No Image
رأي عُمان

التكافل الاجتماعي قوة للمجتمع

19 مايو 2021
19 مايو 2021

في كل أحداث تمر بها السلطنة يثبت العمانيون أنهم مجتمع متماسك ومتكافل وقوي، يشد بعضه بعضا. وعند دراسة فكرة التكافل في المجتمع العماني عمليا يظهر جليا أنه ليس تكافلا عابرا أو وليد لحظات تأثر آنية، وإنما تكافل ينبع من عمق المجتمع، ويظهر في سلوكه. ولم تستطع المدنية أو الحداثة أن تؤثر كثيرا على هذه الميزة الإنسانية في المجتمع العماني، وهذه صفة من صفات المجتمعات القوية والراسخة التي لا تتشظى أمام أي مد جديد يفد إليها فيهشم قيمها لصالح قيم مختلفة وجديدة.

وإذا كان الكثير من مظاهر التكافل الاجتماعي لا يظهر في العلن لأسباب متعلقة بالسياق الديني أو حفظ الخصوصية الشخصية إلا أنه يبرز جليا في الحالات العامة التي تمر على المجتمع، كما يحدث خلال الأنواء المناخية، والكوارث الطبيعية أو بعض الحالات الاجتماعية. وفي الأمطار الأخيرة التي شهدتها بعض ولايات السلطنة خلال شهر رمضان المبارك ظهر التكافل بشكل جلي، وتداعى الناس للتآزر، كل على حسب إمكانياته، وتحول المجتمع إلى رافعة يرفع بعضها بعضا. سواء كان ذلك بشكل شخصي ومباشر أو عبر المؤسسات المجتمعية التي نخص منها في هذا السياق المؤسسات الخيرية التي تقوم وتنشط بجهد المواطنين أنفسهم.

وهذا الحدث لم يكن في يوم من الأيام استثناء؛ فالمجتمع العماني يتذكر الهبة التاريخية التي حدثت فيه بعد إعصار "جونو" والتي عادلت -إن لم تفُق- تحرك الدولة من أجل تجاوز آثار ذلك الإعصار المدمر. واستمر الأمر مع الحالات المناخية التالية التي مرت بها السلطنة.

وفكرة التكافل المجتمعي في عُمان قديمة قدم المجتمع نفسه. وتتطور أيضا بتطور المجتمع وأهم معلم من معالمه المتطورة موضوع الوقف. فلا تخلو قرية مهما كانت صغيرة في عمان من أوقاف أوقفها أصحابها لأعمال الخير وتكافل المجتمع، ولأغراض كثيرة ومتنوعة مما يحتاجها المجتمع.

وفي العهد الزاهر المتجدد بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه، أخذ التكافل بعدا جديدا أكثر مؤسسية عندما أنشأ صندوق الأمان الوظيفي وهو نوع من أنواع التكافل ولكن برؤية حديثة.

ويبدو أن تطوير موضوع الأمان الاجتماعي مستمر، ويأخذ بعدا حديثا ومتطورا في فكر جلالة السلطان، وترعاه الدولة، على أنه يبقى مسارا بين مسارات عديدة ستبقى معلما من معالم المجتمع العماني وعلامة من علامات قوته وتماسكه.