الشركات المنتجة تسابق الزمن لمواجهة المنافسة وارتفاع حجم الطلب
الشركات المنتجة تسابق الزمن لمواجهة المنافسة وارتفاع حجم الطلب
الاقتصادية

ارتفاع غير عادي للطلب على السيارات الكهربائية حول العالم

08 أكتوبر 2021
زلزال جديد يشبه "الانتقال من الحصان إلى السيارة"
08 أكتوبر 2021

بيتر كامبل وجو مِيلَر- الفاينانشال تايمز

ترجمة - قاسم مكي

في بداية هذا العام رسم مسؤولو شركة صناعة السيارات الكهربائية "بوليستار" خططَ مبيعاتٍ طموحة لبريطانيا. لكنهم، خلال أسابيع، صار لزاما عليهم تمزيق تلك الخطط.

كان الطلب يتصاعد بسرعة مما رفع الرقم الجديد للمبيعات بحوالي الثلث. واليوم تُجرِي بوليستار التي تدعمها شركة فولفو حوالي ألف تجربة قيادة شهريا في بريطانيا لوحدها. وفي كل أسبوع تُحجَز كل الفرص الجديدة لتجربة قيادة السيارة خلال ساعة من توافرها.

حتى قبل أربعة أعوام كانت بوليستار متخصصة في ضبط محركات الاحتراق الداخلي عالية الأداء. والآن تحولت إلى واحدة من الشركات التي تحاول الاستفادة من ازدهار الطلب على سيارات البطاريات الكهربائية.

يقول جوناثان جودمان، الرئيس التنفيذي للشركة ببريطانيا " هذه ليست تلك السوق الصغيرة التي كانت تستهدف فئة بعينها قبل عامين أو ثلاثة أعوام ."

الارتفاع غير العادي في الطلب على السيارات الكهربائية حول العالم يشعر به الناس من شنغهاي إلى شتوتجارت ومن طوكيو إلى تورنتو...... ومن العلامات التجارية الجديدة إلى الشركات العملاقة في صناعة السيارات.

هذا الطلب قوي خصوصا في أوروبا. فواحدة من بين كل 12 سيارة بيعت في القارة الأوروبية بين أبريل ويونيو هذا العام تدار بالبطارية فقط (كهربائية بالكامل). وإذا حسبنا السيارات الهجين التي تستخدم كلا من محرك الاحتراق الداخلي والبطارية سيرتفع العدد إلى سيارة واحدة من بين كل ثلاث سيارات.

ومن المتوقع ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا من 198 ألف سيارة في عام 2018 إلى 1.17 مليون سيارة هذا العام.

تشكل السيارات الكهربائية حتى الآن حوالي 1% من أسطول سيارات الركاب في العالم. لكن المبيعات تنطلق بسرعة. فخلال أربعة أعوام من المتوقع أن تشكل السيارات الكهربائية 25% من مشتريات السيارات الجديدة في الصين وما يقرب من 40% في ألمانيا، بحسب شركة الأبحاث الإستراتيجية "بلومبيرج إن إي إف". ويُقدَّر أن تصل المبيعات العالمية من السيارات الكهربائية إلى 10.7 مليون سيارة بحلول عام 2025 ثم إلى 28.2 مليون سيارة في عام 2030.

حتى وقت قريب كانت السيارات الكهربائية في نظر العديد من سائقي السيارات شيئا يتعلق بالمستقبل. لكن الآن صار من المعتاد تصور أن سياراتهم القادمة ستكون كهربائية.

بين الفينة والأخرى يبدأ تحول هادئ في الطريقة التي يعمل بها العالم في زيادة سرعته فجأة. وهذا ما يحدث الآن مع السيارات الكهربائية. ففي فترة زمنية قصيرة نسبيا انتقل التحول في صناعة السيارات من الغيار الأول إلى الغيار الخامس (إلى السرعة القصوى).

وبالنظر إلى أهمية صناعة السيارات للعديد من الاقتصادات ينطوي هذا التحول الذي بدأ في زعزعتها على نتائج ضمنية كبيرة للوظائف والتنمية الحضرية وبل حتى للجغرافيا السياسية.

يعتقد آندي بالمر التنفيذي السابق بشركة نيسان والذي شارك في تدشين" نيسان ليف"، وهي أول سيارة كهربائية تنتج بأعداد كبيرة في عام 2010، أن هذا التحول "يماثل الانتقال من الحصان إلى السيارة". أيضا يصف بالمر الذي هو الآن الرئيس التنفيذي لشركة الحافلات الكهربائية سويتش موبيليتي هذا الانتقال "بالزلزالي". فهو في نظره "يغير كل شيء بحيث أن أي لاعبين لا يتحولوا بسرعة كافية ولا يستثمروا (في إنتاج السيارات الكهربائية) من المستبعد أن يشاركوا في المستقبل."

تركز معظم الاهتمام بالسيارات الكهربائية على النجاح اللافت لشركة تيسلا أو الطموحات الفائقة لمجموعة من الشركات الصينية. لكن التحول المهم الآخر خلال العام أو العامين الماضيين تمثل في استجابة الشركات الراسخة في صناعة السيارات الراسخة لهذه التقنية الجديدة. فالعديد من الشركات التي تمتلك أكبر العلامات التجارية في العالم من فورد بشاحنتها إف 150 لايتنينج إلى فولكسواجن بموديلها فئة آي دي ترهن الآن مستقبلها للسيارات الكهربائية.

في سبتمبر في معرض ميونيخ للسيارات، والذي كان أكبر معرض أوروبي ينظم خلال عامين بسبب الجائحة، لم تدشن تقريبا أية موديلات جديدة لسيارات تستخدم الوقود السائل.

اجتذبت صناعة الكهرباء والسيارات المرتبطة بها استثمارات بأكثر من 100 بليون دولار منذ بداية عام 2020، حسب شركة مكنزي. وتلك هي البداية فقط . فمصنِّعو السيارات أعلنوا عن استثمارات بإجمالي 330 بليون دولار في تقنية الكهرباء والبطاريات خلال الأعوام الخمسة القادمة، وفقا لتقديرات الشركة الاستشارية "أليكس بارتنرز"، وذلك بزيادة بلغت 40% خلال 12 شهرا.

تساءل آندرو بيرجباوم، المدير العام لشركة أليكس بارتنرز قائلا "هل هذه نقطة تحول؟" ويضيف " في اعتقادي يجب أن تكون الإجابة نعم."

واقع الحال، اتخذت عدة شركات خطوة لم تكن لتخطر سابقا في البال وهي الإعداد للتخلص التدريجي من محرك الاحتراق الداخلي تماما ."

في وقت سابق من هذا العام وضعت الشركة الألمانية التي يعزى لها اختراع سيارة المحرك واحدا من الجداول الزمنية الأكثر طموحا. فبداية من منتصف هذا العقد ستتحول الأنظمة المستخدمة لتصنيع سيارات مرسيدس بينز إلى إنتاج الموديلات الكهربائية. يقول أُولا كالينيوس، الرئيس التنفيذي لشركة مرسيدس التي تملك دايملر "نحن نمضي في مسار سريع جدا مقارنة بما اعتقدناه حتي قبل سنوات قليلة."

هواء أكثر نقاء

لماذا يحدث هذا الآن؟ جزء من الإجابة يوجد في السياسة. كان مُصنَّعو السيارات يتحدثون لسنوات عن تدشين الموديلات الكهربائية إلا أن الضغوطات السياسية حفزتهم لبذل أول مجهود حقيقي ومنسَّق لبيعها بأعداد ذات دلالة. وأطلقت ضوابطُ التقليل من انبعاثاتها الكربونية في أرجاء أوروبا أولَ موجة كبيرة لمبيعات السيارات الكهربائية في العام الماضي.

بيعت 734 ألف سيارة كهربائية في القارة الأوروبية في عام 2020 على الرغم من إغلاقات الجائحة، بحسب شركة "إل إن سي أوتوموتيف". وهذا الرقم يساوي ضعف مستوى عام 2019 ويزيد عن مبيعات الأعوام الثلاثة السابقة مجتمعة.

الضوابط التنظيمية يجري تشديدها. ففي أقل من شهر ستحتشد الحكومات من كل أرجاء العالم في جلاسجو لمؤتمر قمة المناخ ويتوقع أن يتسلح العديد منها بتعهدات لافتة بخفض انبعاثاتها. والخطط الطموحة بالتوسع في استخدام السيارات الإلكترونية واحدة من الوسائل الأكثر وضوحا لمقابلة تلك الأهداف.

سبق أن أعلنت بريطانيا عن خطط لوقف بيع سيارات محرك البنزين والديزل تماما بحلول عام 2035 فيما تحدد النرويج عام 2025 موعدا نهائيا لذلك. ويقترح الاتحاد الأوروبي حظرا خاصا به لمبيعات هذه السيارات في عام 2035.

من المتوقع أن تقترن هذه الالتزامات بتعهدات إنفاق لتنفيذ أشياء من بينها تركيب نقاط شحن بطاريات السيارات. وهي مطلوبة لإقناع المستهلكين بالتحول الجماعي إلى استخدام السيارات الكهربائي.

يقول كالينيوس أن الحكومات " تتحرك بالفعل ولا تكتفي بالأقوال. أكبر عمل يمكن أن تتعاون الحكومة وصناعة السيارات على القيام به هو الاستثمار في البنية التحتية." فالحكومات الوطنية ليست وحدها فقط هي التي تعمل على التقليل من الانبعاثات.

وتفرض سلطات مدن عديدة حظرا فعليا على قيادة السيارات القديمة على الطرق في "مناطق الهواء النظيف" بفرض رسوم باهظة. وهو ما يدفع سائقو السيارات في أطراف المدن للتحول إلى سيارات أنظف (أقل إطلاقا للكربون) وقد اتجه العديدون منهم إلى الموديلات الكهربائية. وفي هذا الشهر توسعت "منطقة الانخفاض الفائق للانبعاثات" في لندن والتي تعاقب سائقو السيارات القديمة لتشمل شوارعها الدائرية. وهذه مساحة تؤثر على 2.6 مليون سيارة. وباريس وبروكسل وأمستردام من بين المدن التي لديها خطط مماثلة. كما تُفرض قيود على موديلات محركات الديزل القديمة في العشرات من مراكز المدن الألمانية.

موديلات جذابة

أكبر سبب لثورة السيارات الكهربائية في السوق هو عرضها. فهي الآن جاهزة لاجتذاب كل أنواع المشترين. حتى وقت قريب كان عدمُ وجود "منتج" ملائم اقتصاديا المانعَ الرئيسي للمستهلكين من "القفز إلى مِقود السيارة الكهربائية." لكن شركات السيارات تعمل بأقصى سرعة لإنتاج موديلات كهربائية جذابة.

وبعد سنوات من الترويج الدعائي لنماذج هذه السيارات في المعارض ، يقدم مصنعو السيارات الآن مجموعة منها لزبائنهم تتراوح من سيارات المدينة الصغيرة إلى المركبات العائلية مع عشرات أخرى من المقرر تصنيعها في السنوات القليلة القادمة.

وفي حين لايزال العديد منها أغلى ثمنا من السيارات التي تستخدم البنزين إلا أن تشغيلها أقل تكلفة خصوصا مع ارتفاع أسعار الوقود. هذا فيما لاتزال معظم الحكومات تقدم حوافز سخية لشرائها.

ماهو مطروح للبيع الآن حوالى 330 موديل (طراز) سيارة كهربائية خالصة أو هجين تجمع بين البطارية والمحرك التقليدي، حسب تقديرات شركة أليكس بارتنرز وذلك مقارنة بحوالي 86 موديل فقط قبل خمسة أعوام. وسيتضخم عددها إلى أكثر من 500 موديل بحلول عام 2025 وسط موجة من التدشينات الجديدة.

وعندما تفشت الجائحة في العام الماضي حدَّ معظم مصنعي السيارات من الإنفاق على كل المشاريع الجديدة باستثناء أهمها. وتم إيقاف أعمال تطوير محرك الاحتراق الداخلي. لكن الصرف على التقنية الكهربائية زاد في الحقيقة.

يقول فيليب هوشوا، خبير السيارات لدى جيفريز، "كوفيد في الواقع كان واحدا من أفضل معاوني شركات السيارات على مدى أعوام لأنه أجبرها على الانضباط."

سرعة التحول إلى استخدام السيارات كانت مفاجئة لمسؤولي الشركات ذوي الخبرة. فحينما تولى تيري بولور، المدير التنفيذي السابق لشركة رينو، القيادة في شركة جاكوار لاندروفر في سبتمبر الماضي بدأ في وضع خطط للتحول إلى إنتاج السيارات الكهربائية. وكانت مثل هذه الخطط بالكاد موجودة وقتها. لكن خلال الأشهر الستة التي استغرقها إكمال تلك الإستراتيجية شهدت صناعة السيارات الكهربائية "تسارعا" قاد إلى التخلي عن الأهداف المبكرة واستبدالها بأخرى أكثر طموحا.

يقول بولور"عاد لي فريقي وقال هل يمكننا أن نسرع أكثر؟"

لكن رغم الحماس هنالك جيوب "تحفَّظ " وسط كبريات شركات صناعة السيارات. فالبعض يحذِّر من أن يقود التحرك بسرعة مفرطة إلى المخاطرة بتجاهل الزبائن الحاليين الذين هم إما غير قادرين أو غير راغبين في التحول إلى استخدام السيارات الكهربائية.

يقول أوليفر سِيبسَه، الرئيس التنفيذي لشركة بي إم دبليو، " إذا قلت أن 50% من السوق في أوروبا ستكون كهربائية صرف بحلول عام 2030 ستكون هنالك 50% أخرى. وإذا قلت أنك لن تخدم هذا النصف الأخير من سوق السيارات فأنت بذلك ستضع نفسك في مسار يقود إلى انكماشك (تقلص نصيبك من السوق)."

تعهدت هذه الشركة بإطلاق موديل كهربائي صِرف (يدار محركه بالبطارية فقط) في كل فئة من فئات سياراتها بحلول عام 2023. لكنها أيضا راهنت بقوة على الموديلات الهجين التي يمكن أن تُدار بالبطارية في جزء من الرحلة قبل تحويلها إلى المحرك التقليدي خارج حدود المدينة.

وفيما تزدهر مبيعات السيارات الكهربائية في كل من أوروبا والصين إلا أن كلا السوقين لا زالتا تعتمدان بشدة على الدعم المالي. يقول هوشوا " نحن لانزال ندفع رشاوى (دعومات مالية) كبيرة للزبائن كي يشتروا السيارات الكهربائية في أوروبا. هذه الرشاوى أكثر اعتدالا في الصين."

إنتاج فطائر "البانكيك"

مثلُ هذا التحول السريع دعوةٌ إلى تحدي الشركات المسيطرة. فالسيارات الكهربائية الأكثر بساطة في تصميمها وتصنيعها، قياسا بالموديلات التي ترتكز على محرك الاحتراق الداخلي، قلصت الحواجز أمام دخول شركات جديدة في صناعة كانت منيعة في السابق.

السؤال الكبير بالنسبة لشركات السيارات الراسخة في الساحة هو هل يمكنها النجاح في تأمين مستقبلها ضد مهدِّدَين يتمثلان في الشركات الناشئة (من تيسلا إلى الشركات الأحدث) والعدد الكبير من الشركات الصينية المنافسة التي تتطلع إلى الحصول على حصة سوقية.

وعلى الرغم من أن تيسلا تقدمت حثيثا خلال العامين الماضيين إلا أن آخر المؤشرات لمصنِّعي السيارات إيجابية. فهي أولا حققت إنجازات تقنية سريعة . كانت السيارات الكهربائية المبكرة تقطع مسافات محدودة وإعادة شحن بطارياتها شديد البطء.

وأسس تدشين سيارة تيسلا موديل إس في عام 2012 ، بزعم قدرتها قطع 260 ميلا قبل إعادة شحن البطارية، معيارا لصناعة السيارات الكهربائية توافقت معه مؤخرا فقط أحدث الموديلات التي أطلقتها شركتا جاكوار وآودي.

لكن الموديلات الأحدث من اللاعبين الكبار أكثر تنافسية في الأسعار والمسافة التي تقطعها السيارة قبل نفاد طاقة بطاريتها وأدائها.

يعتقد جودمان أن قيادة السيارة الكهربائية هذه الأيام تجربة فائقة. ويضيف"عندما قال كارلوس غصن، الرئيس التنفيذي السابق لشركة رينو، أن السيارات الكهربائية هي المستقبل قبل عشرة أعوام كان مخطئا. لكنها اليوم سياراتُ المستقبل"

مشاكل البدايات الأولى، مثل التأخير المتكرر في إنتاج سيارة فولكسواجن آي دي 3 بسبب أعطال في البرمجيات، سيتم التغلب عليها في الموديلات المستقبلية مع اعتياد شركات صناعة السيارات على إنتاج أنظمة جديدة.

يقول هوشوا هنالك طرفة تُحكي في قطاع صناعة السيارات وهي أن إنتاج السيارات الكهربائية مثل إعداد فطائر (البانكيك). فأول فطيرة لن تكون جيدة. والثانية أفضل منها. أما الثالثة فهي المطلوبة.

على أية حال، تشعر بعض شركات السيارات أنها تدخل هذه المنافسة وإحدى يديها مقيدة وراء ظهرها. فالشركات التي تقتصر على تنتج السيارات الكهربائية تتمكن من الحصول على التمويل أو طرح أسهمها بتقييمات ضخمة. هذا في حين يتم تداول أسهم الشركات التقليدية بمضاعفات أرباح منخفضة. أحد الأمثلة على ذلك شركة "نيو" الصينية الناشئة والتي لاتزال مدينة (خاسرة). رغم ذلك يجري تقييمها بما يساوي ضعف قيمة شركة فيراري، فخر صناعة السيارات والمُدِرَّة للأرباح.

شهد هذا العام فورة إدراج شركات السيارات الكهربائية في أسواق الأسهم. فمجموعة "آرايفال" البريطانية لإنتاج الشاحنات المقفلة الصغيرة والتي لم تنتج ولا سيارة واحدة حتى الآن طرحت أسهما بقيمة 13.6 بليون دولار عن طريق الإندماج العكسي. هذا فيما تسعي شركة الشاحنات الصغيرة الكهربائية "ريفيان" الأمريكية إلى تقييمها بحوالي 80 بليون دولار عندما تٌدرج أسهمها لاحقا في هذا العام.

لكن "الإمبراطورية القديمة" بدأت ترد الضربة. فشركة بوليستار، وهي العلامة التجارية الجديدة للسيارة الكهربائية التي تفرعت من فولفو، سيتم تقييمها بحوالي 20 بليون دولار عندما تطرح اسهمها بالإندماج العكسي. وهذا ما يوحي بأن هنالك أمل في استفادة الشركات القديمة من الإثارة التي تشهدها السوق باستحداث علامات تجارية جديدة. وهذا يشكل فرصة لشركات من شاكلة جاكوار لاندروفر والتي تخطط لجعل علامة جاكوار كهربائية بالكامل بحلول عام 2025.

يقول هيربرت ديس، الرئيس التنفيذي لمجموعة فولكسواجن، أنه أقل خشية من الشركات الجديدة التي يلزمها التعامل مع تعقيدات الإنتاج الكبير وإرضاء زبائنها الجدد بإنشاء مراكز خدمة فاعلة. يقول "من اليسير عرض دراسة عن سيارة كهربائية في معرض سيارات لكن معظم (هؤلاء القادمين الجدد) سيكونون أبطأ (من شركاتنا العريقة) في إقامة مصنع لإنتاجها.

تأخر تشييد أول مصنع لشركة نيو الصينية الناشئة كثيرا إلى حد أن الشركة حين أودعت وثائق الطرح الأولي لأسهمها كانت قد شحنت 400 سيارة فقط.

بل حتى تيسلا التي سبق أن مدحها ديس احتاجت إلى 15 عاما لاحتلال وضعها الحالي الذي أتاح لها الحصول على 1% من إجمالي مبيعات السيارات في العالم.

أكبر تهديد يواجه الشركات القديمة قد لا يأتي من الشركات الناشئة ولكن من الصين.

ففي حين فشلت الشركات التي نشأت في الصين مثل سايك وفيرست اوتو ويركس في المنافسة مع نظيراتها العالمية في إنتاج المحركات إلا أن التحول إلى السيارات الكهربائية يتيح فرصة للهيمنة في حقل سيطرت عليه تقليديا ألمانيا واليابان والولايات المتحدة.

لقد دخل السوق عدد وفير من شركات السيارات الكهربائية جيدة التمويل من الحكومات أو كبار مصنِّعي السيارات ويعمل بها في الغالب مهندسون اوروبيون سابقون.

وشقَّت أولى السيارات الكهربائية الصينية الصنع طريقها إلى صالات عرض السيارات الأوروبية من موديلات إم جي المملوكة لشركة سايك والمجموعات الجديدة مثل نيو وآيويز.

لكن قبل مرور فترة طويلة سيلزم هؤلاء القادمين الجدد المنافسة مع علامات تجارية معروفة سلفا للزبائن عندما يطرح مصنِّعو السيارات القدامى موديلاتهم الجديدة.

في العام الماضي كانت 9 سيارات من جملة 10 سيارات خرجت من وكالة فولفو في ريدينغ غرب لندن تعمل حصريا بمحرك بنزين أو ديزل. أما اليوم فنصفها تقريبا إما هجين أو كهربائي بالكامل.

يقول جون أوهانون الرئيس التنفيذي لشركة وايلاندز أوتوموتف "... لاحظنا في آخر 6 أشهر وعيا متزايدا لدى الزبائن. الناس حقا يأتون ويسألون عن فائدة السيارات الكهربائية....... عديدون لايرون بأسا في التعايش معها."

في قرية ليتل شالفونت تكدست طلبات شراء سيارة آي دي 3 الكهربائية في وكالة فولفو هناك من سائقين محليين يقودون سياراتهم لمسافات قصيرة وفي مقدورهم إعادة شحن بطاريات موديلاتهم الجديدة في منازلهم إيقاع الانتقال إلى السيارات الكهربائية لافت. وعندما تتوافر البنية التحتية التي تدعم هذا التحول لن يكون هنالك شيء يوقفه.