No Image
عمان اليوم

أطباء: نتطلع إلى إنشاء مستشفى تخصصي يعنى بأمراض الطفولة والمراهقين

24 ديسمبر 2022
يجمع الخبرات والكوادر الطبية العمانية ويقدم الرعاية المتكاملة
24 ديسمبر 2022

شهد طب الأطفال في سلطنة عمان تطورا كبيرا خلال الـ52 عامًا الماضية، إذ تراجعت معدلات الوفيات للأطفال بشكل كبير جدًا بفضل وجود الرعاية الصحية المتكاملة والكوادر الطبية المؤهلة، ويرى مجموعة من أطباء الأطفال استطلعت «عمان» آراءهم أن إنشاء مستشفى تخصصي للأطفال في سلطنة عمان سيوفر بيئة مناسبة ومثالية للأطفال وعائلاهم وتلبية جميع احتياجاتهم الصحية والنفسية والتعليمية خلال مكوثهم في المستشفى، كما سيكون خطوة كبيرة للارتقاء بمنظومة صحة الطفل إلى المستوى العالمي الذي نصبو إليه.

تمركز الخدمات

وقالت المكرمة الدكتورة منى بن أحمد السعدون، عميدة كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة السلطان قابوس: إن تطور الخدمات الصحية المقدمة للمواطن والمقيم في سلطنة عمان ملاحظ وملموس ويتطلب في الفترة القادمة التوسع في المراكز والمؤسسات الصحية التخصصية بهدف رفع كفاءة الخدمات المقدمة وبالذات في جانب الممارسات الطبية الحديثة والبحث والابتكار.

وأوضحت أن إنشاء المستشفى التخصصي للأطفال سيوفر بيئة مناسبة للممارسين، وللأطفال وللعائلات كون المبنى وجميع الخدمات ستكون موجهة لفئة عمرية واحدة، والطواقم الإدارية والمساندة أيضا تصبح موجهة لهذه الفئة من المجتمع مما يكسب الجميع الخبرة الأوسع في التعامل مع الأطفال، موضحة أن تمركز الخدمات الصحية للأطفال في مستشفى ستسهل توفير الخدمات المساندة من الجهات الأخرى للأطفال المصابين بأمراض مزمنة أو ممن يستلزم علاجهم فترات طويلة، الحوادث مثلًا، كالخدمات التعليمية والاجتماعية، والتأهيلية، كما أن البناء الهندسي أيضا سيضع الطفل في المحور وبالتالي الألوان والمبنى والأثاث يصبح مكيفًا لاحتياجات الطفل والأسرة مقارنه بالوضع الحالي، بالإضافة إلى أن توفر جميع التخصصات الجراحية والطبية في المستشفى ذاته تساهم إيجابًا في التعامل المتكامل والشامل مع الحالات المرضية دون الحاجة لنقل الأطفال إلى مراكز أخرى لإكمال مراحل التشخيص/العلاج، كما أنه يدعم التعليم الطبي المستمر والمتقاطع في طب الأطفال بجميع تخصصاته.

البهجة والرفاهية

وقالت الدكتورة آمنة بنت محمد الفطيسية، أستاذة مشاركة ورئيسة قسم الأطفال بكلية الطب والعلوم الصحية بجامعة السلطان قابوس: تتمثل إحدى الميزات الكبيرة لوجود مستشفيات للأطفال في دول العالم بأنها متوائمة تمامًا مع المرضى الصغار ومع احتياجاتهم الخاصة، ولذلك تسعى العديد من دول العالم لتعزيز الخدمات الطبية المقدمة لأطفالها من خلال تبني فكرة مستشفيات الأطفال، إذ أن تلقى العلاج من قبل عاملين متخصصين في رعاية الأطفال يحدث فارقًا نوعيًا، فعلى سبيل المثال أثبتت الأبحاث أن نتائج الجراحين العامين للأطفال والذين يعملون في مستشفيات الأطفال أفضل من نتائج الجراحين العامين، كما تشير دراسات أخرى إلى أنه حتى الإجراءات الروتينية في مستشفيات الأطفال تكون أكثر أمانًا ولها مضاعفات أقل ومعدلات وفيات أقل من تلك التي يتم إجراؤها على الأطفال في مستشفيات البالغين، وتضم مستشفيات الأطفال كوادر وفرقا متعددة التخصصات تم تدريبها تدريبا مكثفا في تخصصات الأطفال المختلفة كأطباء الأطفال والجراحين وأطباء التخدير والصيادلة والممرضات، وتكون لهم دراية كبيرة وعميقة بأمراض الطفولة، والجرعات المناسبة للأطفال، والمعدات الطبية الخاصة بالأطفال، وعلاج الأطفال والمراهقين مما يوفر رعاية تخصصية مثلى لهذه الفئة من المجتمع، كما سيكون مستشفى الأطفال داعمًا للتعليم الطبي من خلال القدرة على تدريب طلبة كليات الطب وطلاب الدراسات العليا في تخصصات طب وجراحة الأطفال المختلفة، بالإضافة إلى ذلك سيسهم في توفير بيئة خصبة لدعم البحث العلمي والابتكار.

وأشارت إلى أن مشروع إنشاء المستشفى التخصصي للأطفال في سلطنة عمان سيوفر بيئة مناسبة ومثالية للأطفال وعائلاتهم ولأنه سيكون مصممًا لتلبية جميع احتياجاتهم الصحية والنفسية والتعليمية، فمستشفى الأطفال سيكون مهيئًا بجميع تفاصيله بداية من طلاء الجدران وانتهاء بالمعدات والأجهزة الطبية المناسبة لجميع الفئات العمرية للأطفال وغيرها من التفاصيل المهمة والتي قد لا تتوفر في مستشفيات الكبار، ويتوقع أن يضم مستشفى الأطفال بين أروقته جميع فئات الممارسين الصحيين المدربين للعناية والتعامل مع الأطفال من أجل تقديم رعاية صحية ذات جودة عالية مع الأخذ في الاعتبار الاحتياجات الأخرى كالتعليم والأنشطة الأخرى الداعمة والمعززة لنمو هؤلاء الأطفال نموًا صحيًا ومثاليًا وتقديم الرعاية الصحية المتكاملة تتسم بالبهجة والرفاهية والتمكين ليصل أطفالنا إلى إمكانياتهم المرجوة فهم ثروة الوطن ومستقبله الزاهر.

وأوضحت أن هناك انتشارًا ملحوظًا وتوسعًا في إنشاء مستشفيات الأطفال إقليميًا وعالميًا بعد أن أثبتت فعاليتها في الدول التي أقامتها، ففكرة مستشفيات الأطفال بدأت منذ القرن التاسع عشر وتزايدت أعدادها في الآونة الأخيرة بعد أن تبينت جدواها في تقديم رعاية تخصصية متكاملة تعنى بجميع احتياجات الأطفال، وعلى سلطنة عمان الاستفادة من تجارب الدول الأخرى والتي سبقتها في هذا المجال، وذلك من أجل الخروج بأفضل الممارسات والاستراتيجيات لإنشاء مستشفى تخصصي يعنى بأمراض الطفولة والمراهقين.

الخدمات الصحية

وقال صاحبة السمو الدكتورة خولة بنت الجلندي آل سعيد، استشارية أولى طب الجهاز الهضمي لدى الأطفال، ورئيسة رابطة طب الأطفال العمانية: بادئ ذي بدء، تعريف المنظمات الدولية للفئة العمرية للأطفال هي من سن صفر إلى 18 عاما، والمجتمع العماني مجتمع فتي، ويشكل نسبة الأطفال من سن صفر إلى 17 تقريبًا 43% من إجمالي السكان، والمستشفيات في سلطنة عمان حاليًا تعتبر فئة الأطفال إلى سن 12 عاما فقط لأسباب تتعلق بالبنية الأساسية للمستشفيات وبالإضافة إلى أسباب أخرى، وإنشاء مثل هذا المستشفى سوف يحتوي كل الفئات العمرية تحت مكان واحد بحيث يمكن خدمتهم على أحسن وجه.

وأكد أنه من الضروري أن تكون الخدمات الصحية للأطفال بكل فروعها تحت مظلة واحدة بدلًا من تفرقها في أماكن متعددة وذلك تسهيلًا للآباء والأمهات، وتكاتف الجهود في مكان واحد سيرقى بالخدمات الصحية ويعزز الأبحاث العلمية، أضف إلى ذلك أن رؤية أطباء الأطفال لهذا المستشفى في أن يكون مرجعيًا ليس فقط في سلطنة عمان بل في كل أنحاء الخليج، مؤكدة أن دراسة التجارب العالمية في هذا المجال ضرورية جدًا، ولكن تطبيقها لا بد أن تتناسب مع المجتمع العماني وأحصائياته وهذا بإذن الله سوف تجعل تجربتنا فريدة من نوعها وسباقة لأفكار تتناسب مع المجتمع العماني والخليجي.

اجتماع الخبرات

وقال الدكتور زيد بن الخطاب الهنائي، أستاذ مساعد بقسم صحة الطفل بكلية الطب والعلوم الصحية في جامعة السلطان قابوس: لقد شهد طب الأطفال في سلطنة عمان تطورًا كبيرًا في عهد النهضة المباركة للبلاد، حيث تراجعت معدلات الوفيات للأطفال بشكل كبير جدًا، أما اليوم فقد بات من المهم جدًا أن يستمر هذا التطور ونلتحق بركب الدول المتقدمة، إذ لا يوجد اليوم في عماننا الحبيبة مستشفى واحد مخصص للأطفال ويشمل جميع التخصصات المعنية، حيث ما نجده هو أقسام للأطفال ملحقة بمستشفيات معنية بالكبار في الدرجة الأولى، بينما طب الأطفال يختلف بشكل كبير عن طب الكبار، فالتعامل مع الأطفال مختلف، والأمراض التي تصيبهم مختلفة، والمعدات تختلف كذلك، والصعوبة الثانية التي تواجه الأطفال المرضى وأهاليهم هي أن التخصصات ليست مجتمعة في مستشفى واحد، فمثلًا جراحة الأعصاب والعظام في مستشفى، والأنف والأذن والحنجرة في مستشفى آخر، والتخصصات الأخرى في مستشفى آخر، فيعاني الأطفال وأهاليهم إذا احتاج الطفل لعناية متعددة التخصصات، كما أن هناك أزمة نواجهها في عدد الأسرّة المخصصة للأطفال، خصوصًا للعناية المركزة، ففي موسم الأنفلونزا، والذي نحن فيه الآن، نجد أن عدد الأطفال المحتاجين للعناية المركزة يفوق عدد الأسرّة، مما يتسبب في أزمة، وتكون هناك فترة انتظار خطيرة جدًا لبعض الحالات.

وأشار إلى أن إنشاء مستشفى للأطفال يعتبر خطوة كبيرة في حل العديد من هذه المشكلات، والارتقاء بمنظومة صحة الطفل إلى المستوى العالمي الذي نصبو إليه، إذ يرى أطباء الأطفال أن اجتماع الخبرات في مركز واحد يتيح الفرصة لتطوير الإمكانيات ومستوى الرعاية إلى أعلى درجة ممكنة، وهذا أمر مهم جدًا في طب الأطفال حيث إن بعض الحالات تكون نادرة، بالإضافة إلى ذلك، وجود مركز متقدم ومخصص للأطفال يوفر نقطة محورية، تتركز فيها وتتطور جهود البحث والتعليم، كما تستقطب اهتمام المجتمع من حيث العمل الخيري والتطوعي، مشيرًا إلى أننا نستطيع أن نقول اليوم بأننا في سلطنة عمان وبفضل الجهود المبذولة في التعليم والتدريب والابتعاث، لدينا كادر طبي متقدم في جميع تخصصات طب الأطفال، ينقصهم فقط المركز الموحد لتقديم أعلى مستويات الرعاية، أضف إلى ذلك أن الأطفال يشكلون أكثر من 40% من المواطنين، وهم مستقبل البلاد الواعد، وحري بنا أن نوليهم أعلى درجة من الاهتمام والدعم.

وأضاف: إذا نظرنا إلى أكثر الدول تقدمًا في مجال طب الأطفال، نجد أن أفضل المستشفيات لديهم تقوم على عاملين أساسيين المستشفيات تكون غير ربحية، تمول بدعم من الحكومة ومن الجهات الخيرية، وتكون المستشفيات مرتبطة بالجامعات المرموقة، وبالتالي تكون المستشفيات مؤسسات هادفة، تهدف إلى خدمة المجتمع عن طريق تقديم الرعاية الصحية، والتعليم والتدريب، والبحث العلمي، وتجد أن المجتمع بأسره يتكاتف في دعم هذه المستشفيات، خصوصًا مستشفيات الأطفال، فتكون هذه المستشفيات في الحقيقة شواهد على الحس الإنساني في تلك المجتمعات، وأرى أننا في سلطنة عمان لدينا جميع المقومات اللازمة لأن نكون في مصاف الدول المتقدمة في هذا المجال، وأتطلع إلى أن تتكاتف جهات المجتمع المختلفة في تحقيق هذا المبتغى.