وثائقي يروي حكاية «متحف عمان عبر الزمان».. من الفكرة إلى الواقع
المناسبة تعيد إلى الأذهان حرص السلطان قابوس - طيّب الله ثراه- على حفظ التاريخ العماني وربط الشباب بهويتهم
على أرض ذات مساحة شاسعة بولاية منح بمحافظة الداخلية، ارتأى السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- تخصيص متحف يروي تاريخ سلطنة عمان، منذ السنين الغابرة مرورا بالعصر الحديث، وامتدادا للمستقبل، ليروي هذا المتحف تاريخ سلطنة عُمان عبر مختلف الأزمنة، ومن هنا انطلق اسمه، فصار اليوم «متحف عمان عبر الزمان».
وُضعت على طاولة المغفور له السلطان قابوس تفاصيل المتحف ومخططاته، التي تابعها أولا بأول وبحرص الطامح لبناء صرح مستقبلي مبهر، ليُعلَن في 14 يوليو من عام 2015 عن انطلاق مشروع «متحف عمان عبر الزمان» بمباركته السامية، فوضع بيديه «حجر الأساس» لهذا الصرح الشامخ.
وبعد سنوات من العمل الجاد والبناء المتقن والمتابعة الحثيثة، تفضل جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- ليفتتح واحدا من أفخم وأكبر الصروح في سلطنة عمان قاطبة في 13 مارس 2023.
واحتفاءً بذكرى وضع حجر الأساس، دشن «متحف عمان عبر الزمان» فيلما وثائقيا حول تاريخ المتحف، برعاية صاحبة السمو السيدة ميان بنت شهاب آل سعيد، انطلاقا من الفكرة إلى الافتتاح، وذلك استلهاما من ذكرى وضع الحجر الذي يعد أحد أهم مقتنيات المتحف ووجهة أولى لمن يدخل في حرمه الفخم.
ذكرى خالدة
وأكد المهندس اليقظان بن عبدالله الحارثي مدير عام المتحف بأن وضع حجر الأساس ذكرى خالدة، قائلا في كلمة له بهذه المناسبة: «يحتفل متحفُ عُمان عبر الزمان بذكرى خالدة في أذهاننا، وهي وضع حجر أساس متحف عُمان عبر الزمان. هنا نحاول العودة بالتاريخ، وبالتحديد الى العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك سنة ١٤٣٦ هـ، والذي وافق ١٤ من يوليو سنة ٢٠١٥م، حيث تفضل المغفور له بإذن الله السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- بوضع حجر الأساس لمتحف عمان عبر الزمان، واليوم نحكي قصة بناء هذا الصرح الشامخ، الذي يمثل أيقونة العمارة الحديثة في سلطنة عمان، هذا التصميم الرائع كان نتيجة لمسابقة معمارية على مستوى العالم، ولقد اعتمد المغفور له السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- هذا التصميم خلال رحلته العلاجية في جمهورية المانيا الاتحادية وفور عودته الى عمان أمر -طيب الله ثراه- بإقامة حفل وضع حجر الأساس برعايته الكريمة تأكيدًا منه على أهمية هذا المشروع، واهتمامه السامي بحفظ التاريخ العماني، وإبراز منجزات النهضة المباركة وتقديم رسالة للشباب العماني للاعتزاز بالهوية ».
وتابع المهندس الحارثي: «أساس متحف عمان عبر الزمان كان انطلاقة لمشروع وطني بذلت فيه جهود كبيرة لتحقيق الهدف الحلم، برز فيه الشباب العماني بمختلف المجالات، حتى وصلنا ولله الحمد لهذا الهدف وتم افتتاح المتحف هذا العام برعاية سامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق - حفظه الله ورعاه- مؤكدًا جلالته أهمية استشراف مستقبل عمان الذي يلبي طموحات كل عماني».
الوثائقي
أما الفيلم الوثائقي فقد بلغت مدته حوالي 52 دقيقة، من انتاج شركة «أكاسيا»، بقيادة المخرج مالك المسلماني، ووثق الفيلم تفاصيل دقيقة بالأرقام والصور، ساردا حكاية إنشاء المتحف من الفكرة إلى الإنشاء والافتتاح، متحدثا عن موقعه الجغرافي الكائن في ولاية منح، حيث تم اختيار الموقع من قبل السلطان الراحل لقربه من حصن الشموخ، وتناول الفيلم الحقبة الزمنية التي يضمها المتحف بين جنباته، حيث يأخذ الزوار إلى رحلة في الماضي عائدا بهم إلى 800 مليون سنة، إلى جانب ذلك تناول الفيلم الوثائقي فلسفة التصميم الخارجي والداخلي للمتحف وما يرمز له، حيث أتى التصميم الخارجي بزوايا حادة عالية استلهاما من الجبال المجاورة للمتحف، أما التصميم الداخلي فقد أتى معتمدا على ثقافة الاستدامة المعمارية حيث يسمح التصميم للإضاءة الطبيعية بإضاءة القاعات المتعددة للمتحف، وكذلك مرور الهواء، كما استعرض الفيلم الوثائقي طبيعة المواد المستخدمة في بناء المتحف من مواد خرسانية صديقة للبيئة، وبلغت الكتلة الإجمالية للفولاذ الداعم للمتحف حوالي 27 ألف طن.
معرض مصاحب
كما تضمن حفل تدشين الفيلم معرضا لمراحل بناء متحف عمان عبر الزمان، بداية من صورة السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- وهو يضع حجر الأساس، مرورا بصور عدة بلغ عددها 14 لوحة كانت بمثابة رواية بصرية تسرد حكاية بدأت نظرية بالأوراق لتمر بوضع حجر الأساس ثم التخطيط الأولي في أرض خالية، وصورة تتبعها صورة أخرى تمثل خطوة إلى الأمام في سيرة إنشاء صرح معرفي تاريخي ضخم، انتهاء بصور المتحف كما هو الآن أمام الزوار والعيان.
