No Image
رأي عُمان

عُمان وبيلاروس.. مستقبل من التعاون والشراكة

04 أكتوبر 2025
رأي عمان
04 أكتوبر 2025

تنتهج سلطنة عُمان بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- سياسة بناء الشراكات التي تربط الدبلوماسية بالاقتصاد الواقعي. وتراهن عُمان المتحفزة لتنويع مصادر الدخل على الأطر القانونية، ونقل التقنية، وفتح الأسواق. ونجحت إلى حد كبير في هذه الاستراتيجية خلال السنوات الخمس الماضية رغم التحديات الكبيرة التي أحاطت بالعالم؛ نتيجة معادلات الحروب والاقتصاد، وتحولات النظام العالمي. لكن حكمة التوازن التي يمسك بها عاهل البلاد المفدى انعكست إيجابا على عُمان اقتصادا وسياسة وأمنا. 

وتأتي الزيارة التي يقوم بها غدا عاهل البلاد إلى بيلاروس في سياق بناء الشراكات، وتحويل الصلات الواسعة إلى مشاريع محددة ترفع الصادرات غير النفطية، وتبني قدرات تقنية، وتؤكد صورة عُمان بوصفها شريكا موثوقا في اقتصاد عالمي مضطرب كما تؤكد الرؤية العميقة التي تسير وفقها خارطة الاقتصادي العماني في ظل وضوح «رؤية عمان 2040». 

ويملك البلدان عُمان وبيلاروس أساسا عمليا صالحا للمزيد من البناء؛ حيث سبق للبلدين توقيع عدد من اتفاقات الاستثمار، والنقل الجوي، ومنع الازدواج الضريبي، والتعاون بين غرفتي التجارة في البلدين ما يعني أن الطرق ممهدة كثيرا لتحقيق المزيد من الاستثمارات المشتركة، والتبادل التجاري، والاستفادة من التقدم التكنولوجي؛ حيث تمتلك بيلاروس قاعدة صناعية متعددة خاصة في المعدات الزراعية، والأجهزة الطبية، والمكوّنات الكهربائية والبرمجيات فيما تملك سلطنة عمان بنية أساسية متقدمة في مجال اللوجستيات، ومعطيات تنظيمية، وموانئ عميقة، ومناطق حرة ونفاذا إلى أسواق الخليج وآسيا وأفريقيا ما يعني أن البلدين مهيآن للعمل على دمج الكثير من سلاسل التوريد، وربطها بمختلف أسواق العالم. 

هناك فرص استثمارية مختلفة خاصة في الاستثمار في القطاع الصحي، والقطاع الدوائي، وقطاع الموانئ، وفي التعليم والابتكار. وسلطنة عُمان لديها التوجه والإرادة السياسية للدخول في مثل هذه الشراكات مع دول مشهود لها بالكفاءة، ولديها القدر الكافي من الرغبة الصادقة في الدخول في مثل هذه الشراكات. 

لا شك أيضا أن الاستثمار السياسي لدى شريك اقتصادي يحمل أهمية كبرى في المشهد العالمي الجديد الذي تحركه بشكل أساسي التوجهات الاقتصادية. والموقع المهم التي تحتله بيلاروس في أوروبا من شأنه أن يسهم في بلورة رؤى متقاربة لمشاريع السلام في العالم. ودائما يعطي الاقتصاد وسلاسل التوريد قوة تفاوض من شأنها دعم الدبلوماسية. 

بيلاروس شريك استراتيجي في المجال الاقتصادي يمكن لسلطنة عمان أن تبني معه المزيد من الاستثمارات، ولكن في الوقت نفسه لا بد أن تضع نصب أعينها أهمية نقل التكنولوجيا، واستيعاب التجارب الناجحة هناك سواء في المجالات الزراعية، أو في دعم الابتكارات، أو التعليم، والصحة، وهذا الجانب هو الأهم على المديين المتوسط والبعيد، وهو الذي يمكن أن يجعل للمكاسب الاستثمارية قيمة مضاعفة.