No Image
ثقافة

سارة الزين: الرواية تتطلّب تلبّسًا شيطانيًّا يخالف مثاليّة ما يطمحُ إليه الشاعر!

22 يوليو 2023
تؤكد أن الكاتب يخوض متعة التجريب ليقدّم أفضل نسخة منه
22 يوليو 2023

نستكشف في هذه المساحة روح الكلمة والحرف مع الشاعرة والكاتبة اللبنانية سارة الزين التي تجمع أعمالها الأدبية بين السرد والشعر والنقد على حدٍ سواء.. حازت الشاعرة على درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها، وتفوقت في دراستها التحليلية «المنهج البنيوي عند يمنى العيد بين النظرية والتطبيق» من الجامعة اللبنانية، بالإضافة إلى درجة الماجستير التعليمي في العلوم الطبيعية ودبلوم دراسات متعمقة في اللغة الفرنسية، وإجازة في الأدب العربي... وعالمها الأدبي ليس محصورًا في كتاباتها فحسب، بل يمتد أيضًا إلى المهرجانات الثقافية على مستوى العالم العربي، حيث تُشارك بنشاط وإبداع في هذا الساحة، وتتميز بروحها المبدعة التي تتنوع بين الأساليب، ويتجلى ذلك بوضوح في أعمالها مثل «شعاع في الليل الحالك» و«على شاطئ الخلود» و«جرح على عمق الزمن» و«وليتها تموت» و«العَرّاف» وديوانها الشعري «حتى مطلع الشعر».. إضافة إلى قلمها النقدي، الذي تستعرض من خلاله أفكارًا ومواضيع متعددة في الأدب العربي. حول تجربتها في مجالات السرد والشعر والنقد، تتحدث سارة الزين، ونستكشف خلال هذه المساحة آراءها النقدية في الأدب العربي، وتحديات الكتابة في العصر الحديث..

كيف يمكن للكاتب أن يدرك التوازن بين مختلف صنوف الآداب، مثل الرواية والقصة القصيرة والشعر والنقد، ويتمكن من الكتابة بفاعلية وانتقاء أفكاره الإبداعية في كل من هذه المجالات، مع الحفاظ على مستوى عالٍ من التركيز والانتباه للتفاصيل الفنية والإبداعية في كل صنف على حدة؟

هناك اختلاف كبير بين كتابة النقد وإعمال الوعي والفكر واستحضار الأدوات والاشتغال على البناء والتفاصيل، وفي الضفّة الأخرى كتابة عمل إبداعي كقصة أو رواية أو شعر، العالمان مختلفان على الرغم من نقاط التلاقي الكبيرة، بيد أنّ العالم الثاني الإبداعي يحتاج إلى روح تغذّيه وتشعله وتلهمه كي يبُدع ويصنع مغايرة ومفارقة في العمل الذي يقدّمه..

كلّ عالم من هذه العوالم له حيثيّاته ومقدّماته وأساليبه، والعلم الشريف يغذّي الصدور ويطهّرها، والأصل في كلّ شيء هو سموّ القصد وصفاءُ رؤية المُشتَغِل في أيّ عالم من هذه العوالم، يبقى أنّ الإكثار من التنويع في المجالات قد يضرّ ببعض الإنتاجات التي يُفضّل فيها أن يختلي المرء بها لتقديم أصفى وأنقى وأجود صورةٍ له ضمن هذا المسار، وحين تتزاحم الأشغال مع ضيق الوقت وتنوّع المسارات سيظلمُ مجالٌ معيّن المجالات الأخرى، يبقى أن يعيش الكاتب متعة التجريب وخوض تجربةٍ فريدة يقدّم من خلالها أفضل نسخةٍ منه.

في سياق السؤال السابق، هل يمكن للكاتب أن يستفيد من فرادة كل مجال من صنوف الآداب وقوته، وأن ينسجم تطبيقها بشكل متناغم عبر الأنماط المختلفة للكتابة، مما يؤدي إلى إنتاج عمل فني متكامل ومتوازن، في وقت يحافظ فيه على الإبداع مجددًا في الوقت نفسه؟

الكاتب الحقيقيّ لا يفكّر بكيفيّة استغلال مجالٍ في مجالٍ آخر، لأنّه في حال فكّر بالأمر خسر بعض أدوات نجاحه، والتي من بينها انسيابيّة الفكرة من دون افتعال.. هذه المجالات كغيرها من المجالات، وكغيرها من أمور الحياة والتجارب التي نصادفها، تتحوّل إلى ذاكرة مختبئة في زوايا البال والنفس، تتجمّع في اللاوعي لتظهر في قالب مختلفٍ في كلِّ مرّة. وهنا تكمن خاصّية ولغة كل مبدع! حيث إنّ الفيزيائيّ حين يكون شاعرًا، يحمل لغة خاصّة وفريدة تشبه انتماءاته الفكرية المستندة إلى علومه وتجاربه، وكذلك الإعلاميّ حين يكتب رواية يأخذه «لاوعيُه» إلى زوايا جديدة ومغايرة، ولكنّه حين يدرسها ويتعمّدها يفقد بريقًا سحريًّا من أثر الإبداع!

متى يستطيع الكاتب تجنب الوقوع في الالتفات النمطي والتعبير عن الفكرة بأسلوب فريد ومبتكر في كتابة الرواية والقصة القصيرة؟ ما الطرق والأساليب التي يمكن أن تساعد الكتّاب على تحقيق هذا الأسلوب الفريد الذي يميز أعمالهم الأدبية عن الآخرين ويثير اهتمام القراء بشكل استثنائي؟

على الكاتب أن يقرأ كثيرًا، وأهم العوامل التي تبعده عن التكرار واجترار التجارب السابقة هو ألا يقتنع بما وصل إليه وألا يرضى! الندُّ الأوّل لكلّ مبدع هو ذاتُه المبدعة، كلّما تحدّاها أكثر، وصل بها إلى مقاصد أعلى!

إلى أي مدى تؤثر الأحداث السياسية والاجتماعية والثقافية على موضوعات الرواية والقصة القصيرة، وكيف يمكن للكتّاب إبراز هذه التأثيرات بشكل مبتكر في أعمالهم الأدبية بحيث تتميز بطابعها الذي لا يتشابه مع أعمال الآخرين؟

الكاتب هو ابن بيئته، أحيانًا ينغمس بها حدّ الضياع، وأحيانًا يهرب منها حدّ الإنكار، فقد نجد كاتبين من البيئة نفسها، يتناولان الموضوع نفسه بطرق مختلفة جدًا، إمّا عبر السخرية من الواقع، أو عبر الشفافية الفاضحة، أو عبر الإنكار وتزيين الأمور وقلب الواقع! لا يمكن للكاتب الحقيقي الذي ينزف إحساسه أو أن يتشابه برؤيته ولغته وشعوره وتعابيره مع كاتبٍ حقيقيّ آخر، لأنّ طريقة تلقّي كلٍّ منا مختلفة، وهي مرتبطة بالطفولة، والتربية، والمجتمع والدين والبيئة والتجارب والعلاقات والاختصاصات، وغير ذلك الكثير!.

ما الطريقة التي يتعامل الكتاب بها مع الأحداث، وكيف ينظمون الشخصيات والأماكن في الرواية بطريقة فعالة لخلق عوالم خيالية متكاملة وجذابة، بهدف إيصال رسائلهم وفلسفتهم في الرواية؟.. أعني استخدامها (العناصر الأدبية) بذكاء لتحفيز القراء على التأمل والتفكير العميق في المغزى الكامن وراءها.

أجمل طريقة للتعامل مع الشخوص في الرواية هو تلبّسها، وإن كان ذلك صعبًا على الروائيّ، لأنّ ذاتيّته ستكون حاضرة لا محال في كل شخصيّة من شخوص الرواية، ولكنّ حالة التلبّس تجتاحني كلّما كتبتُ رواية، وأتعاطف كثيرًا مع بعض المواقف التي كلّما تطرّفت في مشاكلها انقلبت عليّ أكثر، وطالبتني بالرحمة، وكانت بعض أصواتها تصلني حدّ التلذّذ باستنجادها، وكأنها تغريني لتعذيبها أكثر، فالروايات تحبّ الدراما، وتستهويها الفضائح، وتملّ من العاديّ وتبحث عن المستغرب والعنيف أو المتطرّف الوقح. وهذه الأمور تتطلّب تلبّسًا شيطانيًّا يخالف ملائكيّة ومثاليّة ما يطمحُ إليه الشاعر، وهنا يبدأ صراع الشاعر مع الروائيّ، فالشاعر وإن كان يحبّ الحزن ويعيش في غربته وكآبته، إلا أنّه يسعى إلى الكمال والمثاليّة والخيال الذي يأخذه إلى عوالم بيضاء ومدنٍ فاضلة وإصلاحٍ مجتمعيّ سحريٌّ موهوم! أما الروائي، فيريد فضح الأشياء وتعريتها.. يريد صفع المتلقّي بالواقع كيفما كان!

يُتهم الشعر بأنه أقل الأجناس الأدبية اجتذابًا للقارئ وأنه أكثر صعوبة في الكتابة إذا ما قورن بالنقد مثلا والرواية. وأنتِ جربتِ كل تلك الأجناس، فأين تضعين «الشعر» في ترتيب العمق أولا وترتيبكِ كـ «سارة الزين».. علمًا بأنكِ عُرِفتِ كشاعرة أكثر من ارتباطكِ بأي جنس أدبي آخر؟

الشعر مهلكي، وحتفي بين رويّ وقافية، وأعترف أنّي وجدتُ في الشعر ما لم أجده في أجناس أخرى خصوصًا وأنّي دخلتُ عالمه بسنٍّ متأخّرة، دخلته بنضج، مع رغبةٍ جامحةٍ بالجنون الواعي، ولكنّ الشعر هو أعمق الأجناس برأيي على الإطلاق! الشعر كالفلسفة، كالحياة، كالوجود، أسئلةٌ لا متناهية، وانقلابٌ مستمرّ، ورفضٌ ونزفٌ واحتراقٌ وانبعاثٌ، وشيفرة من الصعب فكّها لمن لا يحمل قلب مغامرٍ عاشق، ومحترفٍ هاوٍ في الوقت نفسه!

يتمتع الشعر بحرية أكبر في التعبير والتشكيل والتوظيف اللغوي، فما الحدود التي يجب على الشاعر احترامها في الكتابة الشعرية دون تجاوز للقيود والحدود الأدبية الأساسية؟ وما السبيل الأمثل للتعبير عن الأفكار والمشاعر بعمق ضمن ذلك الإطار الشعري واستخدام اللغة بشكل مبدع لتوصيل معانيه وصوره الفنية بفاعلية؟

لا يوجد حدود في الشعر، نحن نكتب حقيقتها، الحدود هي للمدّعين، المرائين، أمّا الشاعر الحقيقيّ، فهو يعكس وجوديّته داخل الكلمات، يعكس أفكاره وخيالاته وآماله ورؤيته، فالمهذّب الرصين الذي يحمل جنونًا مختلفًا سيعكس ذلك في نصّه وشعره، والوقح الجامح سيفضحه حرفه كذلك، ومفاتيح الفكر كثيرة وخطيرة، كلها أبواب يمكن الولوج إليها بالشعر المرمّز أو المقولب بحسب كلّ أديب.

أعيد عليكِ سؤالًا حول فكرة «الجندرة»، الارتباط الشعري بالجندر فكرة مؤثرة في عالم الشعر، ولكن في الواقع فإن الجندر لا يعدل من قيمة النص الشعري ذاته، فالشعر تعبير عن الإنسانية في أبعادها المختلفة ولا يتعلق بالجنس أو الجندر بشكل حصري. فكيف تنظرين لتلك الأفكار في سياق شعركِ وتجربتكِ الشخصية؟

كما ذكرتُ لكم أعلاه، كل ذات تعبّر عن ذاتيّتها، فأنا كأنثى، لديّ قصائد تعبّر عن أنثويّتي في بعض المطارح، لكنّ هذه الأنثويّة تبقى مرتبطة بإنسانيّتي، ولا تنفصل عنها أبدًا، لذا، متى ما تجلّت روح الشعر في بال الوجدان الإنساني، تفقد ماديّة الأنثويّة والذكوريّة وجوديّتها في القصيدة، ومتى ما ارتبطت الفكرة بالذات الأنثويّة داخل التكون الإنساني، ظهرت بعض الملامح في جسد القصيدة فاضحة هوية صاحبها.

ما العوامل التي دفعتك لاختيار دراسة «المنهج البنيوي عند يمنى العيد بين النظرية والتطبيق، تقنيات السرد الروائي – في معرفة النص دراسات في النقد الأدبي – نموذجين» كرسالة لاجتياز شهادة الماجستير؟ وما الأهداف التي حققتِها خلال هذه الدراسة والتي من الممكن أن تسهم نتائجها في مجال النقد الأدبي وتطوير النظريات الأدبية؟

أقول بصدق أنّ ما جعلني أخوض في غمار البحث في البنيويّة عند يمنى العيد هو نظرة يمنى العيد نفسها إلى النقد، وتخبّطها بين ما هو أكاديمي وما هو إنساني في البحث العلمي، وصراع «التلقينيّ المعلّب والمؤطّر» مع «البحث الشغوف المنفتح»، وبطبيعة الحال، كل ما يخرج عن القاعدة، يحمل معها الجدّة، مع الكثير من الأخطاء التجريبيّة، وبعض التناقضات، ولأنّ عالم البنيويّة كان مطروقا نقديًا في العالمين الغربي والعربي ولكن كان غير مطروق من زاوية «نقد النقد» بشكل دقيق يظهر من خلاله ما وراء استعمال البنيويّة لهذا الناقد تحديدًا، من هنا جاء اشتغالي على أعمال الناقدة يمنى العيد.

ما المشكلات التي واجهت الرسالة في البحث والتحليل باستخدام المنهج البنيوي؟ وكيف تجاوزتِ المشكلات؟ وما هي النتائج التي من الممكن أن يستفيد منها البحث الأدبي والنقد الأدبي من الرسالة؟

إنّ الخوض في عالم النقد بحدّ ذاته يتطلب التسلح بالأدوات النقدية والمعرفية إذ يقترن فيه الذوق مع المعرفة والاطلاع والتجربة، والنقد يكون موضوعه العمل الإبداعي الذي يرتكز عليه ليقدم قراءة تفتح النص على آفاق مختلفة. غير أنّ النص الأدبيّ هو نصٌّ «مغلق» كما يقول تودوروف، في مقابل أن النقد يحوّل النصّ إلى قراءات مفتوحة لا تنتهي. أما الخوض في ما يسمى نقد النقد، فهذا يتطلب رؤى إبستمولوجيا أوسع وأشمل وأدق، إذ إنّ موضوعها يشتغل على النص النقدي والنص الإبداعي في الوقت نفسه. لذلك لا بدّ لناقد النقد أن يكون على بيّنةٍ من النص الأدبي الأصلي، وإن كان موضوعه هو النص النقدي، فهو بذلك يتوجّب عليه أن يقدّم معرفةً على معرفة، ولهذا فإنّ النقد الذي يشكّل نوعًا من الوساطة بين القارئ والنص الإبداعي، يلحقه نقد النقد الذي يشكّل وساطةً بين النص النقدي وقارئه، الأمر الذي يجعل طريقه أكثر وعورةً وصعوبةً، فهو ضمنًا يشتمل على المعارف السابقة كلها من الكاتب والنص الأدبي وصولًا إلى الناقد والنص النقدي وليس انتهاءً بالمتلقي القارئ في عمليةٍ تسعى إلى توسيع دائرة الرؤية المفهومية للعمل النقدي، التي تشمل الحياة والإبداع والفلسفة والأيديولوجيا. كما وإنّ «الكلام على النقد هو، في العمق منه، كلام على سيرورته» كما تقول الناقدة يمنى العيد، بحثًا عن مفاهيم جديدة ومختلفة بهدف تكوين نظرة متقدمة للأدب والعمل الإبداعي بصورة مغايرة عن النمطية التقليدية.

واقعًا، كتبت الرسالة في فترة كورونا، وكان من الصعوبة بمكان الاستحصال على بعض المصادر، ولكن تسهّلت الأمور فيما بعد، ولعلّ أصعب ما يواجهه الباحث في أيّ عملية بحثيّة هو تحدّيه في وضع استنتاجات ونتائج واستخلاصات موضوعيّة يقمعُ فيها ذاتيّته ورأيه وقناعاته ومواقفه تجاه الأفكار والأشياء والأشخاص.

هناك تقاليد نقدية معروفة وهناك مضامين متنوعة قد تكون غير مقبولة أو ربما مثيرة للجدل.. التحدي يكمن في أن الناقد الحقيقي يستطيع الحفاظ على حريته في التعبير والتشكيل والتوظيف اللغوي دون التخلي عن القواعد والحدود الأساسية في كتابة نقده؟ فكيف يمكنه أن يُطبِّق تلك الرؤية التي تجعل من نقده مختلفًا وغير مألوف، ويبتعد عن النقد الأكاديمي المحدود والمؤطّر، ويُظهِر إبداعه النقدي من خلال التجديد والابتكار بعيدًا عن الإرساء التقليدي؟

الناقد الحقيقي يقرأ الجميع، ويرجع إلى عينه الناقدة والخاصة به هو وحده! فناقد الشعر لا بدّ له أن يقرأ لـ ت.س إليوت وصموئيل جونسن وعبد القاهر الجرجاني وقدامة بن جعفر والآمدي وابن قتيبة وغيرهم الكثير ما لا يسعنا ذكره في هذا اللقاء، ولكن عليه أن يكتب رؤيته النقدية الخاصة التي تجعل من نقده مختلفًا لا يدخل في باب التقليد، ولا يدخل في باب العمل الأكاديمي المعلّب والمؤطّر والذي لا يرتجل الإبداعَ النقدي من خلال التجديد بعيدًا من مفهوم الإرساء الذي يقضي على الفكر الإبداعي. والحال هي نفسها في عالم النقد الروائي، فلا بدّ من قراءة لـ رولان بارت وجينيت وتودوروف وجان بياجيه وباختين ودو سوسير وطه حسين وجابر عصفور وحميد لحمداني ومحمد برادة والدغمومي وبنّيس وغيرهم الكثير، ولكن لكلّ ناقد روح نقدية مختلفة، تحمل إضافةً إلى كل الأدوات والتقنيات التي يقدّمها أعلام النقد الأدبي أداةً خاصة تجعل له بصمة وفرادة في استشفاف النص وتأويله. أمّا عن القواعد، فلا يمكن الإحاطة بها الآن، وهي تختلف باختلاف المنهج أوّلًا والناقد ثانيًا، ولو توافق المنهج بين ناقدين مختلفين لاختلف البحث النقدي باختلاف زاوية الرؤية والقراءة الخاصة لكلٍّ منهما، وفي حال قام الناقد نفسه بنقد نصّ واحد مستخدمًا مرّة منهجًا محدّدًا ومرّة أخرى منهجًا مختلفًا لاختلفت كذلك دراسته النقدية باختلاف المنهج كما ذكرت سابقًا، وعليه، يمكننا تأطير النقد ضمن قواعد منهجية بحتة، ولكننا بذلك نعد اللعبة الإبداعية التي يمكن للناقد أن يلعبها بشكل لافت وعميق، فإنّ إتاحة الحرية للناقد الأدبيّ في استكناه جوهر العمل الإبداعيّ بعيدًا من قيود المنهج الأكاديميّ المغلق والمؤطّر تمكّنه من الذهاب أبعد مما قد يأتيه باحثٌ أكاديميٌّ يكتفي بالمنهج وحده!