راشد الشعبني : الشاعر النخبوي يعيش عزلته ليحقق سلامه الداخلي ولا يهمه القواعد الجماهيرية الكبيرة !
من بحر الكلمات، خرجت القصيدة، حتى أصبحت لسان القلب بين العقول، وبين كل ذلك نتسائل كيف للإنسان أن يكون شاعراً، قادنا هذا الحديث للتعرف على الشاعر راشد بن مسلم الشعبني، الذي اختار الشعر بعد أن درس التربية في كلية الرستاق، حيث وجد الشعر في نفسه خلال المرحلة الدراسية وشارك في العديد من الأمسيات الشعرية داخل الكلية وخارجها. وتتمثل البداية الفعلية لـ راشد الشعبني ودخوله في الساحة الشعرية من خلال الملتقى الأدبي في صور عام 2012م، وبعدها شارك في العديد من المسابقات والأمسيات الأدبية. يعرف "الشعبني" نفسه بأنه مجرد انسان يبحث عن نفسه قبل أن يبحث عن الألقاب، هو إنسان نشأ في قرية ساحرة مليئة بالتناقضات تتنافس فيها مكنونات الطبيعة لتكون هى الاجمل، وتجد الأمواج تلتطم بالجبل في محاولة منها لتهشيمه.. "صراع أزلي" جعل منه إنسانا يتحمل كل الاحتمالات وخلق في داخله ميزانا يضع في كفيه كل التناقضات رغبة في تحقيق السلام. يحب ان يرى المعطيات الخارجية من منظور داخلي مؤمن بأن الله خلق كل شي لنتأمله ونكتشف ما وراءه من دقة وعظمة في خلقه لنصل إلى اليقين التام بعظمة الخالق.. الشعور بكل هذه الاشياء هي مفتاح للكتابة الأدبية سواء نثرية أو موزونة، ورغم وجود هذا الشعور عند الجميع لكن القدرات تتفاوت في التعبير عنه ...
عن أحوال الساحة الشعرية في سلطنة عمان يقول الشاعر راشد الشعبني : تحت كل صخرة في هذا الوطن الكبير تجد قصيدة، وطننا وطن الإبداع فيه من الشعراء الكثير منهم من اشتغل على نفسه إعلاميا ووصل إلى الجمهور ومنهم من ينتظر ومنهم من اختار لنفسه ليكون ذلك الشاعر النخبوي الذي يعيش عزلته ولا يهمه القواعد الجماهيرية الكبيرة بقدر اهتمامه بإرضاء نفسه وتحقيق سلامه الداخلي، هناك الكثير من محبي الشعر ولكن قد تحتاج الساحة الى تشكيل وعي عام عند الجمهور وليس الشاعر بأهمية الأدب والفن.
- المسابقات الشعرية..
ويتحدث الشاعر الشعبي راشد الشعبني عن تجربته في "شاعر المليون" نافيا أنها مهد انطلاقته فيقول: شاعر المليون هي مسابقة حالها حال أي مسابقة أخرى لها موازينها، وليست مقياسا للنجاح وإنما هي بوابة خلفها آفاق تنمي تجربة الشاعر وتضفي له الكثير على المستوى المعنوي والمادي، انطلاقتي في الظهور كانت في المسابقات المحلية داخل السلطنة مثل مهرجان الشعر العماني والملتقيات الأدبية والفنية التي عرفتني على كوكبة كبيرة من الشعراء والمبدعين واخذتني من قرية صغيرة إلى عالم من الابداع.
- الشعر والغناء
وعن الشعر المغنى يقول "الشعبني" : "أرى أن الشعر بحد ذاته موسيقى من الممكن أن يطرب له أي شخص. في المقابل قد نسمع اغنية بعزفها ولحنها وكلماتها ولكن لا نطرب لسماعها والسبب يعود إلى الاختيار غير المناسب لمكونات الأغنية،قد يغلب اللحن الكلمة أو يتوه الشعور بالكلمة في لحن، لذلك كلما تمازجت هذه المكونات وتناسقت تجد الطرب والإبداع في العمل الفني.. الشعر هو العمود الفقري للأغنية و هيكلها الأساسي ولا يوجد اغنية بدون شعر إلا تلك الأغاني التي تغنيها العصافير وتعزفها الرياح وترقص على اوتارها الأغصان وتبتسم لجمالها الزهور. الشعر كما قلت في أحد ابياتي:
(الشعر ظل القلوب، وهيكل الأغنيات
ترويحةٍ للقلوب العاشقة،، المُتعبة)
- اللحن أم الكلمة؟
ويضيف الشاعر راشد الشعبني: "أعتقد أن ليس كل شعر يمكن أن يكون أغنية، القصيدة بحد ذاتها يوجد بها موسيقى ولحن داخلي شجي لا يفهمه الا المتذوق الفذ للشعر وقد تكون الغلبة دائما للكلمة وليس اللحن خاصة إذا كانت القصيدة قوية. أما لو نظرنا إلى اللحن بأن هناك الحان خالدة كما في الفلكلورات الشعبية و الموشحات والابتهالات الدينية، حيث أن اللحن هو من يضفي جمالا للكلمة بغض النظر عن قوة القصيدة وما تحمله من معاني. قد يكون اللحن قابل للتجديد والابتكار بشكل أكبر من الكلمات واللحن هو من يبرز جمال الكلمة و يظهرها إلى السطح حتى ولو كانت القصيدة عميقة وغارقة في معانيها.. هناك كثيرون يؤمنون بأن اللحن هو أساس الأغنية ومحركها الأساسي. أما أنا بالنسبة لي بأن الكلمة هي الأساس والشعور التي فيها هو من يحدد اللحن و يجبر الملحن على اختيار المقامات والإيقاعات المناسبة للأغنية"... فكتابة الشعر الغنائي ليس من أهدافي ولكن لو اتيحت لي الفرصة في ذلك لما لا. الشعر هو النبض الخالد و الأغنية كذلك. وإذا اجتمعا الاثنين يذهبان إلى عوالم أخرى وأزمنة بعيدة سيذكرها الناس وتحرك من مشاعرهم.
- مستقبل الشعر
وللحديث حول مستقبل الشعر يقول الشاعر راشد بن مسلم الشعبني : الشعر هو المستقبل ومستقبل المستقبل. لا يوجد ماضي للقصيدة، فعندما تقرأ نص أدبي الآن قيل في العصر الجاهلي الشعور الذي سيسكن دواخلك هو نفس الشعور الذي ينتاب شخص آخر بعد مائة عام من الآن والأهم هو أن يسعى الكاتب دائما أن يكتب ما في داخلة و يراعي في كتاباته المستقبل وحينها ستكون القصيدة هي الخلود. .أن تلتقي الطبيعة مع الإنسان، وأن تتحول روح التأمل الى نقطة تجمع بين المعنى والكلمة فتنتج عبارة من وحي المشاعر تارة ومن وحي الإنسان تارة أخرى هنا تخرج الكلمة.
