منوعات

الخفافيش بريئة من مشاعر الخوف التي تبثها أفلام الرعب

01 أكتوبر 2025
خبراء يدعون إلى التعاطف معها
01 أكتوبر 2025

برلين "د.ب.أ": مع اقتراب احتفالات الهالوين حيث يختار المحتفلون أقنعة أو صورا مخيفة، لا يوجد سوى عدد قليل للغاية من المخلوقات ترتبط في خيال الناس بشكل وثيق، بالصور المرعبة أو تذكرنا بالأشباح مثلما تثيره الخفافيش.

فهي تبدو بآذانها الكبيرة وأسنانها الحادة وتحليقها في الجو ليلا، بشكل غريب يثير الخوف في القلوب، وعلى مدى زمن طويل غذت الخفافيش المخاوف من مصاصي الدماء وحاملي الأمراض وناقلي العدوى.

وكثيرة هي الأفلام التي تظهر فيها الخفافيش لترمز غالبا إلى الكوارث والشرور، وعلى سبيل المثال نجد فيلم الرعب من إنتاج عام 2023 "الرحلة الأخيرة لديميتر"، حيث يبث دراكولا الذي يظهر بأجنحة مثل الخفاش، الرعب في طاقم سفينة تسمى ديميتر في عرض البحر، وأيضا النسخة المعاد إنتاجها مؤخرا من الفيلم الكلاسيكي "نوسفيراتو" من إنتاج عام 1922 عن مصاص الدماء دراكولا، الذي تستدعي أسنانه الحادة شكل أنياب الخفاش.

ولكن هل هذه المخلوقات مخيفة حقا كما يظهرها المخرجون على الشاشة الفضية ؟.

يحاول ماركوس ستيجليجر وهو محاضر في دراسات الأفلام بمدينة ماينز الألمانية، أن يرد على هذا التساؤل فيقول إنه "من المعروف أن الخفافيش تمارس نشاطها ليلا، وبالتالي فمن النادر أن نراها إلا لفترات قصيرة للغاية، كما أن حياتها تبدو غامضة وخفية"، وفي السنيما يتولد انطباع عند المتفرجين بأن أجنحتها الجلدية الخالية من الريش، وأسنانها الحادة تشكل صورة بصرية موجزة مثيرة للفزع". ويقول المحاضر "كلما قلت معرفتنا بحقيقة هذه الحيوانات، كلما أصبح الرمز المثير للرعب أكثر تأثيرا".

وارتبطت الخفافيش منذ زمن طويل بمصاصي الدماء، وأكثرهم شهرة دراكيولا في رواية للروائي الإيرلندي برام ستوكر بذات الاسم التي صدرت عام 1897، على الرغم من أن الأساطير التي تربط مصاصي الدماء بالخفافيش تعود إلى أوائل القرن الثامن عشر.

يشير عالم الأدلة الجنائية والطب الشرعي مارك بنيكه، إلى أن الأخطاء في تشريح جثث الموتى ساعد على انتشار هذه الخرافات.

بينما يقول رئيس جمعية دراكولا ترانسلفانيا، وهي منظمة مكرسة لدراسة القصص التراثية التي تدور حول مصاصي الدماء، إن الحكايات الشعبية تروي أن أرواح الموتى ترفرف على الأماكن، بينما يحوم مصاصو الدماء بين العوالم متجنبين ضوء الشمس، ويضيف إنهم "دائما ما يتنقلون هنا وهناك ويحلقون كثيرا مثل الخفافيش".

ومن الواضح أن هذه المخاوف وأحاسيس الرعب، الناتجة عما يحيط بالخفافيش من غموض لا أساس لها من الصحة، وفي الواقع تشكل الخفافيش في أوروبا تهديدا ضئيلا للبشر، وفقا لقول اتحاد الحفاظ على الطبيعة والتنوع البيولوجي .

ويوضح الاتحاد أن هذه المخلوقات نادرا ما تنقل الأمراض، ويمكن أن ينتقل داء الكلب فقط عن طريق لدغات نادرة منها، كما أن الخفافيش لا تحمل نوايا عدوانية من تلقاء نفسها على الإطلاق.

ومن المعروف أن الخفافيش الأوروبية لا تمص الدماء، وهناك ثلاثة أنواع فقط منها في أمريكا الوسطى، تتغذى على دم الثدييات أو الطيور وبدون أن تقتلها.

ومن ناحية أخرى تواجه الخفافيش ذاتها تهديدات خطيرة، وتوضح بيانات الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، أنه من بين 1336 من أنواع الخفافيش التي تم تقييمها عالميا، يصنف 25 نوعا منها على أنها مهددة بالإنقراض بشكل خطير، و87 نوعا على أنها معرضة للانقراض.

ويشير الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، إلى أن الخفافيش من بين الحيوانات الأكثر عرضة للانقراض في العالم، وتواجه "تهديدات غير مسبوقة" اعتبارا من فقدان البيئات الطبيعية التي تعيش فيها، إلى جانب التغير المناخي وأنواع الكائنات الغازية التي تهددها والأمراض.

ويقول الاتحاد إنه في بعض المناطق اختفت أعداد منها بالكامل، في أعقاب حدوث نفوق جماعي غامض.

ويوضح عالم الاتصالات دانيال بوسلر من جامعة وسائل الإعلام بمدينة هانوفر، أن الخفافيش التي تظهر في الأفلام السنيمائية لا زالت تخيف الكثير من المتفرجين، لأنها تترك انطباعا لديهم بأنها حقيقية وليست لقطات تمثيلية.

ويقول بوسلر إن المتفرجين يشعرون بالخوف في البداية ولكنهم بعد مرور فترة من الوقت فقط، يتذكرون أن ما يشاهدونه هو مجرد نوع من الرواية والخيال، ويضيف إنه بالإضافة إلى حبكة القصة يعتمد مخرجو الأفلام على المؤثرات، التي تعطي إحساسا بأن ما يحدث في الفيلم قريب من الواقع، مثل استخدام الموسيقى التي تثير الإنزعاج والخوف أو استخدام زوايا الكاميرا في التصوير لتكثيف المشاعر وإثارتها.

ويشير بوسلر إلى أن الخوف يعد مثالا حيا لمثل ردود الأفعال الغريزية هذه، ويقول إن "الدراسات تبين أن معظم الناس يشعرون بشكل لا إرادي بالخوف، مع محفزات مثل الظلام أو الصراخ أو صور الوجوه المشوهة الغاضبة، أو بعض الحيوانات والحشرات مثل الثعابين أو العناكب.

ويقول إن مخرجي أفلام الرعب يستخدمون هذه المحفزات عمدا لإثارة المشاعر القوية، ويضيف "يستمتع الكثيرون بمشاعر الخوف والقلق التي تولدها أفلام الرعب والإثارة، كما يستمتعون بالإثارة العاطفية".

ويتابع بوسلر فائلا إنه إذا تمكن المتفرجون من التعامل مع المشاعر السلبية، "فإنه يمكن أن يعقب ذلك مشاعر إيجابية مثل الزهو أو الشعور بالسيطرة".