No Image
بريد القراء

المعلم ينثر إخلاص العمل وصدق المعنى في ميادين العطاء

23 فبراير 2023
23 فبراير 2023

مكانة المعلم المخلص لا يمكن أن يختلف عليها أحد مهما كان ومهما صار، فهو يبتغي قبولا في السماء والأرض، يسمو نحو مقامات الرفعة التي لطالما سطرت على خريطة الأذهان، ليكون أثره باقيا لا يزعزعه الزمان ولا المكان، يضيء في سماء الكون نورا يتلألأ من ذلك العطاء اللامحدود، ينثر حبا وصدقا وإخلاصا في ميادين العطاء ليترك بصمة براقة في نفوس الجميع، يمثل أسطورة تسطر لها الأيام أروع إبداع وأرقى إنجاز.

رسم على ملامح الطريق أجمل لوحات الإبداع والتألق والتميز في إيصال المعارف والمهارات والمعلومات بطرق متنوعة لطلبة العلم، بذل فيها كافة الجهود وواجه الكثير من التحديات والصعوبات لتحقيق الهدف الذي تطمح وتسمو به كل الأمم والأوطان في تنشئة جيل واع قادر على التغلب على متطلبات الحياة والاعتماد الحقيقي على النفس وقادر على مواكبة التطور في هذا العصر في كافة الأمور متسلحا بالعلم النافع والمبادئ الإسلامية والأخلاق المحمدية.

فالمعلم ذلك الإنسان الذي مهما تحدثنا عنه ومهما تحدث عنه الأدباء والشعراء فهناك مساحات واسعة لم يدركها الجميع؛ فجميعنا لن نوفيه حقه، أخذ من صفات الأنبياء في حمل رسالة العلم، وعظم المسؤولية، وتقديم التضحيات.. يا لعظمتك أيها المعلم، أثبت للعالم أجمع أنه مهما تعددت الوظائف فلن تصل إلى مقام وعظمة وظيفة المعلم، فكل تلك المهمات الوظيفية من تحضير دروس ومتابعة سجل الدرجات ومناوبة يومية ورائد فصل وتقديم أنشطة بأنواعها وتصحيح الكتب والدفاتر ومراعاة الفروق الفردية وغيرها الكثير تتلاشى أمام المهمة الجسيمة في تقديم المعلومات والمهارات بطرق واستراتيجيات مناسبة ومختلفة تتناسب مع جميع الطلبة وأمام تلك القيم والمبادئ والسلوكيات التي تسعى بها جليا لغرسها في نفوس الطلبة؛ فهو يدرك حقا الأمانة العظمى التي بين يديه فيخلص في عمله بكل ثقة، لا يرتجي تكريما في الدنيا فحسب وإنما تسامت نفسه وازدلفت لأمر عظيم وأرقى ساعيا لنيل البركات الدائمة من رب السماء فتزدان حياته حبا وسلاما وتزهر دنياه بساتين من السعادة الأبدية وتصل روحه إلى اطمئنان حقيقي فهو حتما مهد سبيلا مزهرا ومغلفا بدعوات صادقة من الطلبة وأولياء الأمور وكل من يعرفه لأنه أصدق وأخلص في مهمته وأعماله شاهدة على ذلك.

فنستطيع أن نقول لكل معلم مخلص: هنيئا حقا لك عطاءك فكل الوطن ومن فيه يقف تبجيلا لمقامك رغم تغيير الظروف والمستجدات التي تطرأ في عالمنا، استطعت أن تثبت للجميع أنك قادر على المواجهة الحقيقية رغم حدتها التي قد يعرفها البعض ويجهلها الآخرون، ونقول طوبى لك الأجر العظيم بحول الله وقوته، طوبى لك هذه الرسالة العظيمة على عاتقك لم تأت مصادفة، فكن ذلك النور المشع الذي يضيء للطالب وولي الأمر والمجتمع على حد سواء الدنيا تفاؤلا بأن القادم أفضل، فتلك القدوة المثالية تتطلب منك الكثير والمزيد من البحث والاطلاع بكل ما هو جديد فأنت وبكل فخر نلت الشرف العظيم بإخلاصك المتفاني لأنك لست عاديا فأنت من ورثة الأنبياء.

وأريد أن أشير هنا إلى أنه عندما يتذكر كل معلم أن رب العزة ورسوله قد بيَّنا فضله في القرآن الكريم والسنة النبوية فإنه يشعر بالفخر والعظمة التي تطمئن بها نفسه فتذيب عنه كل أنواع المشقة، فقد قال الله تعالى عن درجة أهل العلم وعلمهم ومقامهم عند رب العزة والجلالة ومقامهم بين الناس: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ * قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ۗ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ ۗ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} فليكن شعارك عزيزي المعلم في كل وقت وكل حين (إخلاص بلا حدود)، أيها الرائعون في ميادين العطاء سيظل الدعاء أجمل الهدايا التي تقدَّم لكم بأن يحفظكم الرحمان وأن يمدكم بالصحة والعافية ويعوضكم في كل جهد خيرا كثيرا.

وكلنا أمل بكم وبتقدمكم المستمر، فتأثيركم في عالمنا كبير جدا. ومن هنا علينا جميعا من معلم وولي أمر وطلبة العلم والمجتمع بأسره أن نتّحد سويا من أجل أن نحقق كل أهدافنا ونسخّر طاقاتنا يدا بيد من أجل أبنائنا ورفعة وطننا الغالي.

وفي الختام نسطر الكلمات خجلى شكرا وعرفانا وتبجيلا لكل معلم ومعلمة قد أنهوا مسيرة التعليم وتقاعدوا بعد تأدية أعظم المهن وبعد كفاح سنين أخلصوا في حمل رسالة العلم، واليوم هم ينظرون إلى إنجازاتهم ويفتخرون بها، فقد أديتم الأمانة غرستم وزرعتم وسقيتم والحصاد يزهر بعطائكم وتأكدوا يقينا أن من ترك أثرا طيبا سيذكره الكبير والصغير حتما، وهنيئا لمن ترك بصمته للتغيير للأفضل، حفظكم الله جميعا وسدد الله خطاكم وبارك في أعماركم (فأنتم حقا رمزا للفخر).