العلاقات العمانية السعودية.. تاريخ من التقارب والتفاهم
كتب - عبدالوهاب بن يحيى الهنائي -
تبدو العلاقات العمانية السعودية خلال نصف قرن من الزمن متأصلة ومتجذرة على مبادئ الأخوة وحسن الجوار والتاريخ المشترك. ومنذ بدايات النهضة المباركة، التي أسسها السلطان الراحل قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه - كانت الزيارات المتبادلة بين قادة البلدين الشقيقين متواصلة هي إحدى الركائز الأساسية لتعزيز العلاقات الأخوية، والتي استمرت حتى يومنا هذا، وتدخل مرحلة جديدة في عهد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - تأكيدا منه على أهمية ترسيخ هذه العلاقة التاريخية مع المملكة العربية السعودية، لما فيه خير ومصلحة البلدين الشقيقين.
وتعود أول زيارة قام بها السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه - إلى المملكة العربية السعودية إلى الحادي عشر من ديسمبر من عام 1971، وذلك تلبية لدعوة من الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، وكانت هذه أول زيارة خارجية قام بها السلطان الراحل - رحمه الله - بعد توليه الحكم.
وفي عام 1975 قام الراحل بزيارة رسمية أخرى إلى المملكة، استمرت ثلاثة أيام، وفي العام نفسه شارك في مراسم تشييع الملك فيصل بن عبدالعزيز، الذي تعرض لحادث اغتيال في 25 مارس 1975. وفي مارس 1976، استقبل السلطان قابوس - رحمه الله -، الملك خالد بن عبدالعزيز، حيث قام الأخير بزيارة رسمية إلى السلطنة.
ثم في العام 1980 قام السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه - بزيارة رسمية إلى السعودية، التقى خلالها بالملك خالد بن عبدالعزيز، وبعد عشرة أعوام وبالتحديد في العام 1990، تم التوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود بين السلطنة والمملكة العربية السعودية، في منطقة حفر الباطن، بحضور السلطان قابوس والملك فهد بن عبدالعزيز.
وفي يونيو من عام 1992، قام السلطان الراحل بزيارة خاصة إلى المملكة العربية السعودية، كما قام بزيارة رسمية في يونيو 2005، استغرقت يومين، التقى خلالها بالملك عبدالله بن عبدالعزيز، ثم تبعتها زيارة رسمية في يوم 23 ديسمبر 2006 استغرقت ثلاثة أيام تلبية لدعوة من الملك عبدالله، حيث عقد الزعيمان الراحلان قمة تشاورية لتعزيز التعاون المشترك.
وفي مايو من العام 2010، قام السلطان الراحل ـ طيب الله ثراه ـ بزيارة رسمية أخرى للمملكة وكان في استقباله بمطار الملك عبدالعزيز الدولي الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
وفي 13 يناير 2020، قدم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، واجب العزاء والمواساة في وفاة السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه - في العاصمة مسقط وكان السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه – في مقدمة مستقبليه.
ترسيم الحدود
يروي الصحفي المصري د. مجدي العفيفي، عن سؤال وجهه أحد الدبلوماسيين إلى السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه - خلال اجتماع السفراء العمانيين في مسقط عام 1982 حول مسألة الحدود مع دول الجوار، فأجابه - رحمه الله ـ: «إن الجار لا تختاره الدولة، حيث يكون مفروضاً عليها، ولذلك لابد من التعايش معه حتى ولو في الحد الأدنى، وعُمان أخذت بمبدأ «اكسب جارك ليكون سنداً لك في استقرارك بدلاً من أن يكون عدواً لك».. وبهذا المبدأ أخذ الراحل على عاتقه إنهاء ملف ترسيم الحدود مع دول الجوار الثلاث: المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية والإمارات العربية المتحدة، وهو ما تم ابتداء من المملكة ثم الجمهورية اليمنية وأخيرا دولة الإمارات.
ففي 21 مارس 1990 وقع السلطان قابوس بن سعيد والملك فهد بن عبد العزيز - طيب الله ثراهما - في مدينة حفر الباطن بالمنطقة الشرقية في شمال شرق السعودية، اتفاقية ترسيم الحدود الدولية بين السلطنة والمملكة، وتم تبادل الخرائط النهائية لخط الحدود الدولي بين البلدين الشقيقين في يوليو عام 1995، وهي الخطوة العملية الأخيرة في ترسيم الحدود البالغ طولها 657 كيلومترا.
