د. قمرة السريرية: إجراءات لتعزيز الثقة بالنظام الصحي والاستخدام الأمثل للموارد
كشفت الدكتورة قمرة بنت سعيد السريرية المديرة العامة لمركز ضمان الجودة بوزارة الصحة عن الانتهاء من وضع معايير تقييم المستشفيات المختصة بنظام الاعتماد العماني للمؤسسات الصحية مؤكدة على ما تقوم به الوزارة من إجراءات لتعزيز الثقة بالنظام الصحي والعمل بنزاهة كاملة وشفافية وفقا للمعايير العالمية لرفع جودة الرعاية الصحية وسلامة وأمان وحقوق المرضى، بما يلبي احتياجات وطموحات وتطلعات المستفيدين.
وقالت المديرة العامة لمركز ضمان الجودة بوزارة الصحة في حوار لـ «جريدة عمان»: إن سلامة المرضى مسألة جدية من مسائل الصحة العمومية على النطاق العالمي، وتبين التقديرات أن واحدا من بين كل 10 مرضى في البلدان المتقدمة يصاب بالأذى أثناء تلقيه الرعاية في المستشفى «دون قصد».
وما يحدث هو اعتراف متزايد بأن سلامة المرضى ونوعية رعايتهم تشكلان بعدا بالغ الأهمية من أبعاد التغطية الصحية الشاملة، وتعد الجودة وأمان الخدمات الصحية أساساً في تطوير النظام الصحي، حيث ترتكز رؤية وزارة الصحة على «تطوير نظام متكامل للرعاية الصحية» يقدم خدمات صحية عالية الجودة وفق أفضل المعايير العالمية. وشهد قطاع الخدمات الصحية في سلطنة عمان خلال الأعوام الأخيرة تغييرات جذرية على جميع المستويات التي تمثلت في ازدياد عدد المترددين على المؤسسات الصحية وتغير نمط الأمراض، من الأمراض المعدية إلى الأمراض غير المعدية والتي يطلق عليها أمراض العصر كأمراض السكري والقلب والشرايين.
وفي الوقت ذاته، شهد القطاع قفزة نوعية وكمية في مستوى الخدمات التي يقدمها والذي يعزى إلى عدة أسباب منها إدخال العديد من الأجهزة التشخيصية والعلاجية المتطورة وكذلك اكتشاف عدد من الأدوية الحديثة وازدياد وعي ومعرفة ومهارة العاملين بالقطاع الصحي بمختلف مستوياتهم.
وأضافت: يعمل القطاع الصحي على ضمان تحقيق أعلى درجات سلامة المرضى من خلال تقديم أفضل رعاية صحية آمنة وفعالة وتنفيذ العديد من البرامج الإنشائية والتطويرية التي تهدف إلى التحسين المستمر لجودة الرعاية الصحية بمفهومها الشامل وأبعادها المتعددة وتحقيق التغطية الصحية الشاملة وبما يتفق مع الهدف الثالث والغايات المتعلقة بالصحة ضمن الأهداف والغايات العالمية للتنمية المستدامة، وتسعى وزارة الصحة متمثلة في المديرية العامة لمركز ضمان الجودة جاهدة لنشر الوعي حول مفهوم سلامة المرضى وكيفية استخدام المعايير العالمية لتحقيق هذا المفهوم وتطبيق كل السبل المؤدية لاستمراريته.
مرجع وطني عالمي
وأكدت الدكتورة قمرة بقولها: تماشيا مع متطلبات أنظمة ضمان وضبط الجودة، ورؤية مركز ضمان الجودة «أن نكون مرجعا وطنيا ذا مستوى عالمي في مجال جودة الخدمات الصحية وسلامة المرضى»، فقد عملت المؤسسات الصحية في سلطنة عمان على تحسين مستوى سلامة المرضى من خلال الحصول على الخدمة الصحية في جميع مراحل تقديمها، كما قامت وزارة الصحة والمؤسسات الصحية الحكومية والخاصة بالسلطنة وبالتعاون مع المؤسسات والمنظمات العالمية وفي مقدمتها منظمة الصحة العالمية برسم سياسات وخطط وتدخلات صحية في مختلف المجالات ذات أهداف محددة تعمل على نحو تكاملي وتسهم في تحسين تقديم الخدمات الصحية.
وتعتبر سلطنة عمان من الدول المتقدمة في مجال سلامة المرضى وتعمل دائما على تطوير المعايير والممارسات المتعلقة بهذا الشأن، حيث بدأت السلطنة في نهاية عام 2015م في تطبيق مبادرة المستشفيات المراعية لسلامة المرضى تجسيدا للجهود المبذولة من قبل وزارة الصحة والمؤسسات الصحية الأخرى في تطوير المنظومة الصحية والاهتمام بجودة الخدمات الطبية المقدمة وضوابط سلامة المرضى، حيث أنهى خمسة عشر مستشفى حكوميا وخاصا التقييم النهائي وتم اعتماده كمستشفى مراعٍ لسلامة المرضى من قبل منظمة الصحة العالمية لإقليم الشرق المتوسط وجارٍ العمل حاليا على تحضير ثلاثة عشر مستشفى حكوميا وتدريب العاملين فيها على تطبيق المبادرة حيث تم تدشين المبادرة مؤخرا في مستشفى جعلان بني بوعلي..
وتابعت الدكتورة: يعد اختيار سلطنة عمان في الربع الأخير من عام 2018 كمركز متعاون مع منظمة الصحة العالمية في مجال الجودة وسلامة المرضى تكريما للتقدم الكبير الذي أحرزته السلطنة خلال السنوات العشر الماضية في مجال الجودة وسلامة المرضى واستمرار تعاونها الدائم مع منظمة الصحة العالمية من خلال المكتب الإقليمي لشرق المتوسط في إعداد وتنفيذ أدوات سلامة المرضى مثل الجراحة المأمونة لإنقاذ الحياة والرعاية النظيفة وإشراك المرضى وتمكينهم ونظم الإبلاغ والتعلم من أجل رعاية مأمونة.
سلامة المرضى
أوضحت الدكتورة قمرة أن الاهتمام بسلامة المرضى يعد ركيزة أساسية تتمحور حولها عمليات تحسين جودة الرعاية الصحية وهي أحد الشروط الأساسية لتعزيز نظم الرعاية الصحية وإحراز تقدم نحو تحقيق تغطية صحية شاملة فعالة في إطار الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة، وهي حق من حقوق المرضى.
لذا أولت الوزارة اهتماما بالغا بإرساء وتعزيز ثقافة سلامة المرضى في مؤسسات الرعاية الصحية بجميع مستوياتها من خلال تبني المعايير العالمية ومن ضمنها معايير منظمة الصحة العالمية للمؤسسات الصحية المراعية لسلامة المرضى تنفيذا للخطط الاستراتيجية وتحقيقا لأهداف الخطة الخمسية الصحية العاشرة 2021 - 2025 المنفذة لرؤية عمان 2040، وتنفيذا لما جاء في الخطة الاستراتيجية لتحقيق أهدافها، فقد قامت الوزارة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط بالتوسع في تطبيق مبادرة المؤسسات الصحية المراعية لسلامة المرضى في مراكز الرعاية الصحية الأولية منذ منتصف شهر يونيو عام 2022 في مختلف محافظات سلطنة عمان.
وبدأ التطبيق بتدشين المبادرة لجميع المحافظات، مصاحبا لحلقات تدريبية استهدفت حوالي 120 متدربا من العاملين الصحيين في مختلف المحافظات وأيضا من المختصين في المديريات العامة المركزية، وذلك بهدف تهيئة العاملين بتطبيق مبادرة سلامة المرضى في الرعاية الصحية الأولية وإعدادهم لتقييم مبادرة سلامة المرضى من قبل مختصين من منظمة الصحة العالمية في المراحل القادمة.
وجاء التطبيق الفعلي للمبادرة ممثلا في خمس محافظات هي: مسقط وظفار وشمال الشرقية وشمال الباطنة، والظاهرة، حيث قامت كل محافظة بإشراك مؤسستين صحيتين تقدم خدمات الرعاية الأولية بتطبيق المعايير. كما قامت المديرية العامة لمركز ضمان الجودة وبالتعاون مع المديرية العامة للرعاية الصحية الأولية بمساندة المؤسسات المطبقة والمتابعة الدورية والحرص على تطبيقها بصورة تتناسب مع معايير سلامة المرضى.
رؤية عمان
وأوضحت الدكتورة قمرة الخطة الاستراتيجية التي اتبعتها الوزارة لتلبية احتياجات المرحلة المقبلة، فقالت: نعمل وفق برامج الخطة الخمسية الصحية العاشرة حيث تعتبر الخطة الأولى المنفذة لرؤية عمان 2040 مع التركيز على أن الصحة أولوية وطنية لتقديم خدمات أكثر شمولية تتجسد في تحقيق الصحة، والرعاية بجودة أفضل للجميع، مع التركيز على مبدأ المشاركة في عملية التنفيذ مع القطاعات الصحية الأخرى والجهات ذات العلاقة، لتحقيق الأهداف الاستراتيجية الخمسة المتضمنة في خطة القطاع الصحي ومن ضمنها الجودة، والشفافية والعدالة والمساءلة، وحاليا نعمل على خطة استراتيجية منبثقة من الخطة الخمسية تعنى بالجودة وسلامة المرضى على مستوى وزارة الصحة، عن طريق تطبيق المعايير العالمية الملائمة للواقع المحلي، الذي يتضمن صياغة معايير اعتماد للمستشفيات، والرعاية الصحية الأولية، والمراكز الوطنية في المرحلة المقبلة، والذي جاء ليلائم الواقع المحلي ويتوافق مع المعايير والضوابط الدولية ويلبي احتياجات المرحلة القادمة.
خفض الإنفاق
وحول توفير أعلى مستويات الجودة وسلامة المرضى في ظل الظروف الحالية وخفض معدلات الإنفاق، أوضحت: تقوم الوزارة بإجراءات لتعزيز الثقة بالنظام الصحي.. من خلال الاستخدام الرشيد والأمثل للموارد والعمل بنزاهة كاملة وبشفافية ومتابعة مؤشرات أداء جودة الخدمات بما نتمكن معه جميعا من تقديم الرعاية الصحية بسهولة ويسر ووفقا للمعايير العالمية لجودة الرعاية الصحية وسلامة وأمان وحقوق المرضى وبما يلبي احتياجات وطموحات وتطلعات المستفيدين من الرعاية الصحية.
وفي مجال الجودة دائما ما نحرص على تقديم أفضل الممارسات، فترشيد الاستهلاك لا يعني تقليص الإنفاق وإنما تسهيل الإجراءات وترشيقها وتسريعها بما مع الحفاظ على سلامة المرضى وتم عمل العديد من الإجراءات في وزارة الصحة لتقليل الهدر وتسهيل الإجراءات وتسريعها.
خطط مستقبلية
وأكدت مدير عام مركز ضمان الجودة العمل حاليا على إجراء مشروع حول تمكين المريض في الخدمات الصحية بإشراكه في تقييم الخدمات الصحية، حيث تم تدشين مشروع قياس تجربة المريض وسيتم تحميل استبانة قياس تجربة المريض في العيادات الخارجية عبر تطبيق «شفاء» المتاح عبر الهاتف الذكي وخلاله سيتم التعرف على تجربة تلقي الخدمة والأخذ بملاحظاتهم في آلية التعامل معه داخل المؤسسة الصحية بهدف تجويد الخدمة وتحسينها بصفه مستمرة ..
وتم إصدار وثيقة وطنية إلزامية لحقوق وواجبات المريض وتعميمها لكل طبيب وممارس صحي في كيفية تعامله مع المريض خلال رحلة العلاج لتحسين الخدمات والحفاظ على خصوصية المريض، ويتواصل العمل على تجويد الأداء الإداري وتطبيق نظام الايزو في خمس مديريات عامة مركزية، والعمل على تطوير نظام في سلامة المرضى في المركز وهو من خلال نظام «أمان» المختص بتسجيل وتوثيق كافة الأحداث (الضائرة) و(الخافرة) والحوادث الطبية في المؤسسات الصحية والعمل على اتخاذ الإجراءات وتفادي وقوعها مستقبلا، كما قام المركز بدراسة مستوى رضا موظفي وزارة الصحة والأخذ بمقترحاتهم .