج والتشغيل، و30% لتعظيم الأصول الوقفية وإعادة استثمارها، بما يضمن الاستدامة المالية طويلة المدى.
وأكد أن من أبرز المشاريع الاستراتيجية التي نفذتها المؤسسة تأسيس صندوق استثماري وقفي مرخص من هيئة سوق المال، استطاع تحقيق أداء يفوق المؤشرات المعيارية، الأمر الذي يعزز استدامة الموارد المالية للأوقاف، ويدعم تنفيذ البرامج والمشروعات بعوائد مستقرة وقابلة للنمو، كما أشار إلى تنفيذ عدد من البرامج النوعية، من بينها برنامج «صُنع الأثر الوقفي» لتأهيل القيادات الوقفية على مستوى سلطنة عُمان، إضافة إلى الملتقيات والندوات الوقفية، والبرامج الموجهة للشباب والمقبلين على الزواج، فضلا عن البرامج الإعلامية والعلمية التي تسهم في تعزيز الوعي الوقفي والثقافي في المجتمع.
وفي سياق متصل، أعلن البوسعيدي عن إطلاق مشروع التحول الرقمي الشامل للمؤسسة، من خلال نظام رقمي متكامل لإدارة العمليات التشغيلية والمالية والاستثمارية، وإدارة المشاريع، بما يسهم في رفع مستوى الكفاءة المؤسسية، وتعزيز الرقابة، ودعم اتخاذ القرار المبني على مؤشرات أداء دقيقة.
وتضمن الحفل عرض فيلم تعريفي استعرض ملامح التجربة الوقفية للمؤسسة ، مسلطا الضوء على مفهوم الوقف بوصفه روحا للعطاء المتجدد، وبذرة خير تنمو مع الزمن، قد لا يُرى أثرها دائما بالعين، لكنه حاضر في تفاصيل الحياة اليومية، وأبرز الفيلم الشراكة المؤسسية التي تقوم عليها أعمال المؤسسة، من خلال نظام عمل متكامل يرتكز على الرحمة، وحسن الإدارة، ورؤية تضع الإنسان في صدارة الأولويات، كما استعرض مسيرة المؤسسة باعتبارها منارة للعمل الوقفي المؤسسي، تستلهم رسالتها من القيم الوسطية، وتسعى إلى بناء الإنسان قبل المكان، عبر مشاريع متنوعة في مجالات التعليم، والتدريب، والتأهيل، والتنمية المجتمعية، داخل سلطنة عُمان وخارجها، كما توقف عند الملتقى الوقفي الثالث، الذي شهد مشاركة أكثر من 500 مشارك، و18 متحدثا، واحتضن ورشتين تدريبيتين، وثلاث جلسات علمية، وحلقة نقاشية، بمشاركة أكثر من 72 جهة حكومية وخاصة ووقفية وخيرية، واختُتم بتوقيع عدد من مذكرات التفاهم التي فتحت آفاقا جديدة للتعاون والشراكة.
وسلط الفيلم الضوء على برنامج «صُناع الأثر الوقفي» في نسخته الخامسة، الذي شارك فيه 26 متدربا ومتدربة، وقدم لهم 11 محاضرا عبر ثماني دورات متخصصة بإجمالي 100 ساعة تدريبية، وأسفر عن إنتاج 22 بحثا وقفيا شكلت قاعدة معرفية تسهم في تطوير العمل الوقفي مستقبلا، كما تناول الفيلم عددا من البرامج التدريبية الأخرى، من بينها ورشة الزواج السعيد التي استهدفت المقبلين على الزواج، وناقشت الجوانب الشرعية والقانونية والنفسية والمالية والصحية، بمشاركة خمسة متحدثين وأكثر من 70 مشاركا، إلى جانب حلقة المعايير الشرعية بمشاركة 33 جهة، وبرنامج تنمية مهارات المدربين، فضلا عن النسخة الثانية من برنامج صيفي الذي استفاد منه أكثر من 900 مشارك خلال 63 يوما.
كما أبرز الفيلم مخيم «إقدام» الموجه للشباب، بوصفه تجربة ملهمة تعزز روح المبادرة والعمل الجماعي وتحمل المسؤولية، وتسهم في بناء شخصية شبابية واعية، وتطرق كذلك إلى مشاركات المؤسسة في المؤتمرات والمحافل العلمية داخل السلطنة وخارجها، واستقبالها وفودا رسمية محلية ودولية في إطار تبادل الخبرات وتوسيع مجالات التعاون، إلى جانب حملات الخير الموسمية في شهري رمضان وذي الحجة، التي جسدت امتداد الأثر الوقفي إلى مختلف فئات المجتمع.
وشهد الحفل توقيع مؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية عددا من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، شملت اتفاقية تعاون مع جامعة السلطان قابوس دعما لمشروع الإجازات القرآنية والدورات التجويدية، واتفاقية تعاون مع المدينة الطبية الجامعية دعما لسكن الرحمة التابع لمركز السلطان قابوس المتكامل لعلاج مرضى السرطان، إلى جانب مذكرة تفاهم مع المؤسسة الوقفية الصحية «أثر» بهدف ترسيخ الشراكات الاستراتيجية وتعزيز التكامل والتعاون في خدمة الوقف الصحي وبناء منظومة وقفية متقدمة قادرة على مواكبة التحديات المعاصرة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما وُقعت مذكرة تفاهم مع مؤسسة بوشر الوقفية لإقامة إطار تعاون مؤسسي راسخ يهدف إلى الارتقاء بالقطاع الوقفي في سلطنة عُمان، وتعزيز أثره وجودته واستدامته، وضمان التوافق مع مقاصد الشريعة الإسلامية.
وتضمن الحفل تسليم مبادرات العطاء لعدد من الفرق الخيرية في مختلف محافظات سلطنة عُمان، دعما للمجتمع في مجالي التعليم والعطاء الإنساني، حيث شمل ذلك دعم برنامج طلاب الرسالة لتحفيظ القرآن بمحافظة مسقط، ومبادرة الأيتام والمعسرين وذوي الدخل المحدود بمحافظة ظفار، ومبادرة كفالة الأسر المتعففة بمحافظة شمال الباطنة، والملتقى الصيفي للقرآن وعلومه بمحافظة الداخلية، وصيانة منزل أسرة أيتام بمحافظة مسندم، ورعاية كبار السن في بيوتهم بمحافظة جنوب الشرقية، إضافة إلى مبادرات عيدية اليتيم بمحافظة البريمي، ومبادرة إحسان لتوفير الأجهزة والأثاث للأسر الأشد حاجة بمحافظة الظاهرة، ودعم الرسوم الدراسية لطلاب الجامعات بمحافظة الوسطى، والبرنامج العلمي بمحافظة جنوب الباطنة، ومبادرة التغذية الشهرية للأسر المعسرة بمحافظة شمال الشرقية.
كما تخلل الحفل عقد جلسة حوارية جمعت المؤسسة بشركائها، جرى خلالها استعراض التوجهات الاستراتيجية للمؤسسة وآفاق تطوير المشروعات الوقفية المتسقة مع رسالتها، إلى جانب الاستماع لآراء الشركاء وتبادل الخبرات والأفكار، بما يسهم في توسيع مسارات العمل المشترك وتعزيز المبادرات الهادفة إلى خدمة المجتمع ودعم نموه.
وصاحب الحفل تقديم ورشة شرعية بعنوان «بين الوقف والوصية.. ضوابط شرعية وتطبيقات عملية»، قدمها الدكتور أحمد بن سالم الخروصي، الأكاديمي بجامعة السلطان قابوس، بمشاركة أكثر من 100 مشارك، وتناولت الورشة عددا من المحاور الرئيسة، شملت مدخلا تأصيليا لأهمية الوقف والوصية في الشريعة الإسلامية ومقاصدهما في تحقيق التكافل والاستدامة المالية، إلى جانب عرض المفاهيم والتمييز الشرعي بين الوقف والوصية من حيث الأحكام والآثار، واستعراض الضوابط الشرعية الحاكمة لإنشائهما، وأبرز الأخطاء الشائعة في الصياغة والتنفيذ، إضافة إلى تقديم تطبيقات عملية ونماذج واقعية.
