عمان اليوم

المبتعثون يحيون عيد الأضحى مجسدين مظاهر الثقافة العمانية

29 يونيو 2023
تتزين مشاعرالبهجة بالتواصل مع الأهل والأقارب
29 يونيو 2023

مع حلول عيد الأضحى المبارك احتفل أبناء عمان في بلدان الابتعاث بمظاهر العيد وشاركوا مع أقرانهم في الدراسة والجالية المسلمة في تلك البلدان فرحة العيد، إذ كانت الأطباق المحلية حاضرة في الموائد كالعرسية والمقلاي والمشاكيك، "عمان" تواصلت مع الطلبة في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمملكة المتحدة للتعرف على يوميات الطلبة العمانيين الدارسين في تلك البلدان خلال عيد الأضحى المبارك.

إذ يقول وائل بن سيف الكلباني، طالب بجامعة بورتلاند ستيت الأمريكية: يشرق العيد أول ما يشرق على الطالب العُماني المبتعث وخوالج أفكاره تتجه نحو مجتمعه الأصيل، بعاداته الضاربة في عمق مكون الشخصية العُمانية ومكنونها، تلك جملة قد تصف مشاعر الفرحة بأجواء العيد هنا في بلد الابتعاث والممزوجة بالشوق، وفي خضم طيف الشعور بالبهجة والسرور، بمناسبة حلول العيد الأضحى المبارك، تتجدد معاني الالتزام والترجمة الثقافية لعادات الاحتفال بالعيد المبارك، لينقل الطالب العُماني المبتعث رسائل تنبع من نور أخلاق الأمة الإسلامية السمحة والوطن العزيز، ففي صبيحة العيد، يستهل المبتعث يومه بارتداء الزي العماني، ومشاركة أخوته من الجاليات المسلمة لأداء صلاة العيد، ورفع أكف الضراعة إلى المولى عز وجل بأن يوفق حجاج بيته العتيق لإتمام مناسك الحج المبرور، يليه السلام على جمع المصلين وتبادل التهاني مع الزملاء والأصحاب، وفي صورة متجددة تعكس مبادئ التكافل والتآزر المجتمعي، وبعد تبادل التهاني والتبركات، لا تكتمل فرحة العيد في إطارها البهيج إلا بتبادل شيء من الهدايا مع الرفاق، والتي تمثّل "العيدية" في معانيها الكائنة بين التآخي والتواد والتراحم، وليس هذا فحسب، بل وتمتد تلك الصفات الحميدة في تجمع الطلبة العُمانيين على مائدة العيد، والتي تجمع المأكولات العمانية كـ "الحلوى" و"العرسية" ثم "الشواء العماني" أو "المشاكيك"، ولا يخفى على أحد أن إعداد المائدة العمانية في غير الوطن يكون له طابعٌ خاص من الجهد في إيجاد المكونات والوصفة، وفي هذا صورةٌ أخرى من صور الفرحة الدافقة بين أبناء سلطنة عُمان في بلد الابتعاث، وبعد هذا اللقاء بين الطلبة، تتزين مشاعر العيد بالتواصل مع الأهل والأقارب سواء عبر الاتصال المرئي أو الصوتي، لينقل الطالب تفاصيل يومه الحافل بشغف طمأنة الأحبة والاعتزاز بتمسكه بتقاليده الاجتماعية.

العرسية في كندا

وقال عبدالحميد بن عبدالله البوسعيدي، طالب هندسة كهربائية وحاسوب في جامعة دالهاوزي بكندا: يكتمل العيد بفرحتنا لوجودنا وسط أهالينا وأناسنا، وهذا ما يفتقده كل مبتعث، لذلك نحاول دائما في كل عيد نقضيه في بلد الابتعاث أن نحاكي تجاربنا وعادات أهل بلادنا، وأن نحيط أنفسنا بكل ما يبث فينا روح الوطن والانتماء، لكي نطفئ شعور الشوق والاغتراب، ونبتدئ عيدنا بالتطيّب والتزيّن بأحسن اللباس، ننضم بعدها لمسيرة المسلمين إلى صلاة العيد حيث نرى إخوتنا من مختلف الجنسيات؛ مصطفين سويا لتكبيرات العيد وأداء صلاته، يتبع صلاة العيد اجتماعنا بزملائنا -العائلة هنا- للاستمتاع بالعرسية التي واضبنا على إعدادها سابقا فجر أول أيام العيد، ونتذكر مع كل لقمة أهلنا، ونتشارك مع بعضنا قصص العيد وتجاربه، ضحكاته وحكاياته.

وأضاف: بحكم طبيعة المناخ هنا في كندا، يصادف يوم العيدِ في بعض الأحيان لربما غالبها، بعض الاضطرابات الجوية كالعواصف التي تحد من مقدرتنا على الخروج في نزهة، وإعداد المشاكيك، ولعب الكرة، أو ممارسة أي نشاط خارجي آخر، لكن لا يمنعنا ذلك من إحياء مظاهر العيد إذ نكون محاطين بإخوة وأصحاب نؤنّس بعضنا ونتشارك الذكريات ونواصل التعلم.

بينما قال يقضان بن شبيب البوسعيدي، طالب في جامعة دالهاوزي: صباح يوم العيد كان الجو ماطرا، وبدأنا هذا اليوم بارتداء الزي العماني والتطيب ثم توجهنا لأداء صلاة العيد التي أقيمت في ملعب كرة قدم في المدينة، وعندما وصلنا إلى مصلّى العيد توقف المطر وكان الجو جميل جدا وضبابي، والحمد لله صلّينا صلاة العيد والتقينا بالأصدقاء والزملاء والأساتذة وتبادلنا التهاني بالعيد، واتفقنا مع الزملاء على التجمع في مكان ما مع إعداد كل واحد منا وجبة ما، وكانت مهمتي إعادة الشاي، وأخذنا جولة في مركز المدينة بالزي العماني في أول يوم عيد، طبعا بحكم الصيف معظم الطلاب العمانيين حاليا في إجازة وعادوا إلى البلد، لذلك الحماس أقل مقارنة بعيد الفطر السعيد وما فيه العرسية ووجبات العيد الأخرى، وقد اكتفينا بمأكولات بسيطة مع القهوة طبعا.

مشاكيك في ليفربول

وقالت حواء بنت حمود الجرادية، الطالبة في جامعة ليفربول بالمملكة المتحدة: يمارس العماني المبتعث ما يمارسه في سلطنة عُمان، محتفظا بالعادات العمانية الأصيلة متمثلة في تنظيم التجمعات الصباحية في أيام العيد، وإحضار الأطعمة المرتبطة بصباح العيد كـ"العرسية" ويكون ذلك بتنسيق مع الجمعيات العمانية للطلبة في مختلف المدن، أو حتى التنسيق مع الجمعيات الخليجية في كل مدينة، ويضفي هذا التجمع نوعا من المشاركة التي تُبقي المبتعثين على صلة بالعادات والتقاليد العمانية الأصيلة في العيد رغم الغربة، إذ يحاول المبتعث أن ينقل معه بعضا من هذه الممارسات كتجهيز اللحم وعمل "المشاكيك"، وتقوم مجموعة من المبتعثات كذلك بنقش الحناء العماني وارتداء الأزياء العمانية التي تُعبر عن ثقافتنا وربما عن المحافظة التي نسكن فيها، ويرتدي العمانيون كذلك الدشداشة العمانية ويصلون صلاة العيد جماعةً إمّا بالاتفاق فيما بينهم مع تحديد المكان أو الصلاة مع الجاليات العربية في المدينة.

وأوضح أحمد بن ماجد الحجري، الطالب في جامعة مانشستر أن المبتعثون يقضون العيد في مانشستر بتجمعات مميزة مع أصدقائهم، حيث تُقام احتفالات من قِبَل الجمعيات الطلابية في مختلف المدن بالمملكة المتحدة، إذ يحضر الجميع بلباسهم العماني الأصيل لإحياء مظاهر العيد، ويتناولون المأكولات العمانية التقليدية مثل العرسية ويستمتعون بقهوة العيد التي لا تكتمل من دون الحلويات العمانية، وبالطبع، لا يمكن أن يخلو العيد من الشواء العماني والمشاوي .. كما نتبادل الهدايا وتجمع المبتعثين بزيهم العماني لإضفاء جو مميز على الاحتفالات، بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من الأنشطة الأخرى التي تضفي روحًا احتفالية، كالمسابقات والألعاب التراثية والأنشطة الثقافية.

صلاة العيد ببريستول

وقال سليمان بن سلطان الحبسي، الطالب في جامعة غرب إنجلترا بمدينة بريستول في إنجلترا: تتكرر الأعياد في كُل عام، مرة بين الأهل والأحباب ومرة في الغربة بين الأصحاب والزملاء ولكن دائمًا يبقى شعور العيد في سلطنة عُمان أجمل بكثير، بدأنا صباح عيد الأضحى في تجهيز المصلى لاستقبال عدد كبير من المصلين من مختلف الجاليات المسلمة كبارا وصغارا بالتعاون مع الجامعة، وخلال قدوم المصلين اندهشنا بتنوع الملابس التقليدية التي يرتدونها في الأعياد والأفراح، بعدها بدأنا في تجهيز العرسية ووزعناها للطلاب والطالبات الذين لم يستطيعوا الاحتفال بالعيد لظروفهم الدراسية.

وأكدت بيان بنت خميس السنانية، الطالبة في جامعة غرب إنجلترا أن العيد في الغربة ليس كباقي الأعياد إذ نؤدي صلاة العيد وسط أجناس مختلفة من الناس والكل يعمّه الفرح والسرور، وقد بدأ عيدنا بأداء صلاة العيد في مبنى الجامعة ثم خطبة العيد وبعدها ذهبنا لإعداد العرسية، ولا شك أن لذة العرسية تختلف عما يتم إعداده في سلطنة عمان ولكنها تفي بالغرض، ثم سلمنا على الرفاق والأصحاب، ثم أجرينا الاتصالات الهاتفية لتهنئة الأهل في الوطن العزيز.

توزيع العرسية

وقالت أفنان بنت يوسف العوفية، طالبة بجامعة كارديف: أنا طالبة مبتعثة بالسنة الخامسة في المملكة المتحدة بالتحديد في مدينة كارديف، ولم أحظ بتجربة العيد من قبلُ خارج الوطن العزيز عدا هذا العيد، إلا أنها تجربة لا تنسى، وقد ابتدأنا العيد بارتداء الزي العُماني، ثم التجمع مع الصحبة لأكل العرسية وشرب القهوة العُمانية، ولم يكتمل عيدي دون سماع صوت عائلتي، وانتهزتُ هذه الفرصة للتعريف بطرق إعداد العرسية لغير العُمانيين.

أما رغد البوسعيدية، الطالبة في جامعة نوتنجهام بالمملكة المتحدة فتقول: بدا الصباح بعيدا عن بيت العائلة بالتأكيد مختلفا، ولكن وجود الأصدقاء في الغربة يغير بداية يوم العيد ليجعله بهيجًا ومليئا بالفرح، قد لا يكون بتلك المشاعر ولكن له طابع خاص، فقد بدأ صباح أول أيام العيد بتهنئة الأهل والأحبة، وبينما كنا نتجهز قبل الذهاب لمكان التجمع كانت ترانيم العيد وأغانيه تملآن المكان ورائحة القهوة تعلو في الأجواء، وعندما وصلنا لموقع التجمع كان الشعور بالفرح يملأ المكان فحلاوة العيد تحلو بمثل هذه التجمعات، فقد بدا العيد مشابها لما هو عليه في سلطنة عُمان بوجود اللحم المقلي والحلويات والأزياء العُمانية، وبالتأكيد العيد لا يخلو من التصوير والصور الجماعية والفعاليات كالمسابقات الثقافية، وشعور العيد في المملكة المتحدة يبدو غريبا ولكن له طابع مميز خاص ومميز.

العيد في اسكوتلندا

وقالت خلود بنت موسى البلوشية، طالبة دكتوراة في الهندسة الميكانيكية بجامعة أدنبره في أسكوتلندا: نحن طلاب وطالبات مدينة أدنبره احتفلنا بعيد الأضحى المبارك بصحبة عوائلنا وأطفالنا في أجواء مبهجة، تخللها وجود بعض المأكولات العمانية مثل القلية والعرسية والهريس وقدمنا العيدية والهدايا للأطفال، ووجودنا خارج البلاد بعيدا عن أهالينا وأحبابنا في مثل هذه المناسبات يزيد من الحنين والشوق بداخلنا للوطن ولكن توافق واجتماع العمانيين وأسرهم يهّون علينا غربتنا.