بحث آليات تطوير المنظومة التعليمية بسلطنة عمان وتعزيز مهارات المستقبل
الشيبانية: تقييمات شاملة لما بعد الجائحة لتوفير تعليم تعويضي جيد
الانتهاء من تحليل المتطلبات الضرورية لتطبيق التعليم التقني والمهني في «ما بعد الأساسي»
المحروقية: إرساء قواعد رصينة للبحث العلمي والابتكار وريادة الأعمال في مؤسسات التعليم العالي
بدأت اليوم أعمال الندوة الوطنية حول التعليم في سلطنة عمان «نحو تعليم مستدام ومعزز لمهارات المستقبل» التي تنظمها وزارة التربية والتعليم بالشراكة مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار على مدى يومين، وافتتحت الندوة برعاية معالي الدكتور سعيد بن محمد الصقري وزير الاقتصاد وبحضور عدد من أصحاب المعالي والمسؤولين من الجهات المعنية بالتعليم وبمشاركة خبراء منظمات دولية معنية بهذا القطاع.
وجاء انعقاد الندوة بهدف حشد جميع الأطراف المعنية بتطوير التعليم في سلطنة عمان للخروج بخريطة طريق واضحة المعالم لتحويل التعليم من خلال تسليط الضوء على جهود جميع الأطراف المعنية بمستقبل التعليم في سلطنة عمان لتحفيز نقاش وطني وضمان مشاركة مجتمعية واسعة من المؤسسات الشبابية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، والبناء على الدروس والأفكار المكتسبة من الاستجابة التعليمية والابتكار أثناء جائحة كوفيد19، ودمج الأساليب والمنهجيات الجديدة للتعلم في سياسات وممارسات التعليم، بالإضافة إلى رصد جهود سلطنة عمان في تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، والمبادرة الفطرية بشأن التعليم من أجل التنمية المستدامة والمعايير الوسطية للمؤشرات الوطنية، وتطوير رؤية مشتركة والتزام متبادل بين مختلف الجهات لتطوير التعليم بحلول عام 2030.
وألقت معالي الدكتورة مديحة بنت أحمد الشيبانية وزيرة التربية والتعليم رئيسة اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم كلمة أكدت فيها أهمية التعاون المثمر والتفاعل الإيجابي بين سلطنة عمان والأسرة الدولية دعت الأمم المتحدة ومؤسساتها ومنظماتها الدولية والإقليمية المعنية بتكثيف الجهود، وتوجيه العمل نحو آلية مبتكرة للتعاون والمتابعة لعملية تحويل التعليم بما يتماشى مع جدول أعمال التعليم 2030، والظروف التي أفرزتها جائحة «كوفيد19». من أجل تطوير المسيرة التربوية والارتقاء بالمنظومة التعليمية من أجل مستقبل أفضل للطلاب والطالبات، وتمكينًا لمخرجات قطاع التعليم من المنافسة العلمية والتقنية إقليميًا وعالميًا.
وأضافت معاليها: تأتي أهمية إجراء تقييمات تعليمية شاملة لمرحلة ما بعد الجائحة، لإتاحة المجال لتوفير تعليم تعويضي جيد لجميع المتعلمين، وللاستفادة من قصص النجاح التي تحققت في ظل انتشار الجائحة. وأنّ من الأولويات التي يحرص عليها النظام التعليمي في سلطنة عُمان المواءمة بين التعليم والاحتياجات الفعلية لسوق العمل من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، عبر تنمية مهارات المستقبل من خلال الإطار الوطني العُماني لمهارات المستقبل وترجمة للتوجيهات السامية لجلالة السلطان -حفظه الله- لاتخاذ الإجراءات اللازمة لدراسة متطلبات واحتياجات تطبيق التعليم التقني والمهني في التعليم ما بعد الأساسي.
وأشارت معاليها إلى أنّ الوزارة أوشكت من الانتهاء من تحليل الاحتياجات والمتطلبات الضرورية لتطبيق التعليم التقني والمهني في التعليم ما بعد الأساسي بما يتكامل مع مؤسسات التعليم العالي، ويتوافق مع متطلبات سوق العمل واحتياجاته المستقبلية والمهارات الأساسية للوظائف والمهن المختلفة بالشراكة مع المؤسسات الحكومية المعنية بالتعليم والعمل ومؤسسات القطاع الخاص.
وأشادت معاليها بالأدوار الاستثنائية التي قام بها المعلمون لاسيما في وقت الأزمات تستحق منا كل الإشادة والتقدير؛ إذ أثبت المعلم العماني كفاءة عالية في التعامل مع جائحة «كوفيد 19» من خلال دوره المحوري في تسهيل التعليم والتعلم عن بُعد، وتفاعله الإيجابي مع المنصات التعليمية الإلكترونية، وإنتاج المحتوى التعليمي، وتقديم الدروس عبر القنوات التلفزيونية المختلفة، وإيجاد طرائق مبتكرة للتدريس، وبناء مجتمعات التعلم الهادفة إلى تبادل التجارب والخبرات التربوية، واستمرار الوزارة في دعم جهود المعلمين لمواصلة أدائهم التدريسي بكل كفاءة واقتدار. مشيرة إلى أن الندوة أوجدت مساحات كافية للشباب للاستماع إلى آرائهم ومقترحاتهم فيما يخص دورهم في صياغة مستقبل التعليم، وتزويدهم بالكفايات الأساسية اللازمة لاستشراف المستقبل، وما يتطلبه من مهارات الاتصال والابتكار والتفكير النقدي وحل المشكلات، والتعاون من أجل تمكينهم لإحداث تغيير إيجابي في التعليم على كافة المستويات.
كما أشارت معاليها إلى انخفاض مستوى مؤشرات تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لا سيما الهدف الرابع المتعلق بالتعليم، وتأمين مستقبل أفضل للمتعلمين في كل دول العالم، فقد دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى عقد قمة عالمية للتعليم في شهر سبتمبر من العام الحالي 2022م؛ من أجل ضرورة إحداث تحول حقيقي في أنظمة التعليم. ورغم تلك التحديات، إلا أن تقرير الأمم المتحدة صنف سلطنة عمان في المركز الأول بين دول مجلس التعاون الخليجي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة لعام 2022م. كما أشار التقرير إلى أن سلطنة عمان تمضي في المسار الصحيح في إنجاز الأهداف المتعلقة بالكثير من الجوانب من بينها المساواة في التعليم، وهو ما يعكس الأهمية المحورية لملف التنمية المستدامة ضمن الأجندة الوطنية.
دعم التعليم العالي
وألقت معالي الدكتورة رحمة بنت إبراهيم المحروقية وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار كلمة أوضحت فيها اتخاذ الوزارة العديد من الخطوات لدعم وتطوير التعليم العالي بسلطنة عمان في دعم جهود مؤسسات التعليم العالي الهادفة إلى الارتقاء بجودة التعليم العالي وتبوّء مراتب متقدمة في التصنيفات العالمية، والاهتمام بمنظومة التدريب المهني ووضع الخطط الكفيلة بتطويرها بناء على دراسة معمقة وجهود حثيثة يتضامن فيها جميع الشركاء من جميع القطاعات، بالإضافة إلى زيادة جرعة التدريب العملي بمؤسسات التعليم العالي، وتنويع مصادره، وربطه بسوق العمل ربطًا متكاملًا فيه جهود جميع الشركاء وحث مؤسسات التعليم العالي على تطبيق نظام محكم للحوكمة لما له من أهمية في جودة التعليم.
مضيفة معاليها من الخطط التطويرية إرساء قواعد رصينة للبحث العلمي والابتكار وريادة الأعمال في مؤسسات التعليم العالي ودعم إنشاء شركات ناشئة قائمة على الابتكار من خلال برامج متنوعة مثل برنامج «ابجريد» لتحويل مشروعات تخرج الطلبة إلى شركات ناشئة وبرنامج «نافع» الذي يدعم إنشاء شركات ناشئة قائمة على استخدام الموارد الوراثية الحيوانية والنباتية المتأصلة في البيئة العمانية، بالإضافة إلى ربط القطاع الأكاديمي بقطاع الصناعة والأعمال حرصًا على تكامل الجهود وحث مؤسسات التعليم العالي على تنويع مصادر تمويل التعليم ومحاولة جعلها مستدامة ولا تعتمد على مصادر تقليدية.
مستقبل مستدام
من جانبها، أشادت ستيفانيا جيانيني المديرة المساعدة لشؤون التعليم بمنظمة اليونسكو في كلمة مسجلة لها بخطوة إجراء مشاورات على الرغم من الضغوطات اليومية التي تواجهها جميع الأنظمة التعليمية الناتجة عن مرحلة التعافي من كوفيد-19 مُشيرة إلى أنّ الندوة ذات دلالة لرؤية سلطنة عُمان للتعليم كحجر أساس للوصول إلى مستقبل مستدام وأكثر ازدهارًا.
وقالت: إنّ أزمة كوفيد19 كانت نداءً واضحًا من أجل بدء التحول في مجتمعاتنا، وأضحت بشكل متزايد أكثر اعتمادًا على بعضها البعض وأكثر ارتباطًا ببعضها البعض، وتؤثر الثورة الرقمية وتزيد من وتيرة التغير في جميع جوانب حياتنا فهي تحدد كيف نعيش وكيف نتعلم وكيف نعمل وكيف نعيش سويةً.
جلسات الندوة
واستعرضت الجلسة الأولى التي جاءت تحت عنوان «واقع التعليم» وترأسها سعادة الدكتور سيف بن عبدالله الهدابي، وكيل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار للبحث العلمي والابتكار، وقدم الدكتور خالد أبو إسماعيل من لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لدول غرب آسيا تقرير جودة التعليم في الدول العربية. كما قدمت شمسة بنت خميس البلوشية من المكتب الوطني للتنافسية، ورقة عمل عن مؤشرات التعليم الوطنية في التقارير الدولية. وتحدث بدر بن سليمان الحارثي، مدير اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم عن «سياسات ومؤشرات الهدف الرابع في سلطنة عمان» وناقشت الدكتورة مريم بنت بلعرب النبهانية، من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عن مهارات ريادة الأعمال والوظائف المستقبلية في سلطنة عمان.
الجلسة الثانية بعنوان «مستقبل التعليم» وترأسها سعادة الأستاذ الدكتور عبدالله بن خميس أمبوسعيدي وكيل وزارة التربية والتعليم للتعليم، حيث ناقشت فرانسيسكا سالم من اليونيسيف ورقة عمل عن «الاستجابة والتعافي وإعادة التصور: دروس عالمية لتحقيق نتائج التعليم في سلطنة عمان بعد جائحة كوفيد19»، وتناولت مريم بنت قاسم المسكرية من وحدة متابعة تنفيذ رؤية عمان 2040 ورقة عمل بعنوان «التعليم في رؤية عمان 2040»، كما ناقشت كوثر بنت علي الهنائية من وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات للحديث عن «التحول الرقمي في المنظومة التعليمية»، وناقش يحيى بن خميس الحارثي من وزارة التربية والتعليم ورقة بعنوان «التعليم الإلكتروني في ظل جائحة كورونا».
آراء المشاركين
وثمن المشاركون في ندوة التعليم الجهود التي تبذلها الوزارة في سبيل تطوير التعليم بالسلطنة للخروج بخريطة طريق واضحة المعالم لتحويل التعليم والارتقاء به لخدمة كل الفئات، حيث قال بدر بن سليمان الحارثي، مدير قطاع التربية باللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم: «إن هذه الندوة جاءت بعد جائحة كوفيد 19 التي استمرت لعامين، ومما لا شك فيه أن هنالك سلبيات وإيجابيات سببها هذا الوباء، ولكن بالمقابل هناك مكتسبات كثيرة ظهرت في فترة الجائحة، ونحن نحاول أن نستفيد من هذه الفرص ومن أزمة كورونا في تطوير مسألة التعليم الإلكتروني، والتعليم عن بعد، والبناء على بعض التجارب الدولية الناجحة.
ويشير إلى أن تحويل التعليم قائم على الشراكة كمحور أساسي؛ لتحقيق هذه العملية، حيث قال: «يجب أن نخرج برؤية يشارك في صناعتها المعلمون والمجتمع المدني والقطاع الخاص والشباب مع مختلف الفئات وذلك للاتفاق على رؤى مشتركة وواضحة لتحويل عملية التعليم في المستقبل القريب، كما أن رؤية عمان 2040 ضمت بنودًا خاصةً بعملية التعليم خلال المرحلة المقبلة».
وقالت هالة بنت موسى بن محمد الوهيبية مديرة مركز الأمان للتأهيل بالمديرية العامة لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة بوزارة التنمية الاجتماعية: «ما نتمناه ونسعى إليه أن يكون التعليم تعليمًا دامجًا وشاملًا للأشخاص ذوي الإعاقة يؤخذ بجميع مساراته، إضافة إلى رفع السلم التعليمي للأشخاص ذوي الإعاقة في مدارس الدمج، وفي مدارس التربية الفكرية؛ حتى يصل الطلاب إلى الصف الثاني عشر ومن ثم يتم إدماجهم أيضًا في سوق العمل بعد أن يلحقوا ببرامج التأهيل المهني».
وعن التحديات بينت الوهيبية أن هناك عدة صعوبات ما زالت قائمة بمدارس التربية والتعليم التي تتمثل في البداية في وضع المعايير، حيث يجب أن تكون هنالك معايير واضحة لاستقبال الحالات من ذوي الإعاقة بمختلف إعاقاتهم، وأيضًا تهيئة المناهج والوسائل التعليمية وعمل إمكانية وصول أو تهيئة البيئة المكانية؛ لتكون سهلة الوصول للأشخاص من ذوي الإعاقة وفق معايير معينة. وتضيف: إن وزارة التنمية الاجتماعية قد أنهت عمل المسودة الأولى من المواصفات الهندسية ووسائل النقل للأشخاص ذوي الإعاقة، ويتضمن هذا الدليل المعايير الواجب توفرها في البيئة التعليمية.
