ثقافة

شهادات تضج بالفقد وتصدح بصوت الشاعر الراحل حمد الخروصي

07 أغسطس 2025
"عشرة أصابع عمر مشواري"
07 أغسطس 2025

امتلأت الكراسي مساء أمس في النادي الثقافي، مما دفع مقدم الأمسية الإعلامي تركي البلوشي لتوجيه سؤال للجمهور في بداية الحديث، لماذا أنتم اليوم هنا؟ وماذا يعني لكم الشاعر الراحل حمد الخروصي، ورغم الصمت المطبق على كل من كان في القاعة، إلا أن سيل المداخلات في نهاية الأمسية كان دليلا واضحا بأن ما لم تقله الأفواه سردته القلوب طيلة العشر أعوام من رحيل أيقونة ورائد في الشعر الشعبي في سلطنة عمان.

كان الحديث فياضا بالكثير من العواطف، شهادات قدمت من مقربين وأصدقاء جمعتهم إحدى محطات الحياة بالشاعر الراحل، الذي كان الاحتفاء بكونه رمزا شعريا، وبقائه طيلة العشر سنوات في كل المحافل الشعرية والأدبية وكأنه لم يرحل، في محاولة لمعرفة سر هذا البقاء، وتأملا وبحثا عن إجابة على السؤال وفهم تفاصيل ظاهرة تسمى "حمد الخروصي"، حيث قال تركي البلوشي: "حمد الخروصي كشاعر كان ينطلق من الناس وأسئلتهم، حيث بدأ من حياة الناس منطلقا للإجابة عن الأسئلة، قصيدته كانت أشبه بوثيقة، وكاميرا توثق اللحظة، ونحن هنا اليوم في رحلة لاكتشاف الخروصي من زاية (كيف بقى بيننا؟)".

"عشرة أصابع عمر مشواري" في الذكرى العاشرة لرحيل الشاعر حمد الخروصي، كانت جلسة تحمل معاني الألفة والقرب من شخصية الخروصي إنسانا، ومعاني الوفاء له كشاعر، خوضا في شجن رحيله المفاجئ، وبقاء إرثه الشعري وتجربته الرائدة على المستوى المحلي والخارجي، ودون توقف عند حدود معينة بل تسليط الضوء على عدد مختلف من جوانب حياته وثقافته.

كان الحديث الذي أسهب فيه الشاعر الدكتور خميس المقيمي مليئا بالشجن، حيث بدأ بقوله: "حمد الخروصي الشاعر الذي رحل إلى القصيدة، وهو الشاعر الذي كان يكتب كما لو كانت المرة الأخيرة، حين رحل كان قد أنصف القصيدة، والقصيدة أنصفته"، وأضاف المقيمي: "رحل حمد ولكنه ترك فينا حزنا، وفراغا لا يملأ، وسؤالا لا يجاب".

وعبر الشاعر عبد الأمير العجمي عن سعادته بالجمع الغفير، مؤكدا على أن معظم الحاضرين قد تكون قد استوقفتهم محطات الحياة في ذكرى مع الراحل، متطرقا في حديثه لمشروع ناجح جمعه بالشاعر حمد ألا وهو مجلة "وهج" والتي ما زال صدى نجاحها مسموعا حتى الآن، حيث قال: "وهج حملت اسم حمد الخروصي أكثر مما حملت اسم وهج".

وقال العجمي: "بداية تأسيس المجلة لم تكن كمشروع، ولكنها كانت حلم يتحدث بهموم الناس، حيث لم ينظر حمد الخروصي إلى وهج على أنها واجهة شكلية ومجلة للحضور، وإنما كانت مرآة تعكس حديث الشارع". وعبر العجمي في حديثه عن الراحل بالكثير من الشجن والحزن والفقد الذي ما زال حاضرا في القلوب، مؤكدا على أنه شاعر متمكن وصحفي محترف وظاهرة استثنائية جمعت بين التعامل بصدق والتعامل بنبل، وهو مؤسس لمدرسة صحفية ومدرسة شعرية نفخر بهما.

وقدم الكاتب ناصر الغيلاني شهادة شخصية عن تجربة الشاعر الراحل والتي كانت قد جمعته به معرفة خلف قضبان السجن، ساردا تفاصيل معرفته به وقربه منه، مشيرا إلى أن تجربة حمد الخروصي في هذا الشأن لم يتم التطرق لها، ساردا تفاصيل محطات هذه التجربة من خلال معرفته به.

وقال الغيلاني عن الشاعر الراحل: "ما شدني في حمد هو أسئلته العميقة، والسؤال نابع من صميم كيانه، ولافتا النظر لزوايا عميقة، ويمكننا القول أن حمد جسر للشعر ليس في عمان، وإنما في الجزيرة العربية".

وقدم المحامي يعقوب الخروصي الشهادة العائلية، حيث غاص في عمق الذكريات كونه ابن عم الراحل، وارتبط بذكريات الطفولة، مصورا أول مشهد لحمد الخروصي وهو في سن العاشرة يقرأ قصيدة وطنية في مجلس به كبار "حارة الخبيصي" التي هي إحدى مناطق ولاية السويق.

واستطرد الخروصي في حديثه عن ابن عمه الراحل الذي كان من طفولته وحتى شبابه ملجأ للعائلة والأصدقاء، ومقصدا للجميع، معرجا لعدد من المواقف الطريفة التي جمعته بالراحل.

فمن حزن خلف القضبان، إلى ضحك الطفولة والمشاكسة، وعلاقاته الاجتماعية الواسعة، نحو تجربة شعرية رائدة لخصت أمسية النادي الثقافي مسيرة الشاعر الراحل حمد الخروصي، الذي خلف إرثا شعريا، واتجاها مغايرا للقصيدة الشعبية الحديثة، راسما حدودا واضحة المعالم لمسار الشعر الشعبي في عمان وخارجها.