منوعات

دراسة حول تحولات الفن الجرافيتي السعودي

25 نوفمبر 2022
25 نوفمبر 2022

القاهرة "د.ب.أ": قالت دراسة أكاديمية سعودية حول تحولات الفن الجرافيتي بالمملكة، إن تزايد الحراك الفني بالمشهد التشكيلي السعودي خلال الألفية الجديدة، وتزايد فرص الاحتكاك والعرض الخارجي، ساهمت في حضور عدد كبير من الفنانين التشكيليين السعوديين بأعمالهم ذات الطابع المعاصر، التي خرجت عن الصيغ التقليدية السائدة حتى منتصف التسعينات الميلادية من القرن العشرين، و"أن الفنان السعودي استطاع التعبير بمساحة من الحرية عن المواضيع السياسية التي غابت في أعمال الفنان السعودي سابقا، كما عبر عن المشكلات الاجتماعية دون صدام مباشر مع المجتمع أو المشرع".

وأوضحت الدراسة التي أعدتها الباحثة نوال عبيد الله العلوي، المحاضرة في مجال الرسم والتصاميم والفنون بجامعة جدة، والدكتورة مسعودة عالم جان قربان، الأكاديمية بجامعة الملك سعود، بالمملكة العربية السعودية، وحملت عنوان: "دراسة تحولات الفن الجرافيتي السعودي وفق نظرية جماليات العرض"، وجرى النشر العلمي لها ضمن بحوث سلسلة المؤتمرات العلمية لكلية الفنون الجميلة بجامعة الأقصر المصرية، التي حصلت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) على نسخة منها، أوضحت قدرة الفنان الجرافيتي السعودي على مواكبة التطور الابداعي والتحول الفكري،وتوظيف الفضاء في فن الشارع بأسلوب فني خاص ومبتكر، فجاءت التوصية للدراسة بالتركيز على الفن الجرافيتي كونه اتجاه معاصر خصب قابل لامتداد الفني فكريا وأسلوبيا وتقنيا في الساحة الفنية السعودية والعالمية.

الدراسة تناولت بالبحث والتحليل، مظاهر تحول الفن الجرافيتي لدي الفنان التشكيلي السعودي، وملامح تطويعه فن الشارع في فضاء العرض وجماليته بأساليب وصيغ وتقنيات فنية جديدة، وسلطت الضوء على تلك التحولات الفنية لذلك الفن، واستعرضت الإطار النظري لماهية الفن الجرافيتي وأخر التطورات الفنية والفكرية التي طرأت عليه، وقدمت تحليلاً لبعض الاعمال الجرافيتية لعدد من الفنانين السعوديين.

وأشارت الدراسة إلى أن الفن المعاصر "الجرافيتي" الذي برز جلياً منذ ثمانينات القرن العشرين بمفاهيم غير تقليدية في الموضوع والأسلوب والأدوات حتى نال الشهرة وأصبح من الفنون الراقية بعدما كان مهمشا، ساهم في الكشف عن مضامين نقدية ساخرة تطرح قضايا المجتمع إلى جانب الجمالية والدلالات الرمزية والفكرية من خلال التصورات والرؤى الجديدة التي تفتح المجال للتجارب والممارسات الفنية المواكبة لكل التغيرات.

الباحثتان نوال عبيد الله العلوي، والدكتورة مسعودة عالم جان قربان، أكدتا على أنه مع الاهتمامات العالمية بالفن الجرافيتي وتحولات الساحة المحلية نحو الاهتمام بالفنون المعاصرة، وخاصة من قبل فناني جيل الشباب المهتمين بفن الشارع وقضاياه، ظهرت قدرة الفنان الجرافيتي السعودي على مواكبة التطور الابداعي والتحول الفكري، وتوظيف طرق العرض لفن الشارع بأسلوب فني خاص ومبتكر، وأن الفن الجرافيتي أصبح اتجاها معاصرا خصبا قابلا للامتداد فكريا وأسلوبيا وتقنيا في الساحة الفنية السعودية والعالمية؛مما يستوجب الدراسة والاهتمام به على كافة الأصعدة، خاصة مع قلة الدراسات التي تتناول الفن الجرافيتي السعودي وآخر تحولاته، وذلك بحسب نص الدراسة.

وبحسب الدراسة، فإن الفن التشكيلي يُعتبر على مستوي المملكة العربية السعودية، رافداً ثقافياً ومرآة عاكسة للمجتمعات، يأخذ على عاتقه ضرورة تأصيل الهوية السعودية في الفن وذلك ليكون صورة معبرة عن المجتمع الذي أفرزه، وامتدادا حضاريا وفكريا يحكي حكاية مميزة ذات طابع فريد ومختلف.

لكن، ووفقا لما جاء بالدراسة، فإن رؤية الواقع الحالي تُظهر أن التصوير التشكيلي أصبح في عصر العولمة متداخلا ومتشابكا بصورة لا مثيل لها في التاريخ، مما جعل دراسة الظواهر التشكيلية بمعزل عن الامتدادات والتفاعلات الخارجية وفق طابع محلي بحت أمراً غير ممكن.

وأوضحت الدراسة بأن ظهور ظاهرة ممارسة الشباب السعودي للفن الجرافيتي من خلال الرسم والكتابة على الجدران في أماكن مختلفة مثل: جدة، والرياض، والاحساء، جاء كنتيجة لتأثرهم بثقافة ذلك الفن الذي يأخذ طابعا معاصرا ومنطلقا فكريا، يوظف لغة الشارع بصورة جديدة تتواكب مع ثقافة المكان، حيث نفذت العديد من الكتابات والرسوم الجدران في البداية كممارسة للهوايات، أما اليوم فأصبح هناك تقنين لمشاركات الفنانين والتنفيس عن فنونهم من خلال تنفيذ العديد من البرامج والأنشطة والمسابقات، وأصبح يوجد مضمون ورسالة مرتبطة بقضايا المجتمع المحلي والعالمي، وذلك بحسب ما ذهبت إليه الدراسة.

"دراسة تحولات الفن الجرافيتي السعودي وفق نظرية جماليات العرض"، القت الضوء على أبرز الجرافيتيين السعوديين، الذين يتواجدون على الساحة الفنية مثل: مازن الشمراني، وضياء رامبو، وفؤاد الغريب، وطلال الزيد، ونورة السعيدان، ومريم أبو شال، ومضاوي الباز، وكذلك جماعة الفن الجرافيتي السعودية (الهنجر) الذين قاموا بمشروعهم الجرافيتي في عدد من المباني الواقعة في منطقة البلد في مدينة جدة.

وكما تقول الدراسة فقد كوّنَ هؤلاء الرسامون المفاهيميون أشكالا جدارية متعددة بأساليب مختلفة، لاجئين إلى المساحات الواسعة لتقسيم موضوعاتهم.

وقد خلصت الدراسة إلى مجموعة من النتائج منها: أن الفن الجرافيتي مؤثر قوي في طرح الموضوعات التي تتناول قضايا المجتمع ومشكلاته، ومحفز للفنان المعاصر نحو استحداث الجديد في كيفية العرض والأسلوب والتقنية للعمل الفني، وأن الفن الجرافيتي السعودي يعيش حالة من التطور، حيث تشهد الساحة الفنية تطورا فكريا وأسلوبيا وتقنيا يشار إليه بالبنان، وأن الفنان الجرافيتي السعودي لديه القدرة على مواكبة التطور الابداعي وتوظيف طرق العرض وجمالياته بأسلوب فني خاص ومبتكر.

وأوصت الدراسة بضرورة التوعية بأهمية الفن الجرافيتي كلغة بصرية مؤثرة تمثل الواجهة الحضارية والثقافية لأي بلد في العالم، إدراج الفن الجرافيتي ضمن المناهج الدراسية في التعليم العام، وخاصة المراحل التي تخص المراهقين كمجال جديد وأسلوب فني مغاير للمنهجية التقليدية المقررة في مادة التربية الفنية، واستثمار الفن الجرافيتي لاستيعاب طاقات الشباب والتحفيز على الابتكار والابداع في رؤية قضايا المجتمع والتعبير عنها وإيجاد الحلول للمشكلات والبعد عن التخريب والتشويه، وإقامة أكاديميات على الصعيد المحلي تتخصص بتعليم الفن الجرافيتي وأساليبه وتقنياته لاسيما أنه فن له أثر على مجال التنمية البشرية بما يتيح من فرص للعمل لدى الشباب، وإجراء البحوث والدراسات على الفن الجرافيتي وتطوراته بالطرق العلمية من قبل الأطراف المعنين بتدريس الفنون التشكيلية بما فيهم الأستاذة والمختصين.

يُذكر أن "الجرافيتي" أو الكتابة على الجدران، هو فن ظهر لأول مرة في مصر القديمة، ثم مر بمراحل متعددة جعلته ضمن قائمة الفنون التشكيلية الأكثر انتشاراً بالعالم.

وتنطلق التحولات الفكرية والفنية في كون الكتابة على الجدران إحدى الفنون التشكيلية التي تعبر عن رؤى وأفكار يتجاوز فيها الفنان مسائل الجمالية إلى مسائل أكثر تعبيرا موجودة في محيط الفن، وبخاصة فنون ومدارس اتجاهات ما بعد الحداثة والفن المفاهيمي، مما يؤكد ارتباط الكتابة على الجدران بما يسمى بـ (فنون الجداريات) وهو الرسم على الجدار بمسافات ممتدة وطولية، يقوم بها الفنانون بعد تخطيط معين للموضوع المراد رسمه وتوضيحه للناس.