نوافذ: مُدن عصرية
مشروع مدينة السلطان هيثم، يمثل تحولا مهما في نهج وزارة الإسكان والتطوير العمراني في تلبية احتياجات المواطنين للسكن والعيش في بيئة عصرية، وهذا سيغير مسار الحصول على قطعة أرض حكومية سكنية حسب الإجراءات السابقة وما لها من تبعات التي تبدأ في الأفول بعد استجابة الوزارة لتبني مفاهيم جديدة تختلف عن المسار السابق، وهذا بحد ذاته تحول مهم جذري، وإنْ كنا قد تأخرنا في البدء فيه.
الخطوة القادمة ستحقق عددا من الأهداف، وهذا ما سبق أن تحدثنا عنه لتبني نهج عصري بمفهوم مغاير عن العقود الخمسة الماضية، يخدم المواطن في أقل وقت وبأكثر قيمة وجمالية للمكان وبأقل تكلفة، فليس من المنطق أن ينتظر أبناؤنا وبناتنا المقبلين على الحياة الجديدة بعضهم أكثر من نصف عمرهم للحصول على قطعة أرض، وإن تسهل الحصول عليها تكون في مواقع بدون خدمات، الأمر الذي أثار امتعاضا وحيرة خلال العشرين عاما الماضية بين أفراد المجتمع.
المرحلة المقبلة تعتمد في جانبها الأكبر على إنشاء مدن حضرية عصرية متكاملة الخدمات والبنى الأساسية من خلال شركات محلية وعالمية ومطورين عقاريين يقومون ببناء وحدات سكنية من الفلل المنفصلة والفلل شبه المنفصلة والفلل المتصلة والشقق إلى جانب الأسواق التجارية والحدائق والساحات وتجهيز قطع الأراضي الاستثمارية.
هذه المدينة القادمة التي عرضت عبر أكثر من مناسبة تعد أكبر المدن العصرية التي ستقام في سلطنة عمان، حيث تبلغ مساحتها 14.800 مليون متر مربع، وتستوعب 100 ألف شخص، تتضمن 19 حيا بها 20 ألف وحدة سكنية، تضم 2900 مليون متر مربع من المساحات الخضراء و11مرفقا صحيا و25 دور عبادة 39 مدرسة و23 نقطة وصول وشارعا للمشاة بطول 3.4 كم و32 كم من الشوارع الرئيسية و25 كم مسارا للدراجات إلى جانب ترام و50 محطة للحافلات وجسورا وأقساما تحت الأرض، وستبنى على 4 مراحل بدءا من 2024 إلى 2045.
وسيتم إنشاء 5 مدن عصرية أخرى أكبرها في الرستاق بجنوب الباطنة بمساحة 766 ألف متر مربع، والثانية في صحار بمحافظة شمال الباطنة بمساحة 370 ألف متر مربع، والثالثة في صلالة بمحافظة ظفار بمساحة 321 ألف متر مربع، والرابعة في بدبد بمحافظة الداخلية بمساحة 286 ألف متر مربع، والخامسة في محافظة مسندم بمساحة 109 آلاف متر مربع.
الشيء اللافت أنه تم في مناسبة الحوار الإعلامي التوقيع على 15 اتفاقية بقيمة مليار و200 مليون ريال عماني. وهذا يعزز من الثقة في المشروع ويبرز جدية الوزارة في البدء في التنفيذ.
وأعطت الوزارة مرونة في طريقة الحصول على وحدة سكنية، حيث سيكون للمتقدمين بطلب أرض سكنية لهم النصيب الأكبر في المدينة القادمة وأيضا خيارات وهي اختر أرضك، وخطط أرضك، واستبدل أرضك، لتمكين الجميع من العيش في «مدينة للجميع» تتميز بتكاملية الخدمات العصرية دون عناء انتظار سنين العمر لوصول تلك الخدمات، وهذا جانب مهم.
والآخر إيجاد مدن عصرية تواكب الوقت في الاحتياجات وإيجاد بيئة عصرية من مرافق وخدمات واحتياجات متنوعة، إضافة إلى استثمار الوحدة السكنية التي بالتأكيد ستكون قيمتها أعلى عند إعادة البيع، ناهيك عن جمالية المدينة وتناغمها وتطورها وحداثتها وإمكانية العيش فيها لجميع الفئات بمن فيهم المقيمون.
سالم الجهوري كاتب وصحفي عماني
