عرس الكتاب في معرض الرياض 2021

13 أكتوبر 2021
13 أكتوبر 2021

محمد جميل أحمد

كانت دورة معرض الرياض الدولي للكتاب لهذا العام 2021 تحت عنوان «وجهة جديدة فصل جديد» بعد انقطاع عامين كاملين بسبب الأوضاع التي فرضها وباء كورونا (حيث غابت فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب في كل من عامي 2019 /2020) بمثابة تحدٍ جديد لاستئناف نشاط الحياة والمعرفة، فكانت مباني فعاليات «واجهة الرياض» هي المكان المناسب لاستضافة أكثر من 1000 دار نشر عربية وعالمية لأكثر من 28 دولة.

وكان واضحًا أن تنظيم المعرض والاحتفاء بالكتاب مع الفعاليات المصاحبة له شكل تحديًا كبيرًا لوزارة الثقافة بالمملكة العربية السعودية التي تولت هذه المرة تنظيم دورة معرض الكتاب كجهة اختصاص.

زخم الفعاليات، وطرائق العرض، والاحتفاء العام من كافة المواطنين والمقيمين في المملكة، والمكان الذي استوعب تنظيمًا بديعًا في الإخراج، والجو العام الذي عكس اهتمامًا بقيمة الكتاب من حيث هو أداة للمعرفة، كل تلك المجريات عكست احتفالية لا تخطئها عين الزائر للمعرض، بل تعكس بوضوح إلى أي كدى أنه لا تزال للكتاب قيمة في العصر الرقمي الذي فرضته ثورة المعلوماتية والاتصال.

يدرك الناشرون العرب أهمية معرض الرياض الدولي للكتاب، كما يعرف كثيرون منهم أن المملكة العربية السعودية اليوم في ظل الانفتاح الكبير الذي تشهده، فيها جيل من الشباب والشابات متعطش للمعرفة بكل أنواعها دون أي حجرٍ على أي كتاب، طالما هو جزء من المعرفة الضرورية لغذاء العقل.

لهذا فإن ما شهدته دور النشر العربية في هذه الدورة من استعدادات في طباعة عناوين جديدة في كافة مجالات المعرفة كان محفزًا لمثل هذه الدورة الاستثنائية في معرض الرياض الدولي للكتاب.

ولقد كان العراق هو ضيف الشرف في هذه الدورة من معرض الرياض الدولي للكتاب هذا العام 2021 حيث شهدت أمسيات المعرض تنظيم فعاليات شعرية وثقافية استضافت شعراء عراقيين وسعوديين وعرب لأول مرة وبدا التفاعل من قبل الزائرين كبيرًا مع تلك الأمسيات الشعرية والثقافية.

احتفاء الناس عامة بالكتاب في مثل هذه الفعاليات والمواسم يعتبر إعلاءً لقيمة المعرفة ووعدًا باللقاء مع عناوين جديدة وكتب جديدة وتجارب جديدة، ولقد لاحظ الزائر لمعرض الكتاب في هذه الدورة الاستثنائية وجود محطات للقراءة في أرض المعرض كاستراحة تمكن القارئ من تصفح الكتاب الذي يريد شراءه عبر استكشاف عناوينه وبعض محتوياته في تلك المحطات التي تهيئ له وقتًا كافيًا.

ولقد كان واضحًا في التنظيم الذي توخته وزارة الثقافة السعودية لهذه الدورة من معرض الكتاب، أن يكون هناك أكبر قدر من دور النشر العربية، ولهذا لقد رأينا عودة دور النشر السورية للمشاركة في هذه الدورة من معرض الرياض الدولي للكتاب بعد انقطاع دام أكثر من 10 سنوات بسبب الأوضاع في سوريا.

كان واضحًا كذلك أن هناك توخيًا واضحًا لجذب الأنظار في معرض الرياض الدولي للكتاب في برنامج وزارة الثقافة السعودية كجهة منظمة للكثير من العروض الثقافية والفنية كالحفلات الفنية الراقية التي تم تنظيمها في مسرح جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، حيث استضاف مسرح الجامعة الحديث فعاليات فنية شارك فيها مطربون وموسيقيون من العراق مثل المطرب سعدون جابر، وعازف العود العراقي الشهير «نصير شمة»، وكذلك الموسيقار المصري الكبير عمر خيرت، الأمر الذي عكس تنظيمًا ذكيًا لجذب كافة الشرائح العمرية من الجنسين من خلال مثل هذه الفعاليات التي تسمح لهم عبر حضورها من زيارة معرض الكتاب والتعرف على ثمار المطابع من الكتب الجديدة التي تناسب تلك الفئات العمرية من الجنسين.

على مدى 10 أيام توشحت العاصمة السعودية الرياض بزخم ثقافي كبير احتفاءً بقيمة الكتاب في معرض الرياض الدولي للكتاب الذي هو بمثابة عيدٍ موسمي للمثقفين والكُتَّاب والكاتبات في المملكة العربية السعودية.

بمثل هذا التنظيم التقني الرائع والتسهيلات الإلكترونية التي خففت على الناس صعوبة البحث والحركة والشراء، كانت هذه الدورة الاستثنائية من معرض الرياض الدولي للكتاب فصلًا جديدًا لوجهة جديدة تنطلق فيها المملكة العربية السعودية إلى آفاق أرحب من المعرفة والثقافة والوعي.

إن درجة الاحتفاء التي أولتها المملكة العربية السعودية لقيمة الكتاب بمثل ذلك التنظيم عالي الجودة الذي شهدته فعاليات معرض الرياض الدولي للكتب لا تعكس فقط قيمة الكتاب، بل كذلك قيمة احترامها لكافة الأجيال في مشروعية القراءة والمعرفة.