No Image
بريد القراء

التخطيط ودوره في بلوغ الأهداف المؤسسية «2»

18 ديسمبر 2025
18 ديسمبر 2025

د. علي بن محمد الدرمكي

يعد التخطيط أحد مرتكزات العمل المؤسسي، حيث يضمن للمؤسسة تحقيق الأهداف المخططة، إلا أن تحقيق الأهداف أمر بالغ التعقيد وبالغ الأهمية لارتباطه بالاختصاصات وفقا للهيكل التنظيمي والرؤى الوطنية والخطط الاستراتيجية ومع هذا فإن هناك عدة عوامل تسهم في تحقيقه وتعد هذه العوامل هي نقاط القوة لضمان بلوغ المستهدفات في تقسيمات المؤسسة، وكلما كان لدى القيادة والأفراد الوعي الكامل بهذه العوامل وأهمية تطبيقها عند العمل، سهل تنفيذ الأهداف وضمان تحقيقها والعكس تماما في حال تجاهل هذه العوامل أو إغفالها ستحول دون الوصول إلى المستهدفات المراد بلوغها من قبل المؤسسة.

إن عوامل القوة في أي مؤسسة عبارة عن العوامل التي تجعل المؤسسة تنافسية ومتميزة، وأول عامل من عوامل القوة في التخطيط هو عامل القيادة، لأن القيادة هي مالكة القرار وكامل الصلاحيات في المؤسسة، حيث يتوجب على القيادة أن تكون لها رؤية ثاقبة متكاملة مع الغايات والرؤى الوطنية، فتوجه أهداف المؤسسة الاستراتيجية للتوافق مع الرؤية الوطنية وتضمن تكامل ومواءمة الأهداف التشغيلية مع الأهداف الاستراتيجية، كما يتوجب على القيادة أن تتسم بمهارات اتصال فاعلة وآليات تواصل فعّالة مع العاملين وأصحاب العلاقة والمستفيدين.

وتعد الموارد البشرية أحد العوامل الأساسية، فيجب أن تكون الموارد مؤهلة في مجال عملها، بدءا من المخططين، وصولا إلى كافة الموظفين بالتقسيمات الفنية كلا وفق مجاله، حيث يجب أن يتميز كل منهم بخبرات عميقة ومهارات فنية متخصصة تمكنهم من تخطيط أهدافهم بالصورة الصحيحة، وعليهم أن يتحلوا بأخلاقيات العمل المناسبة التي تقودهم إلى إنجاز مهام العمل المنشودة، ويجب أن يدركوا مسار عملياتهم جيدا، ونقاط تكاملهم مع التقسيمات لضمان المواءمة في العمل وتوحيد الرؤية في مخطط سير الأهداف بما يضمن تعظيم الإنتاجية وجودة الخدمات كما يتوجب التخطيط للموارد المالية، حيث إنها تعد من أهم العوامل في تحقيق أهداف الخطة، فلا أهداف فاعلة دون أموال، فالاستقرار المالي في المؤسسة إحدى نقاط القوة في المؤسسة، ويجب على القيادة أن تتحقق من أن إدارة الأموال تكون فاعلة للموارد المالية والاستفادة منها في الأولويات وتضمن تحقيق الأهداف المخططة، وعليها أن تتأكد من الآليات التي تسير عليها التدفقات النقدية في المؤسسة، فالموارد المالية هي عصب المؤسسة، ومن الضروري مراقبتها ومتابعة إجراءاتها بما يضمن تحقيق الأهداف المنشودة.

كما يعد عامل الثقافة المؤسسية لبنة رئيسية في تخطيط الأهداف وتحقيقها، فمن خلال الثقافة يتضح سلوك الموظفين والذي غالبا ما يكون عادة لديهم، فعلى سبيل المثال خلق ثقافة الابتكار في المؤسسة سلوك يسهم في التفكير الإبداعي للعاملين والخروج عن المألوف، فيعمل على تبسيط الإجراءات مثلا أو التخلص من البيروقراطية في العمل أو يسهم في التقليل من الهوادر بمختلف أنواعها بما يسهم في تحسين الخدمات وتعظيم الإنتاج، كما يعمل التعاون والتكامل بين الموظفين والتقسيمات إلى خلق الروح الإيجابية للإنجاز، فيما يدعو سلوك المسألة إلى احترام لوائح وقوانين العمل المنظمة ويسهم في الإصلاح المؤسسي بما يضمن كفاءة الأداء المؤسسي.

وأخيرا يأتي التخطيط كأداة لرفع سمعة المؤسسة والحفاظ على مكانتها وتميزها كأحد العوامل التي يجب أن يحرص عليها جميع العاملين قيادةً وموظفين، فهي أحد مرتكزات القوة للمؤسسة، وهي من تجذب المستفيدين من الخدمات أو تبعدهم عن المؤسسة، لذا وجب على الجميع المحافظة على سمعة المؤسسة وأن يضعوا حماية ممتلكاتها نصب أعينهم مع ضمان الحرص على استدامة منجزاتها، وخلق صورة إيجابية وقوية للعلامة التجارية في السوق.

إن التخطيط لكل هذه العوامل مجتمعة يجب أن تكون حاضرة لدى القيادة عند تخطيطها لأهداف مؤسساتها، والعمل على تجنب كل المخاطر الممكنة قبل حدوثها، كما يتوجب أن تكون هذه الأهداف واضحة ومفهومة لكل العاملين حتى يتسنى لهم إنجاز المستهدفات بكل تركيز ودقة وإتقان.

إن تخطيط الأهداف أمر في غاية الأهمية، فهو يضمن تنظيم العمل ووحدة الرؤية في إنجاز العمل، كما يبعث الطمأنينة في نفوس العاملين نتيجة لوضوح المهام، ويمكنهم من خلال المراقبة معرفة نقاط القوة في العمل ونقاط الضعف، فيساعدهم على إدارة المخاطر والتغلب على الإخلالات والمعوقات التي قد تواجههم بالعمل، كما يسهم التخطيط في إبراز الفرص التي يمكن أن تستفيد منها المؤسسة في تعظيم النتائج المخططة وتضمن التحسين الخدمات المقدمة بما يسهم في تحسين الأداء المؤسسي بشكل عام. «للحديث بقية».