No Image
عمان اليوم

انتشار "جراحات التجميل" .. بين تحذيرات الخبراء والتحفظات الشرعية

13 نوفمبر 2021
13 نوفمبر 2021

  • الدكتور تيمور البلوشي:

ـ هناك انتهاك لأخلاقيات المهنة ووسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورًا في الترويج لغير الاختصاصيين

- 80 % لعمليات شفط الدهون وبعض الحالات تتطلب استشارة نفسية قبل الجراحة

  • منذر السيفي: لا يجوز شرعا إجراء جراحة تحسينية لا تدخل في العلاج الطبي بقصد تغيير خلقة الإنسان

Image

باتت عمليّات التجميل من أكثر الجراحات المنتشرة في العالم، وأصبح الإقبال عليها يزداد من كلا الجنسين، وتظهر آخر الإحصائيات أرقاماً متصاعدة لعمليات التجميل والخاضعين لها وسط تحذيرات الخبراء من فوضى انتشارها، والخوف من تحول العمليات إلى تجارة على حساب النتائج. وتختلف أسباب الإقبال على عمليات التجميل، حيث يكون هدف البعض معالجة بعض العاهات والمشاكل الجسدية، أو إنقاص الوزن، في حين يقلد البعض الآخر المشاهير للحصول على شكل مثالي وجميل، وغيرها من الأسباب.

الدكتور تيمور بن أمير البلوشي استشاري أول جراحة التجميل والتقويم والتصحيح وجراحة الوجه والرأس بمستشفى خولة، يقول: إن جراحي التجميل يجرون نوعين من العمليات وهي الجراحات الترميمية للعيوب الخلقية والصدمات والحوادث وإعادة البناء بعد السرطان والحروق وبعد الاستئصال الجراحي وما إلى ذلك، والجراحات التجميلية البحتة عندما يرغب المرضى في تصحيح أو تحسين أجزاء من الجسم من الناحية التجميلية مثل الأنف والشفة والجفن والوجه، وجراحة الثدي والبطن."

أوضح الدكتور تيمور خلال حديثه لـ “عمان" أن “99٪ من الحالات في المستشفيات الحكومية هي حالات ترميمية تتطلب تصحيحًا جراحيًا بينما 50٪ من الحالات في المستشفيات الخاصة الكبرى هي حالات تجميلية، وعادة يتم إجراء الجراحة التجميلية لتصحيح التشوهات وتحسين مظهر الجسم ولا يتوقع أن تسبب تشوهات، ولكن المضاعفات وقلة المهارات والخبرة قد تؤدي أحيانا إلى مشاكل ونتائج غير متوقعة."

  • جراحات ترميمية

وأضاف البلوشي: "يتم إجراء الجراحة الترميمية بنسبة 60٪ للمرضى الذكور، لأنهم الأكثر عرضة للإصابات، بينما يزداد الطلب على الجراحة التجميلية بين 70% من الإناث و30٪ من الذكور، والجراحات الترميمية يمكن أن تجرى في أي عمر دون تحديد لكن الجراحات التجميلية أغلبها تجرى في الأعمار التي تتفاوت بين 18-55 سنة"، بالإضافة إلى أن بعض العمليات التي نجريها ليست تجميلية بحتة ولكنها لأسباب أخرى تتضمن تحسين وظيفة الجسم والترميم.

وحول معدل فشل جراحات التجميل قال البلوشي:" يعتمد ذلك على خبرة ومهارات جرّاح التجميل والتسهيلات والموارد الموجودة في مؤسسات الرعاية الصحية، ومعظم العمليات الترميمية أو التجميلية تنتج عنها مضاعفات بنسبة 1-10٪ التي يجب شرحها للمرضى قبل العملية، وبعض المرضى الذين خضعوا لعمليات تجميل الأنف والثدي وشد البطن وشفط الدهون يشكون من نتيجة غير مرضية ويعودون إلى الجراحين لمزيد من التصحيح."

  • التكميم وشفط الدهون

وعن عمليات التكميم وشفط الدهون قال الدكتور تيمور: تكميم المعدة وشفط الدهون مختلفان تمامًا، حيث يتم إجراء عملية تكميم المعدة عادةً من أجل إنقاص الوزن للسمنة المرضية، وفي الوقت الحاضر يتم إجراؤها للحالات المرضية الأخرى مثل السيطرة على مرض السكري والمشاكل الطبية الأخرى وينصح به أخصائي متخصص بناءً على مؤشر كتلة الجسم والمشاكل الطبية الأخرى التي يشكو منها المريض، وبعد هذه الجراحة "من عام إلى عامين"، يفقد المريض الكثير من الوزن مما قد يتطلب جراحة تجميلية للجلد الزائد في البطن والذراع والفخذ، مضيفا أنه عادة ما تكون عملية شفط الدهون عملية تجميلية تتم لامتصاص الدهون الزائدة من أجزاء مختلفة من الجسم، ونوه إلى أن شفط الدهون ليس إجراءً لإنقاص الوزن، و80% من المرضى يطلبون شفط الدهون بطلب شخصي، ولا يعد شفط الدهون بديلا للغذاء الصحي وممارسة الرياضة.

  • طب تجميلي ونفسي

وذكر البلوشي أنه لا توجد علاقة بين الطب التجميلي والطب النفسي، ولكن هناك أنواعا معينة من المرضى الذين يعانون من مشاكل نفسية قائمة ويظنون أن مظهرهم هو السبب الوحيد لمشاكلهم الشخصية مثل اضطراب العلاقة الزوجية، فمثل هذه الحالات تتطلب استشارة نفسية قبل إجراء أي جراحة تجميلية، ويمكن لجرّاح التجميل تحسين المظهر وحل المشكلات الوظيفية لحد ما، ولكن لا يمكنه حل المشكلات النفسية الشخصية والموجودة مسبقًا، حيث سيربط هؤلاء المرضى دائمًا عملياتهم الجراحية بها، لذا فإن الاستشارة النفسية ضرورية وتعتمد على التقييم الأولي للجراح، منبها إلى أن جراحة التجميل ليست تخصصًا سحريًا، فمثل أي جراحات أخرى قد تحدث مضاعفات ويمكن أن تزداد الندوب سوءًا عما كانت عليه من قبل، وبعض المرضى الذين يطلبون إجراء جراحة الأنف والجراحة التجميلية للوجه وشد البطن يظهرون نوعًا من عدم الرضا وتقلب المزاج ونوبات الاكتئاب.

وأكد الدكتور تيمور أنه لا توجد سلبيات لإجراء الجراحة التجميلية لسبب ما ولكن يجب أن يفهم الناس أننا لسنا سحرة لنقدم نتيجة بنسبة 100٪ حسب الطلب، فجرّاحو التجميل هم جراحون ماهرون يعرفون كيف يخفون الندبة أو يحدثون ندبة جيدة والمضاعفات قد تحدث بيد أي جراح، لذا أوصي أن يذهب الشخص إلى جراح تجميل خبير وماهر ولديه سجل جيد في الممارسات الأخلاقية.

  • ربح وتجارة

وعن ظاهرة ممارسة عمليات التجميل بغرض التجارة دون اعتبار أخلاقيات المهنة أجاب الدكتور تيمور قائلا: أوافق على وجود أشخاص يتجاهلون الممارسات الأخلاقية ويبحثون عن مكاسب مالية، لكن يجب أن ندرك أن هؤلاء الأشخاص يتم كشفهم بسرعة، ويوجد في السوق أطباء من دون مؤهلات وخبرة مناسبة يروجون أنفسهم كأفضل الجراحين، وفي رأيي لا يوجد مصطلح طبيب تجميل وإذا لم يكن الشخص جراحا فلا يمكنه أن يصبح جراح تجميل، مشيرا إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورًا في الترويج لممارسة الجراحة التجميلية، بالتالي هناك عمليات تجميل زائفة وأشخاص غير مؤهلين في السوق، وهناك فئة يمكن أن تتأثر بسهولة بوسائل التواصل الاجتماعي ومشاهيرها، داعيا المهتمين بالجراحات التجميلية إلى ضرورة طلب الجراحة من جراحي التجميل المؤهلين وذوي الخبرة، كما يجب أن تلعب وسائل الإعلام دورًا صادقًا وألا تروج لأي شخص دون أن تكون لديهم معلومات شاملة، وتعد برامج التوعية أمرًا حيويًا لتثقيف الناس حول الجراحة التجميلية، كما أن الرابطة العمانية لجراحي التجميل والتصحيح على استعداد دائم للتثقيف والتوعية والإشراف، مع ضرورة وجود جهة رقابية تتابع هذا الجانب.

  • المشروعية الدينية

وحول مشروعية عمليات التجميل من وجهة دينية، أفاد الشيخ منذر بن عبد الله السيفي" أن في هذا العصر ونتيجة للتقدم العلمي ظهرت عمليات الجراحة التجميلية لمعالجة نمو الشعر بالزرع والإزالة، وهذا النوع من العمليات لا بأس فيه بشروط منها:

ألا يكون فيه تلبيس وغش وخداع، وألا يكون فيه تغيير للخلقة الأصلية، وألا يكون بقصد تشبه أحد الجنسين (الذكر والأنثى بالآخر)، ولا يكون بقصد التشبه بأهل الشر والفجور، وألا يترتب عليه ضرر أكبر.

وأضاف الشيخ منذر: "بالنسبة للحكم الشرعي المتعلق بتجميل الشعر فالأصل فيه الجواز إذا روعيت فيه حدود الله عز وجل ولم يخلط بشائبة، وأما الأحكام التفصيلية الخاصة بكل عملية فتتوقف على ماهية تلك العملية الجراحية والتكييف الشرعي لها ومنها زرع الشعر في الرأس بحيث يكون ناميا ومعالجة الشعر الأبيض في الطفل، فالشيب لا يجوز تغييره لأن في ذلك تدليسا وغشا، ومن العلماء من أباح للمرأة تغيير الشيب لأن الرجال في الغالب يكرهون الشيب في نسائهم، وكذلك الشعر الأبيض في الطفل فيجوز تغييره لأنه حدث بسبب مرض وهذا ليس فيه تدليس أو غش.

وقد أقر مجمع الفقه الإسلامي جواز إجراء الجراحة التجميلية الضرورية التي القصد منها إعادة شكل أعضاء الجسم إلى الحالة التي خلق الإنسان عليها لقوله تعالى "ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" وإعادة الوظيفة المعهودة لأعضاء الجسم وإصلاح العيوب الخلقية مثل الشفة المشقوقة "الأرنبية" واعوجاج الأنف الشديد والوحمات والزائد من الأصابع والأسنان والتصاق الأصابع إذا أذى وجودها إلى أذى مادي أو معنوي مؤثر وإصلاح العيوب الطارئة (المكتسبة) من آثار الحروق والحوادث والأمراض وغيرها مثل زراعة الجلد وترقيعه وإعادة تشكيل الثدي كلياً حالة استئصاله أو جزئياً إذا كان حجمه من الكبر أو الصغر بحيث يؤدي إلى حالة مرضية وزراعة الشعر حال سقوطه خاصة للمرأة، وإزالة دمامة تسبب لشخص أذى نفسياً أو عضوياً ولا يجوز إجراء جراحة التجميل التحسينية التي لا تدخل في العلاج الطبي ويقصد منها تغيبر خلقة الإنسان السوية تبعاً للهوى والرغبات بتقليد الآخرين مثل عمليات تغيير شكل الوجه للظهور بمظهر معين أو بقصد التدليس وتضليل العدالة وتغيير شكل الأنف وتكبير أو تصغير الشفاه وتغيير شكل العينين وتكبير الوجنات، ويجوز تقليل الوزن (التنحيف) بالطرق الطبية المعتمدة ومنها "شفط الدهون" إذا كان الوزن يشكل حالة مرضية ولا توجد وسيلة غير الجراحة بشرط أمن الضرر، وبالنسبة لتكميم المعدة أو ربطها فالحكم على الشيء فرع تصوره، فلا بد من أن يجتمع الفقهاء والأطباء لتقرير ما إذا كانت هذه العملية تؤدي لضرر الإنسان وربما هلاكه وموته فهذا لا يجوز وترفضه الشريعة الإسلامية ثم أنه لا ينصح بالمغامرة، في مثل هذه الأمور ما دام يوجد حل لتخفيف الوزن بالتقليل من الوجبات الدسمة والسكريات وعمل الرياضة التي تساعد على تقليص الوزن وهذا هو الأصل، كما لا يجوز إزالة التجاعيد بالجراحة أو الحقن ما لم تكن حالة مرضية شريطة أمن الضرر ."

  • الممارسات الطبية

ودعا السيفي إلى ضرورة التفقه في أحكام الممارسة الطبية خاصة ما يتعلق بجراحة التجميل وألا ينساق الجراحون لإجرائها لغرض الكسب المادي دون التحقق من أحكامها الشرعية وأن لا يلجأوا إلى شيء من الدعايات التسويقية المخالفة للحقائق. كما أن الشريعة الإسلامية وضعت ضوابط وشروطا عامة لإجراء عمليات جراحة التجميل ومنها : أن تحقق الجراحة مصلحة معتبرة شرعاً كإصلاح العيوب وإعادة الخلقة إلى أصلها الطبيعي، وأن لا يترتب على الجراحة ضرر يربو على المصلحة المرجوة من الجراحة ومن يقرر ذلك هم أهل الاختصاص الثقات المشهود لهم، وأن يقوم بالعمل طبيب (طبيبة) مؤهل ومن ذوي الاختصاص، وأن تكون الجراحة بإذن طالب الجراحة، بالإضافة إلى التزام الطبيب (المختص) بتبصير من سيجري له العملية بالأخطار والمضاعفات المتوقعة والمحتملة من جراء تلك الجراحة، وأن لا يكون هناك طريق آخر للعلاج أقل تأثيراً ومساساً بالجسم من الجراحة.

  • مخالفة نصوص شرعية

واختتم الشيخ منذر حديثه قائلا" مع الأسف انقلبت المفاهيم وتغيرت الأمور فأصبح الكثير لا يعنيه من الدين إلا اسمه فما أكثر المتشبهين بالنساء وما أكثر المتشبهات بالرجال دون أن يكون هنالك خوف من الله، ويدفعون لأجل ذلك آلافاً من الريالات للتجميل، وقد نهى عز وجل عن التبذير والإسراف. والإسلام لا يمانع في إظهار الجمال، فالله جميل يحب الجمال ولكن لابد من التقيد بأوامر الله والتمسك بما جاء في الكتاب العزيز والسنة النبوية المطهرة ففيهما الخير ونجاة الإنسان.