نوافذ :بين التوازن والاستدامة

20 مارس 2023
20 مارس 2023

hotmail.com@ 680 Salim

مع مطلع هذا العام انتقلت الحكومة من برنامج التوازن المالي إلى برنامج الاستدامة المالية، وما بين الاثنين تكمن التفاصيل التي قد لا تكون واضحة تفاصيلها للبعض.

الأول كان احتياجا استثنائيا مهما تبلور من رحم الظروف المالية الصعبة التي عصفت بالمرحلة بين 2014 إلى 2021 م بعد أن بلغ العجز المالي 20 مليار ريال عماني الذي كان في عام 2011 عند 1.1 مليار ريال، وفي 2014 عند 1.5 مليار ريال عماني، وارتفاع الدين العام كان له عدد من الأسباب، أبرزها: الانخفاض في أسعار النفط التي هوت من فوق 100 دولار إلى 30 دولارا، وضعف مرونة الإنفاق العام للتكيف مع الوضع المستجد للتراجع المالي، وعدم اتخاذ إجراءات كافية لمعالجة الوضع.

كل ذلك أدى إلى تبعات أبرزها تراجع المؤشرات المالية والتصنيف الائتماني، مما أدى إلى تبعات وصعوبات مع المؤسسات المالية الدولية، وقد كان الهدف من خفض العجز السنوي الوصول إلى مستويات مقبولة من الدين.

إن للتدخل في وضع برنامج التوازن المالي عدد من النقاط الإيجابية، فكان في حالة الاستمرار من دون تنفيذ التوازن المالي وعلى ضوء الافتراضات، كان سيصل العجز السنوي إلى - 16% في عام 2024 بمبلغ 5,3 مليار ريال، وسيرتفع الدين العام من 21.3 مليار بنسبة 83% من الناتج المحلي في عام 2020 إلى 41.6 مليار ريال بنسبة 128% من نسبة الناتج المحلي في عام 2024.

أما في حالة تنفيذ التوازن المالي فقد بلغ الدين العام 20.1 مليار ريال عماني بنسبة 79.7% في عام 2020 ليصل إلى 22.9 مليار في بنسبة 71,7% في عام 2024، وتهدف خطة التوازن المالي إلى تحقيق عدد من المحاور تتمثل في دعم النمو الاقتصادي، وتنشيط وتنويع الإيرادات، وترشيد ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي.

وقد نفذ ذلك عبر البدء في تطبيق عدد من الإجراءات الحكومية المباشرة، وتأجيل تنفيذ عدد من الإجراءات، وتقديم الدعم لفئات المجتمع، والتدرج في تطبيق الإجراءات، وتقديم الحوافز لدعم القطاعات الاقتصادية.

يأتي مشروع الاستدامة المالية -وهو الخطوة الثانية- باعتباره إحدى الركائز في «رؤية عمان 2040» الذي حدد له الفترة الزمنية بين 2023 - 2025 والذي بدأ في يناير الماضي، وقد صمم هذا التوجه ليكون على مراحل خلال مدة هذه الرؤية، ويستهدف استمرارية الاستدامة المالية؛ لتجنب مفاجآت الأزمات المالية في أسعار النفط، والتقليل من الاعتماد عليها، وتقليل المخاطر في الأزمات. وتتضمن هذه الخطة 4 محاور رئيسية من بين 12 محورا تستند على خطة التوازن المالي السابقة التي أبرزها التنوع الاقتصادي، والاستدامة المالية، والقطاع الخاص والاستثمار والتعاون الدولي، وحوكمة الجهاز الإداري للدولة، والموارد والمشاريع والرفاه والحماية الاجتماعية.

وفي حال تحققها سوف تنقلنا من الاعتماد الكلي الذي يبلغ في حدود 80% من الموازنة العامة للدولة على إيرادات النفط والغاز إلى أقل من ذلك الرقم بكثير، وهذا ما سيكون في المؤشرات السنوية ليظهر إن كنا في المسار الصحيح أو خلاف ذلك، وتطبيق هذه الخطة يدفع إلى المزيد من التنوع للمزيد من الحماية ضد النكبات المالية التي قد تحدثها الحروب أو الخلافات بين الدول وكذا الكوارث والتقليل من المخاطر.