عمان اليوم

خبراء تربويون لـ"عمان" : تعويض الفاقد التعليمي والمسؤولية المشتركة أبرز ملامح استمرار انتظام الطلبة حضورياً

18 سبتمبر 2021
مع بدء العام الدراسي الجديد والعودة إلى مقاعد الدراسة
18 سبتمبر 2021

  • سالمة الفارسية: التعليم عن بُعد أثبت نجاحه في مجالات معينة ولكن وجود الطالب في المدرسة يعني تحقيق أكبر لأهداف خطة التعلم
  • حميد السعيدي: المتوقع ظهور فاقد تعليمي خاصة لدى طلبة المراحل التعليمية الأولى من حيث مدى امتلاكهم لمهارات القراءة والكتابة
  • عبدالله الهاشمي: تهيئة البيئة المدرسية المحفزة عبر أسبوع تعريفي يستهل به العام الجديد

تستقبل المدارس غدا الأحد طلابها حضورياً بعد نحو عام ونصف، إذ ينتظم الآلاف في الصفوف الدراسية مع إتمام وزارة التربية والتعليم جاهزيتها للعام الدراسي الجديد وانتهاء المدارس بمختلف محافظات السلطنة استعداداتها للعام الدراسي 2021 / 2022، "عمان" استطلعت آراء الخبراء التربويين مع تصدر المشهد اليوم نحو إعادة فتح أبواب المدارس مجدداً إذ أكدوا ضرورة تزويد الأسر لأبنائها الطلبة بالنصائح الصحية وتواصلها مع المدرسة في حال ظهور أعراض، وضمان المؤسسات التعليمية وجود بيئة مدرسية صحية لتحقيق أهداف التعلم وفق الإجراءات الصحية المحددة.

وتوقعوا ظهور فاقد تعليمي خاصة لدى طلبة المراحل التعليمية الأولى من حيث مدى امتلاكهم لمهارات القراءة والكتابة ومهارات الحساب ومهارات التفكير العليا، والقدرة على التواصل مع زملائهم والمعلمين، وإيجاد بيئة محفزة بالصف والعمل بنظام المجموعات بين الطلاب وخلق الثقة للطالب وروح المبادرة.

تهيئة الطالب

وقالت الدكتورة سالمة بنت نصيب الفارسية، رئيسة قسم دعم فرق الإشراف التربوي بجنوب الشرقية: تعود الدراسة هذا العام حضورياً بعد أن كانت عن بُعد، وقد اتُخذت الإجراءات اللازمة لضمان عودة سليمة للطلاب إلى مقاعد الدراسة لكافة المراحل من التعليم ما قبل المدرسي إلى التعليم ما بعد الأساسي والجامعي مع بعض الاختلافات البسيطة في اجراءات العودة بما يتناسب وظروف كل مؤسسة، طبعاً تأهيل قبل العودة من المفترض أن تلعب فيه الأسرة دوراً كبيراً من خلال تهيئة الطالب لما هو مقبل عليه، بعد أن أمضى عاماً سابقاً في الدراسة عبر التعليم عن بُعد من المنزل، وتتمحور التهيئة بشكل أساسي في إكساب الطالب المعارف الأساسية حول وباء كوفيد 19 وطرق انتشاره وأساليب الوقاية والثقافة الصحية في البيئة المدرسية والاختلاط مع زملائه الطلاب بحيث يمارس الطالب يومه المدرسي من تعلم ولعب وتواصل وفق أساليب صحية ووقائية سليمة.

وأشارت إلى أن المسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة بقيام كل جهة بممارسة الدور المناط بها في ظل استمرار الجائحة وضرورة الدوام المباشر للطلاب، فالأسرة مطلوب منها تزويد الطالب بالثقافة والنصائح الصحية ومتابعة حالته الصحية والتواصل مع المدرسة في حال ظهور أعراض أو وجود ملاحظات معينة للحفاظ على سلامة الطالب، كما أن على المدارس متابعة تطبيق البروتوكول الصحي لضمان وجود بيئة مدرسية صحية وتعزيز العلاقة المباشرة مع أولياء الأمور في الفترة القادمة لتحقيق أهداف التعلم وفق الاجراءات الصحية المحددة، مشيرة إلى أن التعليم عن بُعد هو أسلوب تعليمي ليس بالجديد ومطبق على مستوى واسع لظروف معينة، وقد تم تطبيقه بشكل أوسع خلال الجائحة وأثبت نجاحه، إلا أن فلسفة التعليم وأهدافه ليست مقتصرة على مخرجات التحصيل الأكاديمي فقط وإنما تتعداه لترسيخ قيم ومبادئ ومخرجات معرفية ونفسية ومهارية من الصعب تحقيقها بدون وجود بيئة تعليمية تفاعليه لذلك بالتأكيد كان هناك فاقد في الكثير من مخرجات التعلم المطلوبة ولكن لا يعني أن التعليم عن بعد كان فاشلاً، فهو قد أثبت نجاحه في مجالات معينة ولكن وجود الطالب في المدرسة يعني تحقيق أكبر لأهداف خطة التعلم.

القواعد المدرسية

وحول نصائحها كخبيرة تربوية للأسرة مع بدء العودة الآمنة للطلبة إلى مقاعد الدراسة، قالت رئيسة قسم دعم فرق الإشراف التربوي بجنوب الشرقية: بداية لابد من الحديث والحوار مع الطالب بطريقة تناسب مرحلته العمرية حول الوباء بدون تضخيم الوضع ولكنه ظرف تمر به البشرية والمطلوب التعامل مع كل أزمة بمهارات معينة تبدأ مع فهم ما هي الجائحة، وكيفية التعامل الصحيح معها، وعدم تهويل الأمر بما يبعث على الخوف، وأن يتفاعل الطالب إيجابياً وفق القواعد المدرسية المطلوبة منه، كما أن عليه أن يبذل جهداً أكبر لتعويض الفاقد التعليمي خلال الفترة المنصرمة وأن يستغل كل دقيقة في الدراسة وإعداد الواجبات المدرسية المطلوبة منه وتشجيعه ودعمه لتحقيق آماله وأحلامه وإعداده للمستقبل بالمعارف والمهارات والروح الإيجابية.

مستقبل واعد

وقال الدكتور حميد بن مسلم السعيدي، كاتب وباحث متخصص في المجال التربوي: يفتتح أكثر من نصف مليون طالب عماني بوابات مدارسهم عائدين بعد انقطاع أكثر من عام ونصف منذ منتصف مارس عام 2020م، إذ يعود طلابنا ومعهم آمال وطموحات الوطن، يعودون من أجل بناء مستقبل واعد لأجل عمان، فالمدرسة هي المنطلق الأساسي نحو تحقيق التنمية الشاملة، وبناء الإنسان المؤمن بوطنه، والمجتهد من أجل رفعة مكانته بين الأمم، كل ذلك يتطلب العمل الجاد والمخلص من الكفاءات الوطنية التي تعمل في الحقل التربوي، ويأتي هذا العام في مرحلة استثنائية فرضتها الظروف الصحية المتمثلة في جائحة كوفيد 19، الأمر الذي يتطلب معه تغييرا في العمل التربوي وتهيئة الظروف الملائمة من أجل إعادة روح التعليم إلى القاعة الصفية، ورفع مستوى الدافعية والشغف لدى الطلبة، والعمل على صياغة الخطط الفاعلة من أجل معالجة الفاقد التعليمي، وتشخيصه؛ إذ أسهم التعليم عن بُعد في وجود فاقد تعليمي لدى عدد كبير من الطلبة، وهذا الأمر يعود إلى نوعية التعليم الإلكتروني بجانب العديد من التحديات التي واجهت تطبيقه خلال العام الدراسي المنصرم، فهناك بعض الطلبة لم يتمكنوا من الدخول للقاعات الافتراضية بسبب عدم توفر الأجهزة الإلكترونية أو ضعف شبكات الإنترنت، إذ تم تسليم أجهزة الحاسوب لأسر الضمان الاجتماعي بعد نهاية العام الدراسي الماضي في يوليو 2021م، وإلى جانب عوامل أخرى متعلقة بالأسرة والطالب، وتوافر الظروف الملائمة للتعليم في البيت، إذ من المتوقع ظهور فاقد تعليمي خاصة لدى طلبة المراحل التعليمية الأولى من حيث مدى امتلاكهم لمهارات القراءة والكتابة ومهارات الحساب ومهارات التفكير العليا، والقدرة على التواصل مع زملائهم والمعلمين، مما يتطلب في البداية العمل من أجل إعادة منظومة التعليم المباشر لدى الطلبة.

التعليم المباشر

وأشار إلى أن أمام المعلمين مرحلة مهمة جداً ولا نعلم إلى مدى تكون الظروف الصحية ملائمة للتعليم المباشر في ظل وجود مخاوف متعددة من الانتشار، أو اختفاء الجائحة، خاصة أن المؤشرات الحالية تعطي نوعا من الطمأنينة، وفي حالة الاستمرار بذلك والوصول إلى الرقم صفر، فإن عودة التعليم المباشر 100% تصبح أمراً ضرورياً من أجل تحقيق أهداف التعليم لدى جميع الطلبة، وحتى نصل إلى ذلك ينبغي أن يكون هناك تعاون فعال بين الأسرة والمدرسة من أجل متابعة الأبناء والعمل على توجيههم نحو الالتزام بالاشتراطات الصحية وتوخي الحذر من انتقال العدوى إليهم، مشيراً إلى أنه وفي ضوء كل هذه المعطيات ينبغي العمل من خلال تفعيل منظومة وطنية شاملة من أجل إعادة الفاعلية التعليمية لدى المعلمين والطلبة، فالمدرسة هي مستقبل عمان ولا ينبغي أن تعاني من إشكاليات دون وجود حراك من أجل معالجتها، وهذه تعد مسؤولية وطنية يشارك فيها الجميع، وتوفير كل احتياجات المدرسة من الكتب الدراسية، ووسائل النقل، وبيئة التعلم الفاعلة، والأدوات المساندة للتعليم، كما ينبغي تدريب المعلمين على تشخيص الفاقد التعليمي، وطرق معالجته وتعويضه، وتضمين خطط معالجة الفاقد التعليمي ضمن الخطة الدراسية، والعمل على تقليص المناهج الدراسية من أجل إتاحة الفرصة للمعلمين لمساعدة الطلبة في تعويض الفاقد حسب احتياجاتهم الدراسية، وتغيير نظام التقويم التربوي من أجل التركيز على المهارات الأساسية والابتعاد عن المعارف، والعمل ضمن خطة زمنية من أجل إلغاء التعليم المدمج والعودة إلى التعليم المباشر بحضور كافة الطلبة 100%.

حفاوة الاستقبال

وقال عبدالله الهاشمي، الخبير التربوي والأسري: إن تأهيل الطلبة مع بداية العام الدراسي الجديد من خلال تقديم الدعم المادي والمعنوي لهم وتهيئة بيئة مدرسية محفزة من أجل تشجيعهم وعبر تقديم أسبوع تعريفي يتكفل به المعلم عبارة عن حصص دراسية تتحدث عن بعض المواضيع الإيجابية والاجتماعية في الأسبوع الأول.

وأشار إلى أن هناك البروتوكول الصحي تم وضعه من أجل هذه الظروف الاستثنائية في ظل استمرار الجائحة منذ العام المنصرم وفيه العديد من المواضيع التي تهم تعزيز التنسيق مع الأسرة في حالة وجود أي أعراض للطالب يعفى من الحضور إلى المدرسة دون تسجيله غياباً ويتم التواصل مع ولي الأمر في وجود أي ملاحظات.

وفي رده على سؤال حول تسببت التعليم عن بُعد في فقد بعض المهارات؟ قال: قد يكون هناك بعض المهارات التي فقدها الطالب من ضمنها الجرأة ومواجهة المعلم وزملائه في حالة الرغبة بالمشاركة الصفية ولكن يتم إعادة اكتسابها عن طريق خلق بيئة محفزه بالصف واستخدام أساليب متميزة من قبل الطالب وكذلك العمل بنظام المجموعات بين الطلاب وخلق الثقة للطالب وروح المبادرة.

وأضاف: أن أهم النصائح للأسرة مع انطلاق العام الدراسي الجديد حضورياً تكمن في متابعة الطالب باستمرار والتواصل مع المدرسة، وعدم إرسال الطالب للمدرسة في حالة وجود أعراض، بالإضافة إلى إكساب الثقة للطالب وتشجيعه وتحفيزه بشكل مستمر.