الصورة النمطية وحقوق الإنسان
خلال العقدين الماضيين راجعت سلطنة عمان الكثير من قوانينها وتشريعاتها، وأصدرت قوانين جديدة بناء على تلك المراجعات، كما أنها عدلت على قوانين قائمة بناء على ما أفرزته المرحلة والمتغيرات التي طرأت على كل تفاصيل الحياة، وأسهم كل ذلك في إرساء دولة المؤسسات والقوانين. ولأن الحياة تتطور وتتعقد وتظهر مستجدات كثيرة على ساحة تفاصيلها اليومية فإن مسيرة تجديد القوانين والأنظمة مستمرة اليوم وغدا، وما دامت الحياة تتطور، وتتقدم ويدور الزمن دورته المستمرة. ومن بين القضايا التي كانت ضمن أولى أولويات المشّرع في سلطنة عمان موضوع حقوق الإنسان ـ «ولا بد من التأكيد هنا أن الإنسان هنا مطلق دون تقييد بجنسية أو لون أو عرق وفق ما ينص عليه النظام الأساسي في سلطنة عمان»، ويلقى موضوع حقوق الإنسان عناية كبيرة واهتمامًا من القيادة العليا في سلطنة عُمان وبالمعنى الواسع لحقوق الإنسان، وليس بالمعنى الضيق الذي قد يفهمه البعض. وكان إنشاء اللجنة العمانية لحقوق الإنسان مرحلة من مراحل تطور العمل المؤسسي في مجال إرساء حقوق الإنسان ومراقبتها والتعديلات الأخيرة على لائحة اللجنة هو دليل أنها في تطور ومراجعة من أجل عمل مهني ومؤسسي أفضل.
ورغم أن الصورة التي يعرفها العالم عن عُمان سواء في مجال حقوق الإنسان أو في مجال حقوق المرأة أو بالنسبة لطبيعة المجتمع العماني المنفتح على الآخر صورة مشرقة جدًا خاصة لمن عاش في عُمان ولو مدة قصيرة إلا أن اللجنة العمانية لحقوق الإنسان وكل المؤسسات العمانية تعمل دائمًا على تصحيح أي فهم قد يكون نمطيًا عن عُمان ومستوى حقوق الإنسان فيها، خاصة وأن الصورة النمطية المترسخة عن الشرق وبشكل خاص الشرق الأوسط صورة ليست مشرقة، وهي صورة نمطية غير عادلة في الغالب لأنها تجتر نمطيتها إمّا من السياق التاريخي البعيد أو من إسقاط تصورها على الجزء وتعميمه على الكل.
وبنفس هذا المبدأ فإن استغلال قضايا عرضية يسمع فيها صوت واحد فقط -إن كان ثمة صوت حقيقي فعلا- لبناء صورة عن حقوق الإنسان من شأنه أن يكرس صورة مغلوطة وبعيدة تمامًا عن الحقيقة بعد الثرى عن الثريا؛ لأن الصوت الواحد المنفرد لا يمكن أن يبني حقيقة أو يقيم حجة.
وتكون مثل هذه الصور النمطية هشة ومتشظية، ويمكن دحضها بسهولة خاصة في هذا العصر الذي أصبح فيه العالم قرية صغيرة، ويمكن بسهولة كبيرة التأكد من الحقائق.
وقد فندّ بيان صادر أمس عن اللجنة العمانية لحقوق الإنسان المزاعم التي نشرتها وسائل إعلام غربية معروف عملها على الإثارة معيارًا دون المهنية المبنية على الحقائق وتعدد الأصوات. ويعرف العالم عُمان جيدًا، ولن يقع ضحية لتقارير مشبوهة تعمل بمنطق الصورة النمطية المرسومة بكثير من الوهم عن المنطقة، ولذلك سرعان ما تتداعى تلك الصورة، وتسقط أمام أبسط توضيح. ولأن العالم يعرف عُمان فلم يقف أحد كثيرًا أمام تلك التقارير؛ لأن حقيقتها معروفة ومتهافتة؛ لأن القوانين الموجودة في عُمان كفيلة بإعطاء الحق لأصحابه بغض النظر عن جنسيته، فالحق حق، والقوانين فوق تصنيف الجنسيات والألوان والأعراق.
