No Image
رأي عُمان

طلبتنا ووعي الاختيار لصناعة المستقبل

20 يوليو 2025
20 يوليو 2025

أُعلنت قبل أيام نتائج امتحانات شهادة الدبلوم العام حاملة معها فرحة النجاح والتفوّق للطلبة وذويهم.

هذا المشهد الذي يتوهج بالآمال والطموحات الكبيرة يتكرر كل عام، ولا يخفت بريقه بتوالي السنين، حيث إن لكل طالب رحلته الخاصة مع الكفاح والمثابرة، ولكل أسرة تطلعاتها المعقودة بيوم الحصاد الذي انتظرته طويلًا ونضجت ثماره بعد اثني عشر عامًا من الجد والاجتهاد.

ويدرك الطلبة أنهم على أعتاب مرحلة جديدة في مسيرتهم التعليمية تفتح لهم آفاقًا أوسع وتحديات أكبر، وهي لذلك تتطلب استعدادًا جادًّا وتفكيرًا ناضجًا في رسم المسار الأكاديمي أو المهني الأنسب، فقد طويت صفحة التأسيس، بكل ما حفلت به من تجارب ومهارات وهم الآن أمام أبواب الاختيار والمسؤولية.

وقد نجحت سلطنة عُمان، في إطار رؤيتها التنموية، في بناء منظومة تعليم عالٍ متنوعة المسارات تشمل مؤسسات أكاديمية وتقنية وكليات مهنية، تواكب متطلبات سوق العمل ومهارات المستقبل لذا، فإن الاستعداد الواعي لهذه المرحلة يمثّل الخطوة الأولى للطالب الجامعي نحو بناء مسار علمي وحياتي ناجح ومثمر يسهم في خدمة الوطن وتحقيق الطموحات.

ويُعد اختيار التخصص الملائم خطوة محورية، خاصة في البرامج المهارية حيث تركز على مجالات متقدمة تواكب تقنيات العصر وتسهم في إعداد كوادر وطنية متمكنة ومبدعة.

والمرحلة الجديدة التي يوشك الطلبة على دخولها تحمل تحديا من نوع مختلف؛ حيث يبدأ الطالب في تشكيل هويته المهنية والعلمية، ومن هنا، تتجلى أهمية الدور التوجيهي للأسرة، باعتبارها شريكا داعمًا وفاعلًا في اتخاذ القرار المناسب لتخصص الأبناء بما ينسجم مع ميولهم وقدراتهم من جهة، ويتواءم مع متطلبات سوق العمل ومستجداته من جهة أخرى.

ولا شك أن التحولات المعرفية التي نشهدها اليوم تفرض الكثير من التحوط والنقاش الهادئ بين أفراد الأسرة وأهل الاختصاص للتوصل إلى الاختيار الأكاديمي الأنسب للطالب، بعد أن أصبح العالم أكثر اعتمادًا على مهارات الابتكار، والقدرة على التعلم الذاتي، والتكيف مع بيئات علمية متعددة؛ وهذا يفرض على الطالب أن يكون أكثر وعيًا باختياره، وألا تنحصر اختياراته في التخصصات التقليدية التي قد لا تضمن مستقبلًا مهنيًّا لائقًا. وكذلك على الأسرة أن تفسح المجال للطالب لخوض غمار تخصصات جديدة بدأت تفرض حضورها في المجالات الرقمية والتقنية والمعارف المتقدمة.

ومما يجدر التنبيه إليه أن التفوق لا ينبغي أن يختزل في نسبة مئوية، فلمن لم يحالفه التوفيق من أبنائنا، هنالك نوافذ أخرى متعددة تفتح المجال لاكتشاف ذواتهم وصقل مهاراتهم عبر الالتحاق ببرامج تعليمية أو مهنية قد تكون أكثر توافقًا مع إمكاناتهم ورغباتهم، ويمكنهم بالإرادة والعزم الانطلاق في مسارات جديدة تفتح لهم أبواب الفرص.

إن التخطيط المدروس للمستقبل يقتضي الوعي العميق بالمتغيرات التي فرضت نفسها على واقع التعليم وسوق العمل، فاختيار التخصص يشكل لحظة فاصلة في حياة الطالب الجامعي وعلى عاتق الأسرة والمجتمع مسؤولية التوجيه والمساندة وتقديم الدعم.

وبنجاحات أبناء عمان وتفوقهم وتمكينهم في كل ميدان يتقدم الوطن ويزدهر.