نجاح زراعة البن العربي في الجبال والبن الماليزي في السهول
ـ ينصح بزراعة البن في مناطق محمية من الرياح بواسطة استعمال مصدات مناسبة
يعتبر البن من أهم المحاصيل في العالم حيث تصنع منه القهوة شائعة الاستعمال في كل الدول تقريبا وتوجد في العالم أنواع كثيرة من البن وأكثرها أهمية البن العربي، كما يعتبر من المحاصيل الاستوائية التي تحتاج أشجاره إلى درجات حرارة مرتفعة لكي تعطي نموا خضريا جيدا ومحصولا جيدا ونوعية جيدة، حيث يمتاز البن العربي بأنه يمكن زراعته بنجاح تحت درجات حرارة أقل من تلك التي تتطلبها الأصناف الأخرى فهو يتطلب درجة رطوبة بنسبة عالية وغيوما كثيفة أثناء فترة النمو وهذه الظروف متوفرة في صلالة بجبال ظفار خاصة أثناء فصل الخريف.
وتلعب الرطوبة النسبية دورا مهما في نجاح زراعة البن خاصة في مرحلة الإزهار والإثمار وفي ظروف الرطوبة النسبية المنخفضة جدا (5 ـ 10 في المائة ) تتساقط الثمار وتتشقق، وكذلك فإن زراعة البن لا تصلح في المناطق الجافة.
وتعتبر التربة الطمية العميقة جيدة الصرف والخفيفة من أنسب البيئات لنمو شجرة البن على أن تكون غنية بالمواد العضوية والعناصر المغذية وخاصة عنصر البوتاسيوم وأنسب درجة حموضة للتربة هي (2،4- 1،5) وبصفة عامة وجد أن زراعته تجود في الأراضي السوداء بمحافظة ظفار.
وينصح بزراعة البن في مناطق محمية من الرياح بواسطة استعمال أنواع مناسبة من مصدات الرياح، مشيرا إلى أن الرياح الشديدة لها تأثير سيئ على أشجار البن حيث إنها تقوم بحرق الأوراق وجعلها بنية اللون مما يؤدي إلى تدني كفاءتها في تصنيع الغذاء وينعكس ذلك سلبيا على المحصول وجودة الثمار.
ويرجع تاريخ زراعة البن في محافظة ظفار إلى عام 1980م حيث تم في ذلك العام استجلاب صنفين من البن العربي هما ( الدوائري والعديني ) من اليمن لاختبارهما وتقييمهما تحت ظروف جبل قيرون حيرتي.
وقد ثبت نجاح زراعة البن العربي بجبل قيرون حيرتي حيث أعطت الأشجار بشائر إنتاجها بعد حوالي سنتين ونصف من الغرس بمتوسط إنتاجية الشجرة الواحدة حوالي 6 إلى 8 كيلو جرامات في العام وكان الصنف العديني من ناحية الإنتاجية وجودة الثمار الأفضل ولذا يوصي بزراعة هذا الصنف تحت ظروف الجبال.
سهل صلالة
كما تمت أيضا تجربة زراعة البن العربي تحت ظروف سهل صلالة ولكن لم يكن نجاحه في السهل مماثلا لمستوى نجاحه بالجبل لاختلاف ظروف البيئة مما حدا بالمسؤولين لإدخال صنف جديد هو البن الماليزي في أواخر عام 1989م من أجل اختباره وتقييمه تحت ظروف الجبل وسهل صلالة الماليزي.
بصفة عامة كان البن الماليزي أكثر مناسبا للمنطقة وملائما لظروف سهل صلالة مقارنة مع البن العربي وذلك لتحمله درجات حرارة أكثر ارتفاعا ورطوبة نسبية أقل من تلك التي يتحملها البن العربي.
ويعتبر نتائج البحوث الأولية على البن الماليزي بالسهل مبشرة وحاليا تجري عدة بحوث في مجالات التقليم والتسميد والتظليل وغيرها من العمليات الفلاحية لتطوير إنتاج أنواع البن المختلفة تحت الظروف المناخية.
ومن أجل تعميم زراعة البن بمحافظة ظفار في البيئات المناسبة تقوم محطة البحوث الزراعية بإنتاج شتلات البن وتوزيعها على المواطنين حيث تم توزيع آلاف الشتلات.
ويقول أحد الباحثين الزراعيين بمزرعة قيرون حيرتي التجريبية: قبل الحديث عن مدى نجاح زراعة البن لابد الحديث أولا عن أهمية هذه المزرعة التجريبية التي تم أنشاؤها فعليا عام 1977م وكانت أول الزراعات التي عرفتها المزرعة الحمضيات مثل اليوسفي والبرتقال بأنواعه المختلفة فلنشيا وأبو سرة واليافاوي والبلدي والحلو والمجموعة الحمضية كالجريب فروت والشادوك.
وفي عام 1980م تم افتتاح المزرعة رسميا كمزرعة تجريبية رائدة كممثل عن الظروف المناخية والبيئية لمنطقة الجبل وتم تزويدها بزراعات أخرى مهمة مثل البن والذي يمثل صنفين هما الدوائري والعديني.
وأهمية المزرعة تأتي من كونها مزرعة تجريبية تم إدخال الكثير من الأصناف والزراعات المحلية والخارجية إليها وبالتالي في حال نجاح هذه الزراعات فإن إمكانية تعميمها تكون واردة للراغبين في ذلك أو في حالة نية الحكومة بنشر أي زراعات تراها مناسبة لمنطقة الجبل وهناك أهمية أخرى اكتسبتها المزرعة في إن بعض الزراعات التي لا تنجح حتى في الظروف المناخية للسهل أو النجد يمكن نجاحها في الجبل لما يتميز به من ظروف تناسب عددا كبيرا من التجارب الزراعية كارتفاعه عن سطح البحر بـ300 قدم ودرجات الحرارة المعتدلة دائما وكميات المطر النسبية التي تزيد عن السهل والنجد.
تجارب مستمرة
أما عن زراعة البن فقد تم إدخال محصول البن إلى المزرعة في عام 1980م وذلك من الجمهورية اليمنية بصنفين هما الدوائري والعديني وهما يعتبران من أجود أصناف البن العالمي ونظرا للظروف المناخية التي يزرع فيها البن في اليمن ودرجة التشابه الكبير فقد نجحت زراعة البن تحت الظروف المناخية لمزرعة قيرون حيرتي نجاح باهرا حيث تعطي الشجرة الواحدة ما يقارب ستة إلى 8 كجم ويتم حصاده سنويا خلال شهري نوفمبر وديسمبر بعد مروره بمراحل النضج المختلفة والتي أهمها وصوله إلى اللون الأخضر ثم الأحمر وهي مرحلة النضج التي يحصد فيها.
أما عن تجربة زراعة البن على مستوى المحافظة فقد تمت عدة محاولات لتوسيع زراعة البن العربي تحت ظروف المناخ بسهل صلالة ولكن لأسباب بيئية ومناخية لم تنجح زراعته في سهل صلالة بعكس الجبل لتناسب الظروف المناخية لزراعة البن، ولذا فقد قامت المديرية العامة للزراعة والثروة الحيوانية والسمكية حاليا بالشروع بتوسيع زراعة البن في المناطق المختلفة من الجبل وقد دشن هذا المشروع المبشر في عام 2003م بمناسبة عيد الشجرة والتي تحتفل بها وزارة الثروة الزراعة والسمكية وموارد المياه في 31 من شهر أكتوبر في كل عام، علما بأن بعض أصناف البن مثل البن الماليزي
قد نجحت زراعته بسهل صلالة في نطاق تجريبي ونأمل أن تتوسع زراعته للراغبين من مزارعي السهل خلال الفترة القريبة.
ومن أهم المحاصيل التي عرفتها هذه المزرعة عبارة عن عدد من الزراعات الدخيلة والتي نستطيع القول بأن معظمها قد نجح والبعض قيد البحث والدراسة وأهم المحاصيل التي نجحت حتى الآن الحمضيات بأنواعها المختلفة والبن العربي والماليزي والكركم والزنجبيل والجريب فروت والخرنوب والمحاصيل التي ما زالت قيد البحث ونتوقع نجاحها مثل العنب والزيتون والخوخ والتفاح.
مستقبل باهر
وقد تمكن مؤخرًا مواطن عماني في محافظة ظفار من النجاح في زراعة البُن بمزرعته، وأكد بأن زراعة البُن لها مستقبل باهر ومحصوله وفير وقد تواصلت ( عمان ) مع المواطن أحمد الكثيري من محافظة ظفار وهو يملك مزرعة بها العديد من الثمار، ومن بينها البُن اليمني والمكسيكي، حيث قال: بدأت زراعة البُن في مزرعتي قبل 5 سنوات، وجربت 3 أشجار فقط وكل المحصول الذي ننتجه نقوم بإرجاعه مرة أخرى لعمل شتلات، وقبل عامين بدأت في إدخال عدة أنواع أخرى منها البُن المكسيكي، لكن بالنسبة للبُن العديني أو اليمني هو الأفضل وأثمر بشكل كبير وغزير.
وحول أنواع البُن التي زرعها الكثيري، أوضح قائلًا: لدي نوعان فقط من البُن وسأحاول إضافة 3-5 أنواع، ونوع البُن الذي يوجد لدي هو البُن العديني (اليمني) بالإضافة إلى البُن المكسيكي، والبُن اليمني يبشر بمستقبل باهر ومن أفضل النوعيات التي جربتها وأفضل من البُن المكسيكي.
وبيّن الكثيري: البُن اليمني يُحصد خلال نهاية شهر يوليو ويصل الإنتاج من الشجرة الواحدة من 4-5 كجم، وبدأت مؤخرًا بإضافة بعض الأشجار لزيادة الإنتاج تجاريًا، ونوعية البُن التي زرعتها تتأقلم بشكل ممتاز جدًا مع نوعية المناخ في محافظة ظفار خصوصًا في الجبل، وإذا اهتم المزارع بالمحصول وعمل منه كميات كبيرة سيكون الإنتاج جيدا جدًا.
وأكد الكثيري أنه لم يواجه أي تحديات تذكر في زراعة البُن، مبينًا: الشتلات متوفرة لدى وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، وفي - قيرون حيريتي- قاموا بتجربة زراعة البُن قبلي وشتلوا منه، أما بالنسبة لي فقد جربت شتلتين أو ثلاث شتلات ونجحت زراعتها نجاحًا باهرًا وأثمرت وأعطت محصولًا وافرًا.
وحول كمية إنتاجه من البُن، أجاب الكثيري عن ذلك قائلًا: المحصول الذي أنتجه حاليًا من 3-4 أشجار وأعيد تدويره، حيث أزرعه وأستخرج منه شتلات، فإذا أكثرت من البُن سيكون على حساب أشجار أخرى أو شتلات وأنواع أخرى، فلا أريد أن يكون المحصول كله من البُن، مؤكدًا: التخصص في محصول البن له مستقبل باهر وهو من المحاصيل الناجحة في الجبل بمحافظة ظفار.
