«الغاق».. طائر مهدد بالانقراض يحلق آلاف الكيلومترات ليصل إلى سواحل سلطنة عمان

قوانين صارمة في سلطنة عمان لحماية الطيور المهاجرة وتوعية مجتمعية بالتهديدات التي تتعرض لها

تزخر سلطنة عمان بتنوع أحيائي ثري، وتنوع كبير في الحياة الفطرية، ومناخها المعتدل جعلها قبلة للطيور المهاجرة، وأصبحت تحتضن العديد من الطيور المتنوعة سواء أكانت الطيور التي تتخذ سلطنة عمان موطنا لها أو تلك التي تهاجر، وتأتي لسواحلها بشكل موسمي، ومن بين تلك الطيور من أجادت التحليق والطيران لآلاف الكيلومترات، حتى تصل لشواطئ محافظة مسندم، لتراها تبرع في الغوص بحثا عن الغذاء، طائر الغاق السقطري المهاجر أو ما يعرف محليا بطائر«اللوهى».

إذ يعد طائر الغاق السقطري أو غراب البحر السقطري من الطيور المائية المعرضة لخطر الانقراض، وهي تهاجر إلى سواحل محافظة مسندم في فترة الصيف نتيجة لتوفر أسماك السردين في المناطق الساحلية لمحافظة مسندم، وتتمركز التجمعات الهائلة لطير الغاق السقطري على شاطئ بصة الذي يقع في ولاية خصب، مشكلة أسرابا تكاد أن تغطي الشاطئ بأكمله، مما جعل ذلك الموسم فرصة لهواة التصوير في التقاط صور تستفرد بها شواطئ سلطنة عمان، مشكلة بانوراما فريدة.

الشواطئ الضحلة

يعد طائر الغاق السقطري طائر اجتماعي من الطيور المتوسطة إلى الكبيرة، يعيش في أسراب كبيرة، وهو علميا من أسرة (Phalacrocoracidae) واسمه العلمي (Phalacrocorax nigrogularis)، ومعروف أنه يعيش ويعشش على الحواف الصخرية وفي الجزر المليئة بالأعشاب البحرية، وكما أن طائر الغاق السقطري يعد طائر متوطن في سقطرى والخليج العربي والساحل الجنوبي الشرقي لشبه الجزيرة العربية، ويقوم برحلات موسمية إلى غرب الهند وشرقي أفريقيا، وسمي بطائر الغاق السقطري لأنه يهاجر ليتكاثر في جزيرة سقطرى في المحيط الهندي، ويعيش طائر الغاق في المناطق الساحلية التي تكون قريبة من الشواطئ الضحلة عن المنحدرات والجزر الصخرية، بالإضافة إلى أن هناك مناطق داخلية لمستعمرات طائر العاق السقطري ليبني أعشاشه في أشجار قريبة من البحيرات.

القائمة الحمراء

وأدرج طائر الغاق في القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض في عام 2000، بسبب الانحدار السريع والمستمر في أعداد مستعمرات طائر الغاق وهذا نتيجة لانخفاض التنمية الساحلية والاضطرابات والتلوث البحري قرب مستعمرات التعشيش، وتناقصت أعداد مستعمرات الغاق في منطقة الخليج العربي لذات الأسباب.

و«الغاق» طائر يتكون من 40 نوعا من نفس الأسرة، ويبلغ حجمه ما بين 0.77 و11.2 رطلا، وطوله ما يقارب 80 سم في حالة التكاثر أي ما يقارب 31 بوصة، ويكتسي الغاق السقطري الريش الطويل الرقيق الأسود القاتم الذي يتحول إلى لون مشرق يميل إلى الأرجواني في موسم التكاثر، بالإضافة إلى أن هناك أنواعا عديدة من الغاق السقطري يمكنها تغيير لون الوجه لعدة ألوان، أما في فترة التكاثر تظهر رقعة باللون الأبيض على فخذ طير الغاق بينما يكون لونها في مدار السنة مغاير للون الأبيض.

45 مترا تحت الماء

يغوص طائر الغاق السقطري للحصول على الغذاء ويمكنه الغوص لعمق يصل إلى 45 مترا تحت الماء، ويمكنه البقاء تحت الماء لمدة تصل إلى 3 دقائق في كل مرة يغوص فيها، كما يتغذى طائر الغاق السقطري على بعض أنواع الأعشاب البحرية والأسماك التي يصطادها عن طريق الغطس، وأيضا يفضل ثعابين البحر لإطعام صغاره، ويتغذى في الصيف على اللافقاريات والقشريات وبعضها على النباتات مثل حبوب الذرة، بينما في الشتاء يتغذى على الفواكه والتوت البري.

ويميل طائر الغاق إلى بناء أعشاشه في مستعمرات، وقد يستغرق أشهر لبناء العش إذ لم يكن هناك أمطار تساعده لترطيب الطين، حيث يكون عش الغاق عبارة عن وعاء كبير من الطين وإذ لم يتوفر الطين يستعين بروث الحيوانات لبناء عشه.

ويبقى طائر الغاق السقطري في أسراب خلال فترة التزاوج التي غالبا ما تكون في أواخر يونيو إلى أكتوبر، ويقوم بوضع البيض مرة واحدة في السنة وفي الغالب تكون لون البيضة أزرق، ويتناوب الأم والأب من طيور الغاق لرعاية وحفظ البيض التي تفقس بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، ويولد الصغار بمنقار وردي اللون وبدون ريش، بالإضافة إلى أنهم غير قادرين على الطيران مما يجعلهم فريسة للثعالب والحيوانات الأخرى المفترسة، وبعد 28 يوما من ولادة الأفراخ تغادر عشها وتستطيع الطيار بمثل كفاءة الكبار، ويصل الصغار إلى مرحلة النضج الجنسي في سن 4 سنوات وفي هذه الفترة تتحول لون عيونهم من البني إلى البرتقالي ثم الأحمر وتكتسي بالريش.

التلوث النفطي

ويعد طائر الغاق من الطيور المحمية بموجب قانون الحياة البرية لسنة 1981، وهناك مؤسسات تعمل على حماية أعداد طائر الغاق من خلال منع الصيد، ويعد من الطيور غير المصرح بقتلها وقتل أعشاشها وبيضها، وتواجه طيور الغاق تحديات مثل انتشار أمراض طفيلية وفيروسية تقضي على أعداد كبيرة منها، أما الغاق السقطري فيواجه الإزعاج البشري في الخليج وخاصة في مناطق التعشيش، أيضا التلوث النفطي واستخدام الشبكات الكبيرة لصيد الأسماك التي من خلالها تعلق الطيور.

يذكر أن سلطنة عمان سنت العديد من القوانين للمحافظة على الحياة الفطرية، كما انضمت إلى عدد من الاتفاقيات الدولية والإقليمية من أجل المحافظة على الطيور وموائلها الثرية واستدامتها، ومن بينها اتفاقية الأراضي الرطبة، كما تبذل سلطنة عمان جهودًا متواصلة لتوعية المجتمع بالتهديدات التي تتعرض لها الطيور المهاجرة من تدمير للموائل والاستغلال المفرط والتلوث وتغيّر المناخ، وضرورة الحفاظ عليها أثناء هجرتها باعتبارها جزءًا مهما من البيئة التي يسعى الجميع لحماية مفرداتها الطبيعية من كل أشكال التهديدات، وأصدرت هيئة البيئة قراراً رقم «13/ 2021» بشأن حظر حيازة واستخدام أدوات وأجهزة الصيد البري والتعقب ومحاكاة أصوات الطيور والحيوانات البرية، وجاءت المادة الأولى من القرار بحظر حيازة واستخدام أدوات وأجهزة الصيد البري والتعقب ومحاكاة أصوات الطيور والحيوانات البرية في سلطنة عمان، عدا تلك المستخدمة للأغراض التنظيمية والعلمية والبحثية المصرح بها من هيئة البيئة.