عمان اليوم

مناشدات من الأشخاص ذوي الإعاقة لتسهيل زواجهم وتذليل العقبات

17 يونيو 2022
يحقق التوازن النفسي والاكتفاء الاجتماعي وفرصة لتكوين أسرة
17 يونيو 2022

النعماني: ضرورة تسهيل زواج الأشخاص ذوي الإعاقة -

المعولي: يواجه ذوو الإعاقة تحديا مضاعفا في الزواج بسبب الحالة الصحية -

الكندي: إتاحة الفرصة لنا للاندماج ومشاركة المجتمع -

العجمية: الجهات الحكومية والأهلية والخاصة تقوم بدورها لضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة -

يشكل الأفراد ذوو الإعاقة جزءا لا يتجزأ من الكيان المجتمعي، وتعد قضية زواج الأفراد ذوي الإعاقة من القضايا المهمة وذلك لأنها تلامس شريحة تنتمي للمجتمع ولها ما لبقية الأفراد من حقوق وواجبات، ونجد ذلك بين مؤيد ومعارض لها، فهناك من يرفض فكرة زواج ذوي الإعاقة سواء من قبل أسرة المعوق أو من قبل المعوق نفسه أو من المجتمع، وتصعّب زواجهم وتحكم عليه مسبقا بأنها تجربة فاشلة، والبعض الآخر ينظر إلى أن الزواج ضرورة ملحة لكل شاب من ذوي الإعاقة يقترن بفتاة مثله أو فتاة سليمة ليتغلب على هموم الإعاقة ويتجاوز مرحلة الانطواء حتى يحقق التوازن النفسي والاكتفاء الاجتماعي وتكون لديه فرصة لتكوين أسرة.

صعوبة إيجاد شريك الحياة

ويسرد علي بن محمد الفارسي قصته قائلا: منذ عامين أصبت بإعاقة حركية بسبب حادث مروري، وبدأت معاناتي في إيجاد شريكة الحياة التي تقبل بإعاقتي، ولكن وجدت صعوبة كبيرة في هذا الأمر ولم أستطع إلى الآن أن أجد من تقبل بي، وأواجه القليل من الصعوبات مثل تأمين مستلزمات الحياة أو المشاركة بصورة كاملة وفعالة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين، وأتمنى نشر ثقافة توعوية بضرورة تثقيف المجتمع إلى أن الهدف من زواج ذوي الإعاقة هو قدرة الشريكين على مساعدة بعضهما البعض في تلبية أمور الحياة اليومية، وتخطي الكثير من الصعوبات التي يواجهانها، فضلا عن الرعاية والتكافل والتراحم فيما بينهما.

أسرة واعية

وذكرت سارة بنت طالب الجساسية: كلما كانت الأسرة واعية ومدركة لطبيعة الإعاقة والصعوبات التي يعاني منها ابنها أو ابنتها ذات الإعاقة اختلفت النظرة إلى قضية الزواج، في مجتمعنا تكون الأسرة هي أول من يتصدى لمشروع زواج الأبناء ذوي الإعاقة، مع أنه في بعض الحالات يكون الشخص المعوق نفسه أول من يفكر في الزواج، وتعتبر إعاقتي السمعية عائقا مستمرا للزواج، فمن وجهة نظري ضرورة القيام بحملات توعوية بالمدارس والجامعات والمساجد ومن خلال الصحف والإذاعة والتلفزيون للتوعية بأهمية ذوي الإعاقة وضرورة قبولهم وإدماجهم في المجتمع.

نظرة المجتمع

وأوضح سالم بن عبدالله الكندي من ذوي الإعاقة: نواجه صعوبات عديدة للزواج خاصة من عمانية، ونظرة المجتمع التي لم نستطع التغلب عليها إلى الآن، ونجد الرفض من الأهل الذين يقفون في وجه الشاب، لذلك ومع مضي العمر يضطر المعوق الزواج من الخارج، وأود أن تتكاتف الجهات المعنية في عمل حلقات توعية ودروس وندوات موسعة للتطرق إلى هذه الفئة وإبراز قدرات الشباب ذوي الإعاقة علميا، واجتماعيا، ومواجهة الحياة الزوجية، والاعتماد على النفس، وزحزحة الخوف من الفتيات والأهالي، وعدم النظر إلى الشكل الخارجي فقط وإنما لثقافته ووظيفته.

وبيّن الكندي أن للأفراد من ذوي الإعاقة إمكانيات قد تفوق أحيانا الأشخاص الأسوياء كاهتمام بالأسرة وتلبية احتياجاتهم والترفيه والاندماج والتفاهم معهم، وإتاحة الفرصة لنا للاندماج ومشاركة المجتمع في كل الأمور.

تحديات عديدة

وقال أكرم بن سيف المعولي عضو مجلس إدارة الجمعية الخليجية للإعاقة: إن هناك تحديات متنوعة تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة، منها ما هو مرتبط بمسيرة التعليم، ومنها ما هو متعلق بالجوانب الصحية جراء الإعاقة، ومنها ما له ارتباط وثيق بالتوظيف، ومن بين التحديات الرئيسية التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة من الجنسين الزواج، إذ يشكل الزواج بالنسبة لهذه الفئة في كثير من الأحيان هاجسا ربما يفوق بقية العناصر الآنفة الذكر وذلك لارتباطه الوثيق بالمسببات أو التحديات الأخرى، حيث إنه يصعب الشروع في الزواج دون وظيفة، ويواجه الشخص من ذوي الإعاقة تحديا مضاعفا في الزواج بسبب النظرة المجتمعية وبسبب الحالة الصحية، فتتضاعف أمام هذه الفئة الحواجز عند غياب التوعية الصحيحة في المجتمع، وعند انعدام التثقيف، وكذلك عندما لا تكون هناك مساندة سواء كانت مؤسسية أو مجتمعية أو أهلية.

ارتفاع تكاليف الزواج

وأضاف المعولي: والمتتبع لأحوال هذه الفئة يجد أن معدل الدخل الخاص بهم منخفض بسبب ندرة الوظائف، وبسبب التحصيل العلمي بشكل عام، لذلك تكون مسألة ارتفاع تكاليف الزواج مسألة حاضرة وبقوة في مجمل القضية، كما أن جزءا كبيرا من دخل الأشخاص ذوي الإعاقة على مختلف إعاقاتهم يذهب في تغطية الالتزامات المرتبطة بالإعاقة، سواء كانت هذه الالتزامات على هيئة أجهزة تعويضية مثل الأطراف الصناعية أو الكراسي المتحركة أو سماعات الأذن المخصصة للصم، أو على هيئة عمال منازل مساعدين أو سائقين مخصصين أو غيرها من التكاليف، وكل ذلك يبقى هاجساً ملازماً لكل مشروع زواج بين هذه الفئة.

النماذج الناجحة

وأكد المعولي على ضرورة عدم تجاهل النماذج الناجحة والمستقرة التي شقت طريقها في هذا الجانب بل على العكس فإنه ينبغي الاستدلال دائما بهذه القصص والاستشهاد بها في مختلف المناسبات لغرض التثقيف والتوعية، وذلك من خلال جهود مشتركة بين وزارة التنمية الاجتماعية والجمعيات الأهلية، حيث يحفز الأسر المترددة على تخطي وتذليل العقبات أمامهم لينشأ لدينا مجتمع متكاتف مساند للأشخاص ذوي الإعاقة.

وأشار المعولي إلى أنه وبسبب الثقافة المجتمعية في مجتمعاتنا العربية بشكل عام يلجأ الكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة إلى الزواج من الخارج في غياب التقبل المحلي، مما يفاقم من أصل المشكلة لأسباب عديدة نستخلصها في التكاليف المستمرة ، وضعف الانسجام بسبب اختلاف الثقافات، أو الإهمال.

رسالة للمجتمع

ويقول عبدالله بن شاكر البلوشي رئيس «فريق بالإعاقة نبدع»: قد أصبح الأشخاص ذوو الإعاقة يعتمدون على أنفسهم، ويقومون بقيادة المركبة، وأصحاب مشاريع ناجحة، وبعضهم أكملوا الدراسات العليا، وهذا دليل كاف على قدرة هذه الفئة في تكوين أسرة، وأتمنى أن تكون هناك برامج تثقيفية وأبطالها أشخاص ذوو إعاقة حتى تلامس كافة شرائح المجتمع وتكون الرسالة المقدمة أكثر مصداقية للجميع، و ركزت رؤية عمان 2040 على أنه يجب تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة واستغلال قدراتهم وإمكانياتهم.

عبء مالي

ومن ضمن الصعوبات التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة في الزواج من خارج سلطنة عمان قال البلوشي: تتم الموافقة على منحنا التصريح للزواج من الخارج ولكن في الجانب الآخر لهذا الأمر عدة سلبيات منها زيادة التكاليف المالية، حيث إنه يتوجب السفر والقيام بالزواج وبعدها إحضار الزوجة إلى أرض الوطن، وبعد فترة تود أن تقوم بزيارة أهلها في بلدها، وسيزيد من الأعباء المادية وذلك من خلال المصاريف المتعلقة بالتذاكر والسفر والتي تكون بعضها بشكل سنوي، وبالإضافة إلى اختلاف الثقافة، والعادات والتقاليد التي قد تشكل عائقا للتفاهم والاندماج الأسري.

الزواج السليم

وفي هذا الجانب قال الشيخ سالم بن علي النعماني محاضر وواعظ ديني: إن الأشخاص ذوي الإعاقة حالهم كحال غيرهم ممن يعيشون على أرض هذا الوطن المترابط، وينبغي على الكل أن يكون بجانبهم ويعمل على مساعدتهم إلى ما يعينهم في تحقيق أهدافهم ومن ضمنها الزواج وتكوين أسرة وذرية صالحة، وتعتبر الاستشارة الطبية والنفسية من الضوابط المهمة لإتمام الزواج السليم، وهناك نماذج كثيرة من المجتمع العماني على حالات زواج ناجحة قادرة على موازنة الحياة الزوجية وفتح بيوت أسرية، ومن «فرج على مؤمن كربة من كرب الدنيا، فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة»، فما دام الرجل أو المرأة قادر على أداء الحقوق والواجبات تجاه بعضهما فلا يجب ممانعة زواجهما.

حقوق مكفولة

وأكدت الدكتورة نادية بنت علي العجمية مديرة مركز التقييم والتأهيل المهني بوزارة التنمية الاجتماعية أن ذوي الإعاقة في سلطنة عُمان يتمتعون تمتعا كاملا على قدم المساواة مع الآخرين بجميع حقوقهم التي كفلها النظام الأساسي للدولة والقوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها سلطنة عمان، دون تمييز على أساس الإعاقة، كما أن جميع الجهات الحكومية والأهلية والخاصة تقوم بدورها لضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، كما تقوم وزارة التنمية الاجتماعية بالتنسيق مع كافة الجهات لضمان تمتعهم بحقوقهم في ظل القيادة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه.

وأما فيما يتعلق بموضوع الزواج فقد كفلت القوانين والتشريعات حقه أيضا على قيد المساواة مع الآخرين، وتقوم الوزارة وفق جهات الاختصاص فيها بالعمل على رفع الوعي المجتمعي في قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة والتي من بينها قضية الزواج، بهدف الحد من التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع المسائل ذات الصلة بالزواج والأسرة والوالدية والعلاقات، ولضمان كفالة حق جميع الأشخاص ذوي الإعاقة الذين هم في سن الزواج لتأسيس أسرة برضا تام لا إكراه فيه ولمن لا يمنعهم مانع من ذلك.