فتاوى يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان
- إذا كان هناك شخص يُستأجر لأداء العمرة عن مجموعة من الأشخاص ويؤديها في رحلة واحدة، فهل يصح هذا؟
هذا السؤال يدعو إلى تنبيه مهم في الحقيقة، وهو اختيار الأمين ليكون نائبا عمن وكله في أداء العمرة، فينبغي لمن أراد أن يوكل أحدا في النيابة عن ميت له أو عن عاجز لا يقوى على الذهاب، أن يختار الأمين الصالح الذي عنده من الفقه ما يمكنه من أداء العمرة على النحو الصحيح شرعا، لأن الناس قد لا تلتفت إلى هذه المعاني فيؤجرون ممن يعرض نفسه عليهم لا يعرفون شيئا عن سيرته بين الناس، ولا عن صلاحه وتقواه فيما بينه وبين الله تبارك وتعالى ولا عن فقهه والتزامه بأحكام شرع الله تبارك وتعالى في أداء مناسك العمرة، فهذا السؤال يقود إلى أهمية الانتباه إلى هذا الأمر، فإن وجد هذا الوكيل بأجرة لأداء العمرة عمن يصح الاعتمار عنهم بالنيابة، فينظر إذا كان الحال يتعذر معه أن يؤدي كل هذه العمرات التي استأجرها فهذا منقصة في أمانته وفي فقهه، وينبغي الحذر من مثله، وإن كنا ننزه الناس الذين يذهبون ويعتمرون، ولكن قد يقع مثل هذا، فهذه إشارة إلى أن مثل هذا الذي يأخذ هذا العدد الكبير ليتوكل عنهم ليؤدي عنهم العمرة والأيام التي سيمكثها واقعا لا تسمح له خاصة في الظروف الحالية مع التزاحم والكثير من الإجراءات وضبط الأوقات، فهذا مدعاة إلى التريث في مثل هذا الشخص، والانصراف عنه إلى شخص آخر تصدق عليه الأوصاف المتقدم ذكرها، أما في الحج فهذا لا يتأتى، لأن الحج مواقيت زمانية ومكانية، فهو مرتبط بهذه المواقيت زمانا ومكانا، لا يتأتى له أن يؤدي عن أكثر من شخص، لأن ذمته مشغولة ونيته وتلبيته إنما هي بالنيابة عن ذلك الشخص، ولذلك استغرق الزمان والمكان لأداء هذه المناسك عمن يلبي عنه، فلا يصلح أن يلبي عن شخصين، فإن وجد مثل ذلك فهذا احتيال صريح، والله تعالى أعلم.
- شخص لا يتماسك في قضية البول، فهو بعد كل نصف ساعة يجب أن يذهب إلى دورة المياه بسبب إصابته بمرض السكر، فهل هو معذور عن أداء الحج بنفسه؟ وهل يمكن أن يؤجر؟
يحتاج أن نتعرف على مجمل أحواله الصحية، فإذا كان لا يوجد سبب آخر إلا ما يتعلق بالطهارة، فإن اشتراط الطهارة إنما هو في الطواف، وهذه يمكن مراعاة أحواله فيها ويعامل معاملة المبتلى بكثرة إدرار البول، فيمكن أن ينظر في حاله استقلالا لأن باقي المناسك لا تشترط فيها الطهارة، وأيضا المرافق موجودة ومهيأة، أما هذه العلة بنفسها أن تكون عذرا لعدم الذهاب إلى الحج والانتقال إلى التأجير في نفسي منها شيء، وواقع الحال يشهد أن كثيرا من الناس ممن يذهبون إلى الحج ويؤدون المناسك بما يتيسر لهم أشد ضعفا من هذه الحالة، وهم بحاجة إلى عناية ورعاية واهتمام لمن يقوم بشؤونهم في كثير من الأمور ومع ذلك يذهبون بحمد الله تعالى ويؤدون المناسك، فإذا اجتمعت عليه أمراض، وبلغ حد عدم الاستطاعة البدنية فحينئذ نعم يجوز له أن ينتقل إلى أن ينيب غيره في أداء الحج عنه، ويمكن أن يستعين أيضا برأي الأطباء الذين يعرفون أحوال الحج ومواسمه ويعرفون حالته الصحية ليعينوه على نصحه بالذهاب أو أن يطلب منه عدم الذهاب، لأنهم أدرى بأحواله، والله تعالى أعلم.
- لماذا استخدم الله تعالى (أنما) في سورة الكهف «أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ»، واستخدم في سورة طه إنما بكسر الهمزة في قوله تعالى: «إِنَّمَآ إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَآ إِلَهَ إِلَّا هُوَ» ما السر في ذلك؟
الذي يحضرني الآن في فتح همزة إن في سورة الكهف في قوله تعالى: «قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ» فتفتح همزة إن إذا كان يمكن تأويلها بمصدر، هذا المصدر يأخذ حالته الإعرابية، أما إذا كانت ابتدائية فإنه يجب كسرها، ففي سورة طه «إِنَّمَآ إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَآ إِلَهَ إِلَّا هُوَ» فهي جملة ابتدائية فتكون بالكسر على أصلها أما في آية الكهف فلأنها تؤول بمصدر وهو هنا نائب فاعل فإنها تفتح، والله تعالى أعلم.
- في قوله تعالى: «وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً ۖ قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ۖ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ» فلماذا جاءت البقرة نكرة؟
جاءت بالتنكير لأنه أراد أي بقرة، وإنما هم الذين شددوا على أنفسهم وتطلبوا وكان مقصودهم التراخي والإهمال والإعراض عما يأمرهم به رسولهم سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام، ويخفون في أنفسهم شيئا، وإلا كان ما بلغهم إياه موسى عليه السلام من أمر ربهم لهم أن يذبحوا بقرة، فلو ذبحوا أي بقرة لأجزاهم ذلك ولكن لحكمة أرادها الله تبارك وتعالى فإنهم تمحلوا السؤال وأخذوا يتطلبون تعيين هذه البقرة، ليكشف الله تبارك وتعالى ما كانوا متواطئين عليه من أمر يكتمونه، والله تعالى أعلم.