الإمـارات تنعى قائد «مســـــــيرة التمكين»
محمد بن راشد :«أدى أمانته.. وخدم رعيته.. وأحب شعبه»
محمد بن زايد: فقدت الإمارات ابنها البار وأمين رحلتها المباركة
أبو ظبي «عمان» «وكالات»: نعت دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة المغفور له بإذن الله صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، حيث أعلنت وزارة شؤون الرئاسة الإماراتية في بيان نعي لها عن وفاة الفقيد جاء فيه: «تنعى وزارة شؤون الرئاسة إلى شعب دولة الإمارات والأمتين العربية والإسلامية والعالم أجمع قائد الوطن وراعي مسيرته صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة الذي انتقل إلى جوار ربه راضيًا مرضيًّا اليوم الجمعة 13 مايو.. تغمّد الله فقيد الوطن الغالي بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وألهمنا جميعا الصبر والسلوان.. « إنا لله وإنا إليه راجعون».
كما أعلنت الوزارة الحداد الرسمي وتنكيس الاعلام على المغفور له بأذن الله صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «رحمه الله» مدة 40 يوماً اعتباراً من امس الجمعة وتعطيل العمل في الوزارات والدوائر والمؤسسات الاتحادية والمحلية والقطاع الخاص 3 أيام اعتبارا من الجمعة.
ونعى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الفقيد، وقال سموه في تغريدة عبر حسابه في موقع «تويتر»: «بقلوب يعتصرها الحزن.. وبنفوس مؤمنة بقضاء الله وقدره.. ننعى راعي مسيرتنا.. ورئيس دولتنا الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان لشعب الإمارات وللشعوب العربية والإسلامية وللعالم.. اللهم إنه حط رحاله عندك.. فأكرم وفادته.. ووسع مدخله.. واجعل مثواه الفردوس الأعلى من الجنة.. آمين .. اللهم إنا نشهدك أن خليفة بن زايد قد أدى أمانته.. وخدم رعيته.. وأحب شعبه.. إنا لله وإنا إليه راجعون».
من جهته، نعى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، المغفور له بإذن الله أخاه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وقال سموه في تغريدة له عبر حسابه على « تويتر»: «إنا لله وإنا إليه راجعون.. فقدت الإمارات ابنها البار وقائد «مرحلة التمكين» وأمين رحلتها المباركة.. مواقفه وإنجازاته وحكمته وعطاؤه ومبادراته في كل زاوية من زوايا الوطن.. خليفة بن زايد، أخي وعضيدي ومعلمي، رحمك الله بواسع رحمته وأدخلك في رضوانه وجنانه».
كما أعرب معالي الدكتور نايف فلاح مبارك الحجرف، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، عن خالص التعازي وصادق المواساة للأسرة الحاكمة في دولة الإمارات العربية المتحدة وللحكومة والشعب الإماراتي في وفاة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى بعد عمر حافل بالبذل والعطاء قضاه في خدمة شعبه ووطنه والأمة العربية والإسلامية.
ونقلا عن وكالة «وام» فقد «أدى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حاكم أبوظبي أمس صلاة الجنازة على جثمان فقيد الوطن الكبير الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «رحمه الله» في مسجد الشيخ سلطان بن زايد الأول في أبوظبي.. كما أدى الصلاة.. سمو شيوخ عائلة آل نهيان الكرام .. وتوجه الجميع إلى المولى عز وجل أن يتغمد فقيد الوطن والأمتين العربية والإسلامية بواسع رحمته ورضوانه ويسكنه فسيح جنانه ويكرم نزله جزاء ما قدم خلال حياة زاخرة بالعطاء والعمل كرسها بإخلاص لخدمة شعبه ووطنه وأمته والعمل الإنساني في أنحاء العالم.. سائلين المولى تعالى أن يلهم الجميع جميل الصبر والسلوان في هذا المصاب الجلل « وإنا لله وإنا إليه راجعون».
كما شيع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وسمو الشيوخ.. جثمان الفقيد الطاهر إلى مثواه الأخير ووري في مقبرة البطين في أبوظبي.
مرحلة التمكين
ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية «وام» تقريرا بعنوان «18 عاما من التمكين» حول مسيرة المغفور له بإذن الله الشيخ خليفة، جاء فيه : على خطى الوالد المؤسس ـ الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله - تسلم المغفور له الشيخ خليفة بن زايد الراية في 4 نوفمبر 2004 وسار على النهج حتى يوم وفاته رحمه الله لتنتقل الامارات بما انجزته في نحو 35 عاما هي مرحلة التأسيس الى مرحلة التمكين.
واضاف التقرير، «في هذه الفترة القصيرة.. 18عاما .. والتي هي في عرف المخططين الاستراتيجيين والتنمويين مجرد خطتين تنمويتين.. تبوأت الامارات مراكز الصدارة في مؤشرات التنافسية المقياس المعياري لتقدم الأمم، وأصبحت ثاني أكبر اقتصاد في المنطقة العربية تحقق ذلك الانجاز الضخم رغم صغر مساحتها وعدد سكانها.
وخطت الإمارات بسجلها المشرف الى مناطق أخرى يصعب اللحاق بها فأصبحت اول دولة عربية واسلامية تصل الى المريخ وواحدة من دول قليلة لها السبق في عالم الفضاء».
ويكمل التقرير، «لقد انعكس ماحققته الإمارات في مرحلة التمكين التي تعد امتدادا لمرحلة التأسيس.. على حياة الناس وعلى قطاع الأعمال لتصبح الإمارات حلم كل من يبحث عن النجاح والاستقرار والعيش الرغد.
بعد توليه الحكم أطلق المغفور له الشيخ خليفة خطته الاستراتيجية الاولى لحكومة الإمارات لتحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة وضمان تحقيق الرخاء للمواطنين الاماراتيين منطلقا سموه من أرضية صلبة شيدها المغفور له الشيخ زايد بجعل الإمارات منارة تقود شعبها نحو مستقبل مزدهر يسوده الأمن والاستقرار.
وفي عام 2009 أعيد انتخابه رئيسا للدولة وبفضل قيادته الرشيدة تجاوز الأزمات المالية والقلاقل السياسية التي عصفت بالمنطقة مع انتهاج سياسة خارجية نشطة تدعم مركز الدولة كعضو فاعل اقليميا ودوليا».
وأوجز التقرير الإنجازات الضخمة التي حققتها دولة الإمارات الشقيقة خلال فترة حكم المغفور له بإذن الله، حيث أولت الحكومة الامارتية اهتماما خاصا بالقطاع الصحي وبلغ حجم الانفاق على هذا القطاع حوالي 7% من حجم الميزانية الاتحادية لدولة الإمارات.. و«آتت هذه السياسة ثمارها عندما اختبر هذا القطاع بشكل جدي مع تفشي وباء كورونا.. حيث أثبت كفاءة استثنائية مدعوما بحجم كبير من المستشفيات الحكومية والخاصة المجهزة بأحدث المعدات والكوادر الطبية.. كما ساهم في تأكيد فاعلية هذا القطاع توجه الدولة إلى بناء المدن الطبية مثل مدينة الشيخ خليفة في أبوظبي ومدينة دبي الطبية ومدينة الشارقة». وأشار التقرير، انه «بالتوازي مع هذا حصلت غالبية المستشفيات الإماراتية على شهادات الجودة او المعادلة الدولية وأصبحت الامارات في مقدمة دول العالم في هذا القطاع.. ويترجم هذا التطور في عدد المستشفيات الذي تضاعف مرات عدة منذ العام 1975 من 16 مستشفى الى 169 في عام 2020».
وأكمل، «حرصت دولة الإمارات على مواكبة القطاع الصحي بأحدث الابتكارات سواء في الادارة وفي القطاعات الفنية والتنفيذية.. وأطلقت حكومة الإمارات العديد من المبادرات التي تشجع على الابتكار بشكل عام والابتكار في المجال الطبي بشكل خاص ومنها الاستراتيجية الوطنية للابتكار التي تشجع على تقديم خدمات طبية باستخدام التكنولوجيا المتقدمة وتطوير الصناعات الدوائية وتنمية قطاع الأبحاث الطبية لعلاج الأمراض السائدة وتأسيس صندوق تمويل الابتكار». واشار التقرير الى الإمارات من بين دول قليلة حول العالم تستخدم تكنولوجيا الروبوتات الطبية في اجراء العمليات الكبرى كجراحات القلب والجراحات العامة مثل الروبوت دافنشي.
حيث بدأت الامارات وفي عام 2017 بتشييد أول مركز لعلاج السرطان بتقنية «البروتون» في منطقة الشرق الأوسط والخليج.. وبجانب ذلك اعتبرت الإمارات من اوائل دول العالم التي استخدمت الروبوتات في قطاع الصيدلة.. فتم توظيف الروبوتات في صرف الوصفات الطبية دون تدخل بشري .
وحول قطاع التعليم، أشار التقرير، الى ان حجم الإنفاق على قطاعي الصحة والتعليم يكشف مدى الاهتمام البالغ من القيادة الإماراتية لهذين القطاعين في تحقيق التنمية المستدامة.. حيث بلغ حجم الانفاق من الأعوام 2016 إلى العام 2020 نسبة تتراوح بين 20 و22% من حجم الميزانية الاتحادية.
واشار الى ان الهدف الاستراتيجي المخطط لقطاع التعليم في الإمارات هو توفير بيئة تعليمية راقية ذات جودة عالمية تصب في النهاية في تعزيز اقتصاد المعرفة.. حيث أدركت دولة الإمارات أن النظام التعليمي الذي يعد قاطرة التنمية ينبغي أن يرتكز على محددات في مقدمتها كفالة وحق التعليم المجاني لكافة المواطنين بل وأصبح التعليم من عام 2012 إلزاميا في الدولة لكل من أكمل 6 سنوات حتى التخرج من المرحلة الثانوية . وتعمق هذا مع صدور قانون وديمة الذي يضمن حق الطفل في التعليم.. وبالنظر إلى الفترة من عام 1973 إلى الوقت الراهن نستشعر حجم الجهد والإنجاز المتحقق على الأرض.. ففي عام 1973 كانت دولة الإمارات تدير 110 مدارس تضم 40 ألف تلميذ، أما في عام 2007 فقد وصلت نسبة أعداد المتعلمين إلى 88.7%.
وتؤكد رؤية الإمارات ٢٠٢١ على ضرورة الوصول بالتعليم في الدولة الى أعلى المستويات في العالم واتباع نظام ذكي كهدف اساسي.
كما تؤكد الرؤية أن السنوات القادمة ستشهد تحولات كاملا في أنظمة التعلم والتعليم تقودها أنظمة التعليم الذكي وتعزيز الالتحاق بمراحل رياض الأطفال وكذا تشجيع خريجي المرحلة الثانوية على الالتحاق بالتعليم الجامعي.
وإجمالا تقوم استراتيجية التعليم في الدولة على ضمان تعليم متكافىء وضمان جودة وكفاءة الأداء التعليمي المؤسسي وتعزيز البحث العلمي وتشجيع الطلبة على الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي وترسيخ نظام الابتكار وتشجيع ودعم التعليم الذكي .
تاريخ حافل
ولد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد في مدينة العين بإمارة أبو ظبي سنة 1948، وهو النجل الأكبر للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وكان ولياً لعهده. تلقى تعليمه الأساسي بمدينة العين، في المدرسة النهيانية التي أنشأها والده. وكان أول منصب رسمي شغله هو «ممثل حاكم أبو ظبي في المنطقة الشرقية، ورئيس المحاكم فيها»، وذلك في 18 سبتمبر 1966 وعمره لم يتجاوز آنذاك 19 عاما.
وفي 1 فبراير 1969، عُين وليا لعهد إمارة أبو ظبي، وكان عمره حينها 21 عاما. وبعد يوم واحد، تولى رئاسة دائرة الدفاع في إمارة أبو ظبي، وكان من ضمن مهامه الإشراف على قوة دفاع الإمارة، التي كانت نواة جيش الإمارات العربية المتحدة.
وفي 1 يوليو 1971، تولى الشيخ خليفة رئاسة أول مجلس وزراء لإمارة أبو ظبي، إلى جانب تسلمه حقيبتي الدفاع والمالية.
وبعد قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في ديسمبر 1971 ثم تشكيل الحكومة الاتحادية في الشهر ذاته من عام 1973، أسند إليه منصب نائب رئيس مجلس الوزراء، إلى جانب مسؤولياته المحلية. وفي 20 فبراير 1974، وبعد إلغاء مجلس الوزراء المحلي، أصبح الشيخ خليفة أول رئيس للمجلس التنفيذي الذي حل محل مجلس وزراء الإمارة.
وبصفته رئيسا للمجلس التنفيذي لأبو ظبي، تولى الشيخ خليفة بن زايد رئاسة المجلس الأعلى للبترول، الذي تقع على عاتقه مسؤولية الصناعة النفطية في أبوظبي والعلاقات مع شركات النفط العاملة في الإمارة. إلى جانب ترؤسه للمجلس التنفيذي، أسس الشيخ خليفة بن زايد سنة 1976 جهاز أبو ظبي للاستثمار، الذي يشرف على إدارة الاستثمارات المالية للإمارة وأصبح رئيسا له.
في مايو 1976، وبعد إدماج القوات المسلحة للإمارات السبع تحت قيادة واحدة وعلم واحد، عين الشيخ خليفة نائبا للقائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة. وتولى لفترات رئاسة مجلس إدارة صندوق النقد العربي، ومنصب ممثل دولة الإمارات العربية المتحدة في الهيئة العربية للتصنيع الحربي. ومن بين أبرز منجزاته إنشاؤه، سنة 1981، دائرة الخدمات الاجتماعية والمباني التجارية، المعروفة باسم «لجنة الشيخ خليفة»، التي ساهمت في توزيع الثروة على المواطنين في إمارة أبوظبي عبر تقديم تمويلات سخية دون فوائد لبناء مبان تجارية تدر على أصحابها عوائد مالية دورية.
وقد أسهم ذلك في رفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين، وفي النهضة العمرانية في الإمارة.
وفي إطار اهتمامه بتطوير البنية التحتية والمرافق الخدمية في دولة الإمارات، كان الشيخ خليفة بن زايد من أهم داعمي بناء أعلى برج في العالم، برج خليفة، الذي يعد أعلى بناء شيده الإنسان بارتفاع 828 مترا، والذي بدأ تشييده قبل أشهر من وفاة والده سنة 2004 وتم افتتاحه في مطلع سنة 2010.
وفي المجال الاجتماعي والإنساني، أسس رحمه الله سنة 2007 مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، التي تتكفل بمصاريف العلاج والدراسة وتأمين المأوى والغذاء للمعوزين في عدة مناطق في العالم.
وقد أولى خليفة اهتماما خاصا بالحفاظ على البيئة، وعين أول وزير للبيئة في دولة الإمارات في أول حكومة تشكلت في عهده سنة 2006.
وأدخل الشيخ خليفة تعديلا على أسلوب اختيار أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، حيث أصبح نصف أعضاء المجلس الأربعين ينتخبون من طرف هيئات انتخابية منذ سنة 2006، بينما ظلت عضوية النصف الآخر تتم بالتعيين.
وأصيب الشيخ خليفة بن زايد رحمه الله في يناير من عام 2014 بجلطة دماغية خضع إثرها لعملية جراحية تكللت بالنجاح.