مشروع عماني يفتح آفاقا جديدة لاستثمار الطحالب في إنتاج الهيدروجين الأخضر
فكرة المشروع قائمة على تصميم وتشغيل مفاعل حيوي ضوئي يساعد على تكاثر الطحالب الدقيقة -
توج مشروع تصميم مفاعل حيوي ضوئي لزراعة الطحالب الدقيقة بجائزة برنامج تحويل مشاريع التخرج الطلابية إلى شركات ناشئة «أبجريد» ضمن المسار الصناعي، ويضم فريق المشروع منى بنت سالم المعشنية، ومريم بنت أنور البلوشية، وفاطمة بنت محمود الهنائية وهن خريجات من الجامعة الألمانية للتكنولوجيا، ويفتح هذا المشروع آفاقا جديدة لاستثمار الطحالب الدقيقة في إنتاج الهيدروجين الأخضر واستثمار هذا المورد الطبيعي الذي يتواجد بكثرة في البحار والأفلاج والأودية في سلطنة عمان، وتحقيق تطلعات سلطنة عمان في استخدام الطاقة المتجددة ضمن رؤية عمان 2040.
وقالت منى المعشنية: المفاعل الحيوي الضوئي لزراعة الطحالب الدقيقة هو جهاز يستخدم لزراعة الكائنات الحية الدقيقة، مثل الطحالب أو البكتيريا، يتم تصميمه لتوفير الظروف المثلى للنمو، مثل الضوء ودرجة الحرارة ودرجة الحموضة والمغذيات، ويمكن استخدام المفاعل الضوئي الحيوي لمجموعة متنوعة من التطبيقات، بما في ذلك إنتاج الوقود الحيوي، والمعالجة الحيوية، وإنتاج مركبات عالية القيمة مثل الأصباغ والبروتينات، إذ النوع الأكثر شيوعًا من المفاعلات الضوئية الحيوية هو النظام المغلق، والذي يمكن تشغيله في ظل ظروف خاضعة للرقابة في بيئة مختبرية، وعادة ما تكون هذه الأنظمة مصنوعة من مواد شفافة، مثل الزجاج أو البلاستيك، للسماح للضوء بالاختراق والوصول إلى الطحالب أو البكتيريا بالداخل، وتستخدم بعض المفاعلات الضوئية الحيوية كمصادر الضوء الاصطناعي، بينما يستخدم البعض الآخر ضوء الشمس الطبيعي.
وأشارت إلى أن المفاعلات الضوئية الحيوية المغلقة يمكن تصنيفها إلى نوعين رئيسيين: مفاعلات متقطعة «مفاعلات الدفعات» ومفاعلات مستمرة، وعموما، تعتبر المفاعلات الحيوية الضوئية أدوات مهمة لزراعة الكائنات الحية الدقيقة وإنتاج الكتلة الأحيائية والوقود الأحيائي والمركبات العالية القيمة .. مشيرة إلى أن فكرة هذا المشروع قائمة على تصميم وتطوير وتشغيل مفاعل حيوي ضوئي مغلق من النوع الأنبوبي ملائم مع مناخ سلطنة عمان يساعد على نمو وتكاثر الطحالب الدقيقة في بيئة مناسبة نظيفة ووفق المعايير والمواصفات المطلوبة، ومن خلال إجراء العديد من التجارب المخبرية على أنواع متعددة من الطحالب التي تنمو في أماكن مختلفة في البلاد تم بناء وتصميم هيكل خارجي قائم على مستشعرات دقيقة لرصد المعلومات وإمكانية مراقبتها لتحقيق النمو الأمثل في الوقت المطلوب، وذلك من أجل استثمار الطحالب الدقيقة كطاقة بديلة متجددة لإنتاج الهيدروجين الأخضر وأيضا في المجالات الصناعية الأخرى مثل الأدوية والأسمدة والغذاء الحيواني.
وأوضحت مريم البلوشية أن العالم يتحول نحو اقتصاد قائم على البيولوجيا من أجل توفير الغذاء والمواد والكيماويات والأدوية والطاقة بطريقة أكثر استدامة، نظرا لأن زراعة الطحالب الدقيقة فعالة ومستدامة وغير محدودة، ويمكن أن تساهم الطحالب الدقيقة في تطوير عملية تصنيع منتج حيوي قيم، كما أن الطحالب الدقيقة هي كائنات دقيقة ضوئية يمكنها توليد الطاقة الحيوية بطريقة فعالة وسريعة أكثر من الطاقة الشمسية وثاني أكسيد الكربون والمغذيات الموجودة في الماء، وعلى وجه الخصوص فهي واحدة من أكثر مجموعات الكائنات الحية الواعدة للإنتاج الصناعي المستدام للمنتجات الحيوية مثل الأسمدة الحيوية والطاقة الخضراء بما في ذلك الهيدروجين الأخضر والوقود الحيوي والأدوية ومستحضرات التجميل والمكملات الغذائية والأصباغ الطبيعية ومضادات الأكسدة .. موضحة أن سلطنة عمان تزخر بأنواع مختلفة ومتعددة من الطحالب الدقيقة بسبب تنوع التضاريس والبيئات المحلية ويمكن استئصال الطحالب الدقيقة من البحار والأودية والأفلاج وإعادة استزراعها للاستفادة منها في مختلف المجالات والصناعات، وقد تم التحقق من العديد من أنواع الطحالب الدقيقة من إمكانياتها كمنتجات ذات قيمة مضافة ووصفات دوائية وبيولوجية ملحوظة، وكذلك كوقود حيوي، فهي بديل مثالي للوقود الأحفوري السائل فيما يتعلق بالتكلفة والتجديد والمخاوف البيئية، كما أن الطحالب الدقيقة لديها قدرة كبيرة على تحويل ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى منتجات مفيدة مثل الكربوهيدرات والدهون وغيرها من المستقلبات النشطة بيولوجيا.
أما عن مراحل المشروع فتقول فاطمة الهنائية: في البداية تم جلب نوعين من الطحالب من مركز الابتكار والبحث العلمي ونوع آخر من وادي العامرات إذ تم إجراء العديد من التجارب عليها لاستزراعها التي تكللت بالنجاح وتحقيق نمو الطحالب الدقيقة، ثم تم البدء على عمل تصميم وصناعة هيكل المفاعل تلاه العمل على أتمتة المفاعل بإضافة المستشعرات وأدوات التحكم.
وأشارت إلى أن التحديات التي واجهت المشروع تكمن أغلبها في المشاكل اللوجستية من توفر المواد والحصول عليها وكذلك توفر أنواع الطحالب، إذ عند استزراع الطحالب يجب مراقبة الخلايا لعزل الجيدة منها وهذا يتطلب وجود أجهزة تحليل متطورة، وكذلك عند الأتمتة بعض المحسسات تحتاج إلى دقة في التعامل وأي خطأ قد يسبب توقف المحسس أو إرسال معلومات خاطئة، ومنذ البدء في تصميم نظام التحكم الخاص بالمشروع وتجربته وإنشائه كان لابد من الحرص على ملاحظة التحديات والصعوبات والتعامل معها ومواجهتها وإيجاد أفضل الحلول لها، ومن أبرزها كانت أثناء تطوير التصميم إذ تم استخدام صمغ السيليكون لربط أنابيب الأكريليك بالمرفقين ولم يعمل صمغ السيليكون وفقًا للمواصفات وتسبب في حدوث تسريبات، ولهذا السبب تم استبداله بمادة مانع التسرب القوية بدلا من صمغ السيليكون، كما حدثت مشكلة أثناء التجارب لعدم توفر معلومات كافية عن نوع الطحالب الدقيقة وصفاتها الأحيائية لتوفير الظروف الملائمة لاستزراعها الأمر الذي جعلنا نلجأ إلى موقع نموها في وادي بني خالد لكي نحصل على معلومات عن الطبيعة الملائمة لها، وتم استجلاب عينة من ماء الوادي الذي تنمو فيه الطحالب وتم تهيئة البيئة المناسبة لنمو الطحالب الدقيقة .. كذلك أثناء عملية الأتمتة، كانت هناك مشكلة في مستشعر درجة الحرارة وتم تعديل الرموز المقدمة من قبل إحدى الشركات لمستشعر درجة الحرارة والأكسجين المذاب بشكل طفيف، وكنا كذلك نواجه مشكلة استعمال زجاج خاص لنسخة المفاعل الأكبر للمشروع، الذي سيكون مكلفا ماديًا ولا تتوفر ورشة زجاج خاص في سلطنة عمان لصناعته ولكن بعد الفوز ببرنامج «أبجريد» سيتم تجاوز هذا التحدي.
وأكدت منى المعشنية أننا نسعى لبناء شركة ناشئة ناجحة تتلاءم مع متطلبات البحث العلمي والتطبيقات الابتكارية المختلفة باستخدام تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، والعمل وفق خطة عمل استراتيجية لتطوير المهارات التسويقية والعملية من خلال التدريب وحضور حلقات عمل ومحاضرات وتعلم دراسة الجدوى ومتطلبات السوق والبحث عن السبل الناجحة لعمل منتج يناسب احتياجات السوق من ناحية التكلفة، إضافة إلى العمل على تصميم وبناء مفاعل حيوي ضوئي بحجم أكبر يصل إلى 50 لترا بمعدل يزيد على 3 أضعاف المفاعل السابق «15 لترا» في وقت قياسي لتحقيق الهدف الأساسي من الفوز ببرنامج «أبجريد» وهو تحويل هذا المشروع إلى شركة ناشئة لنكون أول شركة عمانية في هذا المجال وهدفنا ليس فقط تصميم المفاعلات بل والمساهمة في سوق الطحالب الدقيقة للتنافس العالمي.
وذكرت مريم البلوشية أن الطحالب الدقيقة هي كائنات حية واعدة للاستخدام المجتمعي والتطبيقات المستقبلية تحت منظومة الطاقة المتجددة والنظيفة لتحقيق أهداف رؤية عمان 2040 وهذه التطبيقات لا حدود لها مع الابتكار والإلهام، وإحداها توحيد الطحالب الدقيقة مع الصناعات الحديثة والمباني الخضراء، وسيتم النظر في استدامة هذا المشروع من خلال الآثار الاقتصادية والبيئية عبر العملية برمتها؛ بما في ذلك الاستخدام الأمثل لموارد الطاقة الحيوية للطحالب لتمكين التسويق في هذا المجال، والطحالب الدقيقة مفيدة في التخفيف من ارتفاع ثاني أكسيد الكربون، ومعالجة مياه الصرف الصحي، كما يمكن استخدام المفاعلات الحيوية لمعالجة النفايات الصناعية والزراعية عن طريق زراعة الكائنات الحية الدقيقة التي يمكن أن تحلل النفايات إلى مواد أقل ضررا، وبشكل عام تتمتع المفاعلات الحيوية الضوئية بالقدرة على المساهمة في مستقبل أكثر استدامة وصديق للبيئة من خلال توفير بدائل للطرق التقليدية لإنتاج الوقود الحيوي والمواد الكيميائية والأدوية والأغذية والأعلاف.
وأكدت فاطمة الهنائية أننا نطمح في هذا المشروع لاكتشاف كافة أنواع الطحالب في سلطنة عمان واستغلال هذه الثروة كمصدر للدواء والغذاء والأسمدة وكذلك كمصدر بديل للطاقة وإنتاج الوقود الحيوي والهيدروجين الأخضر والمساهمة في سوق تقليل التلوث الهوائي بامتصاص الكربون وأيضا لمعالجة المياه وغيرها الكثير، الأمر الذي يوفر مصدر أمن غذائي ومائي باستخدام طاقة آمنة ومتجددة بأفضل التقنيات الحديثة والمتطورة.
