التسوق في المناسبات بين الاعتدال وهوس الشراء !
- حمير الخروصي: شراء الأشياء التي لا حاجة لها غريزة داخلية لدى البعض
- ثاني البحري : الاعتدال وعدم الإسراف والاهتمام بالأولويات
- عبدالله الريامي: ضرورة تمحيص الإعلانات الترويجية
- سليمان البحري: الأطفال لهم أولوية التسوق دون تكلف
التسوُّق أصبح في وقتنا الحاضر من أكثر الأشياء التي تستقطب الناس من كافة الفئات والمستويات، ويتسابقون في استعراض أخبار الأسواق والبضائع وأحدث "الماركات" نتيجة الإعلانات المتتالية التي أصبحت تبهر الناس وتشد انتباههم وتثري غريزة التسوق واقتناء الأشياء لديهم، كالتخفيضات، والتسوق أمر لا بد منه وأهميته بالغة للإنسان فهو موضع بيعه وشرائه وكسبه ومعاشه، ولكن التسوق اليوم لم يعد قاصرا على البيع والشراء بل صار هواية يمارسها كثير من الناس بعد تحوله إلى هوس لدى الكثيرين، وتنتعش في فترة الأعياد والمناسبات هذه الأسواق، ويزيد الإنفاق لأن أصحاب المؤسسات التجارية والمحلات والمجمعات يقدمون عروضا وخصومات تغري المتسوقين وبالتالي تجد المستهلك يُقدِم على شراء ما يزيد على حاجته، وهذا يؤثر سلبا على ميزانيته المحددة للنفقات خلال هذه المناسبة.
وقال حامد بن محيل الهطالي: تتسابق الأسر في الفترة الحالية لاقتناء مستلزمات العيد، وتنفق الأموال الطائلة دون أن تأخذ في حسابها إمكانية رب الأسرة، ما يشكل عبئا كبيرا على كاهله، لذا نوجه النصح للأسر إلى تغليب العقل عند ذهابها للتسوق وشراء المستلزمات على قدر استطاعة معيلها حتى لا يكبل بالديون.
استثمار الحاجة!
ورأى حمير بن ناصر الخروصي أن التسوق ينقسم إلى نوعين اثنين الأول وهو التسوق الذي يقضي فيه الفرد حوائجه وحوائج أولاده وأسرته الضرورية وهو التسوق الغالب، أما النوع الثاني فهو التسوق الذي ينتج عن غريزة داخلية لحب الشراء والتسكع في الأسواق وشراء الأشياء التي لا حاجة لها.
وأوضح الخروصي أنه في هذه الأوقات من السنة وهو وقت شهر رمضان تجد الكثير من الناس يهرعون إلى الأسواق من أجل شراء مستلزمات عيد الفطر المبارك، حيث تكتظ الأسواق بشتى أنواع المعروضات والكماليات التي لا تُعرض إلا في هذا الوقت بسبب حاجة الناس لها، ومن ناحية أخرى تجد بعض المحلات تقوم بعمل لوحات وإعلانات للتخفيضات من أجل لفت أنظار المتسوقين وحثهم على الشراء وهذا ما يؤدي إلى شراء أشياء زائدة عن الحاجة استغلالا لفرص التخفيضات؛ مما يزيد من معدلات الإنفاق لدى الفرد أو رب الأسرة، إضافة إلى ذلك فإن بعض المحلات التجارية تلجأ إلى رفع الأسعار، لذا نأمل من الجهات المختصة متابعة هذا الأمر الذي بدوره يؤثر سلبا على أسر محدودي الدخل ومتوسطي الدخل الذين يجدون صعوبة كبيرة في توفير الحاجيات اللازمة والضرورية لأسرهم.
التخفيضات الرنانة !
وتحدث عبدالله بن علي الريامي قائلا: إن التسوق أمر حتمي لكل من الأسرة والفرد، ويتطلع كل رب أسرة إلى توفير مستلزمات من يعولهم بقدر استطاعته، وبلا شك فإن عملية الشراء والإقبال تصبح أكثر في فترة المناسبات والأعياد ومعها ينشط الترويج للبضائع بمختلف وسائل التواصل وتقدم التخفيضات الرنانة التي تجذب المستهلك، حيث يتفاعل الكثير من الناس مع الإعلانات الترويجية دون تمحيص وتدفعهم إلى اقتناء ما هم بحاجة إليه وما لا يحتاجونه في بعض الأحيان، وهو بدوره يؤثر سلبا على ميزانياتهم المتاحة وقد يدفعهم إلى الاقتراض وعليه من الجيد ترتيب الأولويات واقتناء الأهم قبل المهم.
وقال ثاني بن مصبح البحري: يبادر العديد من الأشخاص خلال هذه الفترة إلى شراء مستلزمات السوق وقضاء متعة التسوق مع أسرهم، ولكن في الجانب الآخر سيضطر رب الأسرة إلى استقطاع مبلغ من دخله لشراء تلك المستلزمات التي ربما تكون حملا ثقيلا على كاهله خصوصا أصحاب ذوي الدخل المحدود الذين ينجرون وراء العروض التي قد تكون وهمية في الأصل، وهنا وجب إرشاد هؤلاء إلى الاعتدال وعدم الإسراف بغية التوفير لما هو أهم وأولى من حاجيات الأسرة، والحفاظ على استقرارها وسعادتها.
وأوضح سليمان بن علي البحري متحدثا: لا يزال المجتمع العماني بغالبيته متمسكا بعادات وموروث الأجداد؛ فمنظومة القيم الاجتماعية حاضرة في المناسبات الدينية كالأعياد، فتجد المواطن مندفعا لشراء حاجيات العيد وتوفير المستلزمات من ملابس وأحذية لأطفاله ولو تكلف ذلك أعباء مالية لأنه لا يريد أن يختلف عن الآخرين، وأن يرى أطفاله كما يرى أبناء مجتمعه يكسوهم الجديد، فرسم الفرحة في وجه الأطفال منهج ديني إلا أن الهم الأكبر يرافق الأسر الضعيفة ماديا أو ما نسميها ذوي الدخل المحدود، فتجد رب الأسرة في حيرة من أمره بين ترك الأبناء وعدم توفير المستلزمات الخاصة بالعيد وبين الاندفاع واللجوء إلى الاقتراض أو دعم أهل الخير لتوفير ما يحتاجه الأطفال. وناشد البحري أولياء أسر ذوي الدخل المحدود بعدم التكلف لما يترتب على ذلك من تراكمات مالية تورث الهم والضيق لرب الأسرة، وأن ديننا الحنيف يدعو إلى الاعتدال والوسطية وعدم التكلف، فلا نميت فرحة الأطفال ولا نتكلف بما لا نطيق.
خطط مطلوبة!
وقال خلف بن حمد الحراصي: الاحتفاء بالمناسبات والأعياد ينتقل من جيل لآخر والتي تحمل غالبيتها الطابع الديني، مثل عيدي الفطر والأضحى، حيث يظهر تأثير هذه الأعياد على العديد من الجوانب كتأثيرها على الاقتصاد الأسري مع ارتفاع الأسعار كون أنَّ غالبية الأسر تذهب للتسوق مع الأطفال دون مراعاة التأثير المباشر على الإنفاق والدخل الأسري خصوصا محدودي الدخل والمتوسط، حيث إنه يتم شراء ما ليس له لزوم وغير مطلوب للاحتفال بهذه المناسبات المباركة، لذا يجب على رب وربات الأسر وضع إستراتيجية تتماشى مع وضع الأسرة المالي وعدم الانجراف لمثل هذه المظاهر غير المحببة والتي لا ينتج منها إلا الإسراف والتبذير.
الابتعاد عن الإسراف
ورأى أحمد بن مسعود الشريقي أن التسوق في فترة الأعياد ورمضان لا بد منه في شراء احتياجات الأسرة في هذه المناسبات، ولكن الاقتناء لا بد أن يكون تحت شعار (ثقافة التسوق المحمود) بحيث لا ينجر الأفراد إلى الإعلانات المزيفة التي تكثر في هذه الفترة وتكون مضللة، ولا بد من ضبط النفس بحيث تؤجل شراء الاحتياجات التي ليست من الأساسيات وقد تكون طرحت فيها كثير من التخفيضات الكاذبة.
وأكد الشريقي أن من ثقافة التسوق اقتناء ما هو في متناول اليد وذي حاجة أساسية ومن غير إسراف في شراء الاحتياجات، ولا بد أن يكون لرب الأسرة دور في توضيح هذا الأمر لأبناء أسرته، والواجب الشرعي على المسلم أن لا يكلف نفسه ما لا تطيق، ونتمنى أن يكون هناك دور واضح وملموس من الجهات ذات الاختصاص في معالجة هذا الجانب بحسب ما يرونه مناسبا.
