محمد العيسائي: كان اعتمادنا لمعرفة الوقت على ميلان الظل في النهار والنجوم بالليل
رمضان شهر الرحمة والمغفرة والتوبة فيه يتدارس الناس القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، وفيه الأذكار والاستغفار والتقرب إلى الله تعالى، وفيه التسامح وزيارة الأرحام وزيارة المرضى والإحسان للمحتاج. وفي لقائنا مع الرشيد محمد بن علي العيسائي في بلدة بلت يحدثنا عن أول صيام له في شهر رمضان المبارك فيقول: أول رمضان قمنا بصيامه صادف دخول الشتاء وأمرني عمي بصيامه نظرا لوفاة والدي رحمه الله وأنا صغير في العمر، وكان أول رمضان في العادة نصوم فيه يوما ونفطر يوما حتى نتعود عليه.
وكان عمي أو أحد كبار السن في البلدة يقرأ لنا دعاء ونردد خلفه لأول يوم لشهر صيام لنا يسمونه دعاء عقد الصيام، ويقول محمد العيسائي كنا نتحرى رؤية هلال شهر رمضان بالعين المجردة من أعلى برج بقلعة بلت أو بالقرب منها من مكان مرتفع.
وقال العيسائي: لم نصادف أننا رأينا هلال العيد وكنا صائمين يوم العيد، لا أتذكر أن صادفنا مثل هذا الموقف. وأضاف قائلا: إننا نقضي النهار في رمضان بالقيام ببعض الأعمال الزراعية الخفيفة في مزارعنا فقط ثم نذهب للنوم في الوادي لتخفيف الحرارة بين أشجار النخيل والماء، كما كنا نقرأ القرآن أحيانا بأنفسنا كاجتهاد.
حيث كان يوزع علينا عمي مصاحف من الأجزاء القرآنية الصغيرة وأحيانا كان يأتي إلينا مقرئ من الجماعة ونتعلم معه القرآن في عريش قرب سور القلعة، وأما عن وجبة الإفطار فيقول: كنا نأكل في وجبة الإفطار غالبا التمر وإدام من اللبن والخبز، أما أصعب المواقف التي واجهناها في شهر رمضان فكان في السنوات التي صادفت صيام الشهر الفضيل في الصيف حيث كان الصيام صعبا بسبب الحر والعطش.
وأضاف: المحاصيل التي نزرعها في الغالبية العظمى كنا نستهلكها للغذاء، فقد كنا نأكل مما نزرع وخصوصا القمح والفواكه الموسمية والتمر والبقوليات المختلفة وأحيانا كنا نشتري الأرز الأصفر وهو الوحيد الذي يتم شراؤه ولا بديل غيره، كما كنا نجلب الماء من الفلج أسفل قلعة بلت أو من الوادي ثم يوضع داخل أوانٍ فخارية (حالول) ليبرد ونشرب منه.
أما بالنسبة لمعرفة الأوقات فلم تكن لدينا ساعات أو وسيلة لمعرفة الوقت وكان اعتمادنا على كبار السن معنا لخبرتهم واعتمادهم على ميلان الظل في النهار والنجوم والحدس في الليل، أما عن سماع الأذان لم يكن هناك حاجة للاجتماع لسماع الأذان لأن البيوت كانت متقاربة بجوار المسجد والكل يسمع الأذان بسهولة.
وأوضح العيسائي أنه كانت توجد بعض المظاهر في بلدة بلت وتوابعها، فقد كان كل أهل القرية يجتمعون في بيت أحد الجيران ونتناول وجبة العشاء بعد صلاة المغرب وكنا معظم الأحيان نفطر أولا كل في بيته وبعد صلاة المغرب نجتمع في سور قلعة بلت لتناول العشاء والصلاة، ثم نذهب للنوم، أما عن تجهيزات ملابس العيد، فيقول العيسائي: كانت بعض النساء تخيطها لنا وكنا نحضر قماش الملابس من محافظة الباطنة وأحيانا من محافظة البريمي وكان القماش المعروف في ذلك الوقت يسمى الأمريكي حيث كان قماشا سميكا يتم صبغه بين فترة وأخرى بالسدر والنيلة.
وكان يجتمع كل أهالي القرية في صباح العيد للقهوة في سور قلعة بلت ويتم عمل بعض الأهازيج والشلات الشعبية التراثية في عيد الفطر وهو ما يسمى (العيد الصغير) وفي عيد الأضحى (العيد العود أو الكبير) كنا نعمل نفس مظاهر عيد الفطر بالإضافة إلى ذبح الأضاحي لكل من في القرية بالتعاون بين الجميع وإنجاز باقي الأعمال خلال ثلاثة أيام العيد مثل شك المشاكيك وعمل التنور والقديد وغيرها من مظاهر العيد مثل الاجتماع والقهوة بجانب سور القلعة.